الجمعة 6 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

حكاية 6 أعداد خاصة عن «ناصر» تلخص علاقته بالمجلة العريقة: روزا 52

حكاية 6 أعداد خاصة عن «ناصر» تلخص علاقته بالمجلة العريقة: روزا 52
حكاية 6 أعداد خاصة عن «ناصر» تلخص علاقته بالمجلة العريقة: روزا 52


 كيف كانت العلاقة بين روزاليوسف وجمال عبدالناصر؟  قبل الإجابة عن هذا السؤال نفرق أولاً بين روزاليوسف السيدة مؤسسة الدار، وروزاليوسف المطبوعة، فالعلاقة بين عبدالناصر،  والسيدة روزاليوسف يمكن وصفها بالاحترام المتبادل قبل وبعد ثورة يوليو، وانعكست بالطبع على العلاقة بين الإصدار الصحفى وشخص الرئيس، وظلت العلاقة ممتدة وثابتة لهذا الزعيم الأسطورى.
أما العلاقة بين روزاليوسف «المطبوعة» وناصر فى سبعينيات القرن الماضى وتحديدا وقت رئاسة تحرير عضو مجلس قيادة الثورة أحمد حمروش، فكانت علاقة أشبه بعلاقة الأب بولده.
مجلة روزاليوسف أصدرت أكثر من عدد خاص احتفالاً بثورة يوليو وعبدالناصر منها ستة أعداد خاصة بعد رحيل عبدالناصر أثارت جدلاً واسعًا نتناولها فى السطور التالية.. ولكن قبل الحديث عن علاقة المطبوعة بجمال عبدالناصر لابد من الوقوف أولا أمام العلاقة بين صاحبة الدار الصحفية فاطمة اليوسف وجمال عبدالناصر الذى أصبح رئيسا للجمهورية وقت أن كانت هى رئيسة المطبوعة التى خاضت حروبا عدة سواء مع الملك أو مع حزب الوفد وهذه المعارك لها حديث آخر.
ولكن سنتوقف مع حديث الوسط الصحفى حول العدد الذى حمل رقم 1300 وتحديدا يوم الإثنين الموافق 11 مايو سنة 1953 والذى كتبت فيه: «رسالة مفتوحة إلى جمال عبدالناصر»، وحمل عنوان: الحرية هى الرئة الوحيدة التى يتنفس بها الشعب وإنك فى حاجة إلى الخلاف تماما كحاجتك إلى الاتحاد.. وفى الصفحة التالية جاء رد عبدالناصر فى نفس العدد بعنوان «لا نريد أن يشترى الحرية أعداء الوطن.. حاجتنا إلى الخلاف من أسس النظام».
هذا المقال الذي ننشر لكم جزءًا منه فى محاولة لشرح الصورة الكاملة والإجابة عن السؤال الأساسى وهو: كيف كانت العلاقة بين روزاليوسف وجمال عبدالناصر..؟ قبل أن نتناول حكاية الستة أعداد الخاصة بعد رحيله.
وقالت فاطمة اليوسف  لجمال عبدالناصر:
إن الحرية لا يستفيد منها أبدا إلا الأحرار، والنور لا يفزع إلا الخفافيش، وإن التجربة كلها لا تحتاج إلا إلى الثقة فى المصريين، وأنت أول من تجب عليه الثقة فى المواطنين.
رسالة السيدة فاطمة اليوسف نشرت فى الصفحة الثالثة من العدد، وفى وسط الصفحة نشر برواز صغير بمثابة تنويه يقول بالحرف الواحد: «اطلع البكباشى جمال عبدالناصر على هذا المقال وقد كتب عليه ردا ننشره فى الصفحة التالية».
والمعنى الواضح تماما لهذه السطور أن جمال عبدالناصر قرأ رسالة فاطمة اليوسف قبل نشرها ومن ثم جاء رده عليها فى نفس العدد!
وكتب البكباشى جمال عبدالناصر رده على السيدة فاطمة اليوسف، يقول: «أما تحيتك فإننى أشكرك عليها وأما تجربتك فإنى واثق أنها تستند على دروس الحياة، وأما تقديرك لما أبذله من جهد فإننى أشعر بالعرفان لإحساسك به، وأما رأيك فى أنى لا أستطيع أن أفعل وحدى كل شيء فإن هذا رأيى أيضا ورأى كل زملائى من الضباط الأحرار، نحن الذين قامت حركتنا على تنظيم كامل عاشت فيه الفكرة وتوارت الأشخاص وقام كل فرد من ناحيته بأقصى ما يستطيع من جهد، وأما إنى فى حاجة إلى كل رأى فقد أعلنت هذا ولن أمل تكرار إعلانه ليس من أجلى وإنما من أجل مصر! وأما حاجتنا إلى الخلاف فى التفاصيل قدر حاجتنا إلى الاتحاد فى الغايات؛ فأنا مؤمن به وأثق أنه من أسس الحرية الصميمة، بل من أسس النظام أيضا».
 ما سبق جزء من مقال فاطمة اليوسف ورد عبدالناصر عليه، وهو أمر يكشف بوضوح وشفافية كيف كانت العلاقة بينهما.
وبعد حوالى عقدين من الزمان فترة تولى عضو مجلس قيادة الثورة الأستاذ أحمد حمروش رئاسة التحرير للمطبوعة القومية، رحل ناصر فى سبتمبر 1970 خصصت المجلة ستة أعداد خاصة بمناسبة رحيله نتوقف فيها مع العدد الذى حمل رقم 2213 تحديدا يوم الإثنين 9 نوفمبر 1970 وكان سعر المجلة 50 مليمًا فى ذلك الوقت.
على غلافه كان ناصر جالسا منتظرا للصلاة مع عنوان: «إن الإنسان الحر هو أساس العمل الحر.. جمال عبدالناصر» داخل العدد تجد التعليق على صورة الغلاف (التحيات لله.. إيمان عبدالناصر كان خطًا بارزا فى ملامح شخصيته، وكالراشدين الخلفاء.. كان حريصا على ألا يرحل عن الدنيا وعليه دين للأرض.. أو دين للسماء).
ونشرت «روزا» فى عددها الخاص مقالا لخالد محيى الدين، بعنوان: «مكونات الزعيم.. فى شخص عبدالناصر».
وكتب محيى الدين _ أحد الضباط الأحرار، متسائلا: «ثمة سؤال يتعين علينا أن نبحث عن الإجابة عليه، لا من باب الوفاء لرجل قدم لمصر أكثر مما قدم أى إنسان آخر، وإنما من باب الوفاء لمصر التى أنجبت هذا البطل، ومن باب الوفاء للأجيال المقبلة التى سيتعين عليها أن تدرس تاريخ وفكر ومنهج عبدالناصر كظاهرة تاريخية تستحق الدراسة ويتحتم أن تستخلص منها الدروس.
هذا السؤال هو: ما هى مكونات الزعامة فى شخصية عبدالناصر؟ ولست أزعم أننى سأجيب عن سؤال بالغ الأهمية والصعوبة كهذا ولكننى سأحاول أن أستفيد من اقترابى لفترة طويلة من عبدالناصر واحتكاكنا معا سنوات طويلة ثم رفاق معركة واحدة ومصير واحد.
وفى الصفحة الأخيرة، فى نفس العدد، تحدث صلاح حافظ _ نائب رئيس التحرير وقتها _ عن عالم الفلك الذى تنبأ بحادث سيئ يوم 28 سبتمبر عام 1970، ثم حدثت وفاة عبدالناصر فى نفس اليوم فاعتبره الناس عبقرى زمانه.. ولكنه عبقرى للبلهاء فقط! هكذا كان عنوان مقال صلاح حافظ واصفًا العبقرى الفلكى كما أطلق عليه الناس وقتها!
أما العدد الأول بعد رحيله بتاريخ 5 أكتوبر 1970 فجاء الغلاف أبيض وأسود يحمل صورة عبدالناصر بعرض الغلاف كاملا، والاكتفاء بكتابة أحد مقولاته الخالدة «اللهم أعطنا القدرة على أن نواجه أنفسنا ونقبل أن يواجهنا الآخرون بالحق والعدل».. وكتب كامل الزهيرى مقالا بعنوان «عبدالناصر والوحدة الوطنية».
وفى العدد نفسه تأبين لرحيل ناصر بعنوان «ملحمة الوداع» وصورة النعش مكتوب أسفلها «بحر عاصف وشعب يتعلق بطوق النجاة».
أما العدد التالى فحمل على غلافه «بورتريه» لناصر بريشة للفنان العالمى «نورمان روكويل»، وفى منتصف العدد بورتريه آخر بريشة الفنان جمال كامل مذيلة بتعليق من جمل عبدالناصر الشهيرة «إن شعبنا قد عقد العزم على أن يعيد صنع الحياة على أرضه بالحرية والحق، بالكفاية والعدل، بالمحبة والسلام، وأن شعبنا يملك من إيمانه بالله وإيمانه بنفسه ما يمكنه من فرض إرادته على الحياة ليصوغها من جديد وفق أمانيه».
ثم جاء العدد الرابع بتاريخ 19 أكتوبر بعنوان: ماذا بعد الاستفتاء.. ويحمل الغلاف صورتى ناصر والسادات. وفى العدد التالى بتاريخ 2 نوفمبر جاء العدد الخاص بمناسبة ذكرى الأربعين بعنوان: «صور من ألبوم الزعيم الخالد» ونشرت روزاليوسف فى صفحتها الأولى «فى ذكرى الأربعين ما زالت مصر ترفض أن يغيب جمال!
ما زال أثمن ما تخفق له قلوب شعبها صورة له أو قصة تروى عنه أو حديث يتناول سيرته، وشعب مصر هو أول شعب فى التاريخ قاوم الموت بالصورة والكلمة وأبقى أبطاله أحياء بعد أن رحلوا بآلاف السنين، ولكن جمال، من بين أبطال مصر جميعا حى بما هو أثمن من الصورة والكلمة.. حى بالأمة التى أيقظها وبالمستقبل الذى غرس بذوره فى تربة بلاده وبالرحلة التى بدأها.. ثم سلم الراية لجيل أعده لمواصلتها.
وداخل العدد الخاص نشرت المجلة غلاف مجلة التايم والذى حمل عنوان: «عبدالناصر يسمح للفدائيين الفلسطينيين فى قطاع غزة بتسليح أنفسهم وتدريب أبنائهم لعبور الحدود والقيام بعمليات فدائية داخل إسرائيل».
وفى الصفحة التالية صورة تجمع بين ناصر والسادات مع تعليق الحقيقة الوحيدة جاء فيه: الحقيقة العربية الوحيدة هى مصر، والحقيقة المصرية الوحيدة هى ناصر، والحقيقة الوحيدة بالنسبة لناصر هى النجاح فى الثورة الصناعية، هى سد أسوان العالى وبحيرة السد، هى إدخال الطبيعة الفردية فى مجالات أخرى غير المجالات العسكرية، ناصر يريد السلام.
وهنا لابد أن نتوقف أمام غلاف المجلة بعنوان: «روزاليوسف وعبدالناصر».. وجاء بالعدد كيف أن روزاليوسف ساهمت فى ثورة 23 يوليو حيث جاء: «وعن طريق روزاليوسف رأى كثير من الجماهير إرهاصات 23 يوليو، وما أن حل يوم الثورة حتى كانت روزاليوسف تقف بجوارها مؤيدة متحمسة لهذه الثورة التى جاءت فى وقتها.. لحظة أن استبد القلق بالجميع حول مصير مصر بعد حريق القاهرة وغابت عن أفق الرؤية طرق الخلاص فانبلج فجر الثورة وفتح الطريق على مصراعيه من وسط الظلمة الحالكة.
كتبت روزاليوسف عن ذكريات رجال الثورة يوم قيامها وهى ذكريات عن حوادث وتفاصيل كثيرة كلها تجتمع وتلتقى عند جمال عبدالناصر.
وفى كل عيد من أعياد الثورة وتأميم القناة وذكرى رحيل الزعيم الخالد كانت روزاليوسف تتحدث عن عبدالناصر ولكنها لم تكن تتحدث عن شخصه بل عن الإنجازات التى تمت وأثرها العميق ليس فقط فى بناء المجتمع المصرى ونهضة الأمة العربية بأكملها..
وأخيرًا، فإن علاقة عبدالناصر وروزاليوسف لخصتها أعداد شاهدة على التاريخ.. علاقة تجديد الحب للزعيم حتى الآن والتى لم تختلف عن قبل وبعد رحيله وحتى الآن.