الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ترامب وحروبه القادمة - ماذا يريد من مصر

ترامب وحروبه القادمة - ماذا  يريد من مصر
ترامب وحروبه القادمة - ماذا يريد من مصر


أمريكيا يظل وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأمريكية هو الحدث الأهم للعام 2016 بعد معركة انتخابية غير مسبوقة فى التاريخ الأمريكى الحديث، وربما  يستمر تأثير انتخابه مهيمنا على سنوات رئاسته المفترضة، فالرجل  بامتياز له فى كل يوم حدث أو معركة حتى قبيل تسلمه رسميا منصبه فى العشرين من يناير.
تخطى ترامب وتجاوز كل التقاليد والأعراف الأمريكية لدرجة تدشين أحد أعضاء الكونجرس لحملة اسم «رئيس واحد فى وقت واحد» إثر ما اعتبر تدخلا مباشرا من ترامب فى إدارة الشئون الخارجية عبر التواصل مع زعماء دول وإطلاق تصريحات صاخبة أحيانا عكس ما يقوم به الرئيس الحالى أوباما رئيس الولايات المتحدة حتى صبيحة يوم العشرين من يناير! وإذا كنا تناولنا فى الجزء الأول الأسبوع الماضى الاستعداد  الأمريكى والتصعيد تحت إدارة دونالد ترامب باتجاه المواجهة مع الصين.
تخطى ترامب وتجاوز كل التقاليد والأعراف الأمريكية لدرجة تدشين أحد أعضاء الكونجرس لحملة اسم «رئيس واحد فى وقت واحد» إثر ما اعتبر تدخلا مباشرا من ترامب فى إدارة الشئون الخارجية عبر التواصل مع زعماء دول وإطلاق تصريحات صاخبة أحيانا عكس ما يقوم به الرئيس الحالى أوباما رئيس الولايات المتحدة حتى صبيحة يوم العشرين من يناير! وإذا كنا تناولنا فى الجزء الأول الأسبوع الماضى الاستعداد  الأمريكى والتصعيد تحت إدارة دونالد ترامب باتجاه المواجهة مع الصين، وكيف ستكون أولى الحروب الأمريكية ضد الصين تجارية بالأساس، أيضا ركزنا على التحالف الواضح بين ترامب وبوتين فى إطار الرغبة الأمريكية فى سحب روسيا بعيدا عن الصين وعزل الأخيرة عن  الأقوياء فى محيطها، وقبل أيام  وجدنا مزيدا من التقدم الأمريكى   المحرز فى تنفيذ مبادرة الدفاع الهندية الأمريكية تكنولوجيا والتجارة DTTI  والتى بموجبها تكثف الولايات المتحدة جهود المشاركة فى إنتاج ومشاركة تطوير أسلحة متطورة ومنظومات الأسلحة فى الهند، والقارئ لتفاصيل ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية  للعام 2017 سيجد تحت بند بعنوان «تعزيز الدفاع والأمن بالتعاون مع الهند» تخصيصا من  ميزانية البنتاجون والبالغة 680 تريليون دولار، جانبا يغطى المصالح الأمريكية فى مصالح فى جنوب آسيا الجزء الموجود وتدعو وزيرى الخارجية الأمريكية والدفاع لاتخاذ الخطوات اللازمة لتعيين الهند كشريك دفاعي!
فإنه وحتى كتابة هذه السطور كان البيت الأبيض يعكف على قائمة عقوبات ضد روسيا بشأن ما أثير عن تدخلها الإلكترونى فى مصير الانتخابات الأمريكية، بتأييد زعامات جمهورية على رأسها السيناتور جون ماكين، بينما معركة قرار مجلس الأمن الدولى الأسبوع الماضى ضد الاستيطان الإسرائيلى مازالت فى تصعيد سواء على المستوى الداخلى الأمريكى ما بين أوباما وإدارته وترامب، وخارجيا بهيستريا إسرائيلية ملحوظة! وزاد من احتدام هذه المواجهات الخطاب الذى وصف بالخطير والكاشف والذى ألقاه جون كيرى وزير الخارجية الحالي، وهو بالمناسبة الخطاب الذى تم تأجيله، ففى هذا الخطاب نجد وزير خارجية أمريكا يجرؤ لأول مرة منذ عقود على  الصراخ بأن المصلحة الأمريكية تأتى أولا، وفى نفس الخطاب الطويل والذى استغرق سبعين دقيقة شرح جون كيرى لماذا امتنعت أمريكا عن استخدام الفيتو  ضد قرار مجلس الأمن وقال إن الذى أعد القرار هو مصر التى تعد أقرب حلفاء إسرائيل فى المنطقة وأن «حل الدولتين هو الطريق الوحيد للسلام»   محذرا أن ذلك الحل الآن بات فى خطر ولأول مرة يقول مسئول أمريكى صراحة لإسرائيل «إما أن تكونوا دولة ديموقراطية أو دولة يهودية، ولا يمكن أن تحصلوا على الوضعيتين معا! وكأنه يقول لإسرائيل إما أن تختار ما بين أن تصبح بشكل صارخ «دولة الفصل العنصري»، أو أن تكون دولة  ديموقراطية، كيرى أيضا فضح نوايا نتنياهو علنا حين قال إن نتنياهو  يتحدث فى العلن بأنه مع حل الدولتين بينما فى الواقع يفعل العكس، وهاجم كيرى إسرائيل قائلا إنها لا تؤمن كما يبدو سوى بـ «إسرائيل العظمي» وترفض حل الدولتين، واصفا الحكومة الإسرائيلية الحالية بأنها الأكثر يمينية فى التاريخ!   
وأشار كيرى إلى السنوات التى قضتها واشنطن فى طلب وقف الاستيطان من إسرائيل دون جدوى قبل أن يعلن مبادئ ستة تراها واشنطن سبيلا لحل الصراع الإسرائيلى العربى تتلخص فى «تحديد واضح لحدود الدولتين فى إطار دولتين على أساس الأراضى التى كانت قائمة قبل حرب عام 1967 مع إمكانية إجراء «مقايضة متعادلة» للأراضى من أجل تعديل الحدود، ولكن فقط عن طريق التراضي، وحل مشكلة اللاجئين بمساعدة دولية لتوطينهم مع تعويضهم وأن تكون القدس عاصمة للدولتين مع ضمان حرية العبادة وزيارة الأماكن المقدسة، وإنهاء كامل وشامل للاحتلال الإسرائيلى من أجل أمن إسرائيل، ودولة فلسطينية مستقلة حتى مع عدم وجود جيش لها ودعا الفلسطينيين إلى الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، مشددا على أن التطبيع الكامل بين إسرائيل وجيرانها العرب لن يتم سوى بحل الصراع، خطاب كيرى هذا حمل أيضا فى طياته ما يمكن ترجمته  إلى تحذير مباشر لنتنياهو من أن الفلسطينيين سيتوجهون للمؤسسات الدولية فى حال استمرار إسرائيل فى سياستها الاستيطانية الحالية!
أى أن قرار مجلس الأمن الأخير  والذى لا رجعة فيه سيكون الإطار  القانونى الصلد الذى لا مهرب منه. وفى المقابل استبق ترامب خطاب  كيرى بـ «تغريدة دعم لإسرائيل قال فيها»: إن التصرفات الأخيرة للإدارة الحالية أدت إلى تعقيد وتخريب «العلاقات الطيبة» مع إسرائيل.
وكتب ترامب عبر حسابه بـ «تويتر» «اعتقدت أن تسليم السلطة سيكون هادئا ولكن على ما يبدو لن يكون كذلك.. لا يمكننا تحمل أكثر كيف يجرى التعامل مع إسرائيل بعدم احترام وتجاهل كامل.. فى السابق، كانت إسرائيل من الأصدقاء المقربين للولايات المتحدة ولكن الآن.. بداية النهاية كانت الصفقة مع إيران ومن ثم صدور قرار مجلس الأمن الدولي، كونى أقوى يا إسرائيل فلقد اقترب يوم 20 يناير».
فهل ستكون إسرائيل أقوي؟ وما هى نوايا ترامب تجاهها وتجاه  المنطقة عموما؟
الإجابة على تلك الأسئلة لن تكون صعبة بالنظر إلى اختيارات ترامب لـحاملى الحقائب المهمة والتى سيكون منوطا بها ملفات منطقتنا  فى إدارته، ويكفى أن نعرف أن مبعوثه للمفاوضات الدولية الذى سيكون المسئول عن إدارة عملية السلام واتفاقيات التجارة الأمريكية هو مستوطن إسرائيلى سابق واسمه جيسون جرينبلات كان يعمل بالياشيفا وهى مدرسة دينية إسرائيلية بإحدى المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية - الون شوفوت ــ كما كان من حاملى السلاح  M16  لحراسة المستوطنة، جيسون الذى بلا أدنى خبرة سابقة فى مجال العلاقات الدولية، وكل خبرته كانت فى العمل ككبير المحامين بمنظمة ترامب ويؤمن بأن الانسحاب الإسرائيلى من غزة كان خطأ فادحا، وسبق له أن صرح مؤخرا بأنه شخصيا يرى وجوب الإبقاء على المستوطنات وأنه لا يعتقد أن المستوطنات عائق أمام السلام!
أيضا اختار ترامب ديفيد فريدمان سفيرا جديدا للولايات المتحدة إلى إسرائيل، والأخير محامى عمل خلال حملة ترامب كمستشار لشئون العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وبادر بالفعل بالإعلان عن رغبته فى نقل السفارة  الأمريكية إلى القدس التى وصفها  بالعاصمة الأبدية لإسرائيل!  
أما بقية أعضاء إدارة ترامب فمعظمهم ينتمى لأقصى اليمين لذا فالمتوقع ألا يتم بسهولة تمرير هذه الترشيحات فى الكونجرس على الرغم من الأغلبية الجمهورية.
فى نفس الوقت فمن الواضح أن تمرير إدارة أوباما لقرار مجلس الأمن أو خطاب كيرى سيكون   التحرك الأخير، فالملاحظ أن إدارة أوباما بصدد تكثيف العمل مع الأوروبيين والفرنسيين تحديدا  خلال الأسبوعين المقبلين، وأن الأمر قد يصل إلى الذهاب إلى مجلس الأمن الدولى مرة أخري، بغرض  إخراج نتنياهو فى مناورة محسوبة للتأثير على الداخل الإسرائيلي، بالتوازى مع زيادة النشاط الفلسطينى بتأثير قرار إدانة الاستيطان.
وهو ما قد يتسبب فى الدعوة إلى انتخابات إسرائيلية جديدة إذا  جاءت بنتنياهو مجددا فالمتوقع منه المزيد من الأخطاء و هذا معناه زيادة العزلة الإسرائيلية.    
على أية حال فإن العام المقبل أمريكيا سيكون مرشحا بامتياز لأحداث جسام فبينما متوقع أن يكون نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الغربية وليس الشرقية نظرا لأسباب متعلقة بالقانون الدولى  وهو كما علمنا ما سيحاول إهداءه لنتنياهو الذى تمت دعوته للقاء ترامب فى واشنطن فى أول أسبوع  من توليه الحكم، فإن تركيز ترامب على حروبه التجارية سيسير بالتوازى مع حربه المتوقعه على داعش، وهو سيستهل حكمه بالدعوة لمؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب ـ ربما فى مارس المقبل، وأستطيع القول بأن أهم بنود هذا التوجه من قبل ترامب وفريقه سيكون الاعتماد على دول بعينها ـ  مصر والأردن - فى هذه المهمة التى ستكون أطراف عربية أخرى فى المنطقة ملزمة بتسديد تكلفتها المالية، ويبدو أيضا أن هناك خمسة بنود أتى لمناقشتها قبل أيام مع ترامب فريق إسرائيلى من الموساد والخارجية الإسرائيلية وتشمل ملفات معظمها أمني، كما احتلت مسألة مساعدة  «مصر» بندا  منها!!، لذا فالمتوقع الآن وحسب  مصدر جمهورى بواشنطن أن تركيز ترامب على مسألة داعش والانتهاء  إلى اتفاق مع روسيا حول ما إذا كان ينبغى التخلص منها على الفور عقب خروجها من  سوريا وهو ما تريده  روسيا لكى تتخلص من حوالى 7 آلاف داعشى شيشاني، أم سيترك الدواعش لخروج نحو السعودية عن طريق الأردن والمتواجد فيها مفتيهم  وذلك بعيدا عن إسرائيل التى ستكون سعيدة بالقلاقل التى  ستبعد الأنظار عن تمددها الاستيطانى وتقربها من حلول بديلة تنهى المسألة الفلسطينية وتجعل من الأردن وبعض من الضفة وطنا  فلسطينيا دونما إحراج لتل أبيب أمام حليفها الأردنى وحيث سيقال ساعتها إن المملكة أسقطتها داعش وليست إسرائيل! «لقد كانت حوادث الكرك الأخيرة بالأردن والتى جرى التعتيم عليها إشارة مهمة توضح بدء تلك المرحلة ــ الكلام لنفس المصدر ــ الذى أضاف بأن داعش بعد ذلك ستنطلق جنوبا نحو المملكة السعودية وبعد إتمام مهمتها هناك  إنهاء حكم آل سعود يمكن بعدها  لتحالف دولى بقيادة أمريكية وروسية التخلص نهائيا من داعش وأخواتها، عموما والكلام مازال لمحدثى فإنه حتى مع هذه  السيناريوهات الموضوعة على الطاولة حتى مع التقارب الروسى الإيرانى التركى الأخير والذى  ترقبه واشنطن عن كثب فإن الواقع على الأرض سيكون له القول الفصل. 