الخميس 3 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«الجماع» بأمر «مولانا الحاخام»

«الجماع» بأمر «مولانا الحاخام»
«الجماع» بأمر «مولانا الحاخام»


«الحمد لله الذى لم يخلقنى امرأة»، تلك دعوة اليهود فى صلاة الصباح اليومية.
تعانى نساء اليهود من تشدد جماعة «حريديم» التى يعتقد أتباعها، أن المرأه مجرد آلة لخدمة الرجل، ومتعته الغريزية، ولا يسمحون لهن بتعلم التوراة والتلمود.
المرأة مخلوق نجس، مساو للكلب، والخنزير، مثلما علمهم الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين فى إسرائيل سابقاً «يوسف عوفيديا»: «يجب أن يحرص الرجل على ألا يسير بين امرأتين، أو كلبين، أو خنزيرين».
 
 و«حريديم» هى جماعة منبثقة عن الأرثوذوكس اليهود، لكنها متطرفة أكثر، تتمسك بأصول الشريعة اليهودية، وأدق تفاصيلها، ويطبقونها فى حياتهم اليومية.
ويبلغ عدد أتباع هذه الجماعة  حسب التقارير الإسرائيلية 950 ألف نسمة، كما يتمركز البعض فى دول أخرى مثل «الولايات المتحدة وبريطانيا وبلجيكا».
وأثار انتحار امرأة حريدية الأسبوع الماضي، نتيجة لمعاناتها من تلك القوانين، ضجة كبرى أشعلت الصحف، والرأى العام الإسرائيلي، خاصة بعدما تركت وراءها مذكرات لحياتها المؤلمة وسط المتطرفين.
«إيستى فاينشتاين» المرأة المنتحرة قالت فى مذكراتها: كنت ضمن جماعة «حسيدوت غور»، وهى أشد الجماعات تطرفاً فى مجتمع الحريديم... ومن قوانين تلك الجماعة التى تنقل شفاهيةً، ولا تكتب: يحظر على الزوج مناداة الزوجة باسمها، والامتناع عن تناول شيء من يديها، وأن العلاقات السريرية لا تتم إلا بعد تحديد المواعيد من قبل الحاخامات، وليس لرغبة الزوجين، كما أن الزوج لا ينام مع زوجته بنفس الفراش، ولا تتم رؤية كليهما معاً فى الشارع.
وتذكر صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تفاصيل حياة فاينشتاين: «تزوجت بعد أن التقت بزوجها مرة واحدة، الذى لم ينادها باسمها أبداً، بل مجرد كلمات مثل  «تعالى هنا، أخبريني».
وعندما طلبت منه إقامة علاقة أكثر من الوتيرة المسموحة فى «قوانين حريديم» وهى مرتان فى الشهر، ذهب زوجها لاستشارة الحاخام فرفض، واذا استمرت فى طلبها فسوف يترك البيت، ويذهب للمعبد ينام فيه.
وبعد سنين قررت أن تترك هذا العالم المنغلق، ووصفت حينها شعورها، بأنها كانت ممزقة بين حرية نفسها، وألم فراق بناتها، التى منعتها عائلتها عنهن.
وسبقت فاينشتاين، على طريق الانتحار فتاة تدعى «فايجى ماير» تبلغ من العمر ثلاثين عاماً، بسبب الحياة القاسية، والمتشددة أيضاً، ومعاناتها لعدم وجود أصدقاء لها، سوى الثلاث فتيات اللاتى تربين فى بيئة حريدية، مما جعلها تلقى بنفسها من فوق مبنى عال.
كانت قد كتبت رسالة قبل انتحارها، إلى صديقها «يانجبو دو»: تشريعات اليهودية «هراء»، مثل: احترام يوم السبت، وحصر الطعام على «الكوشر» فقط، وعلى عدم تعليمهم كل التعاليم الدنيوية.. أشعر أن اليهودية الحريدية ليست موجودة على الإطلاق»، غير عادل أن نعيش بتلك الطريقة، إن أكثر متعة نحصل عليها فى الحياة هو التلوين بالطباشير».
كما اشتكت من حظر الإنترنت عليهن، والقيود الأخرى المماثلة المفروضة على أعضاء الجماعات اليهودية، مثل الانعزال عن الأغيار «غير اليهود»، مؤكدة أن اليهود المتشددين، لو استخدموا عقلهم، وفكروا ولو قليلاً، سيكونون بذلك كفارا.
ووفقاً لجريدة «نيويورك بوست»، فإن «فايجي» عانت قبيل انتحارها من الهوس، والاكتئاب خاصة بعد أن تبرأ والداها منها، وقطعا كل الصلات بينهما وبينها، لأنها تركت حياة الحريديم.
وعلقت الجريدة أن قصة فايجى ليست شاذة عن القاعدة،  فالكثيرات يعانين.
 وتعد حادثتا الانتحار دليلا على حجم الضغوط فى حياة اليهوديات  «الحريديم»، ومؤخرًا أفتى الحاخام «شلومو افينر»، بأن قضية احتشام النساء فى المجتمع أصبحت كارثية، لأن النساء يلبسن ملابس ضيقة تثير الاشمئزاز.
وترصد الحكومة الصهيونية أن هناك نموا للتشدد الدينى فى المجتمع، إلى درجة ازدياد الفصل بين الرجال والنساء فى الأماكن العامة، حيث تتواجد لافتات مرسوم عليها سهمان، سهم يشير إلى اتجاه يجب أن يسلكه الرجال، وآخر يشير إلى اتجاه النساء.
وتعتبر آخر الحوادث المتشددة التى تعانى منها الفتيات اليهوديات فى إسرائيل عندما بصق أحد الرجال المتشددين على فتاة تسير فى الشارع.
وذكرت جريدة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن الشرطة قد ألقت القبض على «يوسف جبلي» رجل حريدى يبلغ من العمر 40 عاماً، بعد أن بصق على فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً، كانت تسير فى الشارع برفقة عائلتها لأنها ترتدى «بنطلون».
وهذا النوع من الحوادث شائع جداً بين الحريديم المتطرفين، فقد أشعلت طفلة عمرها 8 أعوام الرأى العام الإسرائيلي، بعدما بصق عليها متطرفون يهود أثناء سيرها للمدرسة، اعتراضاً على ملابسها التى اعتبروها غير محتشمة.
ولأن الضغط يولد الانفجار، فقد ارتفعت حالات الإلحاد فى المجتمع الإسرائيلي، ونشر موقع «المصدر» أنه نتيجة لزيادة نسبة العنوسة بين المتدينات، بسبب التشدد المفروض عليهن، إضافة إلى ظهور وسائل التواصل الاجتماعى المتنوعة مؤخراً، انتشرت ظاهرة جديدة مقلقة بين العازبات اليهوديات فى الثلاثينيات من العمر، وهى اكتشافهم مشاركات جريئة على «الفيس بوك» للحريديات اللائى يبحثن عن عرسان.
وأضاف الموقع أن هذا الموضوع يثير جدلاً واسعاً، وخوفاً كبيراً بين المتطرفين اليهود، خاصة أن العازبات يلح عليهن نداء الأمومة، فأصبحن يردن إنجاب أطفال خارج إطار الزواج.
ونشرت كاتبة عمرها 27 عاما تدعى «ديبورا فيلدمان» قصة هروبها للعلمانية بعد مأساتها مع عائلتها فى المجتمع اليهودى المتطرف: «لقد تربيت على أيدى أجدادى الناجين من محرقة الهولوكوست ووالدى كان مريضا عقلياً، وأمها طردت من المجتمع الحريدى لاتهامها بأنها مثلية».
وأضافت أنها تزوجت فى عمر السابعة عشرة، بالرغم من أنها غير مؤهلة لتلك الحياة الجديدة، التى أجبرتها عليها حياة الحريديم، كما أجبرت أيضاً على زوجها «ايلي»، الذى لم تتعرف عليه سوى فى ثلاثين دقيقة، واكتشفت حينها أنه يكبرها بثلاثة عشر عاماً، أى يبلغ 30 عاماً، وأكدت أنها تفاجأت عندما قال لها المعلم قبيل زواجها، بأنها سوف تمارس الجنس، فلم تكن تعرف معلومة واحدة عن الأمر، مما أصابها بصدمة وقتها.
وأوضحت أنها لم تكمل هذا الزواج لأكثر من عام، بسبب تعرضها للاغتصاب من قبل زوجها، مما أمرضها، قائلة: «كان هذا العام هو الأكثر إهانة طوال حياتي، شعرت أننى فقدت روحي».
وكتبت فيلدمان فى مذكراتها عن هروبها من هذا المجتمع كاره النساء، والمنعزل، بأن زوجها لا يفكر فى احتياجات نفسه، بل ينفذ فقط ما يقوله الحاخام، دون تفكير.
وتقول: تسللت خارج المنزل للحصول على منحة دراسية، وكنت أخفى الكتب تحت سريرى خوفاً من أن ينكشف أمري، وتركت زوجى فى عمر 23، وبدأت بالاعتماد على دعم أعضاء هيئة التدريس، وبعض الأصدقاء الذين التقيت بهم فى الكلية.
ومنذ وقتها وهى منبوذة من عائلتها الذين أرسلوا لها رسالة مليئة بالكراهية، والحقد، طالبين منها أن تنتحر، وأنهم قد حفروا لها قبراً. كما أنهم سوف يفرحون لبؤسها هذا.
أما بالنسبة لإحدى المتحولات جنسياً، التى تحولت من أنثى إلى رجل، فقد قالت إن هذا القرار جاء نتيجة للتفرقة الشاسعة بين الرجل والمرأة فى المجتمع الحريدي، بالإضافة إلى رغبتها فى تعلم اللغات، والتعاليم الدنيوية.
قالت المتحولة التى لم تذكر اسمها، أنها ولدت بنتًا فى عائلة حريدية، وكحال أى عائلة يهودية متطرفة، هناك فرق، وفصل واضح بين الرجال والنساء، خاصة فى الملابس.
وأضافت «فى سن الثانية عشرة بدأت أتعلم التوراة، وهو أمر محرم على الفتيات اليهوديات، وقصصت شعرى مثل الأولاد، الأمر الذى كان مثيراً للريبة، لم تكن تفهم السبب وراء هذا الشعور أيضاً، إلا أنها أدركت فيما بعد السبب .. ففى عمر السادسة عشرة بدأت تفكر فى التحول الجنسي.
وتقول: «تعرفت على كثير من النساء، ووجدت نفسى مثلية».
فى عمر الـ25 ، حصلت على درجة الماجستير فى علوم الكمبيوتر، وعملت بدوام جزئي، وارتدت ملابس رجال، وهنا كانت نقطة التحول بالنسبة لها، وبدأت تشعر ما يعنيه شعور بأن تكون رجلاً، وعندما رأت المتحولين جنسياً من نساء إلى رجال للمرة الأولى صدمت، وأصبحت مهتمة بالأمر، وبدأت التحقيق فيه، وقرأت عن ذلك كثيراً. لأن تغيير الجنس كان بالنسبة لها شيئا بعيد المنال: «لا أعرف ما إن كان يمكننى القيام بهذا».
وأوضحت أنها بعد أن تحولت جنسياً، بدأت فى شراء المزيد من الملابس الرجالية، وقطعت علاقتها مع ماضيها، قائلة: «لا أحد يستطيع أن يقول عنى أنى مثلية، بل إننى رجل».