الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وكيل «الدراسات الإسلامية»: نعـم.. الأزهـر سلفـى

وكيل «الدراسات الإسلامية»: نعـم..  الأزهـر سلفـى
وكيل «الدراسات الإسلامية»: نعـم.. الأزهـر سلفـى


دائمًا ما توجه للأزهر اتهامات بأنه «مفرخة للإرهابيين»، وهناك رأى شائع بأن المشيخة تتصدى لدعوة تجديد الخطاب الدينى، نظرًا لجمود علمائها واعتمادهم على فتاوى من أمهات الكتب التى تعود إلى مئات السنين، بما يجعلها لا تناسب العصر الراهن.
ويقال فى الهجوم على الأزهر الشريف إن التجديد المرغوب فيه للخطاب الدينى يقتصر على القشور الخارجية وتغيير الأساليب الإنشائية البلاغية.
هذه التهم هى مفتاح الحوار مع الدكتور عوض إسماعيل عبدالله، وكيل كلية الدراسات الإسلامية بالأزهر الشريف الذى لم يضع قيودًا على الحوار، ولم يطلب عدم التطرق إلى أى شأن باستثناء الشأن السياسى الذى أصر على عدم الخوض فيه بذريعة أن «السياسة مش شغله».

يواجه الدين الحنيف حاليًا تهم الإرهاب الذى يضرب البلاد، والإلحاد الذى يسيطر على قطاع كبير من الشباب، والخطاب الدينى أصبح خطاباً إنشائيًا عشوائيًا لا يحل قضايا ولا يجيد التعامل مع متطلبات العصر الحديث، وأصبحت النصوص الدينية عبارة عن مسكنات تعطى لمن فى حالة فوران من الواقع الأليم.
 هناك أقاويل متناثرة بأن الأزهر لا يرغب فى تجديد الخطاب الدينى خصوصًا بعدما مر عامان دون أن يصدر وثيقة فى هذا الشأن؟
- من الوضح أن البعض استوعب موضوع تجديد الخطاب الدينى استيعابًا خاطئًا، فظن البعض أن التجديد يعنى تغيير بعض الأحكام الشرعية القطعية، وهذا طبعًا لن يحدث، فالأحكام الشرعية ثابتة، وليست قابلة للتبدل أو التغيير والإضافة والحذف.. هذا الفهم بعيد عن فهم الأزهر لقضية التجديد.
 فما المقصود إذن بتجديد الخطاب الدينى؟
- هو تطوير أسلوب الخطاب الدينى، بما يتناسب مع وسائل العصر والتكنولوجيا والإعلام.
لا بد أن نغير من طريقة الخطاب بحيث تناسب العصر، وبما يتوافق مع عقل الشباب، فالخطاب الدينى يتجدد حسب وقائع الحال والظروف، ولن نذهب بالمثال بعيدًا، فلو نظرنا للقرآن سنجد أن الخطاب الدينى فى مكة كان ينادى العامة بـ«يا أيها الناس» وكان يركز على الدعوة والتوحيد، وليس هناك تشريع واحد فى العهد المكى الذى استمر لمدة ثلاث عشرة سنة سوى فريضة الصلاة، أما لو نظرنا للقرآن فى المدينة المنورة فسنعرف أن الخطاب الدينى اختلف لاختلاف المكان والظروف.
هذا يعنى أن القرآن بذاته، وهو الثابت الأوحد، يقدم لنا الأمثال، فالتجديد ليس ممنوعًا، وليس محرمًا، ونحن لا نخاف «العصرنة».
 هل يدخل ضمن تجديد الخطاب الدينى تغيير أحكام شرعية كجلد الزانى وشارب الخمر؟
- إطلاقًا، لا يستطيع أحد أن يقترب من الثوابت، الحدود لا يمكن المساس بها.
 ما المقصود بالثوابت الدينية حتى نفرق بينها وبين ما يجوز التجديد فيه؟
- ثوابت الدين، هى الأحكام الثابتة بالقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فلا يستطيع أحد أن ينكر آية واحدة من القرآن الكريم، لأنه فى هذه الحالة يكون قد اقترب من خط أحمر وهو خط عقدى.
العلماء جميعهم من المتقدمين والمتأخرين، يحكمون بالكفر على من ينفى ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
 لكن مبدأ هذا معلوم من الدين بالضرورة «مطاط».
- ليس مطاطًا، والمقصود به هو ما جاء فى القرآن الكريم وقررته السنة النبوية، وما فعله الصحب الكرام، وهو أمر لا يستطيع أحد أن يناقش فيه أو يجادل، وهذا بسبب أنه دليل قطعى ثبت به هذا الحكم المعلوم من الدين بالضرورة.
 هناك من يقول إن العلماء أسسوا دينًا موازيًا؟
- كبرت كلمة تخرج من أفواههم.. ما كان لفقيه أن يأتى بحكم شرعى من نفسه، فالله عز وجل يقول للنبى وهو أشرف رتبة من أى أحد: «ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين».. وأيضًا هناك نص قرآنى آخر يقول: «قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت  بقرآن غير هذا أو بدله»، ليرد عليهم القرآن الكريم نيابة عن النبى: «قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى».
 البعض يصف الأزهر بأنه سلفى بسبب عدم الاستجابة لدواعى التجديد؟
- إن كانت هذه تهمة فمرحبًا بها وأهلاً، وهؤلاء لا يفهمون معنى كلمة سلفى، فالسلفى هو من يتبع المنهج النبوى الشريف، ويتحسس أفعال الصحابة الكرام والسلف الصالح، ليست تهمة أن أومن بكلام النبى وأتبعه.. وإذا كان الأزهر غير سلفى بمعنى الكلمة الحقيقى فمن السلفى إذن؟.. لكن هنا لا بد أن نشير إلى أن هذه الكلمة تشوه معناها فى هذا الوقت الذى نحياه.
 هل توافق على فكرة وجود جماعات إسلامية بجانب الأزهر؟
- هنا لى رأى خاص بى، وهو أن الأزهرى الحق يكره كل مسمى غير ما ورد فى الآية القرآنية: «أإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون»، فأى مسمى آخر لجماعة أو فئة نكرهه ونرفضه، لأنه تشتت لمعنى كلمة أمة، فعباءتنا نحن الأزهريين جامعة مانعة لكل هذه المسميات والفئات، ونحن على وجه العموم نرفض تشرذم الأمة إلى  فئات وجماعات تحت رايات مختلفة ولا تحقق المبدأ القرآنى للوحدة.
 لماذا لا يعادى الأزهرى الجماعات الإسلامية والسلفية؟
- نحن مؤمنون أنه لن يستطيع أحد أن يغير الخطاب الأزهرى، أو أن يأتى بخطاب من عنده ليحل محله، وكل كلام الجماعات الإسلامية مردود عليه عشرات المرات، وهم لا يجدون إلا التشكيك فى القيادات الأزهرية، ولو كانوا يتبعون مذهب الإمام أحمد بن حنبل كما يقولون، لتخلوا عما هم فيه، واتبعوا الأزهر.
فى النهاية.. الأزهر لا يحتاج أحدًا لأن يدافع عنه، فكل الناس رأت منهاج الجماعات الإسلامية ومنهج الأزهر، فهل يستوى الطرفان؟.. أعتقد بكل تأكيد أن الإجابة لا، وسيظل الأزهر «عمود الخيمة» ليس لمصر فقط، ولكن للعالم الإسلامى بأسره.
 ما ردك على من يقول إن الأزهر يخرّج إرهابيين؟
- هؤلاء يتشدقون بما لا يعرفون، وأقول لهم نحن تعلمنا فى الأزهر الشريف، الرأى والرأى الآخر، ليس فقط فى الفقه بل فى العقيدة أيضًا، فليس معنى وجود رأى شاذ لفقيه أن تكون الشريعة التى يدرسها الأزهر شاذة، بل إن ذلك يعتبر من باب الأمانة العلمية فى نقل العلم، وعدم حذف أى شيء منه، لكن السؤال المهم الآن: هل يعتمد الأزهر هذه الآراء فى فتواه؟.. بالطبع لا، لكن من باب أمانة علمائه تم إثباتها فى كتب التراث، فهناك فرق بين المنقول وبين المعتمد للفتوى.
 لكن هناك آراء لا يمكن تدريسها فضلا عن اعتمادها كفتوى، مثل أكل لحم الأسير؟
- درست ابتدائيًا وإعداديًا وثانويًا وجامعيا وما بعد الجامعة فى الأزهر، ولم أجد مثل هذه الآراء، وأنا هنا لا أنفيها فقد تكون موجودة كرأى لعالم قال به فى فترة معينة، لكن هل نترك كل كتب التراث التى تتجاوز الألف كتاب من أجل هذا الرأي؟.. إن الحكم يؤخذ بالكثير الغالب وليس بالقليل النادر.
 قضية فصل الدين عن السياسة لم تحسم بعد.. هل أنت معها؟ 
- الدين ضابط لكل شيء، فالله عز وجل يقول: «قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين»، وكان شيوخنا يقولون عبارة إن السياسة «لها متطلباتها ورجالها وأساليبها»، وبخاصة فى هذه الأزمان، حيث تحتاج درجة من المداهنة واللؤم لا مجال فيها لعالم الدين.
نحن لسنا دعاة سياسة ولن نكون بإذن الله تعالى.
 من التهم الموجهة للأزهر أنه ترك الشباب للجماعات الإسلامية.. ما قولك؟
- لا، لم يترك الأزهر الشباب للجماعات الإسلامية.. وللأزهر قوافل دعوية تجوب القرى والنجوع، ولعل اللقاء الأخير الذى جمع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والرئيس عبدالفتاح السيسى، ألقى الكرة فى ملعب الأزهر بخصوص الدعوة، وأن الدعوة من مسئولية الأزهر ليس فى مصر فقط، بل فى العالم كله، وأنا عندى الدعوة التطبيقية العملية أهم مائة مرة من الدعوة النظرية التى توجد فى بطن أمهات الكتب، فلا يجب أن ننظر لمفهوم الدعوة فى الجوانب الكلامية، فمهمة المسلم بشكل عام أن يدعو إلى الله تعالى.. فكل منا مطالب بالدعوة.. فالله عز وجل يقول: «قل هذه سبيلى أدعو  إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى»، فينبغى أن يرى الناس فيك الإنسان المسلم فى سلوكك وأخلاقك وورعك، فيجب عليك أن يرى الناس فيك الإسلام، لكن مهمة الدعوة القولية هذه يلتزم بها العلماء التى قال الله فيهم: «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم».
 يقال إن قناة الأزهر التى أعلنت المشيخة عنها لن ترى النور؟
- والله ما سمعته من رجال فى المشيخة أنه يعد لها إعدادًا مناسبًا حتى تخرج للنور كما ينبغى، بحيث لا يستطيع الناس أن يتركوها لغيرها.
 لماذا لا يؤسس الأزهر مشروعا فكريا يجمع وزارة الشباب والرياضة والأوقاف والثقافة معًا؟
- نحن نعمل فى مثل هذا المشروع، وهو تحرك لا يلقى الإعلام عليه النور، والمشيخة علمت مشروعًا تعليميًا بالرواق الأزهرى بالجامع الأزهر بالدرّاسة، والقائم عليه مستشار شيخ الأزهر، الدكتور محمد مهنا، وهو عبارة عن دراسات حرة فى التفسير والحديث والنحو والصرف والبلاغة والأدب والفقه، ويحضر فيه رجال ونساء ويتم التدريس به على أيدى أساتذة جامعة الأزهر، ويحاضر به عمداء ووكلاء الجامعة، حتى رئيس الجامعة يدرّس فيه.
 فى الفترة الأخيرة تراجع مستوى الداعية الثقافى، ما علاج هذه الآفة؟
- تنبّه الأزهر لهذه الآفة التى أصابت بعض الدعاة، لذلك اتفق مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء مؤخرًا على إنشاء أكاديمية لتدريب وتأهيل الدعاة للدعوة وصقل معرفتهم الشرعية والفكرية فى جوانب عديدة، وتدريبهم على طرق الدعوة الناجحة والأساليب اللينة المقبولة.
 لماذا لا نوحد الفتوى فى الحكم الواحد، فالمسلم يرى أكثر من حكم شرعى لمسألة واحدة؟
- «بُحّ» صوتنا فى هذه المسألة، ونأمل من أولى الأمر أن ينتبهوا لهذه المشكلة، حتى لا يقع الناس فى حرج خصوصا فى الأمور التى تمس حياتهم المعيشية.