الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كل حلفائك باعوك ياترامب

كل حلفائك باعوك ياترامب
كل حلفائك باعوك ياترامب


قبل أن يصبح رونالد ريجان أشهر رئيس جمهورى للولايات المتحدة، وقبل دخوله عالمى السياسة وهوليوود، كان معلقا رياضي، تأخر يوما على الذهاب إلى الاستاد  فجلس فى محطته الإذاعية ليعلق مباشرة على مبارة للبيسبول بين «شيكاغو» و«سان لويس» عن طريق برقيات التليغراف، وفجأة انقطع بث البرقيات التى كانت تصله للتو فيقرأها ويعلق، فما كان من السياسى البارع إلا أن يكمل تعليقه على المبارة المحتدمة عن طريق الخيال والتأليف المتوقع!
 بالفعل نجحت توقعاته الرياضية إلى أن عاد التليغراف للعمل مرة أخرى واستكمل ريجان قراءتها. هذه الحادثة كان يتذكرها ريجان ويضحك ليبرر فعلته الذكية: «كان علينا أن نكسب ثقة الجماهير.. لا أن نخسرهم»، هكذا السياسة أيضا  تحتاج من قادتها أن يمتلكوا الرؤية والخيال وروح المغامرة ليكسبوا ثقة جماهير أكبر وشعوب ودول كثيرة.. فالسياسة هى أيضا لعبة جماهيرية بامتياز.
والحقيقة أنه منذ خروج ريجان من البيت الأبيض فى العام 1989، يواجه الحزب الجمهورى «أزمة كاريزماتية» تتعلق بمن وصلوا للحكم وأخفقوا قليلا كبوش الأب، رغم الانتصارات الضمنية: مثل سقوط الاتحاد السوفيتى وهزيمة صدام فى عاصفة الصحراء1991، أو أخفقوا كثيرا كبوش الابن كما فى أحداث 11 سبتمر، واحتلال العراق، وكذلك من ترشحوا للرئاسة وخرجوا من سباقها فطاردتهم سخرية الأمريكيين، وأقل ما  كان يوصف به المرشحون الجمهوريون الخاسرون فى السابق الرئاسى أنهم «مهرجون» لا أكثر ولا أقل، فجون ماكين على سبيل المثال أمسك المايك وسط مريديه ولم يتحدث عن مشاكل الولايات المتحدة، وأزماتها الخارجية أو الاقتصادية، بل راح يغني: سأضرب إيران!!.. إلى أن لحقه خليفته فى الفترة التالية، ميت رومنى وأخفق هو الآخر أمام الديمقراطى باراك أوباما، والذى خصه المرشح الجمهورى الحالى دونالد ترامب بتصريح بالإيماءات من أنه سوف «يمنع دخول المسلمين أمريكا إذ ما وصل للبيت الأبيض»، والذى اعتبره المسلمون حول العالم تصريحا عنصريًا، ولم يرد أوباما (وهو المقصود بتصريح ترامب) إلا مؤخرا حينما أعلن تأييده للمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون، وعلق ساخرا: «أعتقد أننى سأخرج من البيت الأبيض فى نهاية 2016، ولكننى لا أعتقد أنى سأخرج من أمريكا».
يحظى الملياردير الجمهورى دونالد ترامب بشعبية تكاد تكون جارفة من المؤيدين للحزب الجمهورى ومن الأوساط اليمينية داخل الولايات المتحدة، خاصة بعد انسحاب تيد كروز الأسبوع الماضى وإعلانه دعم الملياردير الجمهوري، كذلك يحظى بتأييد الطبقات الأرستقراطية حيث جذبت شخصيته المسيحية المنفتحة والمتماشية مع طبيعة المجتمع الأمريكى المنفتح الشريحة الأكبر داخل الاوساط المسيحية، فرغم أن الانتساب الأكبر داخل أمريكا (حزبيا وليس جماهيريا) لصالح الحزب الديمقراطى  بنسبة %33 إلى %28 داخل الحزب الجمهوري، إلا أن الكتل السكانية الأكثر عددا تميل إلى الجمهوريين بدافع وحيد وهو تبنى الحزب الأيديولوجيا المسيحية خاصة من الأنجلوأمريكيين والهسبان، حيث بلغ عدد من يعرفون أنفسهم بأنهم مسيحيون متدينون عام 2015 (حسب معهد غلوب) إلى %75.2 من الأمريكيين. كذلك يضاف إلى ذلك شعبيته داخل المجتمع الرأسمالى نظرا لكونه رجل أعمال ناجحًا وله أسهم وشركات، فلا تنسى أن صحيفة «وول ستريت جورنال»  الاقتصادية هى الأكثر مبيعا وانتشارا داخل الولايات. وربما هى الصحيفة الوحيدة التى تدعمه.
 ترامب واللوبى اليهودي
الملياردير الجمهورى لا ينتظر دعما ماليا أو لوجستيا من اللوبى اليهودى لأنه ببساطة ملياردير، ولا يحتاج إلى دعم من أحد، ما يعنى أن قراره سيجئ بعيدا عن أى جماعة ضغط.
قال ترامب يوما فى إحدى جولاته الانتخابية أمام التحالف اليهودى الجمهوريRJC  قبل أشهر قلائل: «إن التكافئ الأخلاقى بين إسرائيل وأعدائها (ويقصد العرب) ليس فى صالح إسرائيل!» نزل التعليق على الحاضرين كالصاعقة، وخرجوا يتهمون ترامب بالعنصرية، ومنهم الكاتب والمحلل السياسى بصحفية «ذا دايلى دوت» ماتثيو روزيزا، والذى اتهمه بمعادات السامية، وكتب مقالا ينتقده: «إن كنت يهوديا عليك أن تكون خائفا جدا من ترامب»، وأسهب الهجوم  فيه على المرشح الجمهوري، ونشر على موقع «salon» المعنى بالشأن الحقوقى الاجتماعي. الأمر الذى دفع ترامب إلى إعلانه أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية «إيباك» أنه سينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهو تصريح متداول على كل السنة المرشحين للرئاسة سواء ديمقراطيين أو جمهوريين، ولا أحد منهم يلتزم به.
وتساءلت صحيفة «جيروزاليم بوست» قبل 5 أيام، تحت عنوان طرحته على قرائها «هل الإسرائيليون يفضلون ترامب أم هيلارى كلينتون؟»، وجاءت النتائج لصالح المرشحة الديمقراطية،  ونقلت الصحيفة قول هيلارى أنها «ستعرقل أى جهود أو قرارات دولية من شأنها عزل أو إدانة إسرائيل»، وهى الرسالة التى وجهتها كلينتون إلى الجالية اليهودية أثناء عيد الفصح الفائت. وعرضت الصحيفة أيضا استطلاعًا أجراه «المعهد الإسرائيلى للديمقراطية»، أى من المرشحين  سيكون أفضل بالنسبة لتحقيق مصالح إسرائيل، وجاءت النتيجة %38 لصالح كلينتون، فى مقابل %28 لصالح ترامب.
 ترامب والبابا
لكونه أصوليا مسيحيا بروتستانتيا، لا يعنى له الفاتيكان ولا حتى رجال الدين بشيء، فالمذهب المسيحى الإصلاحى قائم بالأساس على تقليص صلاحية رجال الدين، فحينما صرح البابا فى فبراير الماضى بأن ترامب ليس مسيحيا نظرا لتصريحاته حول بناء جدار أمام المهاجرين المكسيكيين، رد ترامب ردا مدويًا على الفاتيكان: من الأفضل له أن يسكت، فإذا احتلت داعش الفاتيكان سيجيء البابا ليقول أين أمريكا لتدافع عنا» معلنا بذلك الوصاية الدينية الأمريكية على كل الفاتيكان. والطريف فى الأمر أن بعد تصريحات البابا هذه والذى أراد بها اقتطاع أصوات الكاثوليك الجمهوريين المؤيدة لترامب، والتى كانت تقدر بنحو%39.8 قد زادت إلى 47.9 (بحسب موقع كريستيان توداي) ما دفع البابا أن يتدخل أكثر فى السياسة موجها دعمه إلى بيرنى ساندرز اليهودى الديمقراطي.
وعلى أى حال فقد خرج ترامب من معركة البابا منتصرا، وزعيما دينيا للكاثوليك الذين رأوا أن اتباع البابا يمثل العودة للقرون الوسطي. ولم  يتوقف الأمر على هذا فحسب بل ثارت الشكوك  حول اجتماع ساندرز مع بابا الفاتيكان نهاية شهر أبريل الماضى والذى استمر لمدة خمس دقائق، وعقبت عليه شبكة CBSNEWS الأمريكية قائلة: «إنه كان اجتماع حول البيئة»،  والتى تبدو من تعقيبها أنها مزحة إعلامية، ولكن يبدو أن فى الأمر شيئًا خفيًا يطرح التساؤل: هل أراد اليهودى بيرنى ساندرز أن يأخذ فتوى دينية من البابا أو «صك» ليبرر أنه مسيحى خاصة أن كل وسائل الإعلام اليمينية الأمريكية تؤكد على كونه يهوديًا؟ ومنها شبكة نيوز ماكس اليمينية واسعة الانتشار، والتى أكدت على ذلك، وكيف يمكن لساندرز لو أصبح رئيسا للولايات المتحدة أن يقسم اليمين على الإنجيل وهو يهودي؟!
 ترامب والإرهاب والناتو
دائما ما تترصد صحيفة «نيويورك تايمز» لترامب، وتتهكم على سياسته الخارجية، ولا تتعجب من الهجوم الدائم طالما جاء من مؤسسة صحفية تخضع خضوعا مباشرا للوبى اليهودي، فهى أحد إصدرات أحفاد عائلة أدولف أوكس اليهودي، الذى اشتراها عام 1896، والتى تطوعت لخدمة قضايا اليهود فى أمريكا وإسرائيل، وخصصها الحفيد أرثر سالزبرجر لخوض معارك صحفية طاحنة إذ ما تعلق الأمر بإسرائيل، مبررا «نحن أمريكيون من أصول يهودية»، تأتى الصحيفة لتحمل تهكمات على ترامب أكثر من تحليل سياسى رصين، خاصة فيما يتعلق بسياسته الخارجية تجاه تعديل الناتو، ومكافحة الإرهاب والقضاء على داعش، وعلى سبيل المثال تفرغت خامس أشهر صحيفة أمريكية يوم الاثنين الماضى  لرصد شجار وشتائم على تويتر بين ترامب والسيناتور الديمقراطية إليزابيس وارن، راصدة 4 ساعات من السباب بين الطرفين على صدر صفحاتها!>