الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نادية لطفى : حليم طلب من مخرج «أبى فوق الشجرة» ترشيحى لبطولته بدل «هند رستم»

نادية لطفى :  حليم طلب من مخرج «أبى فوق الشجرة» ترشيحى لبطولته بدل «هند رستم»
نادية لطفى : حليم طلب من مخرج «أبى فوق الشجرة» ترشيحى لبطولته بدل «هند رستم»


غضبت منه عندما غنى للسمر (أسمر ياأسمراني) وهى الشقراء ذات العيون العسلية والشعر الذهبى والصداقة المتينة القوية التى لم يتمتع بها غيرها مع (العندليب) - وحق الصديق على صديقه معاتبته فيما يغضبه - قالت له فى إحدى السهرات الخاصة التى كانت تجمعهما بشكل دائم: (كده ياحليم البيض هايزعلوا منك..)، وعلى الفور راح حليم يغازلها مغازلة الأصدقاء الأعزاء لا العشاق قائلاً : (وأنا لما غنيتلك (الحلوة) فى فيلم (الخطايا) ..الوحشين مازعلوش منى ليه ؟؟).

الجلسة التى كانت مليئة بالقفشات والضحكات والتى شهدت كعادتها خفة ظل (عبدالحليم حافظ) و(نادية لطفي) هى التى كانت تقوى الصداقة بينهما دائماً وتكسبها مناعة ظلت حصناً لصداقتهما حتى رحيل (العندليب) الذى كان يعتبر (بولا) - كما كان يحب أن يناديها  - من أعز أصدقائه والتى كان يختصها بأدق أسرار وتفاصيل حياته وهى نفس الشيء.
(حليم) فاجأ الجميع فى نفس الجلسة وقال لها: (ورغم ذلك ماتزعليش ياستى وأمسك بالميكرفون مستعيراً أغنية (عبد الغنى السيد) (البيض الأمارة) ليغنيها لها..هذه هى الروح الجميلة التى ظل يتعامل بها (حليم) و(بولا) طوال صداقتهما التى لم يعكر صفوها سوى خلاف واحد فقط نشب عند قيامهما ببطولة فيلمهما الثانى (أبى فوق الشجرة).
عن هذا الخلاف تقول (نادية لطفي):كانت بالفعل هناك مشكلة بينى وبين (حليم)- وهى الأولى من نوعها فى حياتنا والأخيرة  بفضل الله - الخلاف صوره الناس على أنه بسبب علاقة حب بيننا والتى كانت سبباً في  ترشيحى لبطولة فيلم «أبى فوق الشجرة» ولم يرشح (سعاد حسني) التى كان يجمع بينهما قصة حب ، إلا أن القصة كانت مختلفة تماماً عما أثير، فالعلاقة بينى وبين حليم منذ أن نشأت وهى لم تتخط حاجز الصداقة المتينة فقط..أما  الأزمة الحقيقية فكانت بسبب الأجر عن الفيلم،  حيث طالبت (حليم) بزيادة أجرى على اعتبار أنه منتج الفيلم من خلال شركته هو والموسيقار(محمد عبد الوهاب) ومدير التصوير(وحيد فريد) (صوت الفن) إلا أنه اعتذر عن عدم إمكانية زيادة الأجر فغضبت وكدت أتخذ قرارى بعدم استكمال الفيلم الذى كنا قد بدأنا تصويره وقربت مشاهد (لبنان) على الانتهاء، وبالفعل تعطل التصوير لمدة يوم واحد فقط.. وبعد تفكير وجدت أنه من غير المقبول أن أضع (حليم) وطاقم الفيلم فى ورطة، كما أننى قدرت موقف (حليم) وضغط ميزانية الفيلم بسبب الظروف الإنتاجية وقتها وأكملت التصوير، إلا أن هناك رواسب من الخلاف ظلت عالقة فى نفوسنا لم يمحها سوى ابنى (أحمد) الذى اصطحبته معى إلى الأستديو أثناء إجازته من أمريكا وفى الكواليس نجح فى إذابة خلافى مع (حليم) تماماً.
> هل وضعك الجمهور أو النقاد- وقتها - فى مقارنة مع (هند رستم) المرشحة الأولى لبطولة فيلم (أبى فوق الشجرة) ؟
- كان من الممكن أن يحدث هذا فى حالتين فقط، وهو أن تكون (هند رستم) قد بدأت تصوير الفيلم ثم اعتذرت فحللت مكانها، أو أن تكون (هند رستم) قد أنهت الفيلم ووافقت أنا بعدها على عمل فيلم مشابه عن نفس القصة مثلما يحدث فى كثير من الأعمال التى تكون مسار جدل ومقارنة.. ولكن ما حدث أن (هند) كانت مجرد ترشيح فقط، وقبل تصوير الفيلم  بأسابيع قليلة طلب (حليم) من المخرج (حسين كمال) أن أكون أنا بطلة الفيلم بدلا منها، ووافق  المخرج. وهذا الترشيح الذى تخطى (سعاد حسني) و(هند رستم) هو الذى حرك الشائعات التى ترددت حول وجود علاقة غرامية بيننا، زاد من إشعالها سفرنا إلى بيروت لتصوير بعض مشاهد الفيلم هناك.
> هل علاقة الصداقة بينك وبين (حليم) سطَّر أول سطورها أول أفلامكما (الخطايا) عام (1962) م ؟
- علاقتى بـ (حليم) بدأت قبل أن نعمل معاً فى السينما بسنوات من خلال متابعتى ومشاركتى بالتطوع فى حفلات (أضواء المدينة) التى كان يشارك فيها (حليم) لصالح المجهود الحربى فى أعقاب العدوان الثلاثى على مصر عام (1956) م . كنت أعرفه جيدا وجمعتنى به صداقة قوية من يومها .. هذه الصداقة هى التى ساقتنا للعمل معاً فيما بعد فى السينما، كما كان يجمعنا أيضاً صداقة الشاعر الكبير (كامل الشناوي) الذى عشق (حليم) إنسانيته مثلى لأنه من العقول المستنيرة النبيلة ومن النماذج الإنسانية التى قلما يجود الزمن بها.. وكان (حليم) يعشق جلسته  لشعوره الدائم بأنه تلميذ عليه أن يتعلم ويعرف وكان (حليم) طيب القلب وصبوح الوجه ولو حدث وغضبت منه.. فعندما تنظر إلى وجهه تنسى كل المشاكل والخلافات.
> هل صحيح أن (حليم) كان يتميز عن غيره من أهل الفن بقدرة فائقة فى فرز الأصدقاء والتقرب من المسئولين ؟
 - (حليم) كان من أصحاب الذوق الرفيع فى كل شيء.. كان يمتلك قدرة خاصة على انتقاء من ينفع ويبتعد عمن يضر.. كان شديد النقاء يلفظ سريعا الشيء الذى يؤثر على موهبته. فقد انتقى الكثيرين من أصحاب الكلمة والعلم والثقافة، وكان قريبا منهم، لم يترك نفسه للاختيار العشوائى.. كان يتقرب كثيرا من أصحاب المواهب الحقيقية التى يستفيد منها وتستفيد منه من خلال الفن، لم يكن يقف عند محطة لفترة طويلة، بل كان سريع التجديد وكان مدركا لكل الأشياء من حوله .. يسعى لتثقيف نفسه والارتقاء بمكانته حتى وصل إلى أن يقيم حوارا مع كثير من الرؤساء والملوك، وهى مسألة ليست بسيطة، بل تستلزم مجهوداً فى دراسة البروتوكولات، خاصة فى حالة (حليم) الذى لم يكن يقبل على نفسه أن يكون مجرد جليس هدفه الترويح عن الملوك والرؤساء، للدرجة التى جعلته أن يكون ندا لمن يجلس معهم، فعندما يصبح حليم مقربا من المشير (عامر) ومن الزعيم (جمال عبدالناصر) وصديقا شخصياً للملك (الحسن الثاني) ملك المغرب، فإن الأمر يحتاج إلى وقفة لتأمل شخصية هذا النموذج الفريد المدعو (حليم) الذى كان لماحاً ذكياً مرحاً واثقاً من نفسه، محبا للناس ومحبوبا منهم.
> مارأيك فى (حليم) كممثل ؟
- ذكاء (حليم) الشديد هو الذى كان يجعله دائماً يسعى لاختيار أدواره - كما يقولون - المرسومة عليه، والذى لايستطيع غيره أن يلعبها بنفس المهارة وخفة الظل والاستعراض. (حليم) كان يعطى لفنه كل وقته وجهده وتركيزه .
أذكر أنه مع بداية كل عمل يقوم به - سواء سينمائيا أو غنائيا - يظل لفترة طويلة قلقاً .. لاحظت هذا سواء من خلال عملى معه فى فيلمي (الخطايا) و(أبى فوق الشجرة) أو من خلال متابعتى له من موقع الصداقة فى بقية أعماله .. فمثلاً فى فيلم (الخطايا) قام بدراسة اجتماعية وإنسانية من خلال خبراء متخصصين حول شخصية (حسين) التى يلعبها فى الفيلم، وكان دائم الاتصال بالمخرج (حسن الإمام) بشكل دءوب وصل لدرجة الإلحاح لمعرفة كل التفاصيل والجوانب الدقيقة للشخصية وردود أفعالها .
> من هى أكثر شخصية مقربة من (حليم) كان يرجع إليها فى استشاراته الفنية؟
- كل من كان حول (حليم) لم يبخل عليه يوماً بأية مشورة سواء الموسيقار (محمد عبدالوهاب) أو (مصطفى أمين) أو (كامل الشناوي) أو (كمال الطويل) أو أنا، ولكن كان يختص (إحسان عبد القدوس) دائماً فى مشوراته الفنية سواء السينمائية أو الغنائية.
> فى رأيك هل وصل (حليم) إلى العالمية ؟
- أكيد.. أذكر أننى حضرت معه إحدى حفلاته التى أقامها فى لندن، ولاتتصور كم الجمهور الذى حضر الحفل والذى زاد يومها على (2000) شخص، ورغم أن معظم الجمهور كان من الأجانب - ولم يكن فقط من الجاليات العربية - إلا أننى فوجئت بتجاوبهم مع أغانى (حليم) التى لم يفهموا منها سوى موسيقاها فقط، والذين عرفوه من خلالها وصار نجماً لديهم بها، كما أن (حليم) كانت تربطه صداقات قوية ببعض نجمات العالم منهن (كلوديا كاردينالي) و(صوفيا لورين) ..من هنا أستطيع أن أقول أن (حليم) كان سفيراً بمعنى الكلمة للفن المصرى والعربى فى العالم كله .
>هل كان يضايقك أن الجمهور يقبل على أفلام (حليم) لإسمه وليس لبقية الأسماء التى تشاركه البطولة ؟
بالعكس كان يسعدنا، فحتى لو كان هذا صحيحاً، فإن الجمهور بالطبع سيشاهدنا ضمن مشاهدته للفيلم كله ، ومن هنا نكون اكتسبنا رصيداً إضافياً من الجمهور هو جمهور (حليم) .. وكنت على يقين دائم بأن الجمهور فى أفلام (حليم) يذهب إليه شخصياً بصرف النظر عمن هى النجمة التى تقف أمامه.
> وماذا عن حالتك الصحية الآن؟
الحمد لله تعافيت وأنا الآن فى مرحلة النقاهة، ولكن كلمتى لنفسى دائماً : (ماأقسى لحظات المرض.. ولكن علينا بالصبر والإيمان أن نجتازها حباً فى الحياة) .>