الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إحنا كرهنا الصوت العالى

إحنا كرهنا الصوت العالى
إحنا كرهنا الصوت العالى


عندما طرحت فكرة استخدام مكبرات الصوت داخل المساجد للمرة الأولى لاقت اعتراضًا شديدًا من جانب رجال الدين باعتبارها «بدعة»، وهو نفس الرفض الذى قوبلت به فكرة الاعتماد على صنابير المياه «الحنفية» فى الوضوء، وهكذا الحال مع كل فكرة جديدة.. مرت السنوات وتوسع الناس فى الاعتماد على مكبرات الصوت حتى أصبحت مصدرًا للإزعاج العام، وعندما شرعت الدولة فى تحجيم الظاهرة بناء على الشكاوى الجماعية للمواطنين، واجهت اعتراضات شديدة من قبل بعض رجال الدين الذين اعتبروا مجرد المطالبة بتخفيض الاعتماد عليها حربًا على الدين.

فى  الأيام الأولى لشهر رمضان هذا العام، تحركت الثورة ضد ضجيج المساجد من محافظة الإسكندرية وأرسل الأهالى بشكل رسمى إلى مديرية الأوقاف ومواقع الوزارة على صفحات التواصل الاجتماعى «فيس بوك» عدة شكاوى جماعية،  فقامت المديرية على الفور بحملة لإزالة المكبرات فى «11» مسجدًَا وزاوية بإدارات شرق وسط والعامرية والعجمى والمنتزه.
وتعليقًا على القرار قال الشيخ محمد العجمى، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية: إن تزايد الشكوى كان سببًا فى التحرك الفورى لتطبيق قرار إزالة مكبرات الصوت، بعد أن قمنا بتشكيل لجنة لبحث الشكاوى وتأكدنا من صحتها.
 شملت الحملة عدة مساجد وزوايا فى عزبة سلام، وكفر عبده، وفلمنج، والرمل، والعامرية، وفيكتوريا، وسيدى بشر بحرى، والعصافرة، والعجمى، ومحرم بك، وقال الشيخ محمد العجمى: سوف يتم تنفيذ القرار على أى مساجد أخرى يصل من سكانها شكاوى حول الأمر.
كانت وزارة الأوقاف اتخذت قرارًا فى سبتمبر 2013 بقصر استخدام مكبرات الصوت فى المساجد على شعائر صلاة الجمعة والأذان والإقامة، إلا أن القرار واجه الكثير من الرفض خاصة من قبل عناصر التيار السلفى المتشدد، خاصة فى القرى والمحافظات النائية، على الرغم من أن قرار المنع لم يكن قاصرًا على مصر، فقد أصدرت السلطات المحلية فى مكة بالمملكة العربية السعودية قرارًا مشابهًا.
لاحقا ورغم عدم تنفيذ القرار أصدر الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، قرارًا آخر ينص على استخدام السماعات الداخلية فقط للمساجد واللجوء للسماعات الخارجية عند كثرة المصلين وامتدادهم إلى الشارع المجاور للمسجد.
وأكد الدكتور جابر طايع، المتحدث الرسمى باسم وزارة الأوقاف، أن قرار منع مكبرات الصوت من المساجد يطبق بصرامة فى الأماكن المخالفة، خاصة فى شهر رمضان الحالى وأضاف: تتابع الوزارة عن كثب مع مديرى الإدارات التابعة للوزارة فى جميع المحافظات لتطبيق القرار من خلال المؤذنين والخطباء والأئمة المسئولين عن المساجد.
ولفت طايع إلى أن القرار لن يطبق فقط فى محافظة الإسكندرية،  بل هو عام على جميع المساجد التابعة لوزارة الأوقاف وأن هناك عقوبات من الوزارة على  المسئول عن المسجد ومدير إدارة الأوقاف التى يتبع لها المسجد، والاستجابة فورية لأى شكوى تصل الوزارة فى رمضان.
آمنة نصير: مفسدة للعقل والمال
وتعليقًا على الأمر قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر: إن التخلص من مكبرات الصوت فى المساجد سلوك حضارى ورائع ونرحب به كرجال دين ونرفع له القبعة، لأن مكبرات الصوت تزعج المريض والطالب الذى يذاكر دروسه والعامل الذى يستريح فى نومه سواء كان مسلمًا أو غير مسلم.
 وتوضح نصير أن مكبرات الصوت كان لها توقيتها وزمانها وظروفها فى زمن لم يكن هناك تليفزيون ووسائل حديثة مثل الهاتف المحمول والمساجد موجودة حاليًا فى كل زقاق وحارة،  وحاليًا مكبرات الصوت تقوم بوظيفة سلبية ضد المجتمع والمواطن وتؤدى إلى حالة من الضجر والكره من سماع الأذان تفسد ولا تصلح.
 وتمضى أستاذ الفلسفة قائلة: طالبت كثيرًا بالتوقف عن استخدامها لأنها تسيء لعظمة المسجد وعظمة الأذان، وأتمنى ألا يتوقف التنفيذ الفورى على الإسكندرية فقط، وهى خطوة جيدة ننتظر أن تكون عامة، وكان ينبغى تطبيقها منذ 10 سنوات مضت لأنها مفسدة للصحة والعقل.
وأتمت نصير: أشيد بقرار الوزير ونحن جميعا نسانده بشدة حتى يتم التعميم الكامل ويعود الهدوء مرة أخرى والسكينة للمسجد وشعائره تكون داخله فقط وأنتظر ظهور النتائج على أرض الواقع قريبًا.
عبد الحميد الأطرش:  ذريعة  للمتشددين ليبهروا الناس بأصواتهم
من جانبه قال الدكتور عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، إن الله أمر النبى (صلى) بألا يجهر بصلاته وألا يخافت بها، والجهر رفع الصوت، والمخافتة الإسرار الذى يُسمع المتكلم به نفسه، ونحن لابد أن نتخذ بها أيضًا فى صلاتنا، خاصة فى ظل وضع مكبرات الصوت المزعجة التى تتناثر حولنا حاليًا، فقد أصبحت المساجد قريبة من بعضها البعض، وبعض المسئولين عن المساجد وموظفو الأوقاف وروادها يتخذون مكبرات الصوت ذريعة لهم ليبهروا أصواتهم بالأذان كنوع من السباق الخاطئ المزعج.
وتابع الأطرش: يتسبب الأمر فى إحداث بلبلة،  فلا بد من إلغاء مكبرات الصوت واستخدام المكبر الداخلى إذا طلب الأمر فى حالة إذا كان المسجد كبيرًا، وإذا كان المسجد صغيرًا وصوت الإمام يغطى المسجد لا بد من التخلص منها وصوته يكفى لسماع المصلين، ولا بد من تفسير الأمر للمتشددين بأن يتوقفوا عن تشددهم لأن تفاصيل الحياة تغيرت عن الماضى،  فكانوا قديمًا يؤذنون فوق المساجد المرتفعة لعدم وجود الوسائل الحديثة لوصول الأذان للناس، حتى يصل صوتهم إلى أعلى مكان، لكن تبدلت الأمور حاليًا وتحولت المكبرات إلى وسيلة إزعاج للمجتمع، ومصدر للتشويش.
واستطرد رئيس لجنة الفتوى الأسبق: ربما جار  المسجد  لديه ظروف  تستدعى الهدوء والسكينة مثل مراعاة المرضى والعمال يريدون الحصول على قسط من الراحة فليس الإيمان من ارتفاع الصوت فى المساجد، ولا بد من تعميم التجربة على جميع المحافظات والمساجد خاصة المساجد الأهلية التى ليس عليها رقابة.
واستكمل الأطرش: أقول للمعارض  يجب أن تضع نفسك فى مكان الناس التى تشعر بالإزعاج، وماهى الاستفادة التى يستفيدها من سماع مكبر الصوت هذا يشوش على هذا وهذا يشوش على هذا، ووالله أرى مساجد بينها وبين بعضها 20 مترا ويشعلون المكبرات فى وجه بعضهم البعض، فأصبحت موضة بناء المساجد بأسماء الأشخاص وعلو صوتها بهذه الطريقة المزعجة.
 وأشار الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أن مكبرات الصوت فرضت حالة من الإزعاج، فمن يريد عبادة ربنا فلا بد أن يبتعد عن علو الصوت والرياء فالعبادة فى غاية الخصوصية، وليست بالصوت المرتفع، فعندما شرع الله الأذان كان لإعلان  الناس بدخول الوقت والشعيرة فقط، وما دون ذلك غير صحيح الصلاة تقام على السكينة فالمكبرات أمر كارثى أزعج الناس سنوات طويلة.
مهجة غالب: تلوث ضوضائى فى صلاة التراويح
وترى الدكتورة مهجة غالب، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر، ووكيل لجنة التضامن الاجتماعى والأسرة بمجلس النواب، أنه لا بد من تشديد قرار منع المكبرات خاصة فى رمضان، لأن الظاهرة حولت شعائر صلاة التراويح إلى «تلوث ضوضائى»، وما نشهده الآن يجب التوقف عنه فورًا، ومن يعترضون لا بد من محاسبتهم، وإن كان استخدامها يؤكد بدء دخول الصلاة والإعلام عن الشعيرة، فهذا الأمر يتم تحقيقه من خلال مكبرات الصوت الداخلية للمسجد ويستطيع جميع المصلين سماع ذلك بعيدًا عن الضجيج.
وللأسف هى عادة سيئة تطبق منذ سنوات، ولا بد من التشديد عليها فى المحافظات والقرى التى توجد بها الجماعات الرافضة لتطبيق القرار حتى الآن، وأمر إلغائها فى بعض المساجد، ولا بد من مشاركة رجال الدين بالتوعية بسوء الظاهرة ورفضها والمطالبة بالتوقف عنها سواء فى رمضان أو غير رمضان حتى تنتهى.