الأحد 4 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الدراما.. وأشياء أخرى!

الدراما.. وأشياء أخرى!
الدراما.. وأشياء أخرى!


ربما لم تمر الدراما فى مصر بعام مزدحم مثل 2018، والسبب ليس فقط كم الأعمال التى تم إنتاجها، داخل الموسم الرمضانى وخارجه، ولكن كذلك كم المرّات التى ترددت فيها كلمة «دراما» فى الصحافة والإعلام. الأسباب عديدة ومتنوعة ما بين الرغبة فى تقييم ما يصلح وما لا يصح أن يراه المصريون فى بيوتهم على الشاشة الصغيرة، والضجة التى حدثت مؤخرًا حول تقليص عدد المسلسلات واستبعاد بعض النجوم المبالغ فى تقدير أجورهم نتيجة الأزمة الاقتصادية.. نحاول هنا أن نسلط الضوء على أهم الأشياء التى أثارت الانتباه حول الدراما وما حدث فيها خلال هذا العام.

الناقد «مجدى الطيب» قدّمَ إلينا صورة عامة عن المسلسلات التى عُرضت هذا العام قائلا: «أولاً أريد أن أثنى على التطور الهائل الذى حدث فى الدراما المصرية مؤخرًا، وأؤكد أننى أفتخر باختفاء مصطلح أن الدراما التركية والهندية وخلافه سحبت البساط من الدراما المصرية، وهو مصطلح هددنا كثيرًا، وأعتقد أن الأمور عادت لوضعها الطبيعى واحتلت الدراما المصرية مجددًا الصدارة فى العالم العربى، وهذا يعود لسبب مهم جدّا وهو التقنيات الحديثة والتطور الهائل الذى حدث للصورة، واختفاء حركات الكاميرا العقيمة والبليدة واستبدالها بما يحاكى صورة السينما، وهذا بالمناسبة هو فكر مخرجى السينما الذين دخلوا مؤخرًا عالم الدراما..وبالنسبة للمضمون فالشكل الحالى أيضًا أصبح جريئًا، بعيدًا عن الأشكال الكلاسيكية والتقليدية التى اعتدنا عليها، فظهر مستوى مختلف تمامًا على مستوى السّرد والحَكْى، وأعتقد أن الشباب يقدمون دراما ناضجة تحاكى الواقع وتناقش هموم اليوم بوعى. وإن كان لدىّ رأى سلبى فى (الفورمات الأجنبى) الذى انتشر منذ أكثر من عام. فالأفضل أن تكون الدراما مصرية اسمًا وفعلاً، وألا تكون «مُهجّنة»، وهذه الاعمال للأسف ليست حتى (ممصّرة) مثلما كان يحدث قديمًا، وإنما مأخوذة بشكل كامل وتحاكى الواقع الأجنبى أكثر، أما المسلسلات الطويلة التى تُعرض خارج الموسم الرمضانى، فما يحدث هو عكس ما كنا نطالب به، فكنا نطالب بتقليص الـ30 حلقة للسباعيات وللـ15 حلقة كما كان يحدث فى الماضى، حتى يتم تكثيف المضمون الدرامى والإيقاع، ونبتعد عن الوقوع فى فخ الترهل والإيقاع الممل والكئيب، ولكن ما يحدث الآن هو انقلابة مغايرة وغريبة، ومحاكاة (سخيفة) للمسلسلات التركية..ومن الظواهر الملموسة التى لاحظتها أيضًا «النفَس القصير» فالعمل يبدأ بإيقاع وجاذبية كبيرة وسرعان ما يبدأ بعد 10 أو 15 حلقة فى التهافت والتهاذى.. أما فيما يتعلق بالإنتاج الدرامى والقيود الموضوعة عليه حاليًا فأعقد أن هذا خطر يهدد الدراما المصرية، ونوع من تضييق الخناق عليها، ومحاولة احتكار لبعض شركات الإنتاج والقنوات التى لا تدفع مستحقاتها ولا العوائد المادية المطلوبة منها، ومن الغريب جدّا أن نكون ونحن على بداية 2019 أن تكون هناك مسلسلات من 2016 مازالت تطالب بمستحقاتها من القنوات، وهو ما سيضع شركات الإنتاج فى أزمة تمويل، بسبب توقف رأس المال فى جهة معينة. صحيح أنهم يزعمون أن هذه محاولة لتقليص الأجوار إلا أنهم يجنون على الصناعة بالكامل بسبب تصفية بعض الحسابات مع بعض النجوم».
ما الذى يحدث بين النجوم والمنتجين؟ ولماذا أصبح هناك لغط يصاحب كلمة نجم وهل من الممكن أن تختفى فكرة النجم الأوحد؟..هذا ما حاولنا معرفته من رأى الناقدة «علا الشافعى» التى قالت: «لن تختفى فكرة النجم البطل.. وفكرة تسويق المسلسل بمجموعة أسماء لم تنجح إلا فى تجارب قليلة، ويجوز أن نجاحها بسبب نوعيتها.. فالنجم الأوحد ظاهرة ليست فى مصر وحدها، بل فى العالم كله.. وحتى لو أخفقت تركيبة البطل الواحد فى 2018 فى بعض المسلسلات، فهذا ليس له علاقة بالنجم على قدر علاقته بأن العملية الدرامية كلها غير منضبطة، أما بالنسبة لأجور الفنانين التى تزايدت وأصبحت مبالغًا فيها فى العام الماضى، فالمنتجون هم المسئولون عن ذلك، بسبب مصالحهم الشخصية ومحاولة جذب كل فنان وهم أنفسهم من يعانون الآن من غلاء الأجور والغرق فى الديون وعدم تحقيق الأرباح، والعملية كلها دائرة مغلقة وخسائر للجميع، قنوات ومنتجين، وفى النهاية خسارة للنجوم، فالمسألة كانت عرضًا وطلبًا، وليس هناك مانع أن يعرف النجم سعره فى السوق وما يجلبه من أرباح، بسبب ما تحققه أعمالهم من نسب مشاهدة عالية وبالتالى إعلانات كثيرة.. وإن كان من غير المقبول أن يلتهم أجر النجم ربع ميزانية المسلسل، ويجور ذلك على باقى العناصر الفنية من دون وجه حق.. فمثلا مع كل احترامى لـ«مى عز الدين» لماذا تحصل على 15 مليونًا؟ وهل هذا هو أجرها الحقيقى، لا أعتقد.. لأن المسلسلين الأخيرين لها لم يحققا نجاحًا».
وفى النهاية تحدثت عن تقليص عدد المسلسلات وتصورها عن حل هذه المشكلة قالت: «ليس حلها ما يحدث الآن من احتكار فى 2019، فليس من المنطقى أن يتحكم ثلاثة أشخاص فى سوق الدراما، ويقرروا من يعمل ومن يجلس فى منزله، وعلى سبيل المثال فبعد أن كان «ياسر جلال» مطلوبًا. تم وقفه هذا العام لمجرد أنه يعمل مع منتج خارج الثلاثة إياهم».
وعن مدى تطور الكتابة وبنظرة أكثر دقة للمضمون الذى قدمته مسلسلات هذا العام قال الناقد «رامى عبدالرازق»: «بالنسبة للأعمال الطويلة، ما لفت نظرى مسلسل «أبو العروسة»، والعمل كان متوسط المستوى وبسيطًا سواء على مستوى الكتابة أو الحبكات الدرامية.. أما بالنسبة لمسلسلات رمضان فقد وجدتُ ضعفًا شديدًا فى مستوى السيناريوهات باستثناء عمل أو اثنين، وهذا ما أضعف باقى عناصر العمل من إخراج وأداء تمثيلى، فالمسلسلات كانت ضعيفة وبها قدر عالٍ من السذاجة، ويمكن أن نطلق على أعمال 2018 أنها أقل من المتوسط.. فمثلاً الأعمال المأخوذة من فورمات أجنبى، أنا ضدها تمامًا وأرى أن الجهد والمال المبذول فيها يمكن استغلاله بشكل أفضل فى الاقتباس من الأدب المصرى، فما يحدث لا يليق بتاريخ وحجم الأدب المصرى أو عدد الكُتّاب المصريين، وأراها عملية تجارية بحتة بعيدة تمامًا عن الفن والإبداع، وأعتبرها أسوأ ما تعرضنا له فى السنوات الأخيرة وتعبر عن إفلاس فكرى وفنى.. أما عن التنوع فأنا مع التجديد على كل المستويات، ولكن التجديد الفنى الحقيقى وليس الشكلى فقط، وللأسف بعض الأشكال الجديدة مثل الأعمال الكوميدية والرعب والإثارة عانت من المبالغات والتطويل، ومن هنا أنادى بضرورة رجوع دراما الـ10 والـ15 حلقة حتى تستعيد الدراما المصرية رشاقتها ورونقها، ولكن للأسف المنتجون يحسبونها «بالكيلو»، ويتبعون قاعدة «حلقات كتير.. بيع أكتر»، دون أى مراعاة للجوانب الفنية. وفى النهاية أعتقد أن عام 2019 مثير للقلق، بسبب التغيرات الكثيرة فى سوق الإنتاج، وإذا كنت مع تقليص أجور الفنانين وضد الأرقام الهائلة التى يتقاضونها، إلا أننى لست مع تقليص عدد الأعمال نفسها، بل على العكس لا بُدّ أن يتم توفير الأجور لصالح زيادة عدد الأعمال، حتى لا تنهار الصناعة».
أما الناقدة «صفاء الليثى» فقد أبدت رأيها فيما يتعلق بـ(لجنة الدراما) قائلة: «من العيب والعار على الإبداع وجود ما يسمى بـ«لجنة الدراما » ونحن فى عام 2018، وأعتقد أن القائمين عليها أنفسهم، لو قدر أن تشكل لجنة وقت عملهم بسوق الدراما لرفضوها رفضًا تامّا وغضبوا من وجودها؛ لأن كل وقت وله معاييره وما يقبله المبدعون من عدمه وحتى قيمة ونظرة الجمهور للأعمال تتغير. ومن الخطأ أن نضع لجنة كان أعضاؤها يعملون فى السبعينيات والثمانينيات وأجعلها تحكم على شباب فى عصر مختلف ومتطلبات حياة مختلفة. ورُغم احترامى لممثلى اللجنة؛ فإن كونهم قيّمين على إبداع غيرهم فى مراحل مختلفة أمر مرفوض.. و«من دون زعل» معظم من تتكون منهم اللجان هم من يجلسون فى منازلهم وليس لديهم عمل، وللأسف هناك أشخاص تتم مكافأتهم على الولاء ويتم وضعهم فى بعض الأماكن لتحقيق مكاسب مادية. فما تفعله مثل هذه اللجان هو مغازلة بعض الجماعات الرجعية، حتى (يغسلوا أيديهم) أمامهم عندما تحدث مشكلة.. وما يُقدم فى الدراما كان يُقدم فى السينما من قبل، وعندما تقلص العمل السينمائى بدأت الموضوعات تقدم فى التليفزيون لأنه أصبح المنفذ الوحيد للطرح، فلا بُدّ أن نواجه أنفسنا بشجاعة، هل هذه الموضوعات موجودة فى الشارع والحياة أم لا ؟ دون الإنكار أن هناك بعض التطرف والمغالاة فى بعض ما يُقدم، لكن الحل لا يوجد فى اللجان، وإنما فى فتح المجال لجميع أشكال الإنتاج وأن يكون هناك تشبع للسيناريوهات الواقعية التى تُعبر عن مشاكلنا من دون رقابة، وقتها سنرى أعمالاً جيدة هادفة.. ولذلك (دعوا الزهور تتفتح)، فالفن هو التنوع وكيف أنتج شيئًا بشكل محدد لأشخاص مختلفين فى الفكر والعقيدة والطباع، ولذلك فإن فكرة اللجنة التى تريد أن تسير على «باترون» واحد وتمنع وتسمح وتجعل الأعمال كلها مسخًا من شكل واحد ليس بداخله معنى أو تنوع لن تنجح إلا فى طمس هوية الدراما المصرية».>