«الفتوة فى السينما المصرية»
روزاليوسف الأسبوعية
نموذج مشرف فى زمن البلطجية!
من روح ملحمة «الحرافيش» لأديب نوبل نجيب محفوظ خرجت كل الأعمال التى جسدت صورة الفتوة فى السينما المصرية منذ «فتوات الحسينية» إلى «الشيطان يعظ» و«فتوات بولاق» و«فتوة الجبل» و«فتوة درب العسال» و«فتوة الناس الغلابة» و«شهد الملكة» و«المطارد» و«سعد اليتيم» و«الجوع» و«التوت والنبوت» و«أصدقاء الشيطان» و«فتوات السلخانة»، وحول كل هذه الأفلام وظاهرة الفتوة تفاجئنا الصديقة والزميلة الناقدة السينمائية «ناهد صلاح» بكتابها النقدى التحليلى «الفتوة فى السينما المصرية»
الفكرة جاءتها فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 وظهور نماذج ومصطلحات غريبة على المجتمع المصرى مثل «البلطجية» و«الشبيحة» فراحت تسترجع ذاكرتها لعقد مقارنة بين بلطجية هذه الأيام الذين يستبيحون أموال الناس وأعراضهم فى ظل الانفلات الأمنى وبين فتوات زمان الذين كانوا يتصفون بالقوة والشجاعة ويتمتعون بالشهامة والوقوف ضد الظلم لنصرة المظلومين وحماية المستضعفين. الكتاب عبارة عن دراسة ذات رؤية نقدية عميقة لتلك الأنماط وتحليلها تحليلا سينمائيا بلغة رشيقة رصدت فيها ظاهرة استبدال الفتوة الذى افتقدناه فى الأيام الخوالى بـ «البلطجى» فى عصر مبارك والرأسمالية التى كانت مسيطرة على هذا العصر، فى الوقت الذي حافظت فيه على الشعرة الدقيقة التى تفصل بينهما.
«ناهد صلاح» تستعرض نماذج للبلطجة التى ملأت شوارع مصر مستشهدة تحديدا بأحداث وسط المدينة من اعتداءات «ميدان التحرير» و«محمد محمود» و«قصر العينى» و«بورسعيد» التى كانت أكثر عمقا وبلطجة، كما تستعرض نماذج رائعة للفتوات الذى كان يعتبر الواحد منهم نفسه حاكما شعبيا سواء اختاره هذا الشعب - تقصد أولاد الحتة أو الحارة - أو فرض هو نفسه عليهم بالقوة.
فى تعريفها للفتوة كانت هناك استفاضة وشرح جاءا على لسان رموز أدبية وفكرية تحدثت عن هذه الأنماط، كما عبرت عن تناول السينما لشخصية الفتوة بتأكيدها على أن أفلام الفتوات تعتبر ملمحا مميزا تفردت به السينما المصرية دون سواها، وشبهت «ناهد» الحالة بأنها مضمون هوليوودى فى ثوب مصرى، ولم تنس المرأة فى حياة الفتوة فاستعرضت نموذج المرأة فى «فتوات بولاق» كترجمة مباشرة لمفهوم اللعنة مستندة إلى المقولة الشهيرة التى تصاحب الكوارث التى تنتج عنها «فتش عن المرأة»!
الحرافيش
