السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المخرج على عبدالخالق: يشرفنى كراهية إسرائيل

المخرج على عبدالخالق:  يشرفنى كراهية إسرائيل
المخرج على عبدالخالق: يشرفنى كراهية إسرائيل


يعتبر فيلم «أغنية على الممر» للمخرج «على عبدالخالق» هو الفيلم الحربى الأهم فى تاريخ السينما.. لذلك ومع ذكرى نصر أكتوبر كان لنا حوار مع صاحب تلك البصمة السينمائية الرائعة.
إذ كان الفيلم تعبيرًا صادقًا عن حالة العبور والإصرار المصرى لتجاوز الهزيمة.
> ما ذكرياتك عن وقت صناعة «أغنية على الممر» وما سِرُّ أهميته وبقائه حتى الآن؟
- بعد نكسة 67 كانت الصحف الغربية تنشر أخبارًا وصورًا لمصر والجنود المصريين لا تليق بهم ولا بنا، خصوصًا صحيفة «التايم» التى نشرت صورة لجندى مصرى بملابس مهلهلة ووضعت أمامه حذاءً «مُقَطع» فى منظر مهين إلى جانب نشرهم أخبار خوف الجيش المصرى من الجيش الإسرائيلى (!). مما استفذنى وجعلنى أفكر فى الرد عليهم لتوضيح نقطة مهمة وهى أن الهزيمة حدثت بسبب تضارب فى القيادة وليس بسبب خوف الجنود والضباط. وللإشارة أيضًا إلى أن هناك عددًا من البطولات ولكن حجم الهزيمة كان أكبر.. وقد كان الفيلم حالة من الحب والعطاء من جميع القائمين عليه، فهو من إنتاج مجموعة السينما الجديدة التى كانت مكونة من 13 شخصًا، منهم أنا ورأفت الميهى وسمير فريد وسامى السلامونى ومحمد راضى.وكانت جماعة ثقافية مشهورة فى وزارة الشئون الاجتماعية تقوم بعمل ندوات وأسابيع للأفلام، وقد أعطانا وقتها أيضًا رجاء النقاش صفحة فى مجلة «الكواكب» تحت اسم «الغاضبون» نقوم فيها بنقد كل ما يخص السينما، وأنا أحكى هذه المعلومة لكى أوضّح واقعة تعثُّر إنتاج الفيلم فى مؤسسة السينما. رُغْمَ أننا عرضنا كمجموعة السينما الجديدة على مؤسسة السينما أن يعطونا سُلفة، ولا نحصل من أجورنا إلا على 20% فقط، وقام الممثلون المشاركون بموقف محترم أيضًا، فقد دخلوا بالنسبة نفسها على أن يحصلوا على باقى أجورهم بعد عُرض الفيلم. وكان موقفًا يُحسب لهم، خصوصًا أنهم كانوا نجومًا كبارًا ولا يعرفوننى، وكان أول فيلم روائى طويل لى. وأعتقد أن نجوم الجيل الحالى «لو فى هذا الموقف مش هيفكروا يقروا السيناريو حتى».. وقد قوبل الفيلم بحفاوة شديدة فى مصر والعالم العربى والغربى. حيث نال عددًا من الجوائز فى بلاد أوروبية لم تكن مهتمة بكتابة خبر واحد عن حرب أكتوبر أو حرب الاستنزاف ولم تكن مهتمة بالقضية..وأذكر أننى عندما شاهدت الفيلم مرّة أخرى بعد عرضه بنحو خمسة عشر عامًا، أدركت لماذا اعتُبر فيلمًا مهمّا ولماذا حصد هذه الجوائز؛ لأنه اهتم بالإنسانيات، بالبَشَر لا بالبطولات. البَشَر الذين اهتموا بالمكان، بالممر، أحبوه وارتبطوا به ودافعوا عنه. ومن ناحية أخرى اعتماد الفيلم على التفاصيل الصغيرة وكانت وقتها لغة حديثة فى السينما لفتت الانتباه. ولهذين السببين أصبح للفيلم قيمة كبيرة.
> بالإضافة لـ«أغنية على الممر» قدمت العديد من الأعمال الوطنية، مثل «إعدام ميت»،«بئر الخيانة»، «يوم الكرامة».. لماذا؟
- أعتقد أننى لدىّ تاريخ فى الصراع «العربى- الإسرائيلى» على شاشة السينما لا يوجد لدَى أى مخرج آخر، وأنا أعتز بذلك، فمنذ أربع سنوات كتب مسئول أمنى مقالة فى جريدة «يدعوت أحرنوت» كان عنوانها «على عبدالخالق أكثر المخرجين المصريين كراهية لإسرائيل»وهذا شىء يشرفنى.. وفى رأيى أن المخرج مثله مثل الكاتب لا بُدّ أن تكون له وجهة نظر فيما يحدث فى وطنه، وأن يكون مهمومًا بما يعانى منه المجتمع، فنحن لسنا (أراجوزات) نُسعد الناس فقط، إنما من المفترض أن نقدم بجانب التسلية والمتعة شيئًا مفيدًا، حتى نساعد على خَلق ظروف أفضل سواء اجتماعية أو سياسية أو وطنية.
> ما رأيك فى الأفلام التى قُدمت عن حرب أكتوبر؟
- هناك ستة أفلام قُدمت عن أكتوبر بعد الحرب مباشرة، وكان وقتها شعور السينمائيين مثل كل المصريين، فرحة عارمة؛ لأنهم ذاقوا مرارة الهزيمة، وكانت هذه المرحلة من أصعب المراحل التى مر بها المصريون. فأنا مثلًا من مواليد 9 يونيو وكانت أسرتى تحتفل بعيد ميلادى كل عام بإحضار «تورتة» ودعوة الأهل والأصدقاء، وفى سنة النكسة لم يقل لى شخص واحد ولا حتى أبى أو أمى كل سنة وانت طيب، كانت مصر كلها وكأنها فى مأتم كبير. فما حدث بعد انتصار 73 أن المشاعر كانت فياضة والكل كان يتمنى التعبير عن الفرحة بشكل أو بآخر حتى المنتجين كان لديهم هذا الحِسّ الوطنى المغمور بالفرحة وأنتجوا أفلامًا لا يعرفون مردودها المالى وهل ستنجح أمْ لا؟. ولكنهم أرادوا المشاركة، وطبعًا فى ظل الاستعجال خرجت الأفلام لتُعبر عن الفرحة أكثر من العناية بالدقة والاهتمام بالمعركة، خصوصًا أن القيادة السياسية وقتها كانت تحيط أخبار الحرب والانتصار بالسِّرية التامة وكان صعبًا وقتها الحصول على معلومات دقيقة ومهمة؛ لأنه كما هو معروف لا بُدّ من مرور 20 عامًا على إفشاء الأسرار الحربية، ولذلك سيطرت على الأفلام المشاعر الخاصة بالفرح، ولكن «على كل حال يُشكروا» للمشاركة فى الحدث.
> وفى رأيك متى سنرى فيلمًا قويّا يُعبر عن انتصارات أكتوبر؟
- لن يتم إنتاج فيلم قوى عن حرب أكتوبر إلا إذا شاركت الدولة فى إنتاجه. ففى أمريكا التى تمتلك أكبر اقتصاد حر ويدّعون أن السينما متحررة - وهذا غير صحيح- ترصد وزارة الدفاع أربعة مليارات دولار لإنتاج الأفلام الحربية، وذلك من أجل استراتيجية وضعتها أمريكا لإظهار الجندى والضابط الأمريكى بأفضل شكل. لترسيخ فكرة أن أمريكا لا تُهزم، فهى تسعى بذلك إلى كسب حروب من دون خوضها، بينما هى فى الحقيقة عندما دخلت حربًا مع دولة مثل الصومال هُزمت وتركتها بعد ثلاثة أسابيع، ومن هنا يتضح أن مثل هذه الدول تعلم جيدًا دور السينما فى مخاطبة الشعوب. والتأثير عليها بالسلب أو الإجاب. فلا توجد دولة فى العالم «شايلة إيدها » من إنتاج السينما كمصر، وأكبر دليل على أهمية الدولة فى الإنتاج الفنى والسينمائى أنه عندما انتشر عام 67 شعار «كل جنيه يذهب للمجهود الحربى»، تم القضاء على إنتاج الدولة فى قطاع السينما، حتى إن وقتها سافر الفنانون المصريون للبنان، ولأن جمال عبدالناصر كان صاحب حس وطنى عرف أهمية القوة الناعمة فى التأثير على الأحداث اتفق مع «جودة السحار» على السفر إلى لبنان وإعادة الفنانين بالتعاقد معهم على عمل أفلام جديدة، هنا، وقال له «تجيب الناس ومترجعش من غير ما تمضى معاهم». أمّا الآن فدور الحكومة المصرية غائب، والفن ليس على أولوياتها. وأنا كسينمائى قمت بإرسال ثلاث رسائل للرئيس السيسى، الأولى فى الوفد والثانية فى الجمهورية والثالثة فى الأخبار، أطلب منه الاهتمام بالسينما والإنتاج السينمائى لما له من أهمية فى حياة الشعوب. ولكن للأسف لم أتلقى أى رد، وإذا كان الرئيس مشغولا فيما هو أصعب وأهم، فأين وزراء الثقافة، فهذا دورهم.
> ماذا عن فيلم «الضربة الجوية»  الذى أسند إليك إخراجه، وهل صحيح أنه متوقف لإجراء تعديلات على السيناريو؛ لأنه كان يتحدث عن بطولات الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟
- هذا الفيلم كان سيتم إنتاجه من قِبَل جهاز السينما وقت أن كان يترأسه الراحل ممدوح الليثى، فقد طلبنى وعرض علىّ السيناريو وكان الفيلم بعنوان «حدث فى أكتوبر» ووقتها قال لى «دا اسم كتاب مش اسم فيلم عاوزين نغيره»، واخترنا الاسم الجديد بناءً على أن آخر مشهد فى الفيلم هو أول ضربة جوية لسلاح الطيران، وكان هناك 7 مشاهد للرئيس الأسبق حسنى مبارك، 4 يتكلم بها و3 صامت. وسيناريو الفيلم يرصد مرحلة مهمة وهى العام الذى سبق حرب أكتوبر والاستعداد للحرب، وكان الدور الأساسى فى الفيلم للرئيس السادات، الذى يُعتبر محرك الأحداث فى هذه الفترة، هو والفريق الشاذلى، مبارك كان مجرد قائد سلاح الطيران وكان معه فى المعركة 12 قائدًا آخر. وهذا ليس تقليلًا من دوره أو مجهوداته. ولكنه الحقيقة. والحدث الرئيسى فى الفيلم عن اجتماع «الجيزة» الشهير الذى أمر به الرئيس السادات، وأفصح لقادة القوات المسلحة عن نيته للحرب فاتهموه بالجنون. وأنه سيُدخل مصر فى نكسة جديدة، مما جعله يجمعهم فى فرح ابنة أحد القادة فى نادى الجلاء، ويقوم باعتقالهم وإقالة وزير الدفاع وقتها الفريق أول محمد فوزى ويُعين بدلًا منه المشير أحمد إسماعيل؛ ليبدأ الاستعداد للحرب. وقد طلب منّى حسن حامد عقب ثورة يناير تنفيذ الفيلم، ولكننى رفضت خشية الاتهام بتغيير الأحداث الخاصة بالرئيس مبارك بعد أحداث الثورة، ويقال عنى أننى من المتلونين..
> هل هذا رأى نهائى أمْ من الممكن أن تغيير رأيك وتقوم بإخراجه؟
- يجوز أن أغير رأيى، فأنا من قدّم فيلمًا فى عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك وكان من أجرأ الأفلام التى قال عنها الجهور وقتها كيف تركت الرقابة الفنية والسياسية خروج هذا الفيلم للجمهور، وهو فيلم «ظاظا» الذى قال أجرأ كلمة عن الانتخابات الرئاسية، فأنا لست متلونًا ولا أخشى من قول كلمة الحق.>