الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شهر «رمضان» .. الأمريكى!

شهر «رمضان» .. الأمريكى!
شهر «رمضان» .. الأمريكى!


صدق أو لا تصدق.. فى تلك الأيام تتراجع مشاعر الخوف من الإسلام فى بلاد العم سام! لن تجد لـ«الإسلاموفوبيا» عنوانا لكن.. لا داعى للعجبَ فالبصمة المصرية داخل الشوارع الأمريكية فى كل مكان!
ففيما امتلأت شوارع لندن وبلدان أوروبا الأخرى بعمليات العنف والاستهداف.. كانت شوارع «نيوجيرسى» الأمريكية على مدار الأيام الماضية أكثر «حميمية» من أى وقت مضى.. إذ يمكنك - بكل بساطة - وأنت تتجول بين طرقاتها أن تشعر أنك انتقلت «فجأة» إلى شارع المعز بقلب القاهرة الفاطمية!
موائد للرحمن.. إفطار شهى على الطريقة المصرية.. ومن يمسك بيديك بكل قوة لتتناول معه إفطارك.
تختلف أجواء رمضان فى مصر عن أى مكان آخر، وطقوس المصريين فى الشهر الكريم لا تضاهيها شعوب  العالم بداية من الاحتفالات إلى مائدة الإفطار إلى الصلاة الخاصة التى يكون لها سحر وعبق خاص، ولكن هل سألت نفسك لو أن ذلك المصرى انتقل إلى دولة أخرى وتحديدا الولايات المتحدة فى ظل حالة الإسلاموفوبيا التى تتأجج فى جميع أنحاء العالم ومنها أمريكا وأوروبا وغيرهما، هل سألت نفسك: كيف سيحتفل المصرى هل سيترك العادات والتقاليد فى بلاده ويتطبع بثقافة الدولة التى يعيش فيها أم أن المصرى يفرض ثقافته ورؤيته وروحه التى تبلغ من العمر أكثر من7  آلاف عام؟ الإجابة فى صحيفة «أنديا تايمز» والتى دخلت فى جولة مع عائلة مصرية فى ولاية نيوجيرسى الأمريكية.
العائلة المصرية المهاجرة إلى الولايات المتحدة تعيش الآن أجواء رمضان وكأنها فى القاهرة بنفس الاضواء فى شرفات المنزل وطاولة الطعام الشرقى الدسم والفتة وغيرها، فضلاً عن الالتزام بالصلاة والتراويح وكأنهم نقلوا الطقوس الرمضانية المصرية إلى الولايات المتحدة.
الأب المصرى الأمريكى محمود الحريرى  هاجر إلى الولايات المتحدة ويعيش مع ابنته هاجر 24 عاما وابنه مصطفى 29 عاما وزوجته فاتن عودة فى مدينة مانالابان فى ولاية نيوجيرسي.
منزل العائلة فى الولايات المتحدة يتزين بزينة رمضان كعادة المصريين فى بلدهم،  فالنوافذ والبلكونات زينتها العائلة بالاضواء، وكالعادة تقوم الام فاتن بتحضير الافطار
ويقوم الأب محمود الحريرى بعمل الإمام ويؤم العائلة والأصدقاء فى صلاة المغرب وبعد ذلك تتجمع العائلة وينضم صديق الأب على غنيم إلى الإفطار، وتنضم شاهندة صديقة الابنة هاجر19 عاما، وصديقة العائلة هانم غنيم 18 عاما.
وقبل الصلاة يقومون بكسر صيامهم بالبلح والخشاف واللبن الرايب، وهى نفس الطقوس المصرية الاصيلة
 وتأتى الطقوس الأهم وهى الإفطار على الطريقة المصرية فى الولايات المتحدة وتمتلئ السفرة بالمأكولات شديدة المصرية وخاصة الارز المعمر  ولحم الضأن «الموزة» وتتجمع أفراد العائلة وأصدقاؤهم وينتظرون للمشاركة فى الإفطار عندما تغرب الشمس.
أثناء الإفطار تتحدث عائلة الحريري، وأصدقاؤها ويمتلئ المنزل بالنكت والضحكات، وبعد ذلك يغادر رجال العائلة والأصدقاء إلى مسجد قريب لتأدية صلاة التراويح.
ووفقا لأحد الأئمة البارزين فى لوس أنجلوس أن «رمضان هو تقليد أمريكى جديد»، ولذلك فلن تكون عائلة الحريرى وحدها هى من تحتفل وتصوم رمضان هذه الأيام، فحوالى 8  ملايين مسلم فى أمريكا يمتنعون عن الطعام والشراب من شروق الشمس إلى غروبها خلال الشهر الفضيل وهى مهمة شاقة بشكل عام إلا أنها أكثر إجهادا خلال أيام الصيف الطويلة والحارة، ويعد الإسلام هو الدين الأسرع نموا فى الولايات المتحدة.
وبحسب دراسة لكلية الحقوق فى جامعة كاليفورنيا فإن هذا الشهر يتم الاحتفال بذكرى أول «تجمع لمسلمى أمريكا يحتفل» برمضان وتروى قصتهم مع أحبائهم على طاولة الإفطار، وهى خطوة مثالية نحو إعادة كتابة هذا الفصل المفقود من التاريخ الإسلامى الأمريكي.
وبحسب الدراسة فقد طالب المسلمون الأفارقة المستعبدون فى الولايات المتحدة  فى القرن الثامن عشر بإظهار طقوسهم الايمانية وأبرزها الصيام الرمضانى والصلاة والوجبات الجماعية، وذلك على الرغم من أن القرآن «يسمح للمؤمن بالامتناع عن الصيام إذا كان بعيدا عن المنزل أو متورطا فى العمل الشاق»، فإن العديد من المسلمين المستعبدين أظهر التقوى المتسامية من خلال اختيار الصيام أثناء العبودية.
وبالإضافة إلى الامتناع عن الطعام والشراب، كان المسلمون المستعبدون يقيمون صلاة شهر رمضان فى أماكن العبيد ويجمعون إفطار ووجبات الطعام عند غروب الشمس، على الرغم من أن تلك التجمعات كانت مجرمة حيث اعتبر قانون ولاية فيرجينيا لعام 1723 أن اجتماع خمسة من العبيد يندرج تحت بند «اجتماع غير قانونى وصاخب»، ويعد عقدا لمحاولات العصيان والثورة والتخريب وقد قامت كل ولاية فى الجنوب بتدوين قوانين مماثلة تمنع تجمعات العبيد، الأمر الذى أثر بصورة متباينة على المسلمين الأفارقة المستعبدين الذين كانوا ينتظرون الشهر الكريم.
وبالتالي، فإن ممارسة دين الاسلام وشهر رمضان وطقوسه الأساسية، للمسلمين المستعبدين فى أمريكا قبل الحرب كانت مشكلة حقيقية وكان يعرضهم للعقاب الوحشي، والإصابة، والموت فى كثير من الأحيان، ومع ذلك فإن الشجاعة فى إظهارهم لطقوس الشهر الكريم أدى بالنهاية إلى الاحتفال بشكل علنى فى الوقت الحالى فى الولايات المتحدة وفى جميع أنحاء العالم فيما عدا تقريبا الصين التى ضاعفت فى السنوات الأخيرة من إجراءات مشددة حول طقوس الدين الإسلامى فى بلادهم.
وبحسب الدراسة الأمريكية فإن العبيد المسلمين فى القرن الثامن عشر قاموا بإعادة كتابة تاريخ رمضان فى الولايات المتحدة، واليوم الأمريكيين الأفارقة يشكلون جزءا كبيرا من المجتمع، جنبا إلى جنب مع المسلمين من جنوب آسيا والمنحدرين من أصل عربي، وأصبحت صورة مصغرة من التعددية الثقافية الشاملة للولايات المتحدة.
ولذلك فستجد اليوم طاولات الإفطار فى رمضان والتى تشمل الأطباق العربية أو الاسلامية الأساسية من اللحم الحلال والخضر، وقد أدى التنوع الإسلامى فى أمريكا لتشكيل رمضان حتى أصبح تقليدًا أمريكيًا. 