متهم رشوة مجلس الدولة: مش هشيلها لوحدى

وفاء شعيرة
قررت النيابة العامة حبس جمال اللبان المعروف إعلاميًا بالمتهم فى رشوة مجلس الدولة، 15 يومًا على ذمة التحقيق بتهمة التربح من مهام وظيفته.
الرقابة الإدارية ألقت القبض على اللبان فى منزله الكائن بحى غمرة ووجدت معه 155 مليون جنيه، مقسمين إلى 24 مليون جنيه مصرى، و4 ملايين دولار أمريكى، و2 مليون يورو، ومليون ريال سعودى، بالإضافة إلى المشغولات الذهبية والهدايا بخلاف السيارات والعقارات والفيللات ولم يوضح سبب تواجد هذه الأموال فى منزله.
موظف مجلس الدولة المتهم باستغلال النفوذ حاصل على دبلوم تجارة، وكما يشاع بين زملائه فى مجلس الدولة أنه حصل على الوظيفة بالمجلس من خلال توصية من فتحى سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق، وذلك فى 1999 وتم تعيينه فى إدارة شئون العاملين بمجلس الدولة.
فى ذلك الوقت كان مدير المشتريات فى مجلس الدولة يُعرف بالحاج رشاد وكان مسئولا عن التوريدات أيضًا وعند خروج رشاد على المعاش فى 2003 وجد عجزًا فى عهدته وظل يسدد فيه حتى توفى.
بعد خروج الحاج رشاد على المعاش تم تصعيد «اللبان» بدلا منه، وبعد تصعيده عانى الكثير من موظفى المجلس من تحكمات اللبان الذى بيده أشياء كثيرة، فدائما ما كان يعانى الموظفون من إمكانية موافقة اللبان على الحصول على مكتب جيد للجلوس عليه أو مروحة لتخفيف لهيب الصيف، فكان دائمًا يرفض.
ولم يسلم منه المتعاملون مع المجلس سواء الموردين أو داخلى المناقصات والمزايدات، وهو ما يفسر وجود 145 شكوى ضده فى الأجهزة الرقابية.
الغريب أن مكتب اللبان مدير توريدات مجلس الدولة الذى استولى على كل هذه الأموال أقل من العادى فموقع المكتب فى بدروم المجلس القديم ولم يره أى من الموظفين يقود أيًا من سياراته الفارهة، ولم يذهب بأيٍ منها إلى مقر عمله.
المبالغ الهائلة التى تم ضبطها مع اللبان جعلت الكثيرين يرجحون أنها من رشاوى أو شركة صرافة لأنه مهما كانت الرشاوى لن تصل إلى هذا الكم الهائل من المبالغ، وأيضًا مهما كانت شركة الصرافة وحجمها التى قال إنه يمتلكها مع أشقائه ستربحه مثل هذه الأموال الطائلة.
عاملون بمجلس الدولة قالوا إنه يمكن أن تكون هذه الأموال خاصة ببعض الاتحادات التى تتكون، لكن كل هذه التخمينات سقطت أمام بيان مجلس الدولة الذى قال إن المتهم يعمل موظفا إداريا بمجلس الدولة، وليس من أعضاء الهيئة القضائية.
وأوضح مجلس الدولة فى بيانه، أن المبالغ التى تم ضبطها مع المتهم تخصه، ويقع عليه عبء إثبات مصدرها فى تحقيقات النيابة.
وأكد مجلس الدولة، حصن الحقوق والحريات على الحقيقة الثابتة أنه لا تستُّر على فساد أو تراخٍ فى محاسبة فاسد أو منحرف مهما كان، وأنه لا يألو جهدا فى التعاون مع جميع الأجهزة الرقابية بالدولة.
وأهاب مجلس الدولة فى بيانه، بجميع وسائل الإعلام المختلفة تحرى الدقة وانتظار الحقيقة التى تسفر عنها تحقيقات النيابة التى تضطلع بها فى الوقت الراهن.
«اللبان» وبعيدًا عن كل ما قيل عنه حصل على دبلوم تجارة وتم تعيينه وتقدم للتعليم المفتوح بكلية التجارة بجامعة القاهرة وتمت تسوية المؤهل الجديد وترقى فى المناصب حتى وصل لمدير المشتريات والتوريدات، ويمتلك (8) سيارات ملاكى حديثة، منها سيارتا هامر ومقيدة فى إدارة المرور باسمه، لديه (11) فيللا وشاليه وشقق فاخرة فى كل من «مارينا والإسكندرية والعين السخنة والغردقة والجيزة».
بداية القضية المتهم فيها اللبان أن هناك شركة قطاع خاص أرادت التقديم فى المناقصات التى يجريها قسم المشتريات والتوريدات لمجلس الدولة فقيل لها نصًا (جمال اللبان هوه اللى بيخلص) - يعنى مخلصاتى، الشركة أصيبت بذهول شديد ولم يصدق أصحابها إلا بعد عقد جلسة معه وطلبه مبالغ مالية تقدر بنسبة من حجم التعاملات الجديدة للشركة مع إدارة المشتريات والتوريدات بمجلس الدولة، وعلى الفور لجأ أصحاب الشركة إلى «هيئة الرقابة الإدارية» للإبلاغ عنه وكانت هذه الإجراءات السريعة.
بالاتفاق مع أصحاب الشركة على تسجيل جميع اللقاءات مع «جمال اللبان» بالصوت والصورة، وتم استخدام أحدث نظام مراقبة للتليفونات فى العالم تستخدمه الرقابة الإدارية، وكشفت التسجيلات عن طلبه مبالغ مالية مقابل إنهاء مصالح الشركة وإرساء عطاءات لبعض الشركات لتوريد مستلزمات مجلس الدولة إضافة إلى طلبه مبالغ مالية مقابل بيع مُتكهنات مجلس الدولة، وكانت المفاجأة أن اللبان اعترف فى التسجيلات التليفونية بأنه يتعامل بجميع العملات.
تم تشكيل مأمورية كبرى من (12) ضابطًا بالرقابة الإدارية اتجهت إلى منزل «اللبان» وتم اكتشاف غرفة مخصصة للأموال وبها (خزينة كبيرة الحجم يبلغ عرضها مترًا وطولها متران».
مثل (خزائن محلات الذهب) وتضم شُنطًا بها مبالغ بجميع العملات إضافة إلى عقود سيارات خاصة ومشغولات وسبائك ذهبية، تم تصوير كل هذه الوقائع فيديو، واعترف «اللبان» بجميع التفاصيل، وتم اقتياده إلى المقر الرئيسى للرقابة الإدارية، وهناك جلس وكشف عن كل صغيرة وكبيرة وقال (أنا مش هاروح فيها لوحدى)، واعترف على ثلاثة من شركائه، اثنان موظفان من داخل مجلس الدولة وآخر من خارجه منهما سيدة.
تمت الاستعانة بأحد رؤساء البنوك للوقوف على مدى صحة الأموال وقال: الأموال ليست مزورة وأى فرع للبنك لا يوجد به كمية الأموال هذه، وتمت الاستعانة بخبير عملات فأكد قائلاً: الأموال صحيحة وليست مزورة.
وبنفس السرعة خرجت مأمورية للقبض على شُركائه الثلاثة وقال «اللبان» عن الأموال المضبوطة فى منزله: «كنت أنا وأشقائى لدينا شركة صرافة وتم إغلاقها عام 2003 وكنت بمثابة «تاجر عملة من منازلهم».
تم تحويل القضية لنيابة أمن الدولة العليا وعرض المتهمين على المستشار خالد ضياء الدين المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا وتم الكشف عن شركاء جدد منهم (رجال أعمال ونواب فى البرلمان)، تم التحفظ على ما يقرب من (150) مليون جنيه ودخلت ضمن أحراز القضية، ولن تتم مصادرتها إلا بعد صدور حكم فى القضية، وسيتم تحويلها لوزارة المالية.
المستشار عادل فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإدارى الأسبق قال إنه مستغرب من كم المبالغ الرهيبة التى ضُبطت والتى لا يمكن أن تأتى من رشاوى أو شركة صرافة.
مؤكدًا أن التوريدات والمشتريات فى مجلس الدولة مسئولة عن أى شىء يأتى للمجلس من ملفات وأوراق ومكاتب وإنشاء مبانٍ وتجهيز قاعات المحاكم عن طريق المناقصات والمزايدات، والمشكلة فى هذه القضية أن يُتهم أحد قضاة المجلس بالإهمال لأن جميع النوادى الإدارية فى المجلس تحت إشراف قضاة متفرغين من عمل القضاء أى لا يجلسون على منصة القضاء يشرفون على الموظفين وعلى الشئون الإدارية، ويتم اعتماد طرح المناقصة والمزايدة من لجنة تضم بعض القضاة ويتم اعتمادها من رئيس مجلس الدولة وإن كان رئيس المجلس غير مسئول.
ولهذا قرر مجلس الدولة إجراء تحقيقات موسعة فى هذه القضية للوصول إلى المتسبب فى هذا الإهمال.