الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أهلا بإسرائيل فى «تيران الحرة»

أهلا بإسرائيل فى «تيران الحرة»
أهلا بإسرائيل فى «تيران الحرة»


ليس سرًا أن العلاقات بين الدول العربية ودول الاحتلال الصهيونى «سمن على عسل»، فحتى الدول التى أطلقت على نفسها مسميات براقة على نحو «دول الممانعة» أو «محور المقاومة» لم تطلق رصاصة ضد الاحتلال، حتى حينما كانت طائرات جيشه تخترق مجالها الجوي.. فهناك دائمًا حق الرد فى الوقت والمكان المناسب.. وبالطبع كما يعرف الجميع فإن هذا الوقت لم يأت أبدًا.
«أنا أرفض الاقتراحات السرية والاجتماعات خلف الأبواب المغلقة، ليس لدى ما أواريه، ما أريد أن أقوله لا أتردد عن قوله مباشرة، لا شيء وراء الكواليس».

 هكذا قال الدبلوماسى السعودى المتقاعد «أنور عشقي» مدير مركز الشرق للدراسات الاستراتيجية والقانونية، فى حوار أجراه مؤخرًا مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية لدى زيارته قطر.
أهمية الحوار ترجع إلى أن «عشقي» يعتبر عراب تطبيع علاقات المملكة مع الكيان الصهيوني، وهو فضلا عن ذلك سفير الرياض لدى الولايات المتحدة سابقًا، ما يعنى بالضرورة أن تقاعده رسميًا لا يعنى اعتزاله السياسة، فهو رجل مقرب من دوائر صنع القرار، وأحد رجالات المطبخ السياسى فى العواصم الفاعلة: الرياض وتل أبيب وواشنطن، كما أنه المسئول السعودى الثانى بعد «الأمير تركى الفيصل» الرئيس السابق للمخابرات العسكرية، وسفير خادم الحرمين الشريفين فى «لندن»، الذى التقى مسئولين إسرائيليين «على الأقل علنيًا»، كما حدث حين تصافح «عشقي» مع المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية «دورى جولد» على هامش مؤتمر العلاقات الخارجية فى «واشنطن»، أمام الكاميرات.
فى الحوار المهم للغاية غازل «عشقي» رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بأن «المصالح المشتركة بين البلدين تجعل السلام حتميًا»، وعليهما أن يريا عدوهما المشترك «المتمثل فى إيران».
ولا تقتصر فوائد تبنى إسرائيل مبادرة السلام السعودية على تحالف البلدين ضد إيران، وتقليم أظافرها ورغباتها تصدير الثورة «الشيعية»، فوفقًا لـ«عشقي» فإن تل أبيب ستحصل على مكتسبات اقتصادية أيضًا، وقال: «إن اتفاقية ترسيم الحدود مع القاهرة منحت المملكة السيادة على جزيرتى تيران وصنافير، ونحن نخطط لبناء جسر «الملك سلمان» لربط  قارتى أفريقيا وآسيا، وسوف يستخدم لعبور الركاب، والمركبات والبضائع.
وأضاف «ستبنى على أرض تيران التى تبلغ مساحتها أكثر من 80 كيلومتراً مربعاً منطقة تجارة حرة، معفاة من الضرائب والرسوم، وإذا مضت اسرائيل فى تبنى خطة السلام العربية، ستدعوها السعودية إلى أن تستفيد تجاريًا من المنطقة التى سيكون لها عوائد اقتصادية ضخمة».
كما ستشجع المملكة الدول العربية على تسريع خطواتها نحو التطبيع الذى سينعكس إيجابًا «وفق عشقي» على علاقات تل أبيب مع القاهرة والعاصمة الأردنية عمّان.
الدبلوماسى السعودى الذى تخرج فى الكلية العسكرية فى «الرياض»، وحصل على درجة الماجستير فى الدراسات الاستراتيجية، وعلى شهادة الدكتوراه فى القانون من جامعة «جولدن جيت بريدج» فى ولاية «كاليفورنيا»، قال أيضًا: إن بناء الجسر سيستغرق خمس سنوات، لكن إسرائيل لن تنتظر كل هذا الوقت لحصد الثمار، مضيفًا: «سوف يرى الجميع مسئولين من المملكة العربية السعودية والحكومة الإسرائيلية يجلسون معاً، خلافاً لما حدث فى الماضي، مؤكداً انه سوف يفاجأ الجميع بالخطوات التى ستتخذها المملكة».
وردًا على سؤال عما إذا رفضت تل أبيب الانسحاب من الضفة الغربية، بما يلبى مبادرة السلام التى طرحتها المملكة سنة 2002 قال «عشقي»: «إن نتنياهو قال إن هناك عناصر إيجابية فى المبادرة، ومن الممكن الدخول فى مفاوضات للتوصل إلى اتفاقيات مرضية بشأن القضايا الخلافية».. لكن «عشقي» لم يحدد تعريفًا لما يقصده بالاتفاقيات المرضية، ولا المرجعيات التى يجب أن تستند إليها.
وشدد على ثقته فى رئيس حكومة الليكود الإسرائيلية نتنياهو قائلا: «إذا لم يتحقق السلام خلال فترة تولى نتنياهو، فلن يتحقق هذا أبداً، نحن وأنتم سوف نفوت علينا تلك الفرصة، ولن تعود مرة أخرى بمثل هذا الانفتاح».
ومؤخرًا أعلن نتنياهو ووزير الحرب الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان ترحيبهما بالمبادرة السعودية «مبدئيًا».
وقال «عشقي»: إن التأييد خطوة أولية ويجب بعدها أن يعلن نتنياهو من منصة الأمم المتحدة بأنه يقبل مبادرة السلام التى طرحها ملك السعودية فى عام 2002 وفى المقابل يتاح للحكومة الإسرائيلية السلام الكامل، والتطبيع الكامل مع  العالم العربي، كما يجب على إسرائيل الانسحاب الكامل من الأراضى المحتلة، وبهذا تحل المبادرة السعودية الصراع مع الفلسطينيين.
وتطرق «عشقي» إلى التغيرات الكبيرة فى الشرق الأوسط، منذ أن وضعت المبادرة على الطاولة منذ أكثر من 14 عاماً امتلأت بالاضطرابات، وتغيرت خلالها الخارطة السياسية بحيث أصبحت «سورية الدولة» غير موجودة تقريبًا، بالإضافة إلى الثورات التى أسقطت زعماء قائلاً: «رغم تلك المتغيرات فإن الثابت أن المملكة متمسكة بالسلام، فى حين أن نتنياهو صرح بأن مبادرة السلام السعودية، هى الحل الأمثل لإحلال السلام».
إن ما يتبقى إذن، هو أن يعلن رئيس حكومة الاحتلال تأييد المبادرة دوليًا، وعندئذ سيكون هناك رد فعل سعودي، فمن الممكن - والكلام مازال لعشقى - أن تدعو المملكة إلى دورة استثنائية لمجلس الأمن بولاية «نيويورك»، فلا مبرر للصبر حتى سبتمبر القادم حتى تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وردًا على سؤال عما إذا كان «عشقي» سيقبل بلقاء مباشر مع «نتنياهو» قال: «لا أستطيع فعل ذلك، فالأمر يتطلب الحصول على تصريح، كما أن الأمر لن يكون مفيدًا».. لكنه أردف «أنا رئيس مركز دراسات لا آخذ إذنًا لمقابلة من أريد، كما أننى لست ممثلًا رسميًا عن الرياض، بل إن حكومتى لم تطلب منى إجراء أية وساطة، فكل ما أقوله يعبر عن آرائي».
وأضاف «عندما كنت لا أزال فى الولايات المتحدة، فى عام 1982 كنت أفكر بالفعل فى عملية السلام، وكنت أعرف أنه يمكننا التوصل إلى حل سلمي، وقد التقيت ببعض اليهود الذين يفكرون مثلي، وبعد أن عاد الى السعودية، بدأت بحضور المؤتمرات التى حضرها الإسرائيليون، وعندما طرح الملك الراحل عبدالله مبادرته عام 2002  شجعتها جدًا، وخلال اللقاءات بين الفلسطينيين والإسرائيليين «يقصد حركة فتح»، كان أبرز ما اتفق عليه الجانبان هو الخشية من «المتطرفين» الذين يسعون إلى حل عنيف.
واختتم «عشقي» حواره قائلا: «الفرصة سانحة، والمملكة طرحت مبادرة ستفيد إسرائيل إن تعاملت معها بجدية، ونحن نريد سلامًا يكفل حقوق الجميع، ويعزز الأمن والتنمية الاقتصادية فى الشرق الأوسط».. مضيفًا «لدينا مؤشرات إيجابية لرغبة فى التعاون وعلينا أن نبنى عليها».
وكان موقع «انتليجنس أون لاين» الفرنسى الاستخباراتى قد نشر فى بداية الشهر خبرا عن تطور التعاون بين المملكة العربية السعودية، والحكومة الإسرائيلية فى المجال الاستخباراتي، موضحًا أن هذا التعاون قائم منذ عدة سنوات.
وكشف عن أن عددًا من المسئولين رفيعى المستوى من رئاسة الاستخبارات العامة فى المملكة العربية السعودية، طلبوا مؤخراً الحصول على المساعدة الإسرائيلية فى تعزيز قدرات تقنية، ودعم المملكة فى مساعيها إلى حلول لمواجهة جاسوسية المراقبة، وعمليات الاختراق، كما تريد رفع مستوى القيادة، والسيطرة فى مراكز العمليات فى المملكة. 