الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إذاعة «القرآن الكريم» بأمر «عبدالناصر» لحماية «المصحف» من التحريف

إذاعة «القرآن الكريم» بأمر «عبدالناصر» لحماية «المصحف» من التحريف
إذاعة «القرآن الكريم» بأمر «عبدالناصر» لحماية «المصحف» من التحريف


عندما وصلت معلومات عبر تقارير سرية تؤكد وجود نسخ من «المصحف الشريف» محرفة كان قراره الفورى بالتصدى إلى ذلك العبث من خلال إصدار أوامره إلى وزارة الأوقاف والشئون الاجتماعية متمثلة فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والأزهر الشريف بضرورة تسجيل القرآن الكريم كاملاً مرتلاً برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ «محمود خليل الحصرى» على أسطوانات وتوزيع نسخ منها على المسلمين فى جميع أنحاء العالم الإسلامى.
 باعتبار أن ذلك أفضل وسيلة لحماية المصحف الشريف من الاعتداء عليه، وكان هذا أول جمع صوتى للقرآن الكريم بعد أول جمع كتابى له فى عهد خليفة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «أبى بكر الصديق» رضى الله عنه وأرضاه..
قرار «عبد الناصر» بتسجيل المصحف ا لمرتل جاء فى شهر رمضان من عام (1382) هجرية الموافق (1963)م بعد أن لوحظ فى أوائل الستينيات من القرن الماضى ظهور طبعة مذهبة من المصحف - ذات الورق الفاخر والشكل الأنيق - بها تحريفات خبيثة ومقصودة لبعض آياته، منها قوله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين)- الآية (85) من (سورة آل عمران). الخبث المقصود مطبعياً هنا ظهر فى حذف كلمة (غير) فأصبحت الآية تعطى عكس معناها تمامًا! وزيادة فى الخبث أن هذه الطبعة رغم فخامتها نزلت الأسواق بأسعار زهيدة لجذب الناس إلى شرائها لتحقيق أغراضهم الدنيئة ضد الإسلام!! وكان تحريفها خفيًّا على هذا النحو، ولكن (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)، فقد أبى الله أن يحرف كلامه العظيم، وهو القائل سبحانه وتعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (سورة الحجر) . 
الزعيم «جمال عبد الناصر» بعد أن وصلت إليه المعلومات بأن عملية إصدار الأسطوانات وحدها لم تكف فى تحقيق جدوي توصيل الرسالة الإسلامية إلى العالم كله، حيث جاء فى التقرير المقدم إليه أن هذه الوسيلة ليست فعالة بالشكل الكافى لتحقيق الغرض من حماية القرآن الكريم من التحريف وتوصيل صورة الإسلام الصحيحة الوسطية للعالم كله، وذكر فى التقرير أن العجز هنا لم يكن عجزاً فى الأداء المهنى، وإنما العجز هنا كان عجزاً في القدرات والإمكانات المادية لأبناء الدول الإسلامية الفقيرة فى تلك الفترة والتى كانت تحول دون قدرة الأفراد خاصة البسطاء منهم عن إيجاد الأجهزة اللازمة لتشغيل هذه الأسطوانات على نطاق شعبى، فضلاً عن عدم توافر الطاقة الكهربائية اللازمة لها بحكم الوضع الذى كانت عليه تلك الدول فى ستينيات القرن الماضى.
وبناءً عليه وفى الأول من رمضان من عام (1383) هجرية- أى بعد عام من تسجيل القرآن الكريم على أسطوانات- طلب من د.«عبد القادر حاتم» وزيرالثقافة والإرشاد القومى، وهى الوزارة المعنية بالإعلام آنذاك- اتخاذ قرار بتخصيص شبكة إذاعية لإذاعة المصحف المرتل الذى سجله المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والأزهر ليصل كل مكان فى مصر والعالم الإسلامى، وهو القرار الذى تم بناءً عليه إنشاء إذاعة (القرآن الكريم) التى استغرق إعدادها شهرين وعشرة أيام، بعدها انطلق صوت الشيخ «محمد رفعت» كأول مقرئ عبر أثيرها فى الساعة السادسة من صباح الأربعاء 11 من ذى القعدة من عام (1383)هـ الموافق 25 مارس لسنة (1964)م، إيذاناً بافتتاحها ليصل صوتها إلى كل مسلمى العالم ليتواصلوا مع دينهم الإسلامى الحنيف، خاصة أن الراديو الترانزيستور كان أفضل وسيلة لالتقاط إرسالها فى العالم الإسلامى كله.
بدأت إذاعة (القرآن الكريم) بمدة إرسال قدرها (14) ساعة يوميًّا من السادسة حتى الحادية عشرة صباحًا، ومن الثانية حتى الحادية عشرة مساءً. لتكون أول صوت يقدم القرآن الكريم كاملاً بتسلسل السور والآيات كما نزل بها أمين الوحى (جبريل) (عليه السلام) على قلب سيد الخلق-محمد- صلى الله عليه وسلم.
الإمام الدكتور (عبدالحليم محمود) شيخ الأزهر كان أحد شهود إطلاق محطة (القرآن الكريم)، حيث ظل أثرها النفسى والروحانى والدينى يطارده طوال حياته فرحاً بهذا المنجز الرائع، والذى يكفى - على حد قوله رحمة الله عليه- أنه لم ير فى حياته رد فعل جماهيريًا مثلما رآه عند إطلاق إذاعة (القرآن الكريم) الذى أسماها محطة (إطلاق صوت الوحى)، فيقول: ما زلت أتذكر ونحن نشارك فى مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية فى باكستان عام (1964)م، وجاءتنا البشرى بأن الـدولة قــررت إنشــاء إذاعــة خاصة بالقرآن الكريم، هذا النبأ نزل علينا بالفرح والسرور، لكننا فى البداية لم نقدر أثره فى نفوس المسلمين حق قــدره، حتى تبين لنا ذلك فى صورة واقعية يوم انطلاق المحطـة، لقد كان يوماً مشهوداً.
 فى ذلك اليوم سمعنا القرآن المرتل فى كل شــــارع مـــررنا به، وكان أصحــاب المحلات التجارية يستمعـــــون إلى الإذاعة فى متــاجرهم، وربات البيوت يستمعن إلى الإذاعة فى بيوتهن، والسعادة تغمر الجميع.
لم تكن إذاعة (القرآن الكريم) هى المنجز الإسلامى الوحيد الذى تحقق فى عهد (عبد الناصر)، بل أكبر الكيانات والمنظمات الإسلامية التى دافعت عن الإسلام ومفرداته وأركانه وأبنائه أنشئت وتأسست فى عهده.
فبخلاف تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى فى التاريخ وتوزيعه مسجلا على العالم كله، فقد تم فى عهده زيادة عدد المساجد فى مصر من (11) ألف مسجداً قبل الثورة إلى (21) ألف مسجد عام (1970) م، أى أنه فى فترة حكمه (18) سنة تضاعف عدد المساجد فى مصر، وهو ما يعادل عدد المساجد التى بنيت فى مصر منذ الفتح الإسلامى وحتى لحظة وفاته.
فى عهد (عبد الناصر) كانت مادة (التربية الدينية) إجبارية يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقى المواد الأساسية لأول مرة فى تاريخ مصر بينما كانت اختيارية أيام النظام الملكى.
فى عهد (عبد الناصر) تم تطوير (الأزهر الشريف) وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية المدنية بجانب العلوم الدينية. (عبدالناصر) أصدر أوامره بتطوير (الأزهر) ليكون مواكبًا للتعليم العصرى بجانب تعاليمه الدينية- الإسلامية.
واستقطب عبدالناصر فى التعليم الأزهرى مواطنى (70) دولة إسلامية من مختلف القارات- هم الذين حكموا بلدانهم فيما بعد- وكان يقدم لهم التعليم والإقامة المجانية، وتشهد على ذلك مدينة البعوث الإسلامية، كما أنشأ (عبدالناصر) منظمة المؤتمر الإسلامى التى جمعت كل الشعوب الإسلامية، وساند كل الدول العربية والإسلامية فى كفاحها ضد الاستعمار، وفى عهده تمت ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم
وفى عهده شهد العالم أعلى نسبة دخول فى الدين الإسلامى فى التاريخ خاصة فى أفريقيا وآسيا، وفى عهده صدر قانون بتحريم القمار ومنعه، كما أصدر قرارات بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادى الروتارى والمحافل البهائية، كما تم إلغاء تراخيص العمل الممنوحة للنسوة العاملات بالدعارة التى كانت مقننة فى العهد الملكى.