الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

داووا مرضاكم بـ«الحيوانات»!

داووا مرضاكم بـ«الحيوانات»!
داووا مرضاكم بـ«الحيوانات»!


كشفت بعض البحوث  والدراسات التى أُجريت عبر السنوات الماضية عن قدرات خاصة لدى بعض الحيوانات كالكلاب والقطط والخيول والفئران والدلافين فى علاج بعض الأمراض،  حيث استغل بعض العلماء القدرات الخاصة لتلك الحيوانات واختلاطها بالبشر وتكيُّفها مع البيئة التى يعيش فيها الإنسان فى الوصول لعدة طرق لاستغلال تلك الحيوانات فى العلاج، حتى أصبح ذلك العلاج عن طريق الحيوانات قسمًا مستقلًا بحد ذاته فى أغلب المصحات النفسية والمؤسسات العلاجية في أوروبا وأمريكا وأيضًا بعض الدول العربية.

ففى إنجلترا، تمتلك جمعية الحيوانات الأليفة العلاجية (PAT) أكثر من 5 آلاف كلب  نشط  لأغراض علاجية، والتى تعمل مع حوالى 130 ألف  شخص فى الأسبوع مصابين بأمراض الاكتئاب،  حيث تعتمد جلسات العلاج بشكل أساسى على المداعبة التى تساعد الإنسان على إفراز  مستويات متزايدة من الأوكسيتوسين   المعروف بـهرمون الحب، وتؤكد الدراسات أن هذا الهرمون يساعد الإنسان على الاسترخاء والمعايشة.
كما  خصص مستشفى  للعلاج النفسى  فى مدينة  مانشستر الإنجليزية حيوانات أليفة لعلاج أعراض الانفصام والاكتئاب أحادى القطب، وهذا البرنامج واحد من مجموعة برامج تحظى بدعم قدره 330 ألف جنيه إسترلينى تستهدف أشخاصًا يواجهون صعوبات ويحتاجون لمساعدات خاصة  معتمدة على الكلاب والفئران والأرانب، ويعود أول تقرير فى بريطانيا عن استخدام الحيوانات كمعالج للإنسان  إلى أواخر القرن الثامن عشر فى مستشفى يورك York Retreat فى إنجلترا، حيث شجع الطبيب ويليام توك ذوى الاحتياجات العقلية على التفاعل مع الحيوانات الأليفة الموجودة فى المستشفى، وعام 1860 اتبع مستشفى  Bethlem Royal Hospital فى لندن الطريقة ذاتها وأحضر الحيوانات الأليفة إلى حديقته، مما أثر إيجاباً على المرضى.
بينما فى الولايات المتحدة اعتمدت مؤخرا جميعة American Kennel Club  برنامجًا يسمى Therapy Dog Program، والذى يعترف بست مؤسسات وطنية تستخدم الكلاب فى علاج البشر بشكل قانونى ويمنح ألقابًا رسمية للكلاب العاملة فى البرنامج، كما توفر الجمعية الحيوانات المدربة من أجل عملية العلاج فى مؤسسات معينة مثل مؤسسة (Delta Society) ومؤسسة (Paws For Mobility) فى الولايات المتحدة، حيث يقوم المختصون فى هذه المؤسسات بتقييم الحيوانات الأليفة والمناسبة، وبعد ذلك يتم تدريبها لتعمل كحيوان طبيب ويعود أول برنامج أمريكى   لتأهيل الكلاب للعمل فى المستشفيات إلى عام 1976م على يد الممرضة الأمريكية إلين سميث التى أتاحت  الفرصة للمرضى باللهو مع الكلاب  طوال اليوم، حيث لاحظ الأطباء مساهمة ذلك فى تخفيف معاناتهم وسرعة استجابتهم للعلاج وبعدها اعتمدت الكلاب لفترة قصيرة  كمعالج فى علاج حالات الانطواء والأشخاص الذين يجدون صعوبة فى التعامل مع الآخرين، وذلك من خلال الاتصال المباشر والمعانقة، وتأتى مهمتما فى التسلق للوصول إلى المرضى والجلوس بجانبهم لفترات طويلة لتعطي لهم المجال المناسب للتكيف معها ومن ثم الاستجابة لأوامرهم ومساعدتهم بشكل عام ما يؤهلهم بعد ذلك إلى الانخراط بسهولة داخل المجتمع خصوصاً الذين يعانون أمراض الاكتئاب والعزلة،  وتعددت بعد ذلك استخدامات الكلاب إلى أن أصبحت تستخدم فى علاج الأطفال من مرضى التوحُّد، عن طريق ملامستهم والنوم بجانبهم أثناء الليل مما يشعرهم بالألفة، كما تستطيع الكلاب القيام ببعض الحيل والألعاب البسيطة للشفاء من حالات الشلل الدماغى والصعوبة فى الكلام والاضطرابات النفسية والعاطفية بأشكالها، وأثبتت التجارب أن للكلاب قدرة فائقة على التعامل بهدوء تجاه الأصوات العالية والمفاجئة والغريبة بشكل لا يؤثر فى أدائها، ما يؤهلها لملازمة مرضى الصرع والتشنجات والتيبس وما يحافظ على سلامة المرضى فى حال إصابتهم بنوبات قاتلة.
وفى أوكرانيا  بدأ برنامج العلاج  بواسطة الدلافين على يد الدكتورة لودميلا لوكينا عام 1986م، وتقول إن الدلافين مخلوقات ذكية للغاية بإمكاننا تدريبها على أشياء من الصعب تصديقها، حيث إنها استعانت بها من قبل فى أغراض عسكرية،  وأعادت تدريبها وإدراجها ضمن البرامج العلاجية لكثير من الأمراض، وبالفعل نجح الدولفين فى علاج الكثير من حالات التوحد لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 2 و13 عامًا،  وكذلك المصابين بالشلل الدماغى والتلعثم وعدم القدرة على الكلام، وذلك من خلال ملامسة الأطفال لجسد الدولفين والركوب على ظهره بمرافقة المدربين المتخصصين،  كما أثبت العالم هوراس دوبس بالمملكة المتحدة أن صوتها له تردد مميز يسهم فى شفاء الأطفال المصابين بالاكتئاب والعزلة، حيث قام على أثرها بتوزيع آلاف من نسخ صوتية تسمى أحلام الدلافين، والتى عند الاستماع إليها تأخذ بخيال المستمع إلى عالم الدلافين والسباحة معها ما كان له أثر بالغ فى تخفيف حدة التوتر ومنح الهدوء لمستمعيها.
وقد وصل برنامج العلاج بمساعدة الحيوانات AAT - animal assisted therapy إلى بعض الدول العربية، ومن بينها  الإمارات العربية المتحدة، حيث أعلنت اسطبلات التميمي فى منطقة الشارقة عن فوزها فى مسابقة ريادة الأعمال «ذى بيج ستارت» The big start وقدمت المبادرة الاجتماعية سينس Sense لتكون أول مؤسسة من نوعها تدخل العلاج بمساعدة الحيوانات إلى الشرق الأوسط، وتحتوى المؤسسة على بعض من الحيوانات المدربة والمؤهلة  للعلاج، منها الفرس  ويدعى بلوندى والحصانان جوكير وإبيريكا والكلب شابى، بالإضافة إلى طونى الببغاء وبيتر وهنرى الأرنبين وبيانكا المعزة وعدد من الحيوانات الأخرى المدربة، والتى تحمل شهادة معتمدة  لعلاج البشر  وخاصة الأطفال الذين يعانون من التوحد، ويراعى المختصون الدقة فى تدريب هذه الحيوانات لأنهم يعرفون أن الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة قد يتعاملون مع الحيوانات بخشونة، فهم يختبرونها إما بشد ذنبها أو الجلوس عليها أو الصراخ فى وجهها وحتى رمى الأشياء عليها ليروا ردة فعل الحيوان، فإذا أبدى الحيوان أقل ردة فعل سلبية بأنه يمكن أن يقوم بالعض فيتم رفض الحيوان واستبداله بآخر.
لم يقتصر استخدام الحيوانات فى العلاج على العلاجات النفسية وأمراض التوحد فقط، بل  أيضًا يتم استخدامها فى العلاج الطبيعى وكسور العظام والغضاريف، فقد انتشرت أخيرًا فى معظم البلدان وعلى رأسها الهند وتايلاند جلسات علاج طبيعى  استرخاء  يقدمها خبراء فى مجال العلاج الطبيعى بالاستعانة ببعض الحيوانات كالأفيال والأفاعى وبعض أنواع الأسماك والحلزون المائى،  ورغم صخامة حجم الأفيال،  فإنها تعتبر واحدًا من أشهر الطرق المستخدمة فى تايلاند وماليزيا لعلاج الغضاريف ورد العظام، حيث يقوم المعالج باستخدام قدم الفيل لعمل لرد عظام العمود الفقرى وبعدها عمل جلسة تدليك كاملة بقدمى الفيل وهذه الطريقة فعالة فى الشعور بالراحة والاسترخاء بعد الجلسة، حتى أصبحت تايلاند وماليزيا مقصدًا للعلاج بالأفيال  للعديد من السياح حول العالم، وفى الفلبين تقدم حديقة حيوانات فى مدينة سيبو خدمة غريبة لزوارها وهى جلسات استرخاء وتدليك  ولكن بالثعابين، حيث تضغط الثعابين على الجسم لإعادة النشاط والحيوية إليه مرة أخرى، وذلك باستخدام 4 ثعابين ضخمة الحجم بطول 5 أمتار ووزن 250 كجم لمدة 15 دقيقة، وأيضًا  فى العاصمة الإندونيسية جاكرتا تستخدم الأفاعى منذ القدم فى العلاج الطبيعى وتنشيط الدورة الدموية ويستخدم سمها كعلاج من أمراض مختلفة أخرى.
كما انتشرت فى مصر وبعض البلدان العربية الأخرى جلسات العلاج بالأسماك فى صالونات التجميل ومراكز العلاج الطبيعى، وتكون بالجلوس على مقعد ووضع الجسم أو القدمين داخل حوض به أسماك حية تتغذى على الجلد الميت وتقوم الأسماك بعمل مساج وتنشيط للدورة الدموية وأيضًا الحلزون المائى الذى يقوم بتنقية  البشرة من الدهون ويتخلص من التجاعيد التى تدل على التقدم فى السن، ونظرًا لانتشار استخدام هذه الرخويات فى فرنسا كان من الطبيعى أن يؤسس فرنسيون أول منتجع صحى فى تايلاند مختص لعلاج الجلد والوجه عن طريق الحلزون، وبدأ الأمر باستخدام 100 حلزون وتطور بعد ذلك بشكل ملحوظ ليكون لدى المركز أكثر من 30 ألف حلزون تعيش فى مزرعة عضوية معتمدة لاستخدامها فى العلاج الطبيعى.>