الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

متحف العندليب

متحف العندليب
متحف العندليب


لايوجد نجم- سواء مطربا أو ممثلا - فى العالم تلقى فى حياته كم الهدايا التى تلقاها العندليب الأسمر «عبد الحليم حافظ».. خاصة من الملوك والرؤساء والأمراء الذين كانت تربطهم به ليست علاقة إعجاب فقط، وإنما علاقة صداقة قوية وود لاينتهى. الجمهور العادى كان له نصيب هو الآخر فى منح «حليم» الكثير من الهدايا سواء فى الحفلات الخاصة أو العامة.
الهدايا الأعظم التى كان يتلقاها «حليم»- كما كان يردد دائماً - هى «كتاب الله»، يلى «كتاب الله» فى نوعية الكم الأكبر من الهدايا.. «السلاسل»- سواء الذهبية أو الفضية - ولم ينس «عبدالحليم حافظ» ذلك السودانى الذى أهداه مصحفاً ذهبياً معلقاً فى سلسلة ذهبية ظلت فى رقبته حتى رحيله، وكان «حليم» قد أضاف لها عليقة عبارة عن شريحة نصف قمرية من الذهب مكتوب عليها «لا إله إلا الله» فى الوقت الذى كانت تحتفظ فيه أخته «علية»- رحمها الله - بالنصف الآخر المكتوب عليه- محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم-، كانت أيضاً من ضمن السلاسل المحببة إلى نفسه.. سلسلة فضية قدمتها له حبيبته المجهولة- التى أخفى حبه لها حتى توفاها الله - وهى عبارة عن عليقة من الفضة منحوت عليها نصف وجهه، وأهدته معها دبلة ظل يحرص على ارتدائها فى إصبع يده اليمنى حتى وفاته.. أما هدايا الملوك والرؤساء فوصل عددها إلى أكثر من (500) هدية، بخلاف الأوسمة والنياشين، وإن كان وسام «السد العالى» الذى أهداه له الزعيم «جمال عبد الناصر» عام (1961)م يعتبر من أكثر الأوسمة التى يعتز بها والذى حصل عليه بمناسبة مشاركته بالغناء فى الحفل الذى أقيم بمناسبة بدء البناء فى مشروع «السد العالى» والذى تبرع «حليم» بأجره عن الغناء فى الحفل لصالح بناء السد، وهو من الأوسمة النادرة التى لا تقدر بثمن ولم يحصل عليه كثير من الفنانين، كذلك وسام (العلوم والفنون) عام (1959)م، أيضاً من أكثر الأوسمة التى تلقاها «حليم» فى حياته ويعتز بها وظل محتفظاً بها على جدار واجهة شقته بالزمالك إلى يومنا هذا وسام «الاستقلال» من الملك «الحسين بن طلال» ملك الأردن بمناسبة عيد الاستقلال عام «1970»م، وكذلك وسام «العرش» من الملك (الحسن الثانى) ملك المغرب عام «1972»م.
من الهدايا القيمة التى لا تقدر بثمن وتلقاها «حليم» من الملوك والرؤساء والأمراء مجموعة من السيارات الفارهة والتى صنع بعضها خصيصاً له بمواصفات خاصة منها: سيارة إيطالية ماركة (فيات 130) موديل عام (1969)م، وهى من السيارات النادرة التى لم يصدر لمصر منها سوى أربع فقط واحدة كان يمتلكها الرئيس الراحل «أنور السادات» والثانية عند «مقار» صاحب توكيل شركة السيارات (فيات) والثالثة عند السفير الإيطالى .. السيارة الـ«فيات 130» أهداها له الملك «الحسن الثانى» ملك المغرب ووصلت سرعتها إلى (260) كم /ساعة، ولها قصة عجيبة، فبعد أيام من حصول «حليم» على السيارة تصادف وجوده بالعجمى بالإسكندرية وقد أصيب بنزيف حاد كان يستلزم نقله سريعاً إلى طبيبه المعالج د.«ياسين عبدالغفار» بالهرم والمسافة من الإسكندرية للهرم طويلة تبلغ حوالى 260كم، فاستغرق سائقه الخاص «عبد الفتاح» المسافة فى حوالى الساعة والنصف تقريباً حيث كان يسير بأعلى سرعة ممكنة لإنقاذ حياته. الملك «الحسن الثانى» أهدى سيارة أخرى ماركة «مرسيدس» صنعت بمواصفات خاصة للعندليب، وهى من نوعية الأسبور المكشوفة حمراء اللون وتحمل رقم (1810) ملاكى القاهرة أوتوماتيك سرعتها (220) كم/ساعة.. إلا أن هذه السيارة بعد وفاة (حليم) قدرت عليها ضرائب بقيمة (6) آلاف جنيه، لم يستطع وقتها الورثة دفعها فطلبوا من الملحن الكبير «كمال الطويل»- رحمه الله- أن يدفع الضريبة مقابل احتفاظه بالسيارة التى كان سعيداً بحصوله عليها، وأهداها لابنه «زياد» الذى طار بها فرحاً، إلا أنه بعد وفاة (الطويل) وسفر (زياد) إلى أمريكا قام ببيعها إلى اللبنانى (أحمد الحاروفى) الذى كان متعهداً لحفلات العندليب والذى قام بوضعها أمام مجمعه السينمائى الذى يمتلكه بوسط القاهرة لتكون مزاراً لعشاق «حليم» مع بعض مقتنياته التى حصل عليها (الحاروفى) من العندليب قبل رحيله على سبيل التذكار.
هناك السيارة الـ«ستروين» التى كان يعشقها «عبد الحليم حافظ» لأنها كانت وسيلة الترفيه الوحيدة التى يعيش معها أسعد لحظاته فى ملاذه الوحيد «العجمى» بالإسكندرية، التى كان يهرب إليها عندما يريد أن يخفف عن نفسه.. السيارة مصنوعة من الـ«فيبر جلاس» وكانت مخصصة للسير على رمال العجمى البيضاء.. وهى من إهداء الملك «الحسن الثانى» إلا أن عوامل الزمن قد تسببت فى تآكل الهيكل الـ(فيبر جلاس) وتحتاج إلى هيكل جديد.
آخر سيارة ركبها العندليب كانت أيضاً من إهداء الملك «الحسن الثانى» الذى كانت تربطه بـ«حليم» صداقة قوية للغاية.. السيارة (تويوتا) صفراء اللون موديل عام (1977)م تتميز بأن بها عدد (2) كاربراتير بسعة (2000) سى سى .سيارات العندليب جميعها تم وضعها فى جراج بمنطقة المهندسين وتجرى عليها الصيانة الدورية بشكل مستمر لتظل فى حالتها الجيدة.
من الهدايا التى تحتل مكانتها المميزة بين مقتنيات العندليب الأسمر «عبد الحليم حافظ» الساعات ومعظمها من الماركات العالمية الثمينة منها ساعة «موبادو» من الذهب الخالص من إهداء الملك «الحسين بن طلال» ملك الأردن وساعة «بيير كاردان» من الذهب الخالص من إهداء الملك «فيصل بن عبد العزيز آل سعود» ملك السعودية وساعة «أوميجا» من الذهب الخالص من إهداء الشيخ «صباح السالم الصباح» أمير الكويت، ويذكر أن «حليم» كان مرتبطاً وقتها بإحياء ثلاث حفلات بالكويت.. اثنان منها مسجلتان والثالثة على الهواء وهى التى سيحضرها أمير الكويت وتم التنبيه عليه ألا يغنى أية أغان وطنية فى الحفلات الثلاث، وفعلها «العندليب» فى الحفلتين المسجلتين، وفى الثالثة المذاعة على الهواء مباشرة كسر الاتفاق ليغنى الأغنية الأكثر وطنية «بالأحضان» والتى استحسنها الأمير وأشاد بها.. أما الساعة الأكثر عشقاً لدى «حليم» ولم يهدها له أحد.. ساعة ماركة (إتش بى) وقد اشتراها من سويسرا بعد أن أعجبه منظرها المميز غير التقليدى، وهى النوعية التى كانت تعجبه فى معظم الأشياء.. فكان يعشق غير المألوف .. كما كان «حليم» شغوفًا جداً وعاشقًا لجمع «الكرافتات» والتى وصل عددها لديه إلى مايزيد على (500) كرافتة.
مازالت ولاعة (عمر الشريف) التى أهداها للعندليب تسكن دولاب هداياه .. يومها فوجئ «الشريف» عندما كان فى زيارة «حليم» بمنزله بالزمالك أن اليوم هو عيد ميلاده ولم يكن قد أحضر معه هدية لجهله بالمناسبة، ولم يجد معه سوى الولاعة الثمينة التى أهدته إياها النجمة العالمية «صوفيا لورين» فقال لـ«حليم»: هذه الهدية الغالية على قلبى لا تغلى عليك، رغم أنك لا تدخن، ولكن اعتبرها تذكارًا يحمل حبى الشديد لك والذى جعلنى أفرط فى هدية ثمينة مثلها لصديق ثمين مثلك.
«مايك»- ميكروفون- مطلى ذهب عيار «24» إهداء من الأمير «عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود» أهداه لصديقه «العندليب» كعربون صداقة وكرمز لمشروعهما الفنى الذى قررا أن يتشاركا معاً فيه، وهو عبارة عن إنشاء ستديو للتصوير السينمائى والتليفزيونى، وهو مشروع ينفصل تماماً عن مشروعه الأصلى الذى يشارك فيه الموسيقار «محمد عبدالوهاب» ومدير التصوير «وحيد فريد» شركة «صوت الفن» إلا أن القدر لم يمهل «حليم» والأمير «عبدالمجيد» إتمام المشروع الذى تفجرت فكرته قبل رحيل العندليب بشهور قليلة.
أغرب مافى مقتنيات «العندليب» علبة بسكويت كان قد أحضرها له صديق عمره «أحمد رمزى» وهى من نوعية بسكويت الشاى التى كان يفضلها العندليب قليلة السكر وقليلة الملح أيضاً حسب تعليمات الأطباء والتى كان يحرص «رمزى» على إحضارها له بشكل دائم ليتناولها مع الشاى بالعنبر حيث إنه كان ممنوعًا من الشاى العادى، علبة البسكويت هذه هى آخر علبة كانت فى خزينة العندليب الغذائية وظلت مغلقة بعد رحيله إلا منذ خمس سنوات فقط عندما عبث بها أبناء «محمد شبانة» ومزقوا تغليفها فاضطر لفتحها وليلقى البسكويت- الذى فسد بالطبع- فى سلة المهملات وليحتفظ بالعلبة الصفيح جميلة المنظر.
مقتنيات (حليم) كثيرة ولا أحد يستطيع إحصاءها بسبب تفرقها بين القبائل، فبعد وفاة «العندليب» تم توزيعها بين «محمد شبانة» ابن شقيقه «محمد» و«زينب» ابنة شقيقته «علية» وتوزعت على ثلاث شقق .. شقة «زينب» وشقة «حليم» بالعجوزة التى يسكنها «محمد» وهى الشقة التى أقام فيها العندليب فى بداية حياته الفنية من الخمسينيات حتى أواخر الستينيات حيث انتقل إلى شقته المعروفة بالزمالك والموجود بها النصيب الأكبر من المقتنيات.. هذا بخلاف الأشياء التى حصل عليها الأصدقاء والمعجبون والجمعيات التى أنشئت لتخليد ذكراه .. كل هذا آن الأوان لأن يتجمع فى مكان واحد .. متحف يضم كل مقتنيات «حليم»، وإن كان «محمد شبانة» يفكر الآن وبجدية فى إقامة متحف متنقل يجوب به المحافظات المصرية والبلاد العربية لعرض مقتنيات (العندليب) لمدة (10) أيام فى كل مكان.