مأذون ومحلل «تحت الطلب»!

روزاليوسف الأسبوعية
يبدو أنه شاهد فيلم «زوج تحت الطلب» للزعيم عادل إمام، وأعجب بدوره، فعمل محللاً للأزواج، وبلغت درجة إعجابه بالفيلم أن قام بالتمثيل، لا على الشاشة الصغيرة ولا الكبيرة ولا خشبة المسرح، بل قام بالتمثيل على أهالى القرى الغلابة فى البحيرة أنه مأذون شرعى، وهو مجرد نصاب. قضية زواج القاصرات التى أثارت الرأى العام فى محافظة البحيرة، والتى قام بضبط المتهمين فيها رئيس نقطة الشرطة بمركز بدر بمشاركة رجال فرع البحث الجنائى بالبحيرة، حيث تم ضبط إمام وخطيب مسجد ومدرس بوزارة الأوقاف بالعمرانية بمحافظة الجيزة بانتحال صفة مأذون وقام بتزويج عدد من البنات القاصرات بقرية المعركة وسط استياء شديد من الأهالى، على الرغم من ضبطه قبل عيد الأضحى بيومين متلبسا وجلوسه فى جلسة عرفية لمنع نزوله لقرى مركز بدر مرة أخرى لإتمام زيجات القاصرات، إلا أنه عاد مرة أخرى لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
تعود أحداث الواقعة بعد تلقى اللواء علاء الدين شوقى، مدير أمن البحيرة إخطارا من اللواء محمد خريصة مدير إدارة البحث الجنائى، يفيد بقيام العميد خالد غانم رئيس فرع البحث الجنائى بمركز بدر، والنقيب هشام أبوالسعود رئيس نقطة التحدى وقوة مرافقة لهما بضبط محمود إبراهيم محمود، إمام وخطيب بمسجد الرحمن، حيث وردت معلومات لضباط مباحث مركز شرطة بدر بناء على بلاغ من الشيخ عبدالمنعم عبدالجواد عزب، مأذون قرية النجاح بشأن قيام أحد الأشخاص بممارسة أعمال مأذون شرعى وعقد قران فتيات لم يبلغن السن القانونية بناحية قرية النجاح دائرة المركز فى غير اختصاصه والتوافد بشكل مستمر على القرية لإبرام صفقات الزواج غير القانونى مقابل مبالغ مالية طائلة، واستغلال حالة الأمية المتفشية فى هذه المناطق النائية وعدم اكتراثهم بزواج القاصرات.
وبتقنين الإجراءات، واستئذان نيابة جنوب دمنهور تم ضبط المتهم وبحوزته 84 عقد زواج، (77 عقدا رسميا مدونًا بها بيانات، وعقدا زواج رسمى بدون بيانات، و3 عقود زواج لقاصرات «لم يبلغن السن القانونية»، وعقدا زواج عرفى)
وبمواجهته اعترف بقيامه بالعمل لحساب «السعيد. م . أ» مأذون شرعى بالحلمية الجديدة القاهرة، وتواجده بقرية النجاح دائرة المركز لعقد قران راغبى الزواج من القُصر نظير تلقيه مبالغ مالية وتقاسمها مع الأخير، وتحرير المحضر رقم 4899 إدارى مركز بدر 2016.
وتبين أن المتهم حاصل على ليسانس لغة عربية من جامعة الأزهر دفعة 2005، ويعمل إماما وخطيبًا بمسجد الجهينى بالعمرانية بمحافظة الجيزة، ويعطى دروسا فى «التفسير، الأخلاق، السيرة» لكبار الشيوخ بمنطقة العمرانية، ويعمل أيضا معاونًا لـ 6 مآذين بمناطق «القاهرة، السبتية، ساقية مكى، العمرانية، السابعين بالسيدة زينب، الحلمية الجديدة»، ويتقاضى فى العقد 200 جنيه من كل مأذون يعمل معه.
فيما كشفت تحقيقات الشرطة بقرية النجاح أنه تم ضبط المتهم بأحد المنازل بالقرية استعدادا لإتمام زواج إحدى القاصرات، وأنه يتردد دائما بقرى «المعركة، الكفاح، النجاح» لإتمام زواج القاصرات، حيث ضبطت بحوزته حقيبة سوداء بها «شهادات زواج، وطلاق فارغة بأرقام تسلسل مختلفة، 3 فرد جوانتى طبى مطموسة بالحب، مبلغ 550 جنيهًا، و2 بطاقة شخصية». واعترف المتهم فى التحقيقات بقيامه بانتحال صفة مأذون شرعى لعقد قران الشباب والفتيات مقابل مبالغ مالية، وأنه تردد على قرية النجاح والقرى المجاورة أكثر من مرة. واعترف بقيامه بتزويج اثنتين من الفتيات القاصرات مقابل مبالغ مالية منذ فترة، كما كشفت تحقيقات الشرطة اعتراف المتهم بحيازته لوثائق إشهار زواج وطلاق تم ضبطها بحوزته، وأكد أنها تخص بعض الأشخاص قام بعقد قرانهم وأنه يحصل على هذه الوثائق من بعض المآذين مقابل مبلغ مالى متفق عليه فيما بينهم، وأنه يوهم الأهالى بأنه يعمل مأذونًا شرعيًا من خلال تلك الوثائق التى يحملها، كما ضبطت رجال الشرطة معه 2 عقد زواج لفتيات قاصرات من مواليد 2000، 2001 الوثيقة الأولى لإتمام زواج «ندا. م. ا» تحمل أرقام 765329 ووثيقة زواج أخرى للقاصر «زينب. ع. م» تحمل أرقام 753792، و2 استمارة فارغة، كما كشفت تحريات المباحث حصول المتهم على مبلغ يترواح ما بين 1800 إلى 2200 جنيه فى عقد زواج القاصر.
ومن جانبه أكد الشيخ عبدالمنعم عبدالجواد العزب، مأذون قرية النجاح والمبلغ عن الواقعة أن المتهم قام بانتحال صفة مأذون شرعى، وقم بتزويج عدة قاصرات بسن 15، 16 سنة بقرية المعركة وغيرها بطرق غير شرعية نظير 2000 جنيه فى العقد مستغلا الأسر الفقيرة والأميين ومحدودى الدخل، وأن المتهم سبق أن قام بدور الزوج المحلل وتزوج وطلق بعدها بشهر وتم ضبطه بأحد المنازل يوم 10 من شهر سبتمر الماضى أثناء قيامه بإتمام زواج إحدى القاصرات، مشيرا إلى قيام المتهم بالعمل مع 6 مآذين وحصل منهم على 10 دفاتر من كل منهم بكل دفتر 15 قسيمة أى أنه يتمم 900 حالة زواج للقاصرات من خلال العمل مع المآذين الذين يعمل معهم.
وأشار السيد حمدى زكى، مأذون قرية المعركة إلى أن المتهم يشارك 6 مآذين فى تكوين مافيا لزواج القاصرات، وعمل سمسارا لهم مقابل عمولة على كل عقد زواج للقاصرات اللاتى بلغن سن 15، 16 سنة، مضيفا أنه رفض إتمام إحدى زيجات الفتيات القصر تبلغ من العمر 15 سنة يوم 10 من شهر سبتمبر الماضى وقام المتهم بإتمام هذا الزواج بمخالفة القوانين مقابل 1800 جنيه.
وقال محمد مأمون، مأذون قرية الكفاح: إن سبب الاتجاه لزواج القاصرات يرجع للفقر والأمية لتخفيف العبء عن كاهل الأهالى، مشيرا إلى أن هناك أسرة قامت بتزويج إحدى بناتها زواجا عرفيا وزوجها توفى وهى حامل دون توثيق العقد ورفض والده الاعتراف بالزواج العرفى ولا بالطفل، مما تسبب فى لجوء الأهالى إلى زواج القاصرات بتوثيق رسمى عن طريق دفتر سليم ومأذون شرعى مقابل عمولة للسمسار الذى يعمل مع المأذون ويقوم بضرب الأختام حتى تظهر أنها عقود زواج رسمية يتم بها إثبات الأطفال فى وحدات الصحة وبعد الوصول للسن القانونية يتم تصديق هذه الزيجات.
وأكدت مصادر أخرى أن جميع الأسر التى بها عدد أفراد كثيرة تتراوح ما بين 6 و7 أولاد يقومون بتزويج بناتهم القاصرات للتخلص من عبئهن، وأن هناك أسرًا أولادهم يعملون بجنى الثمار من المزارع يقومون بتزويجهم من فتيات قاصرات لتشغيلهن بذات المهنة للحصول على أجر يومى لكل منهم 100 جنيه حتى تقدر الأسرة أن تعيش فى وسط الظروف الاقتصادية الصعبة.
وكشفت بعض المصادر عن فاجعة كبرى، أنه يوجد فى مصر أكثر من 4 آلاف شخص ينتحلون صفة مأذون ويزوّرون شهادات الزواج، كما أن دفاتر الزواج تباع فى الجيزة بـ3 آلاف جنيه لمن يريد أن يشترى وينصب على الغلابة.