الثلاثاء 11 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

جرائم الليلة الكبيرة في مولد السيدة

جرائم الليلة الكبيرة في مولد السيدة
جرائم الليلة الكبيرة في مولد السيدة


بمجرد خروجك من محطة مترو «السيدة زينب»، التى تبعد عشرات الأمتار عن مسجد السيدة زينب؛ الطاهرة، أم العواجز، ستخبرك المراجيح والألعاب والأضواء وبائعو الحمص والحلاوة، أن هذه هى الليلة الكبيرة لمولد حفيدة النبى، الذى يتوافد عليه سنويا مئات الآلاف من أهل التصوف، وإذا اخترقت الصفوف وتقدمت للأمام ستجد خيام أبناء الطرق الصوفية الذين يقدمون المأكل والمشرب لمحبى السيدة من الفقراء، فى عادة سنوية يقومون بها، حتى لو كان ما يقدمونه كسرات خبز و«فول نابت»، كما ستجد رجال الشرطة منتشرين لتأمين الاحتفالات، وإن كان ذلك لن يمنعك من مشاهدة حالات تحرش ممنهجة بالنساء، وكذلك وقائع سرقة لا يستطيع العدد المحدود للشرطيين مواجهتها.
الثلاثاء الماضى، وأمام ضريح السيدة زينب تواجد عدد من الشباب المتطوعين، لتنظيم الدخول والخروج ومنع الرجال من الدخول من باب السيدات، ومساعدة السيدات كبيرات السن فى الدخول، وأكد هؤلاء الشباب أنهم يقومون بدون تنسيق مع الشرطة التى فشلت فى السيطرة على العدد الضخم من مريدى السيدة الراغبين فى زيارة ضريحها.
هشام محمد أحد الشباب المتواجدين أمام الضريح، روى أنه شاهد بعينيه 3 حالات تحرش خلال ربع ساعة فقط، من بينها حالة لمذيعة بإحدى القنوات الفضائية قام أحد الشباب بشد شعرها والبلوزة التى ترتديها، وكان برفقتها اثنان من طاقم التصوير ولم يستطيعا أن يفعلا لها شيئا، فى ظل تزايد عدد المتحرشين، الذين يسيرون فى طابور وعندما يرون فتاة يلتفون حولها فى شكل دائرة، بحيث يصعب على الناس إخراجها من بينهم، وأضاف أنه لفت نظره وجود عدد من السائحين وخلفهم عدد كبير من العساكر بهدف حمايتهم، فى الوقت الذى يهمل فيه الأمن حماية الزائرات المصريات.
ويضيف الشاب: إن «أم أحمد» بائعة الشاى و«حنان المحروقة»، تقفان بباب المسجد وتأخذان ما يشبه الإتاوة من الرواد للسماح لهم بالدخول، فى حماية أحد أعضاء الإدارة، وإلا فمصيره أن تقلب عليه «الجزامة»، كما أن كثيرا من المرتادين يحضرون لجمع ما يستطيعون من خبز وأرز ولحم.
ويتابع: إذا استطاع أحد الرواد الدخول إلى المسجد، وغلبه النوم، فهناك احتمال كبير أن يتعرض للسرقة، ولن يجد ردا من قسم الشرطة إلا سؤال: «لماذا تنام فى الجامع»؟، مشيرا إلى أن الداخلية تعين فردى أمن فقط داخل الجامع، غالبا ما يغضان الطرف عما يحدث فى مقابل ما يحصلان عليه من إكراميات!
من ناحية أخرى، وفى داخل المسجد، وتحديدا من جهة باب السيدات، وجدنا إحدى النساء تشعل الشموع، بناء على منام رأت فيه السيدة زينب تطلب منها زيارتها وإشعال الشموع، بحسب ما روت، وهى بجوار سيدة قعيدة على كرسى متحرك، تبين أنها ابنة الإمام الشيخ محمد متولى الشعراوى، رحمه الله، وقالت إنها تحضر بانتظام لمقام السيدة زينب بحسب ما عودها والدها، الذى أكدت أنه كان يحضر حافياً من ميدان لاظوغلى إلى الضريح.
فى المكان نفسه، كانت توجد سيدة ترتدى ملابس بيضاء يتخللها اللون الأخضر توزع الحلوى على الناس الذين تجمهروا حولها، وتقرأ القرآن على بعضهم، وأوضحت أن السيدة زينب جاءت لها بالمنام منذ 30 عاما، وأمرتها أن ترتدى هذه الملابس، مؤكدة أن لديها كرامات، منها أنها وضعت يدها على اثنين من فاقدى النظر وقرأت قرآنا فأعادت لهما نظرهما.
سيد عبدالسلام أحد سكان الزاوية الحمراء، يأتى إلى المولد منذ 35 سنة لتقديم فقرة المزمار البلدى والأغانى الشعبية من تراث الموالد، وإن فقرته يحضرها رجال فى غالب الأمر يرقصون على النغم، وهناك سيدات يحضرن لسماع الأغانى ومنهن من يرقصن أيضا.
ويعلق عبدالسلام على سلبيات المولد بأن هناك تجاوزات تحدث من الشرطة، من خلال تكسير ممتلكات الباعة وقطع أرزاق الناس، على الرغم من أن الحى يحصل على أموال من كل الباعة الجائلين المتواجدين بالموالد، إلى جانب أنها أجبرت الحضور على إنهاء المولد الساعة الواحدة صباحا، رغم أن العائلات تحضره مجتمعة، وتلقى ترحيبا من أهالى منطقة السيدة زينب.
أما حسن محمد حسن، من خدام الشيخ السيد أبو النور، فلم ينكر ما يحدث من تجاوزات من بعض النساء من رقص وشرب للشيشة، مشيرا إلى أن النبى قال: «لا تردوا السائل ولو على ظهر حصان»، موضحا أنه لهذا السبب لا يستطيع طرد السيدات اللاتى يأتين على الرغم من رفض وجودهن، مشيرا إلى أن أغلب الحضور يكونون من المحافظات، كما أكد وجود البلطجية وبائعى المخدرات بالمولد، على الرغم من وجود الشرطة!
من جهة أخرى، تواجد عدد من الشيعة فى مسجد السيدة زينب، للمشاركة فى احتفالات مولدها، وعلى الرغم من مشاركة القيادى الشيعى الطاهر الهاشمى فى الاحتفالات، أكد طاهر الشرقاوى نائب الطريقة الرفاعية عن محافظة الشرقية، أن الشيعة ليس لهم وجود رسمى بالموالد، موضحا أن «الشيعى لا يستطيع نزول مقام السيدة زينب، وإذا رفع صوته فسيجد الجميع يصدونه».
القيادى الشيعى، الطاهر الهاشمى، قال: «احتفلنا مع جميع المصريين من جميع شرائح المجتمع بالذكرى المعتادة لمولد السيدة زينب عليها السلام، وقمنا بتقديم الحلوى ومشاركة الفرحة مع الجميع، وأقيمت المحاضرات لسرد السيرة العظيمة لحياة السيدة، وكان هناك جموع الحاضرين من مختلف المحافظات».
أما أبناء الطرق الصوفية أنفسهم، فاشتكوا من أن الرسوم التى يدفعونها لحى السيدة زينب لإقامة سرادقاتهم، ارتفعت هذا العام، إذ تراوحت بين 60 و70 جنيهًا للمتر، وهو ما كلف أصحاب بعض السرادقات 7 آلاف جنيه، لا سيما تلك الموجودة فى الميدان بالقرب من المسجد، وهو الأمر الذى دفع فقراء المريدين إلى الهروب من الحى، وإقامة سرادقاتهم فى الشوارع الجانبية، منتقدين مشايخ الصوفية الذين لم يحتجوا على ارتفاع الأسعار إلا عندما ذاقوا مرارتها، إذ رفض الحى استثناءهم هذا العام، ومنهم الشيخ عبد الهادى القصبى، شيخ المشايخ الطريقة البرهامية، الذى اشتكى للمجلس من أنه دفع 6 آلاف جنيه، وطلب استثناءه باعتباره عضوا فى المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إلا أن موظفى الحى رفضوا، بدعوى أنهم ليست لديهم تعليمات باستثناء أحد.
ويوضح الشيخ بهجت الخضيرى، شيخ الطريقة الخضيرية، أن الطريقة لم تشارك هذا العام فى الاحتفالات بمولد السيدة زينب رضى الله عنها المحدد لليلة الكبيرة نتيجة لافتقاد التنسيق بين مشايخ الطرق على طريقة الاحتفال وعدد السرادقات.
ويؤكد الخضيرى أن هناك تراجعا فى تأثير الصوفية فى الدور المجتمعى الذى كانت تقوم به فى السابق، بسبب غياب التنسيق، وهو ما يقتضى التنبيه إليه من أجل إعادة لم شمل البيت الصوفى من جديد، خاصة فى ظل وجود شيخ المشايخ الدكتور عبدالهادى القصبى والدكتور محمود الشريف بالبرلمان.