الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«النواب» يستعين بالخبراء لحسم تبعية «تيران وصنافير»

«النواب» يستعين بالخبراء لحسم تبعية «تيران وصنافير»
«النواب» يستعين بالخبراء لحسم تبعية «تيران وصنافير»


جاء توقيت فتح مجلس النواب لقضية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية والمعروفة إعلاميًا بقضية «تيران وصنافير» ليحمل دلالات على اتجاه عام لدى الدولة لحسم هذا الملف الذى أثار الكثير من الجدل فى الشارع المصرى منذ التوقيع على الاتفاقية فى أبريل من العام الماضى.
وفى الوقت الذى لا يزال الجدل القانونى دائرًا حول أحقية مجلس النواب فى مناقشة القضية من عدمها فى ظل صدور حكم نهائى بات من محكمة القضاء الإدارى ببطلان إجراءات توقيع الحكومة على الاتفاقية، فإن البرلمان حسم أمره فى القضية وقرر طرح الاتفاقية للنقاش العام خلال جلسات علنية للجنة التشريعية.
المستشار بهاء أبو شقة رئيس اللجنة قال لـ«روزاليوسف»: إن اللجنة ستضع جدولاً محددًا لمناقشة كافة الجوانب الفنية والقانونية للقضية يتضمن عقد جلسات استماع على أعلى مستوى تضم خبراء فنيين وأساتذة تاريخ وجغرافيا وخبراء فى القانون الدولى وعلوم البحار وعدداً من معارضى الاتفاقية ومن هم على وعى بالقضية بشكل كامل لتكون جميع الحقائق مطروحة أمام الشعب. مؤكدًا أن البرلمان ليست له مصلحة إلا المصلحة العليا للوطن وتقديم الحقيقة مجردة وأنه لا توجد نية مسبقة لتمرير الاتفاقية من عدمه.
ومن جانبه أعلن النائب سمير الخولى نائب رئيس ائتلاف دعم مصر عن عقد اجتماع للمكتب السياسى للائتلاف بالتزامن مع عقد أول جلسة عامة لمجلس النواب ويرأس الاجتماع المهندس محمد السويدى رئيس الائتلاف،لفتح نقاش موسع حول الاتفاقية.
وتزامن مع إعلان المجلس البدء فى مناقشة الاتفاقية أقام خالد على المحامى وأحد الحاصلين على حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الاتفاقية  دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة  الأسبوع الماضى طالب فيها بإصدار حكم قضائى بوقف جلسات مجلس النواب واتخاذ الإجراءات الدستورية لحله.
الدعوى  حملت رقم 51235 لسنة 71 قضائية وأقيمت ضد كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب.
وقالت الدعوى أن مجلس الوزراء أحال اتفاقية تيران وصنافير إلى مجلس النواب، وعلى الرغم من صدور حكم نهائى ببطلان الاتفاقية من المحكمة الإدارية العليا إلا أن مجلس النواب أحال الاتفاقية إلى اللجنة التشريعية تمهيدا لعرضها للتصويت بما يمثل انحرافا بالسلطة.
وتزامن هذا أيضا  مع حجز هيئة مفوضى  الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة برئاسة المستشار محمد الدمرداش أول أمس الخميس  11 دعوى قضائية تطالب بوقف وإلغاء قرار مجلس الوزراء بإحالة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتى سيترتب عليها التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة لمجلس النواب لكتابة التقرير.
وأقام الدعاوى المحامون عبد الفتاح محمود وعثمان الحفناوى وحميدو الجميل وعلى أيوب وطارق نجيدة وخالد على وعدلى مالك، وعثمان الحفناوى ونصر الدين حامد  وأجمعوا على أن قرار مجلس الوزراء المطعون فيه صدر بالمخالفة للدستور والقانون والحكم النهائى الصادر من المحكمة الإدارية العليا بشأن مصرية جزيرتى تيران وصنافير.
عدد من القانونيين والدستوريين  رأوا أنه كان يجب على مجلس النواب انتظار حكم المحكمة الدستورية العليا للحكم فى هذه الاتفاقية خاصة أن  هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار طارق شبل نائب رئيس المحكمة قد قررت حجز منازعتى الحكومة لوقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى ببطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية لكتابة تقريرها بالرأى القانونى.
وكانت المحكمة قد عقدت جلستها حيث استمعت إلى مرافعة عدد من مستشارى هيئة قضايا الدولة الذين حضروا كممثلين قانونيين عن الحكومة فى منازعتى التنفيذ  وطالبوا خلال الجلسة بإلغاء حكم الإدارية العليا الصادر بمصرية جزيرتى تيران وصنافير وذلك لمخالفتهم أحكام الدستورية العليا ومبادئها المستقرة بشأن عدم رقابة القضاء بكافة أنواعها على الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية.
ودفع ممثلو هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الاتفاقيات الدولية مؤكدين أنه وفقا للدستور فإن مجلس النواب هو المختص بنظر الاتفاقية وإقرارها، وقدموا حافظة مستندات ضمت أحكاماًَ سابقة للمحكمة الدستورية العليا تلغى رقابة القضاء على الاتفاقيات الدولية.
كما أكدت هيئة قضايا الدولة وجود حكمين نهائيين باتين صادرين من جهتى قضاء مختلفتين الأول صادر من محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة باعتبار اتفاقية تعيين الحدود البحرية من أعمال السيادة وبعدم اختصاص القضاء عموماً بنظرها والحكم الآخر المتعارض معه حكم المحكمة الإدارية العليا والذى قضى برفض طعن الحكومة واعتبار الاتفاقية باطلة ومن ثم وجود تنازع فى الاختصاص.
وقدم ممثل هيئة قضايا الدولة، حافظة مستندات تحوى عددا من المبادئ السابقة للمحكمة الدستورية التى تصطدم مع حكم بطلان الاتفاقية الصادر من محاكم مجلس الدولة ومن أبرز هذه الأحكام حكم المحكمة الدستورية فى الدعوى 3 لسنة 1 قضائية بعدم دستورية القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 الخاص بأيلولة أراضى الإصلاح الزراعى إلى الدولة دون مقابل حيث قالت المحكمة فى هذا الحكم إن « أعمال السيادة التى تخرج عن مجال الرقابة القضائية ــ وإن كانت لا تقبل الحصر والتحديد وكان المراد فى تحديدها إلى القضاء ليقرر ما يعتبر من أعمال السيادة وما لا يعتبر منها بحسب ظروف كل عام هى أن تصدر عن الدولة بما لها من سلطة عليا وسيادة داخلية وخارجية مستهدفة - تحقيق المصالح العليا للجماعة والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقتها بالدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها فى الداخل والخارج».
تضمنت المستندات نسخة من الحكم فى الدعوى 38 لسنة 4 قضائية بعدم الاختصاص بالرقابة على اتفاقية تنظيم إقامة الجيوش العربية فى البلد الذى تقضى الضرورات العسكرية بانتقالها إليه حيث اعتبرت المحكمة أن «هذه الاتفاقية قد أبرمت استنادا إلى قرار مجلس ملوك ورؤساء دول الجامعة العربية فى دورته الأولى 1946 تنظيما لأوضاع الدفاع المشترك بينها، وأن مصر وافقت عليها حفاظا على كيان الدولة واستجابة لمقتضيات سلامتها وأمنها الخارجى، فهى تعد من المسائل المتصلة بعلاقاتها الدولية وتقتضيها السياسة العامة للبلاد وتندرج ضمن أعمال السيادة التى تنحصر عنها الرقابة القضائية الدستورية».
المستشار رفيق شريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة ومحامى الحكومة فى قضية «تيران وصنافير» أكد أن إقرار مجلس النواب لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والموقعة عليها سيكون واجب النفاذ باعتبار أن البرلمان هو صاحب الحق الأصيل فى إقرار الاتفاقية.مضيفًا أن حكم القضاء الإدارى والإدارية العليا لن يكون له أى تأثير حين ذلك لعدم اختصاصهما فى الفصل بالاتفاقية.
أضاف محامى الحكومة أن تأخر الحكومة فى إحالة أوراق الاتفاقية إلى البرلمان لا يصادر اختصاص المجلس فى مناقشة الاتفاقية ولا يعطله. مشيرًا إلى أنه فى حالة إقرار الاتفاقية والموافقة عليها قد لا يتم عرضها على الاستفتاء الشعبى باعتبارها -ظاهريًا- ليست من حالات الاستفتاء.
على النقيض أوضح الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد أن الاتفاقية بحكم القضاء ساقطة وباطلة وبالتالى لا يمكن أن تعود إلى المناقشة.معتبرًا ذلك «مضيعة للوقت» لأن موافقة مجلس النواب ورفضه للاتفاقية لن يغيّر من الأمور شيئا.
وأضاف السيد أن البرلمان لا يمكن أن يلغى حكم المحكمة الادارية العليا  باعتبار أن مناقشة الاتفاقية لا يصح أن تأتى من معدوم فالاتفاقية هى والعدم سواء بمجرد صدور حكم القضاء الإدارى وتأييده من الإدارية العليا.
 ردًا على السؤال: الآن هل يحق لمجلس النواب قانونيا ودستوريا مناقشة الاتفاقية وفى حال مناقشتها وموافقة المجلس عليها ماذا سيكون مصير الأحكام النهائية الصادرة بالغاء الاتفاقية؟ قال النائب شرعى صالح عضو مجلس النواب: إن أمر التشريع وما يتصل به من معاهدات أو اتفاقيات هو أمر أصيل وحق شرعى للبرلمان فى مناقشتة وذلك طبقا لنص المادة 151 من الدستور، وبالتالى فإن نظر مجلس النواب لهذه الاتفاقية لا يمثل تعديا أو النيل من أحكام القضاء التى نجلها ونقدسها والقضاء أيضا لا يمكن أن يغل يد البرلمان من ممارسة صلاحياتة الدستورية والتشريعية.
وأكد شرعى صالح أن مجلس النواب لا يتبنى وجهة نظر مسبقة حول مصرية أو سعودية الجزر ولكن المجلس سيقول كلمته بعد عرض الاتفاقية على اللجنة الدستورية والتشريعية بالمجلس وبعد عرضها على لجان استماع يحضرها المتخصصون فى القانون الدولى وبعد الإطلاع على الخرائط المساحية والوثائق والمستندات الرسمية والتاريخية منذ الدولة العثمانية المتعلقة بأمر الجزيرتين،وبعد أن تنتهى اللجان من البحث وعمل تقرير لما انتهت إليه يعرض التقرير على الجلسة العمومية للمجلس للتصويت.
سألنا شرعى صالح: ما الحل فى حال موافقة مجلس النواب على الاتفاقية،وهل هناك أحكام قضائية نهائية من المحكمة الإدارية العليا بإلغائها؟ قال لنا: حكم الإدارية العليا استند إلى أن الموقع على الاتفاقية هو رئيس الوزراء وليس رئيس الجمهورية وبالتالى رأت المحكمة أحقيتها فى نظر القضايا المقامة ضد الاتفاقية والحكم فيها.
ولم تقدم هيئة قضايا الدولة باعتبارها المدافع عن الحكومة أمام المحكمة أى مستند لأنها ترى أن الاتفاقيات من أعمال السيادة التى لايجوز لمحاكم أن تنظرها أو التصدى لها.
ثم أصدرت  محكمة الأمور المستعجلة  حكما قضائيا بوقف حكم المحكمة الإدارية العليا لأن الاتفاقيات من أعمال السيادة.
وعلى العموم - الكلام مازال لشرعى صالح - فإننا نتمسك بأن حق مجلس النواب مناقشة هذه الاتفاقية.
وهذا حق دستورى وأيا ما كان سينتهى إليه مجلس النواب فإن ذلك الأمر لا يعد تدخلا من المجلس فى شأن القضاء فنحن لا نتصدى لأحكام ولا نقيمها لأن القاضى ليس عليه سلطان فى حكمه ولكن لا يمكن للسلطة القضائية فى نفس الوقت أن تسلب حق مجلس النواب فى أمر خوله له الدستور.
المستشار عادل فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة قال: دستوريا من حق مجلس النواب أن يناقش الاتفاقية شرط أن توصل هذه الاتفاقية للمجلس بطريقة صحيحة من الناحية الدستورية ،أى من رئيس الدولة،فى هذه الحالة تكون الاتفاقية من أعمال السيادة التى لايجوز للمحاكم نظرها أما إذا كانت الاتفاقية صادرة من رئيس الوزراء فهذا يحق للمحاكم أن تتصدى لها ونظر القضايا المقامة ضدها على اعتبار أنه قرار إدارى صادر من رئيس الوزراء.
وقال المستشار فرغلي: المشكلة لو أقر مجلس النواب لهذه الاتفاقية وهنا لا بد دستوريا أن تعرض هذه الاتفاقية على استفتاء شعبى للموافقة عليها أو عدم الموافقة لأنها تتضمن تنازلا عن جزء من أرض مصر.
وأضاف  المستشار فرغلي: بالتأكيد فى حال موافقة المجلس على هذه الاتفاقية سنجد الكثير من الدعاوى القضائية ضد الاتفاقية تطالب بالتصريح لإقامة طعن على عدم دستوريتها أمام المحكمة الدستورية العليا وقد تصدرالمحكمة الدستورية حكمها بدستوريته وتحيل حكمها للمحكمة الإدارية العليا التى ترفض حكم المحكمة الدستورية لسابقة الحكم فى هذه القضية بأن الجزيرتين مصريتان.
وقال المستشار فرغلي: على العموم يمكن أن نقول فى النهاية أن هذه الاتفاقية هى مشكلة سياسية شعبية وليست قانونية لأن المحكمة الإدارية العليا حسمتها من الناحية القانونية بحكمها.