الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«بربر وعواض والمقلوبة» جُزر مصرية تغير خريطة السياحة العالمية

«بربر وعواض والمقلوبة» جُزر مصرية تغير خريطة السياحة العالمية
«بربر وعواض والمقلوبة» جُزر مصرية تغير خريطة السياحة العالمية


كل شِبر فى بلادى يُمكن أن يأتى إليه السُيّاح من كل فجّ عميق، فهى أُم الدنيا التى جاءوا لها احتفاءً بها.. ولنا فى نيلنا الأسوة الحسنة، إذ به من الجزر ما يجعله قبلة الأجانب والمصريين أيضًا، وبقليل من تسليط الضوء عليها ستكون على خريطة السياحة العالمية، لما تتمتع به من جَمال الطبيعة وروعة الحياة البرية والطيور النادرة، وتضم بعض الجزر آثارًا فرعونية بها تاريخ القدماء المصريين.
«بربر» ونعم الجزر
تتوافد العائلات من صعيد مصر فى الأعياد لقضاء الإجازة فى جزيرة «بربر» بأسوان خاصة، ورُغم صغر حجمها فإنها مقصد سياحى مهم لأسوان، وبها كل ما يريده السياح من رسم الحنة وكل ما تتميز به البيئة الأسوانية، والمهم جدّا أنها مفتوحة للزائرين بالمجان، وكل ما يتحمله الفرد هو ما يدفعه للمركب الشراعية أو اللنش النيلى الذى سينقله للجزيرة.
سومة عثمان، تقدم وجبات الطعام بالجزيرة للزائرين، قالت: عرفت جزيرة «بربر» منذ 40 عامًا، لكن لم يكن ينزلها سوى السائحين الأجانب فقط، إذ كانت هى مقصدهم للمصايف، وبعد ثورة 25 يناير، أصبح معظم زوارها من المصريين، خصوصًا من المحافظات القريبة، ومع الوقت أصبح يأتى زوار لها من القاهرة، ويعتبرها «الصعايدة» إسكندرية الصعيد.
وعن المشروعات المُقامة بها، أوضحت أن كل ما يباع بها من أهل النوبة، فليس هناك محال تجارية ولا مطاعم ولا فنادق رُغم ما تتمتع بها الجزيرة من مواقع متميزة على النيل ومحيطة بها الجبال والرمال الصفراء، والمحافظة لا تقدم لها خدمات، وحتى نظافتها يتولاها الأهالى بأنفسهم.
وعن الأطعمة الذى تقدَّم بالجزيرة قالت: كل شىء هنا من المأكولات النوبية والريفية كـ«الفطير المشلتت والعسل والجبنة القديمة، والقناتل النوبى التى تشبه الكريب وتتكون من مياه ودقيق وملح»، وهناك من يبيع المياه المعدنية، والحلويات والعصائر، بجانب المشغولات اليدوية النوبية والفرعونية، وأُحضر المأكولات من البيت ثم أذهب للجزيرة كل يوم من السابعة صباحًا حتى التاسعة مساءً، والمرشدون السياحيون يطلبون تجهيز احتياجاتهم قبلها بيوم.
وأشارت «سومة» إلى أن هناك جُزرًا كثيرة فى أسوان منسية، ولم يفكر أحد فى استغلالها مقصدًا سياحيّا، ومنها على سبيل المثال لا  الحصر جزيرة «الدوم» الخالية حاليًا من السكان ولا يوجد بها إلا أشجار الدوم وتحتوى على محميات طبيعية، وجزيرة «السروج» وهى محميات طبيعية وبها أشجار السنط والطل وخالية من السكان أيضًا، جزيرة «بيجا»، ورُغم أن بها معبد سيلا، فإن أهلها هجروها، وكذلك جزيرة عواد لا يسكن بها إلا النوبيون فقط وهى منطقة طبيعية تتميز بالرمال والجبال ويتم بناء البيوت بها بشكل منظم وأنيق، وظهرت فى مسلسل «سك على إخواتك» بطولة على ربيع، وفيلا بقرية كنجارا، وجزيرة «هيصة» وجزيرة «شلال».
عويس أو كابتن «زيزو» كبير المراكبية بأسوان، قال إن جزيرة «بربر» منطقة مصيف مثل الإسكندرية، لكنها تتفوق على الإسكندرية فى أن بها رمالًا تساعد على الشفاء من أمراض العظام كالروماتيزم والخشونة، والأجانب هم الأكثر استخدامًا لرمال الاستشفاء بالجزيرة، وهناك أشخاص متخصصون لتلبية احتياجاتهم من الدفن فى الرمال والعلاج بها بأسلوب علمى، وبها أيضًا شجرة «السنط» التى تستخدم فى علاج الأسنان ويُصنع منها دواء الكحة، وهى منتشرة بالجزيرة وكلمة «بربر» تعنى البَّر الثانى.. وتابع: جزيرة «بربر» بها شاطئ خاص بالأجانب وآخر للمصريين، ويوجد ركوب جِمال.
«عواض» و8 عائلات
تقع جزيرة «عواض» غرب أسوان، وتسكنها 8 عائلات فقط، كما قال لنا الريس عويس كبير المراكبية بأسوان، مشيرًا إلى أن موقعها يجعلها مقصدًا للسياح لأنها قريبة من معبد فيلة، وكان يطلق عليها قديمًا جزيرة «السكر»؛ لأن المراكب كانت تأتى من السودان محملة السكر والخير قبل بناء السد، لكن اختفى كل هذا ببناء السد العالى، وهجرها 5 عائلات من أصل 13 عائلة بها وأصبحوا الآن 8 عائلات فقط.
وأوضح أن جزيرة عواض ليس بها أدنى خدمات للمواطنين، فليس هناك وحدة صحية أو مواصلات، والمياه لا تصل عائلاتها إلا يومين فى الأسبوع، فى العصر والفجر فقط.
«بيجة» جزيرة خاوية
المهندس محمد صبحى الذى يعمل بمتحف النوبة، قال إن جزيرة بيجا خالية من السكان ولا أحد يوجّه السياح إليها من دون سبب، مشيرًا إلى أنها تحتوى آثارًا نوبية، ولها موقع متميز، فهى تقع فى الناحية الجنوبية من نهر النيل، أى بعد خزان أسوان، بجانب معبد فيلة الشهير، وبالقرب من جسم السد العالى وبالقرب من قرية تنقار تقع معدية هذه الجزر فى أول كوبرى الخزان.
وأكد أن هناك معلومات موثقة أن الفراعنة اعتقدوا أن جزيرة بيجة هى مصدر مياه النيل والفيضان، وأن إله النيل حابى يسكن فى كهف أسفل الجزيرة وكان هذا الكهف محاطا بثعبان، ولم يكن مسموحًا لكل شخص بأن يدخل هذه الجزيرة ولذا سُميت الجزيرة باسم الأباتون، أى المكان غير المسموح بالدخول فيه، كما عُثر بالجزيرة، على نقوش من عصر الملك أمنحوتب الثالث، ونقش مر مس حاكم كوش.
جزيرة «المقلوبة»..هنا كوم أمبو
تقع جزيرة المقلوبة بقرية منيحة التابعة لمركز كوم أمبو، ومساحتها 50 فدانًا تقريبًا، والجزيرة تقع وسط النيل، وأمامها جزيرتا «فارس والمنصورية»، ورُغم روعة منظر الجزر من الخارج فإن جزيرة المقلوبة تحولت إلى مكان لرعاية المواشى، ويقول محمد الهوارى من سكان القرية: «لا نعلم لماذا سُميت بالمقلوبة؟، لكن أجدادنا هم من سموها بذلك، والآن يأتى إليها بعض الفقراء وينزلون النيل منها كترفيه، مشيرًا إلى أنه لا أحد يعرف جزيرة مقلوبة سوى أهالى قرية منيحة.
جزيرة «غرب سهيل»
اعتمد أبناء النوبة على الطبيعة الساحرة بضفاف نهر النيل، وموقع منازلهم البسيطة الممزوجة بالألوان الزاهية لتختلط ألوانها بألوان الخضرة على ضفاف النيل والجبال والصخور، لجذب السياح، فيجلس السائح فى هذه المنطقة يستمتع بجَمال الطبيعة ويستمع لقصص النوبة القديمة وسط فلكلور نوبى ومشغولات يدوية نوبية.
ويبلغ عدد سكان الجزيرة 10 آلاف نسمة، %90 منهم من النوبيين و%10 من محافظات الصعيد ممن قدموا أثناء بناء السد العالى ومن قبله خزان أسوان.
محمد سليمان مراكبى ينقل السائحين بالجزيرة قال: إن الجزيرة بها لوحة هنجر أستون وبها «مقابر النبلاء»، التى تعنى باللغة النوبية القديمة «مقابر الدهب»، وتطور نجع القبة وجزيرة سهيل فى عهد سمير يوسف محافظ أسوان الأسبق، وبعدها لم يستكمل أحد هذا التطوير، وجزيرة سهيل تعتبر محمية طبيعية ويجب أن تهتم المحافظة بها.
وأشار «سليمان» إلى أن الفنان محمد منير له فيلا بغرب سهيل وفندق تحت الإنشاء يقع أعلى الفيلا الخاصة به، وهى التى تم بها تصوير فيلم «مافيا» للفنان أحمد السقا، ومسلسل «جراند أوتيل»، كما أن هناك منطقة «أبو توب» التى تقع بالقرب من غرب سهيل، وهى مطوقة بالحجارة السمراء من جرانيت ورخام إلا أنها لم تُستغل سياحيّا حتى الآن.
كما أن بيوت النوبة فى غرب سهيل، أصبحت مقصدًا للسياح، إذ إن بها تماسيح معظمها من الحجم الصغير والمتوسط يحب السياح أن يشاهدوها ويلتقطوا معها الصور، بالإضافة إلى المشغولات من الخرز والملابس النوبية التقليدية «كالجرجار» وهو عبارة عن جلابية خفيفة سوداء من قماش مخرم به كسرات عديدة يتم ارتداؤها فوق جلابية ملونة، وغرف بها محتويات المطبخ النوبى القديم، وأخرى بها محتويات منزل النوبى.
وعندما تتجول بالقرية تشاهد البازارات التى تبيع هذه المنتجات، لكن تلاحظ ظاهرة غريبة وهى انتشار التراث الإفريقى كالأقنعة والتماثيل، ويتم استيرادها من بعض الدول الإفريقية، خصوصًا مالى.
سعدية عبدالصبور من سكان الجزيرة قالت: إن أهالى غرب سهيل فتحوا منازلهم لاستقبال السياح والمصريين من المحافظات المختلفة، عندما قلّت حركة السياحة بعد 25 يناير كنوع من زيادة الدخل، مشيرة إلى أنه قبل ذلك كان منازل النوبية تستقبل السائحين الأجانب فقط.
وأضافت: «نقدم للزائرين من المصريين مأكولات نوبية، وشايًا نوبيًا، بأسعار رمزية، كنوع من حُسن الضيافة، فهم داخل بيوتنا، كما أن الأهالى هنا يبيعون المشغولات اليدوية، ومعظم الدخل هنا منها، ومعظم الرجال يعملون على المراكب وفى البازارات والعطارة».