الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لحمة العيد طحالب بحرية

لحمة العيد طحالب بحرية
لحمة العيد طحالب بحرية


280 مليون طن من اللحوم و700 مليون طن من اللبن و102 مليار بيضة استهلكها العالم عام 2008، طبقا لإحصائية منظمة الأغذية والزراعة «الفاو».
تشهد أسواق الماشية والأغنام هذه الأيام حراكا كبيرا، مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، عاما بعد عام ترتفع أسعار اللحوم بصورة فلكية، وتثبت أنها ليست الغذاء المثالى لكثير من الناس لما تحتويه من كوليسترول ودهون وخلافه! وقد وصل سعر أضحية خروف العيد لما بين 1500 و3000 جنيه، تختلف أسعار العجول حسب الوزن من 7000 إلى 12000، وربما تزيد، والماعز من 1200 إلى 1800 جنيه حسب الوزن.

هذا الغلاء جعل الكثير من الناس يقومون بالاشتراك فى أضحية واحدة وجعل البعض الآخر يفكر فى بدائل غير تقليدية، فبعيدا عن فول الصويا الذى أثبت العلماء احتواءه على كثير من الهرمونات الأنثوية وخطره على صحة الرجال، ثبت أن تناول الطحالب البحرية بديل آمن واقتصادى وثمين جدا فى قيمته الغذائية عن اللحوم الحمراء والخراف السمينة!
وتقول أحدث تقارير الأمم المتحدة إنه بحلول عام 2050 سيحتاج العالم لأكثر من ضعف إنتاجه من اللحوم، وهى زيادة تبدو فى مجملها كارثة بيئية، لذلك كان الاتجاه إلى المعامل لحل المشكلة. أكد العلماء أن الطحالب البحرية تعد بديلا صحيا ومتوازنا للبروتينات الحيوانية وقليلة السعرات لمشتقات الحليب، حيث يمكن طبخها بوصفات مالحة أو حلوة.
يبدو مجرد التفكير فى الأعشاب البحرية كمسمى لأحد الأطباق التى يمكن أن تقدم كوجبة طعام على المائدة، فكرة غير إيجابية على الإطلاق، فمن المعروف أن معظم الأعشاب البحرية عبارة عن غذاء ينمو بين صخور الشاطئ، لكن الأسباب التى تدفعك إلى الأعشاب البحرية أن تناولها يعود بالكثير من الفوائد التى يحتاجها الجسم، التى يتجاهلها العديد من الناس، فقط كونهم لا يتقبلون فكرة تقديم طبق بحرى كمكون رئيسى بديلا عن اللحوم.
تعرف طحالب «الأسبيرولينا» باسم الغذاء السوبر، وهى من أكثر أنواع المكملات الغذائية فى العالم الحديث التى تعزز قدرة الجسم على التحمل وتمنحه القوة على مجابهة العوامل الممرضة لعناصرها المتكاملة فائقة الجودة.
فى الولايات المتحدة الأمريكية تستخدمه وكالة ناسا كغذاء لرواد الفضاء، وتم التخطيط لاستزراعه فى المريخ وفى المحطات الفضائية فى المستقبل القريب، وسجل العلماء فى اليابان بعض الأمثلة الجيدة لكبار السن الذين اعتمدوا فقط على «الأسبيرولينا» والماء لأكثر من 20 سنة ولم يعانوا قط من أى أمراض.
«الأسبيرولينا» نوع من الطحالب الزرقاء - الخضراء، التى تمتص أشعة الشمس لتقوم خلاياها بإنتاج العناصر الغذائية، وتحويل ثانى أكسيد الكربون إلى أكسجين، وبذلك فهى واحدة من أقدم الأطعمة على كوكبنا المائى، وتعد غذاء قلويا يحافظ على PH الجسم فى حالة توازن مثالية حول 702- 704، مما يبعد عنه شبح الأمراض التى تنشط، كلما ازدادت حمضية الجسم بتناول اللحوم والأطعمة البحرية والحبوب، وتنتهى أو تتقلص كلما توازن الجسم أو ازدادت قلويته بتناول الفواكه «عدا الحمضيات» والخضروات والطحالب.
وتحتوى «الأسبيرولينا» على أكثر من 100 عنصر غذائى متوازن يجعلها توصف بأنها أكثر مصادر التغذية العضوية الكلية الكاملة، وتتميز بأن لها نسبة قابلية هضم تبلغ 95 % مقارنة بأغلب الأطعمة التى لا تتعدى 15 %، وتحتوى على نسبة عالية جدا من الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية «البروتين».
تحتوى الأعشاب البحرية على المواد الغذائية التى يحتاجها الجسم ومكون غذائى يمكن الاعتماد عليه تعادل ما تقدمه خمسة أنواع متنوعة من الخضار والفواكه، فالجرام الواحد من الأعشاب البحرية يحتوى على كمية كافية من اليود الذى يحتاجه الجسم فى الحفاظ على صحة وسلامة عمل الغدة الدرقية بشكل جيد، وحرق الدهون بشكل أسرع، فهى مصدر مهم جدا بالفيتامين A وB12، وغنية بعنصر الحديد الذى يمد الجسم بالطاقة والنشاط ويعمل على تحسين تدفق الدم فى الجسم، وتعزز عملية نمو العظام بشكل صحي، وبناء بنية أسنان قوية، إضافة لدعم وظائف الجهاز العصبى.
الأعشاب البحرية مفيدة لصحة القلب والدماغ، فقد أجريت فى الآونة الأخيرة بعض الدراسات الطبية على اليابانيين أظهرت أنهم الأقل عالميا فى أمراض القلب.
السبب فى ذلك حرص الشعب اليابانى على تناول الأعشاب البحرية خاصة الأكامى الذى يعد أحد الأنواع الشائع استعمالها فى المطبخ الياباني، ويحد من مخاطر الإصابة بارتفاع نسبة ضغط الدم فى الجسم، بالتالى يقلل من خطر التعرض لسكتة دماغية أو أى من الأمراض المرتبطة بعضلة القلب.
جرعة 5 جرامات يوميا من «مسحوق الطحالب» يساعد على تحسين قدرة جهاز المناعة بسبب «الكلوروفيل» و«البيتاكاروتين» و«زاثوفيل» و«فايكوكيانين» التى تحفز نظام المناعة بدرجة كبيرة، وتحسن قدرة الجسم على إنتاج خلايا الدم الجديدة، وتزيد من تكاثر خلايا النخاع، خلايا بي، وتي، وتنشط إنتاج الأجسام المضادة والكيتوكينات، مما يشكل حماية أفضل ضد غزو الجراثيم للجسم، وتزيد من كفاءة الأعضاء الحيوية، مثل: الطحال، والغدة التيموسية، والكبد والعقد الليمفاوية واللوز ونخاع العظام.
فى بلدان جنوب شرق آسيا يستعملون الطحالب النيئة أو المطبوخة لتحضير وصفات مضادة للسرطان نظرا لمزاياها الغذائية المدهشة، وبفضل غناها بالألياف تعزز عملية تفريغ الأمعاء وتعطى شعورا بالشبع وتستعمل فى حميات التنحيف وتساهم فى تخفيض معدلات الكوليسترول وضغط الدم.
نسبة السعرات الحرارية فى الطحالب ضئيلة، فهى تحتوى على أملاح معدنية وعناصر زهيدة وألياف «تصل نسبتها إلى 87% فى الطحالب السمراء» وبروتينات، ولاسيما السيرولينا، حتى إن بعض الأصناف يحتوى على نسبة تفوق الموجودة فى البيض، وفيها أيضا كمية فيتامينات وكالسيوم أكثر من الحليب وتعتبر الطحالب «خضروات بحرية» حقيقية وتتراوح كمية الماء فيها بين 70 و90 %، وهى نسبة أقل من تلك الموجودة فى الخضروات العادية.
من بين 20 ألف صنف من الطحالب يمكن استهلاك خمسين فقط تزرع أو تقطف فى البحر، وبحسب نوعها يشبه مذاقها طعم اليود أو الفطر أو الكراميل أو الأعشاب أو الصدف.. يمكن توزيع الطحالب فوق السلطات أو حول السمك أو تحضيرها على شكل صلصة أو تناولها مع رقائق البطاطس.
ومن أنواع الطحالب الشهيرة خس البحر وهو مثالى للسلطات، فوق البحر ويمكن تناوله باردا مع السلطة أو مقليا مع السمك، نبات كنافة البحر، يمكن طبخه فى جميع أنواع الخلطات «عجة، سمك، حساء..» السبيرولينا: يمكن إضافتها إلى بعض خلطات المكرونة، لكنها تستعمل على شكل كبسولات.
يمكن استكشاف وصفات متعددة لطبخ الطحالب النيئة أو المطبوخة مع جميع أنواع الصلصات. بدأ عدد كبير من رؤساء الطهاة اللامعين يضيفون الطحالب إلى أطباقهم.
وتمول وزارة الزراعة الهولندية برنامجا لإنتاج الطحالب بتكلفة 105 ملايين يورو.
ويمكن على نطاق واسع إنتاج الطحالب، وبالتالى تشكل بديلا جيدا للحوم، حيث أصبحت مسألة إنتاج اللحوم على الصعيد العالمى تجرى تحت ضغوط بسبب آثارها الشائنة بشأن تغير المناخ والإفراط فى استخدام الأراضى وتصل نسبة البروتين إلى 60% فى الطحالب وبذلك يمكن أن تحل محل البروتين الحيواني.
من ناحية أخرى يحاول العلماء إنتاج اللحوم فى المعامل فى محاولة لإنقاذ الأرض من التلوث ومواكبة زيادة الطلب من آكلى اللحوم. إن فكرة إنتاج اللحوم بعيدا عن المزارع ليست بالشيء الجديد، فقد روج لها السياسى البريطانى ونستون تشيرشل قبل أكثر من 70 عاما فى مقال تنبأ فيه عن مستقبل تصنيع الأغذية فى العالم، وقال عام 1932: بعد 50 عاما سيكون بمقدورنا التخلص من عملية إنتاج دجاجة كاملة من أجل استهلاك صدرها أو جناحها، وذلك من خلال إنتاج الجزء الذى نحتاجه من الدجاجة فقط، لقد تحققت رؤية تشيرشل، لكن توقعاته أخطأت بفارق عقدين من الزمن، حيث تنوى المعامل العلمية زراعة اللحوم فى المعامل، متوقعة بذلك أن تضع حدا للعديد من المشكلات مثل المجاعة والبيئة فى حين قد تختفى مهنة الجزارين مستقبلا.
ونشر باحثون فى مجلة علمية متخصصة فى تكنولوجيا الأحياء التقنية الجديدة المستعملة، التى ستحل من وجهة نظرهم مشكلة المجاعة، إذ يقول هؤلاء إن قطع اللحم ستتم تربيتها بسهولة فى المختبرات بعيدا عن المزارع، ويستعمل هؤلاء تقنية متقدمة جدا فى «هندسة الأنسجة»، إذ تتم مضاعفة الخلايا الأحادية، لتكون نسيجا كاملا وتطبيق ذلك فى عملية إنتاج الأغذية على مستوى صناعى أوسع.