الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

موائد الـ Share.. ثواب delivery!

موائد الـ Share.. ثواب delivery!
موائد الـ Share.. ثواب delivery!


يتسابق الجميع إلى فعل الخير فى شهر رمضان والاجتهاد فى أداء العبادات، ومساعدة الغير خاصة المحتاجين، وتعد «موائد الرحمن» من أسمى مظاهر الترابط الاجتماعى فى شهر رمضان، والتى يسعى الأغنياء لإقامتها لإفطار الصائمين فى الشوارع والميادين، كما يحرص الكثيرون على المشاركة  فيها سواء عن طريق المساجد أو الجمعيات الخيرية.
فعلى  الرغم  من  الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع، فإن   المشهد الرمضانى لا يكتمل بدون موائد الرحمن التى تملأ   الشوارع وتعكس الصورة الحقيقية لتكافل المصريين ولسان الحال يتغنى بأغنية «فيها حاجة حلوة» والتى تقول فى   كلماتها «موائد الرحمن.. وفانوس رمضان.. مسلم فى بيت مسيحى فطروا.. ترنيمة لايقة على تخت غنا».
موائد الرحمن واكبت متغيرات العصر ولم تسلم من أفكار الشباب، فتحولت من مائدة    تقليدية يتكفل بها شخص واحد ويوضع عليها الطعام ويأتى إليها الصائمون، إلى موائد «شير» وموائد «ديلفيرى» وجبات تعد وترسل إلى الفقراء فى منازلهم، وتوزع على المارة فى الشوارع وعلى المستشفيات ودور الأيتام والمسنين فى وقت الإفطار.
موائد ربات المنازل
موائد الرحمن الجديدة يشارك فيها كل من يرغب فى إطعام صائم.. كل حسب إمكانياته ولو بوجبة، حيث بدأت فكرة مائدة الشير فى إحدى مجموعات السيدات على مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، حيث اقترحت سيدة أن يقوم كل سكان خمسة عقارات متجاورة بعمل مائدة رحمن مستقلة والمساهمة يومياً بخمس وجبات من إفطارهم ولاقت انتشارًا واسعًا فى معظم الأحياء وخاصة الشعبية.
تقول نرمين ناصر إحدى المشاركات فى «مائدة شير» بحى المعادى: «لف انتباهى قلة عدد موائد الرحمن هذا العام على عكس السنوات الماضية،  بسبب غلاء الأسعار ولهذا السبب تحمست لفكرة المشاركة فى مائدة جماعية مع جيرانى وخاصة أن فكرة إعداد خمسة أطباق إضافية بجانب إفطارى اليومى لم تكن فكرة مكلفة ولا مرهقة بل بالعكس فهى إلى جانب كونها مشاركة فى إفطار صائم تمنع إهدار الطعام الزائد عن حاجة الأسرة،   فكنت فى السابق أهدر كميات كبيرة من الطعام».
وتضيف: وفقًا للعديد من الإحصائيات والأرقام الرسمية لمنظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة فاو فإن المصريين يهدرون أطنانًا من بواقى الإفطار والسحور بالتخلص منها فى القمامة فى شهر واحد.. والآن أصبحت أعد 9 أطباق أربعة لأسرتى و5 للمائدة ليأكل الفقراء وحارسى العقارات والعاملين والمارة.. كما  أن زوجى تبرع بمجهود جمع الوجبات والإشراف عليها بنفسه لضمان جودتها وصلاحيتها ويتعاون معه أولادى وأبناء   الجيران   بالمنطقة.
وأشارت إلى أن هناك تطبيقًا إلكترونيًا على الهواتف الذكية مثل «اطلب لهم» الذى انتشر فى دول الخليج يتيح من خلاله إمكانية طلب وجبات إفطار صائم للمحتاجين بأسعار رمزية للأشخاص الذين يرغبون فى المشاركة فى فعل الخير وغير قادرين بسبب الظروف الصحية أو انشغالهم فى أعمالهم وتقوم المطاعم بتوفير خدمات إفطار خيرية بأسعار بسيطة حتى يستطيع كل المصريين المشاركة.
وتقول ناهد ربة منزل، إحدى المشاركات فى موائد الشير إن الفكرة جيدة وكنت أظنها فى البداية مشاركة فى مائدة ثابتة أو تقليدية ولكن ابنتى قالت لى إن عمل مائدة رحمن ثابتة أمر ليس بالهين وله شروط،  وأن  الفكرة  الرئيسية فى مائدة الشير توصيل أكبر عدد من وجبات الإفطار للصائمين دون التقيد بشروط  قيام المائدة التى فردتها وزارة التنمية المحلية وهى تقديم طلب إلى الحى وتوافر ثلاجات خاصة باللحوم والإشراف البيطرى على الموائد من قبل  الطب البيطرى للتأكد من سلامة ما يتم تجهيزه من طعام لتناول الإفطار مجانًا وغيره.
 المشاركة فى مائدة الشير جعلت كل أفراد الأسرة يتسابقون على فعل الخير – تكمل  ناهد حديثها- قائلة: «أنا وابنتى مشغولتان يوميًا بتحضير أشهى الوجبات ونتفنن فى التصنيف لوجه الله وزوجى يقوم بتغليف  علب الطعام  وابنى وأصدقاؤه يقومون بتجميع الوجبات وتوصيلها للمحتاجين وفى معظم الأيام يقومون بتوزيعها على العمال والمارة وأصبحت منطقتنا من أشهر المناطق فى توزيع وجبات الإفطار.
ديليفرى الخير
كما انتشرت فكرة «مائدة دليفرى» فى الأوساط الشبابية، حيث قام مجموعة من الشباب بتدشين صفحة على فيس بوك ودعوا أصدقاءهم وجيرانهم بالتبرع بثمن وجبة يوميًا وتحصيل المبالغ من أبناء المنطقة لتجميع ثمن 500 وجبة وتتكون الوجبة من أرز وخضار وسلطة وربع فرخة ويقوم مسئول تجميع المبالغ بالاتفاق مع مطعم لعمل الوجبات بأسعار مخفضة ويقوم الشباب بتوصيلها لدور الأيتام والمسنين والملاجئ وتوزيعها على أطفال الشوارع.
يقول محمد أمين طالب متطوع فى توزيع الطعام : «بدأت والدتى المشاركة فى مائدة الشير منذ عام تقريبًا وكانت تقوم بتوفير من ثلاثة لأربعة أطباق من  طعام الإفطار وتغلفها  وترسلها  إلى مسئول التجميع،  كنت أرغب فى المشاركة فى الخير ولو بالمساعدة وخاصة بعد أن رأيت فكرة فريق قوات مكافحة الجوع أو فريق مطبخ الخير التى بدأت بتجمع مجموعة من الأصدقاء فى منزل أحدهم لإعداد وجبات للصائمين وتوزيعها خاصة أن نشاطهم بدأ بتحضير من 20 لـ 40 وجبة وبعد ذلك انتشرت وأصبح يشارك فيها أعداد كبيرة من الشباب والصغار لإعداد وجبات الإفطار للصائمين غير القادرين.
ويضيف: فكرت أن أقوم بنفس الفكرة وبالفعل جمعت عدداً من أصدقائى الراغبين فى عمل الخير واتفقنا على أن يقوم كل واحد بتجميع الوجبات من سيدات المنطقة التى يسكن فيها وتوزعها على دور الأيتام الفقيرة بدلًا  من الاهتمام بالمارة فقط لأن معظم الناس يهتمون بالمارة وينسون أن هناك أماكن أخرى تحتاج لمساعدة وأتمنى أن يمتد عمل الخير طوال أيام السنة وليس فى شهر رمضان فقط، كما كنا نقوم بتجميع مبلغ صغير ثمن وجبة لمن يرغب فى دفع المال ونقوم بالاتفاق مع أصحاب المطاعم الذين تعاونوا معنا بشكل كبير فكانوا يعدون الطعام بسعر التكلفة،  ويقومون بوضع إضافات مجانية سلطات وخبر وعصير عندما يعلمون أن الطعام يذهب لإفطار الصائمين وخاصة اليتامى والمساكين كنوع من المساهمة فى عمل الخير.
حكاية موائد الرحمن
ولموائد الرحمن جذور تاريخية فى مصر تعود إلى العصر الفاطمى، حيث قيل إن أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية صاحب فكرة إقامة موائد الرحمن فى شهر رمضان فى مصر، حيث كان يعد وليمة كبرى للتجار والأعيان فى أول أيام الشهر المبارك، وأمرهم بفتح منازلهم ومد موائدهم لإطعام الفقراء، كما أمر أن يعلق هذا القرار فى كل مكان، وكانت هذه الوليمة بداية فكرة موائد الرحمن.
ويذكر التاريخ أن فكرة موائد الرحمن ترجع إلى الولائم التى كان يقيمها الحكام وكبار رجال الدولة والتجار والأعيان فى عهد الفاطميين، وكان يطلق عليها «سماط الخليفة»، وكان القائمون على قصر الخليفة الفاطمى يوفرون مخزونًا كبيرًا من السكر والدقيق لصناعة حلوى رمضان مثل الكنافة والقطايف وغيرها.
وكان الخليفة المعز لدين الله الفاطمى أول من وضع تقليد الإكثار من المآدب الخيرية فى عهد الدولة الفاطمية، وهو أول من أقام مائدة فى الشهر الكريم، ليفطر عليها رواد مسجد عمرو بن العاص، إذ كان يخرج من قصره 1100 قدر تُوزع على الفقراء.
وفى العصر الفاطمى، كانت تمتد آلاف الموائد المليئة بأطيب الطعام للصائمين غير المقتدرين، ولعابرى السبيل، كما اهتم الخليفة العزيز بالله، ومِن بعده المستنصر بالله بموائد الإفطار التى كانت تقام فى قصر الذهب للأمراء ورجال الدولة.
فى المقابل، بنى الخليفة الفاطمى العزيز بالله دارًا سُميت دار الفطرة خارج قصر الخلافة بالقاهرة لصناعة ما يُحمل إلى الناس فى العيد من حلوى، وكان يبدأ العمل فيها من أول شهر رجب، ويستمر لآخر رمضان.
وعلى  مر الأعوام وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، فإن المصريين تراهم يحرصون على ألا يمر الشهر الكريم حتى ينالوا منه الخير ابتغاء مرضاة الله تعالى، فتراهم يسارعون فى إقامة موائد جماعية لإفطار الصائمين، سواء فى الشوارع أو فى مقار أعمالهم، بالإضافة إلى ما يسمى بـ «شنطة رمضان» التى تصل إلى الفقراء والمحتاجين عن طريق أهل الخير من الجمعيات أو الأفراد بشكل منظم.