الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى حب روزاليوسف

فى حب روزاليوسف
فى حب روزاليوسف


اشتغل محمد حسنين هيكل فى روزاليوسف بخمسة جنيهات فى الشهر.. لكنه كان يعمل بمليون جنيه كما يقول هو.. كان مريضا فى أحد الأيام.. كان يعمل وحده فى أحد أعداد روزاليوسف.. وفى الساعة الواحدة صباحا علم أن الرقابة شطبت نصف العدد.. فحضر إلى المجلة فى السادسة صباحا.. وجلس يكتب حتى يعوض الصفحات المصادرة.. وفى الثامنة جاءت السيدة روزاليوسف إلى المجلة.. وعلمت بما حدث فأصدرت أوامرها بعدم إصدار العدد هذا الأسبوع.. لكن هيكل أصر على الكتابة بغرض تعويض الصفحات المصادرة ونسى المرض تماما حتى بدأت المطابع تدق.

ويقول هيكل: كانت السيدة روزاليوسف تملك كمية غير معقولة من الرقة الملهمة والقوة الدافعة.. كان لها تأثير كبير فى حياتى.
وهذا العام 2018 نحتفل بمرور ستين عاما على رحيل صاحبة الدار.. ومائة وثلاثين عاما على ميلادها.. فقد ولدت سنة 1888.. ورحلت فى أبريل 1958 وفى هذه المناسبة أصدر زميلنا الكاتب اللامع والمؤرخ الصحفى رشاد كامل.. كتابا مهما عن هذه السيدة الاستثنائية.. وأهمية الكتاب أنه يزيح الستار عن حكايات مهمة وشهادات خطيرة فى حياة هذه السيدة الملهمة على مدى سنوات اشتغالها بالصحافة.. سواء فى زمن الملكية أو زمن الجمهورية.. الكتاب صادر عن روزاليوسف فى سلسلة الكتب التراثية التى يشرف عليها رشاد كامل.
الطريف أن الأستاذ المازنى الذى كتب فى العدد الأول لروزاليوسف.. أنها مجرد نزوة من السيدة روزاليوسف.. ونصح صاحبة المجلة أن تعود إلى مجالها الذى خلقت له.. مجال التمثيل.. ولم يتصور أبدا أن تستمر روزا لمائة سنة كاملة.
ثم عاد المازنى ليقول بعد ذلك: النزوة انتهت لتكون مجلة صاحبة نفوذ تعتبر المقياس الأول لاتجاهات الرأى العام المصرى.. مجلة يخشاها ويحترمها الزعماء والحكومات.. وتهتز من حولها الدول!
أما أحمد بهاءالدين.. الكاتب الشاب الذى اكتشفته روزاليوسف فيقول إن سر شباب روزاليوسف الدائم والمتجدد.. أنها لا تغلق الباب ولاتضع العراقيل أمام أى دم جديد أو عقل جديد أو موهبة جديدة.. إن بابها لا يدخل منه عجوز.. ومن يدخلها شابا لا يشيخ أبدا.. ومن يشيخ لا يجد لنفسه مكانا.. لأن الشباب سرعان ما يزاحمه.. والشباب والشيخوخة ليسا هنا بالسن.. ولكنهما بالقلب والعقل والإحساس.
المثير أن معاملة روزاليوسف لأحمد بهاءالدين كانت غريبة بالفعل.. ويقول إنها كانت غير معترفة بوجودى تماما.. أقابلها على سلم الدار أو فى إحدى الصالات أو فى مكتب إحسان فلا تجيبنى ولا تسألنى عن عملى.. بل ولا تقف عيناها عندى لحظة واحدة.. وقد ظل عملى بالمجلة يتسع وهى متمسكة بموقفها من تجاهلى.. وقد عرفت منها بعد ذلك أن مقالاتى لا تعجبها.. كانت تقول إننى أكتب فى مسائل اقتصادية معقدة.. نحتاج لتبسيط أكثر.
أما  إحسان الابن.. فيصف أمه ويقول: إنها السيدة التى لا تحمل شهادة مدرسية ولا مؤهلا علميا.. هى التى أخرجت جيلا كاملا من الكتاب السياسيين ومن الصحفيين هى التى أرشدت أقلامهم.. وهى التى وجهتهم.. وهى التى تبث الروح فيهم.. وهى التى انتقتهم ورشحتهم لمستقبلهم.. وهى السيدة اليتيمة التى واجهت مسئوليات الحياة وهى فى السابعة من عمرها.. هى التى استطاعت يوما أن تتحدى كل سلطات الدولة.. الإنجليز والملك والأحزاب كلها.. وتآلبوا جميعا عليها يحاولون هدمها.
والكاتب اللبنانى الكبير سمير عطاالله يؤكد أن الرواية الوحيدة التى لم يكتبها إحسان عبدالقدوس هى حكاية أمه المذهلة.. يتيمة من لبنان تصبح سيدة المسرح فى مصر.. ثم تصبح قادرة على هز حزب الوفد.. ممثلة تتزعم الحملة الصحفية السياسية ضد بريطانيا والملك فاروق.
وتتوالى الشهادات والمقالات بأقلام الأساتذة أحمد بهجت وأحمد عباس صالح.. أحمد كامل مرسى.. إبراهيم خليل وحسن فؤاد وحافظ محمود وحازم فودة والعقاد وصلاح حافظ وزكى طليمات وفتحى غانم والتابعى ومصطفى أمين ومفيد فوزى وسناء البيسى.. والكثيرون من نجوم السياسة والصحافة فى مصر.. كلهم كتبوا فى حب روزاليوسف. 