وقائع إنقاذ مهرجانات مصر السينمائية

روزاليوسف الأسبوعية
كتب: شريف سيد
لا شك أن صناعة السينما فى مصر تتعرض لتقلبات منذ عدة سنوات بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية التى أدت لإيقاف وتعطيل الإنتاج، الأمر الذى أثر بالضرورة على المهرجانات السينمائية.
وعلى الرغم من أن مصر من الدول الرائدة فى فن السينما، فإن مهرجاناتنا السينمائية لا تضاهى مثيلتها فى دول العالم العربى والغربى.
بعض هذه المهرجانات تواجه مشاكل عدة خلال عرضها فى المحافظات المصرية، من صعوبة فى إيجاد دور عرض كافية، مرورًا بقلة التمويل المقدم وعدد المشاهدين المحدود للأفلام المعروضة خلال فعاليات المهرجان.
تعتمد بعض هذه المهرجانات على الدعم الكامل من وزارة الثقافة أمثال مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، إلا أنه بدأ منذ الدورة الماضية إيجاد راعٍ رسمى يستطيع دعمه بشكل أفضل، باعتباره المهرجان الأشهر والأكبر، كما تعتمد بعض المهرجانات الأخرى على دعم القطاع الخاص المتمثل فى رجال الأعمال، وعلى رأسها مهرجان الجونة السينمائى، الذى انطلقت دورته الأولى فى العام الماضى 2017 تحت رعاية كاملة من قبل عائلة ساويرس.
ولذلك حاولت «روز اليوسف» الوصول إلى أهم المشاكل والعقبات التى تقف أمام المسئولين عن المهرجانات السينمائية فى مصر من خلال آراء شبابها العاملين بها، وخاصة مع قرار وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم، بتعيين المخرج محمد حفظى البالغ من العمر 43 عامًا كرئيس لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، الأمر الذى يؤكد ضرورة العودة إلى الشباب من أجل إيجاد حلول سريعة، وممكنة؛ للوصول بهذه المهرجانات إلى المستوى المطلوب.
>الحضور الجماهيرى
يرى «أحمد شوقي»، المدير الفنى المساعد لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، أن مشكلة عدم التواجد الجماهيرى تتركز بشكل كبير فى بعض المهرجانات المتواجدة بالمحافظات خارج العاصمة، وذلك بسبب عدم تواجد صناع هذه المهرجانات مع جمهور هذه المحافظة، الأمر الذى يستدعى ضرورة قيامهم بأنشطة داخل المحافظة على مدار العام، وذلك من أجل مشاركة سكانها فى صناعة هذا المهرجان كمتطوعين أو مشاركين، مما يزيد من شعورهم بمدى أهمية وجود هذه الفعالية داخل محافظتهم.
وفيما يخص مهرجان القاهرة، يضيف «شوقى» أن عدد الجمهور الذى يشارك فى العروض السينمائية خلال المهرجان غير جيد بالنسبة للمهرجان الأكبر فى مصر، الأمر الذى يحاول الفريق الحالى للمهرجان تفاديه عبر إيجاد حلول للوصول إلى الجماهير بطرق جديدة، بالإضافة إلى ضرورة تسويق الأفلام بشكل أفضل.
ويتابع أن هناك 3 مهرجانات مصرية تشهد حضورًا جماهيريًّا جيدًا - إلى حد ما - وهي: مهرجان القاهرة، الجونة,والأقصر للسينما الأفريقية، متوقعًا أن يشهد مهرجان القاهرة إقبالًا جماهيريًّا أفضل خلال الدورة المقبلة، وداعيًا المهرجانات الأخرى إلى ضرورة جذب الجماهير عبر طرق مختلفة.
>التمويل
عدد كبير من المسئولين عن المهرجانات فى مصر يؤكدون بشكل مستمر، أن السبب الرئيسى لأغلب المشاكل التى تواجههم هو التمويل، الذى تقدمه وزارة الثقافة.
المخرج «أمير رمسيس»، المدير الفنى لمهرجان الجونة،يفسر الأمر بقوله: «إن هناك ضرورة لتعاون كل من وزارة الثقافة والقطاع الخاص، ويمثله رجال الأعمال، فى تقديم الدعم المالى اللازم من أجل إنجاح هذه المهرجانات، ولا يمكن الاعتماد على الدعم الحكومى فقط، مستشهدًا بالمهرجانات الدولية.فهذا خطأ كبير يقع فيه أغلب القائمين على المهرجانات السينمائية، وهو اعتمادهم بشكل كبير على وزارة الثقافة فى أغلب الأمور المتعلقة بالماديات، الأمر الذى يؤدى إلى ضعف الإمكانيات، بالإضافة إلى الخطأ الذى تقع فيه الدولة عبر عدم تسويق بعض المهرجانات بالشكل الكافى من أجل جذب مزيد من الدعم من قبل القطاع الخاص ورجال الأعمال».
وفيما يخص مهرجان الجونة، صرح «رمسيس» بأن تكاليف «الجونة» لم تزد بشكل كبير عن تكاليف دورة عام 2014 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، التى وصفها بالأضخم فى تاريخ المهرجان.
>اختيار الأفلام
اختيار الأفلام، هو أهم عامل لإنجاح أى مهرجان سينمائى فى العالم، حيث نوعية الأفلام وانتقاؤها هو الأمر الذى يستطيع جذب الجمهور للذهاب إلى دور العرض.
وحول هذا الأمر يتحدث «يوسف الشاذلي»، المدير التنفيذى لسينما زاوية، الجهة المنظمة لبانوراما الفيلم الأوروبى، وعدد من المهرجانات السينمائية المستقلة فى مصر، فيقول: «إن أهم طرق اختيار الأفلام، تأتى عبر دراسة ما يحتاجه السوق، وما يجذب الشباب المصرى من عروض حول العالم، بالإضافة إلى وجود فريق كامل وناجح لتسويق العروض عبر وسائل مختلفة، على رأسها مواقع التواصل الاجتماعى، التى تجذب الشباب طوال الوقت.. ومن هنا فإن المسئولين عن الفعاليات فى سينما «زاوية» يقومون قبل شهور من أى فعالية بمشاهدة عدد كبير من الأفلام المختلفة من أجل تحديد ما يتم اختياره للعرض سواء فى بانوراما الفيلم الأوروبى، أو غيرها من المهرجانات التى تنظمها «زاوية» فى القاهرة والمحافظات.
بانوراما الفيلم الأوروبى بدأت عام 2004 على مدار أسبوع واحد فى دار عرض واحد، وخلال السنوات الماضية تطور الأمر، ليصل إلى 10 دور عرض فى محافظات مختلفة، ووصل عدد المشاهدين للعروض 17 ألف مشاهد.
>الدعم
لن يستطيع أحد إنكار الدور الذى يجب أن يلعبه القطاع الخاص فى إنجاح المهرجانات السينمائية، خاصة مع الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، ما يؤثر على الدعم المالى المقدم من وزارة الثقافة إلى هذه المهرجانات.
ومن جانبه يشدد الكاتب الصحفى، «حسن أبو العلا»، مدير مهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة، على ضرورة تقديم القطاع الخاص والمجتمع المدنى الدعم اللازم للمهرجانات السينمائية فى مصر، خاصة أن مثل هذه المؤسسات تركز فى دعمها على الأنشطة الرياضية، على الرغم من أن السينما تقوم بنفس الدور الدى تلعبه الرياضة، خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب قائلا: «ليس هناك شخص يخرج من السينما ليقوم بعمل إرهابي،فالدولة تقوم بما تستطيع القيام به فى سبيل إنجاح المهرجانات السينمائية، فى ضوء المتاح، خاصة مع الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر،و مهرجان أسوان يحصل على ما يقرب من 3 ملايين جنيه من الدولة أغلبها فى صورة تذاكر طيران أو حجز غرف فندقية.ومع ذلك فقد توجهت إلى إحدى المؤسسات التى تقدم دعمًا كبيرًا لبطولات الدورى الممتاز لكرة القدم وكأس مصر من أجل الحصول على الدعم اللازم منهم باعتبارهم رعاة، الأمر الذى قوبل بعدم الاهتمام،بينما من الضرورى أن يقوم المجتمع المدنى والقطاع الخاص بواجبه اتجاه هذه الصناعة عبر تقديم الدعم اللازم للمهرجانات السينمائية، حيث تعتمد أغلب المهرجانات فى العالم على الأموال التى تحصل عليها من قبل الرعاة.
>البيروقراطية
تتسبب الإجراءات الكثيرة التى تقوم بها الدوائر الحكومية فى مصر فى تعطيل الأعمال التى من شأنها المساعدة فى إنجاح المهرجانات السينمائية، وخاصة إذا تعلق الأمر بمهرجان ناشئ، أو يعتمد على الدعم القادم من مؤسسات الدولة بشكل كبير.
فى هذا الشأن، يقول «مونى محمود»، المدير الفنى لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير: إن من أهم المشاكل التى يتعرض لها مهرجانه هو الإجراءات الحكومية الكثيرة جدًا، حيث يتطلب من القائمين على الفعالية البحث عن أوراق لدى الهيئات الحكومية فى كل من الإسكندرية والقاهرة، ما بين وزراة الثقافة، ووزارة الشباب والرياضة، مرورًا بهيئة تنشيط السياحة، من أجل الموافقة على إجراءات المهرجان.
وأضاف «موني»، الذى أخرج العديد من الأفلام القصيرة المشاركة فى مهرجانات عالمية، أن الهيئات الحكومية فى مصر لا تزال تستخدم الأوراق فى كل شيء، قائلا: «نحن فى عام 2018 وليس هناك ما يسمى بـ«الإيميلات» أو المراسلات عبر البريد الإلكترونى داخل الأروقة الحكومية، الأمر الذى يستدعى سفر فريق المهرجان باستمرار من الإسكندرية إلى القاهرة من أجل إنهاء الأوراق والإجراءات المطلوبة.. لذلك هناك ضرورة لتسهيل مثل هذه الإجراءات حتى نتمكن من إقامة المهرجانات. >