الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«كل الأنهار» العشق الحرام بين فلسطينى وإسرائيلية

«كل الأنهار» العشق الحرام بين فلسطينى وإسرائيلية
«كل الأنهار» العشق الحرام بين فلسطينى وإسرائيلية


إسرائيل عدو مغتصب للأراضى الفلسطينية، ويتمسك الشعب العربى بالمقاومة والنضال دفاعًا عن أرضه، ويلقى على ذلك التحية والتقدير من المقاومين فى شتى بقاع الأرض، ولذلك فإن الحياة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أهم القضايا التى تستهوى العالم وليس الشرق الأوسط فقط، وأى شيء تسلط عليه الأضواء.
وتبقى العلاقات الإنسانية بين الشعبين من أكثر الأمور التى يسلط عليها الضوء، فهناك من يرى أنه لا يمكن أن تنشأ علاقة إنسانية بينهما، وهناك من يرى أن العلاقات الإنسانية شيء يسمو فوق أى خلافات أو عداوة انطلاقًا من أن القلوب لا تُحاكم.
ووفقًا لمجلة نيوزويك الأمريكية فإن مترجمة أمريكية تدعى جيسيكا كوهين ترجمت رواية عبرية أثارت الجدل منذ 2014 وكان عدد صفحاتها حوالى 344 صفحة وتحمل عنوان «كل الأنهار» للكاتبة الإسرائيلية دوريت رابينيان.
وقالت الـ«نيوزويك» إن شركة «راندوم هاوس» الأمريكية الشهيرة نشرت الرواية باللغة الإنجليزية الأسبوع الماضى، وأثارت الرواية الجدل فى إسرائيل بعد أن مُنعت من المناهج الدراسية الثانوية الإسرائيلية بسبب تناولها قصة حب بين امرأة إسرائيلية يهودية وفلسطينى.
وقد تصدرت الرواية قوائم أكثر الكتب مبيعًا بمجرد رفضها من قبل وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، وقد أدى الجدل إلى احتجاجات من معلمى ومديرى المدارس الثانوية ورئيس حزب الكنيست، وزعيم الاتحاد الصهيونى إسحاق هرتسوج.
الاعتراض على الرواية جاء لأنها تصور قصة حب بين فنان فلسطينى وامرأة يهودية، وتراجعت وزارة التعليم الإسرائيلية عن ضمها لمناهج التعليم، بزعم خطرها على الهوية اليهودية، وقد طبعت الشهر الماضى فى بريطانيا، وقالت المجلة إن رواية كل الأنهار ترجمت إلى عشرين لغة وأخيرًا وصلت الرواية إلى الولايات المتحدة.
وقد فازت الرواية بجائزة «برنشتاين» للكتاب الشباب، وهى جائزة إسرائيلية للأدب العبرى، وتدور أحداث الرواية بداية فى مدينة نيويورك، حيث التقى فنان فلسطينى يدعى حلمى ومترجمة إسرائيلية تدعى «ليات»، ويعود «حلمى» إلى رام الله و«ليات» تعود إلى تل أبيب.
وبحسب التقرير الأمريكى فإنها قصة مثيرة للجدل، حيث إنها تتناول محاور للدفاع عن حب امرأة إسرائيلية ورجل فلسطينى، وتقول الرواية إن «حلمى» و«ليات» التقيا فى الخريف بعد ظهر يوم وقالت فى نفسها «يا له من رجل وسيم وذو كاريزما عالية»، «حلمى» فنان موهوب وشاب فلسطينى، و«ليات» طالبة طموحة وتعمل كمترجمة ورغم معرفة أن حبهما يمكن أن يكون مؤقتا فقط، وأنه لا يمكن أن تنتهى قصة الحب بشكل طبيعى فى الوطن المضطرب إلا أن «ليات» تطمئن إلى «حلمى» بسبب خياله الحى ويده الجميلة التى ترسم أشياء خيالية يمكنها أن تتحقق وترى «ليات» فى حلمى التفانى والحكمة.
«ليات» تشعر بالذنب لإخفائها قصة حبها لحلمى عن أسرتها فى إسرائيل وأصدقائها اليهود فى نيويورك، وكان عليها أن تقرر ما إذا كانت مستعدة للمخاطرة فى مواجهة عائلتها ومجتمعها أم لا.
«كل الأنهار» رواية تتناول قصة حب وقصة حرب وقصة فى نيويورك وقصة فى الشرق الأوسط، حتى إن حلمى يقول لبطلة الرواية ليات «الأرض هى نفس الأرض»، ويختتم قوله «فى النهاية كل الأنهار تصب فى نفس البحر».
وتحكى ليات لحلمى بشغف عن البحر فى تل أبيب وغامرات الغوص فى سيناء، وكانت تضحك بصوت عال جدًا من نكاته وكانا يقرآن الصحف العبرية والأمريكية وأيضًا العربية سويًا.
وفى لقطة مبهرة بالرواية كانت ليات فى حمام النساء فى أحد المطاعم ونظرت إلى نفسها فى المرآة وتساءلت بينها وبين نفسها ماذا لو كان حلمى، فى غرفة الرجال على الجانب الآخر من الجدار؟، وكأنها استعارة مكنية عن الاحتلال والجدار على الأراضى الفلسطينية.
أيضًا جاءت لقطة عندما كانت ليات تستقل المواصلات العامة وكان صوت المذياع عاليًا وأحد الحاخامات يخطب فى المذياع ويقول: «العشرات من الفتيات الصغيرات والنساء اليهود نفقدهن كل عام، بنات إسرائيل يتعرضن للإغراء ويتحولن إلى الدين الإسلامى عند زواجهن من الرجال العرب الذين يختطفوهن ويأخذوهن إلى قراهم ويخدعوهن ويتعرضن للضرب حيث يُحتجزن فى ظروف الجوع والعبودية مع أطفالهن فى وسط إسرائيل، فى الشمال، وفى الجنوب».
واستمر الصوت من المذياع والحاخام مستمر فى النصح ويقول: إن هناك منظمة أسسها الحاخام أرييه شاتس، تساعد على إنقاذ هؤلاء الفتيات وأطفالهن وإعادتهن إلى اليهودية، فى احتضان دافئ للشعب اليهودى وينصح بالتواصل معها.
وتقوم حاليًا كاتبة الرواية الإسرائيلية دوريت رابينيان، بجولة تسويقية فى الولايات المتحدة لروايتها التى طرحت فى المكتبات ودور النشر الأمريكية، وقالت إنها تلقت العديد من التهديدات بالقتل من مجتمعات يهودية متعصبة مضيفة أن الأزمة التى صنعتها الرواية عكست الوضع الداخلى فى إسرائيل، حيث يرى البعض أن الفن خطر، فمن حيثيات رفض ضم الرواية أنها قد تشجع الشباب على الاختلاط بغير اليهود من السكان.
أيضًا الهجوم على الرواية داخل إسرائيل يؤكد حالة الخوف الإسرائيلى من التداخل والاختلاط بالمحيط العربى وهو أمر مثير للدهشة لأن الرواية تواجه الرعب اليهودى من الاختلاط فى منطقة الشرق الأوسط ويحكم عليها بالرفض بالذات بسبب ذلك الرعب.
تل أبيب منعت تدريس الرواية لأنها تقول إن إسرائيل بحاجة إلى الحفاظ على هوية وميراث طلاب إسرائيل، وأن مفهوم العلاقات الحميمة بين اليهود وغير اليهود تهدد الهوية المنفردة، والتخوف من أن الشباب فى سن البلوغ لا يتمتعون برؤية منهجية تشمل معايير الحفاظ على هوية الشعب ومعنى الاختلاط.
ورُفضت الرواية رغم أن المسئول عن تدريس الأدب فى جهاز التعليم الرسمى، وكذلك اللجنة المهنية المؤلفة من أكاديميين ومعلمين، أوصوا بوضعها فى إطار تدريس الأدب على مستوى عالٍ، اعتمادًا على طلب الكثير من المعلمين، إلا أن الرقابة التى فرضتها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو اليمينية على الرواية كان لها العديد من الجوانب الإيجابية حيث ساهمت فى مضاعفة مبيعات الرواية التى ترجمت إلى عشرين لغة.
وقد حازت الرواية إعجاب العديد من مفكرى ومبدعى وقراء دول العالم، حتى إن المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل أرسلت خطابًا إلى الكاتبة تخبرها فيه بأن الرواية أعجبتها.
دوريت رابينيان الأديبة الإسرائيلية الأبرز فى تل أبيب وهى رائدة فى الأدب العبرى، يرى النقاد أنها تجيد أكثر من أى كاتب وكاتبة إسرائيليين أن تصف المشاعر الدقيقة والحقيقية فى الحب والشوق والألم والقلق والحميمية المفرطة، والغريب أن رابينيان قد تعرضت للشلل وذلك بعد بدايتها الأدبية واختفت لمدة 15 عامًا لتكتب روايتها التى تناولت أكثر القضايا سخونة فى إسرائيل وهى العشق الحرام بين فتاة إسرائيلية وشاب فلسطينى.