السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أبوة.. مع إيقاف التنفيذ!

أبوة..  مع إيقاف التنفيذ!
أبوة.. مع إيقاف التنفيذ!


نعيش عصر الغُربة بين الرجل والمرأة. الأسباب كثيرة ومتعددة. قانون الأحوال الشخصية أهمها وأقواها على الإطلاق. الفضائيات تكرس لخطايا القانون. برامج المرأة تلعب بالنار وتدعم الفجوة بين الزوج والزوجة وهى تتناول قضايا حواء بمنتهى البلاهة والسطحية. المرأة فى البرامج هى «ست الحُسن» و«السفيرة عزيزة» و«مابيعرفوش يكدبوا». والرجل وحش كاسر.. متحرش.. عنيف. حفيد دراكولا مصاص الدماء.
تجرى المذيعة حوارًا مع الزوجات المضطهدات. يسردن فيه وقائع المعاملة الوحشية التى يتعرضن لها فى بيت الزوجية. يذرفن الدموع. مداخلات تليفونية نسائية تقطع مسيرة الدموع. تصب مزيدا من اللعنات على الأزواج وتتحدث عن وقائع القسوة والعنف والضرب والتهديد بخطف الأطفال بعد الطلاق من قبل الآباء الملعونين. ينتهى الحوار الدرامى أمام بكاء الزوجات المضطهدات بمطالبات بمزيد من ضغط القوانين بمجلس النواب ضد وحشية الأزواج فى مصر !
وبنظرة سريعة ومقارنة للمواد الخلافية بقوانين الأحوال الشخصية بين مصر وعدد من دول العالم، وهى المواد الخاصة بالاستضافة أو «الاصطحاب للطفل»، و«ترتيب الحضانة» و«سن الحضانة»، تجعلك تدرك أننا لدينا فى مصر قانون أحوال شخصية هو الأسوأ والأكثر شذوذًا على مستوى العالم.
فى السعودية والإمارات وعمان وتونس والجزائر والمغرب، يوجد حق الاصطحاب والزيارة من الأطفال للطرف غير الحاضن ضمن قانون كل دولة للأحوال الشخصية، فيما وضعت العراق بالقانون حق الاصطحاب والتربية والرعاية ولكن الطفل يبيت آخر الليل عند الطرف الحاضن، فيما اكتفى لبنان بالاصطحاب. وأقرت ألمانيا حق الاصطحاب والرعاية المشتركة، ومثلها الولايات المتحدة، وخلاف كل هذه الدول وضع القانون المصرى الحالى ساعات رؤية فقط !
وفى مادة ترتيب الحضانة، اتفقت دول السعودية والإمارات وعمان وتونس والجزائر والمغرب والعراق ولبنان على أن الحضانة للأم ثم الأب، فيما أقرت ألمانيا والولايات المتحدة أن الحضانة للأصلح سواء الأب أو الأم، ولكن بمصر جاء الترتيب كالتالي: «الأم ثم أم الأم ثم أم الأب وجاء الأب نفسه رقم 16 فى ترتيب الحضانة !
وفيما يرتبط بسن الحضانة، جاءت السمة العامة بالدول العربية 7 و9 و 11 عاما للذكر و9 و11و 13 عامًا للأنثى، بينما جعل القانون المصرى سن الحضانة 15 عامًا لكليهما !
مصلحة الطفل
أكثر من 9 ملايين طفل هم أبناء الطلاق فى مصر، يشبون حائرين بين أب حرموا من مصاحبته بأمر القانون، وأم تعمل جاهدة على تشويه صورته فى أذهانهم، لتزداد الهوة بين الأبناء والآباء وتؤدى إلى نتائج كارثية فى شخصية الطفل وتربيته خصوصًا مع وجود فئة من الآباء والأمهات الذين تعميهم الخلافات والعداوة والأحقاد، عن مصالح أطفالهم، ويستغلون هؤلاء الأطفال فى ممارسة هذه الخلافات.
خبراء علم الاجتماع وشئون الأسرة فى العديد من الأطروحات أكدوا أنه عند العمل على وضع أى تشريع ينظم علاقات الأبوين وكذلك ذويهم بهؤلاء الأطفال، يجب أن يراعى فى الدرجة الأولى مصالح الطفل الفضلى، ويقصد بمصالح الطفل الفضلى، اتباع كل الإجراءات والتدابير التى تضمن بلوغ الطفل أعلى مستوى يمكن بلوغه من الحماية للحقوق الأساسية والمبادئ العامة التى نصت عليها التشريعات الوطنية وكذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية بهذا الصدد من حيث: صحة بدنية ونفسية جيدة وظروف معيشية آمنة وصحية وآليات تربوية وتعليمية تتناسب واحتياجاته المادية والعاطفية وإمكانياته الذهنية والبدنية، ولهذا فقد اهتمت التشريعات الوطنية والشريعة بوجوب حضانة الطفل لأمه فى مراحل النمو الأولى، وأقرت حق الطفل فى أن ينمو فى كنف والديه  وكذلك أكدت على حق هذا الطفل فى التواصل مع أصوله العائلية، أى باقى أفراد العائلة للأبوين (الجدود والعمات والخالات والإخوة غير الأشقاء وغيرهم) لكن قانون الأحوال الشخصية فى مصر لا يراعى أيًا من هذه النقاط،. حيث تنشأ بعد حالات الطلاق حالة عداوة وبغض وحقد يتولد بين الزوجين مما يدفع الأم الى استخدام كل ما يمكن استخدامه للنيل من الأب وإيقاع أشد الألم به.. وللأسف فقد ترك القانون – فى مصر- أحق الناس بالحماية وهم الأطفال فى هذه الحالات دون أدنى حماية من أن يتم استغلاهم كسلاح بيد أحد الزوجين لاستخدامه كسلاح فى النيل من الطرف الآخر غير مكترث بما سينال هؤلاء من جراء استخدامهم على هذا النحو البشع فى ظل عجز هؤلاء الأطفال - بحكم صغر سنهم - عن المطالبة بحقوقهم أو حتى إدراكها. ويتم هذا الاستغلال مع الأسف بواسطة من له حق حضانتهم وغالبًا ما تكون الأم لحرمانهم من معرفة الأطراف الأخرى من ذويهم الذين لا حق لهم فى حضانتهم.
فى الوقت نفسه يتعامل المجلس القومى للمرأة الذى ترأسه الدكتورة مايا مرسى على أنه مجلس قومى للمرأة المطلقة فقط وينادى بحقوقها وكأن جدة الطفل وعماته من ناحية الأب لسن نساءً من حقهن أن يدافع مجلس «مايا» عن حقوقهن!
آباء على الورق
القانون الحالى يجعلنا أمام آباء مع إيقاف التنفيذ، على الورق فقط.. فى شهادة ميلاد الطفل فحسب  فالحصيلة النهائية لتواصل الأب مع ابنه طيلة 15 عامًا بنظام الثلاث ساعات رؤية لا تزيد على 90 يوما فقط، والمشكلة الكبرى هى أن الكثير من الأمهات تمتنع عن المجىء فى كثير من الأحيان، كما اختزل القانون كل حقوق الأطفال لدى أبويهم فى حق الرؤية فقط – بل جعله حقا للأبوين دون الأطفال – ولم يرتب أى حقوق معنوية أخرى أى أنه ليس للطفل عند أبيه إلا الرؤية والإنفاق فقط، وكأنه – أى القانون – يرتب حقوقاً لآلة لا روح لها ولا إحساس. ليس هذا فحسب بل إن هذا القانون قد منع صراحة نفس الأطفال من رؤية أجدادهم الذين يحملون أسماءهم فى شهادات ميلادهم إلا فقط عندما يموت أو يسافر الأبوان، بالإضافة إلى أنه قد منع ضمنياً الأطفال من رؤية إخوتهم إذا كان لهم إخوة غير أشقاء بعدم ذكر أى شيء بهذا الخصوص. والنتيجة نشأة أطفال فى ظروف غير طبيعية على الجفاء بينهم وبين من ليس له حق الحضانة من أهلهم وغالبًا ما يكونون أهل الأب.
دور مجلس النواب
تتجه الكثير من الأنظار إلى دور الانعقاد القادم فى مجلس النواب فى شهر أكتوبر المقبل، لن يقبل المظلومون من قانون الأحوال الشخصية الحالى والمطروح للنقاش والتغيير تحت قبة البرلمان بمزيد من التسويف والإرجاء.. وتتعالى تلك الأصوات بضرورة تغيير نظام الرؤية المعمول به حاليا إلى نظام الرعاية المشتركة بمنزل الطرف غير الحاضن، والذى يعطى الطرف غير الحاضن فترة يومين كاملين من كل أسبوع، بالإضافة لأسبوع فى إجازة نصف العام، وإجازة آخر العام، وكذلك الإجازات والأعياد الرسمية والدينية، وذلك حتى يستطيع الطفل التعرف على أهله من جهة الطرف غير الحاضن، ويتمكن من صلة رحمه مع ملاحظة أن تتناسب فترة الرعاية المشتركة حسب سن الصغير، بحيث تكون يومين كاملين للأطفال فوق سن الخمس سنوات، وتقل عن ذلك لمن هم دون الخامسة مع وضع إجراءات رادعة وقابلة للتنفيذ فى حالة تخلف الطرف الحاضن عن الالتزام بذلك، وتغليظ العقوبة على الطرف غير الحاضن فى حالة عدم التزامه بمواعيد تسليم الطفل للطرف الحاضن. وألا يسمح للطفل الصادر فى حقه حكم استضافة أو رعاية مشتركة بالسفر إلا بعد موافقة الأب أو بعد عرض الأمر على القاضى للضرورة. حيث تستطيع المطلقة أو الزوجة أن تصطحب الصغير خارج البلاد وللأبد دون العودة للأب، كما يطالب المتضررون من الآباء بحق الأب فى ممارسة الولاية التعليمية وأن يصبح الحق للحاضنة فى هذه الولاية فى حالة إساءة الأب استخدام الولاية أو تعريض مصلحة الطفل للخطر بعد العرض على القضاء.
وتعد واحدة من أهم نتائج قانون الأحوال الشخصية الحالى ليس فقط الدفع باتجاه تدمير الأسرة بل إنه قانون يكرس لـ«الزنا».. فعندما أضحى الحلال مخيفًا ومرعبًا وأشبه بحقل الألغام كما عرضنا سلفًا.. كان الزواج العرفى والحرام أيسر وأقل وطأة فى تبعاته بالنسبة لكثير من الشباب العازفين عن الزواج.