الأربعاء 7 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شاهد علي العلاقة التي جمعتها بعلاءمبارك: الموعودة بالعذاب..حتي في ميدان التحرير


 

حسام عبد الهادى روزاليوسف الأسبوعية : 04 - 06 - 2011


النزول الأول لشريهان إلي ميدان التحرير أخرجها من الهامش المنسي.. الجميع تذكر أيقونة الاستعراض وراحوا يستعيدون فصولا من تاريخ حياتها ومحطات الأسي والفرح.. وكان بالطبع مما أشيع عن علاقتها بأحد أبناء مبارك هو القصة الأهم، حتي إن هناك من راح يؤكد أنها كانت مرتبطة بالنجل الأصغر جمال رغم اعتقاد الجماهير العريضة بأن علاء هو الحبيب.. أغلب القصص أعيد تداولها بتفاصيل مختلفة عما استقرت في وجدان الناس، وأراني أمام محاولة اغتيالها يوم جمعة الغضب الثانية أقدم شهادتي عن حكايات شريهان التي تابعتها عن قرب.
قربي من «شريهان» في تلك الفترة التي شهدت بداياتنا معا الفنية والصحفية - وهي منتصف الثمانينيات - جعلني بحكم الاقتراب الدائم منها أتعرف علي تفاصيل حياتها التي كان من الصعب أن يتعرف عليها أحد- باستثناء «جمال أنور» مدير أعمالها،أو «صفية» «لبيستها»، سواء كانت تفاصيل فنية أو إنسانية أو شخصية.قمت بنشر بعض منها والبعض الآخر مازلت محتفظا به،وقد كنت شاهدا علي تلك العلاقة التي جمعت بين قلبي «علاء» و«شريهان» لقد سمعت بنفسي اتصالات كانت تجري بين الاثنين وشاهدت هدايا التفاح الأمريكاني والجاتوهات التي كان يرسلها علاء إلي شريهان.ولكن العلاقة العاطفية القائمة بين «علاء» و«شريهان» لم تنل رضاء الأب الرئيس ولا الأم حرم الرئيس، الذي أصبح الآن سابقا..وفي تلك الفترة وقع حادث لشريهان وترددت الأقاويل أن وراءها عائلة مبارك في محاولة للتخلص منها وأنها تم إلقاؤها من شرفة في إحدي عمارات بالإسكندرية وتدبير الأمر وكأنه حادث وقع بسيارتها في طريق مصر إسكندرية الصحراوي ، وتم تحرير المحضر رقم 13 أحوال سيدي جابر - الإسكندرية لسنة 89 لم تكن هذه هي الحادثة الوحيدة التي أحست معها «شريهان» أنها سيئة الحظ؟! بل سوء الحظ يطاردها أينما كانت ومنذ نعومة أظفارها.
البداية كانت مع النسب، وهي القضية التي اعتبرتها «شريهان» مسألة حياة أو موت بالنسبة لها وظلت تقاتل من أجلها حتي اعترفت المحكمة وأقرت بنسبها للمحامي الشهير «أحمد عبدالفتاح الشلقاني» الذي تزوجته والدتها «عواطف» عرفيا حتي لا يلتحق ابنها «عمر خورشيد» - من زوجها الأول - بالتجنيد ورغم أنها لم تكن تريد ميراثا من وراء هذا النسب فإنها اعتبرته التحدي الأكبر في حياتها أمام إصرار أعمامها بنفي النسب وعدم اعترافهم بها ابنة لأخيهم. حياة «شريهان» مليئة بالعثرات والشائعات والأمراض والحوادث والتحديات التي أصبحت أشياء عادية في حياتها اليومية.
من ضمن التحديات الكبري التي تعرضت لها رفض نقابة المحامين لها بالقيد في جداول النقابة عام 2001 عقب تخرجها في كلية الحقوق بحجة أنها فنانة استعراضية ترقص ولا يليق لمثلها شرف حمل كارنيه النقابة أو ارتداء روب المحاماة، لكنها أصرت وتحدت وحاربت ودخلت في قضايا ومحاكم بحثا عن حقها في ممارسة مهنة المحاماة. «شريهان» تؤكد أن الحوادث التي تعرضت لها والشائعات التي أطلقت عليها جعلت بالفعل اسمها مرادفا للمشاكل. ماحدث ل«شريهان» طوال حياتها كان نتيجة طبيعية للاهتزازات النفسية العنيفة نتيجة الصدمات التي كانت تتلقاها واحدة تلو الأخري بدأت بقضية النسب، والتي خففها عنها كثيرا وجود أخيها من الأم «عمر خورشيد» بجانبها والذي كان لايجعلها تحمل هما للدنيا لاحتضانه لها وحنيته الزائدة عليها، لدرجة أنها كانت تتغزل لي بسيرته دائما والذي لقي مصرعه نتيجة حادث سيارة في شارع الهرم ، كذلك وفاة والدتها أثر علي نفسيتها بشكل قاس، بعدها وجدت «شريهان» نفسها وحيدة بلا عزوة ولا سند، وبدأت تواجه معاركها مع الحياة بمفردها، ورغم انكساراتها المتعددة سواء الشخصية أو المرضية، إلا أنها كانت تقوم في كل مرة أقوي مما كانت مرددة «الضربة التي لاتقتلني تقويني» ولا تملك الا أن تتجاوز أحزانها وآلامها في النهاية. رحلة «شريهان» مع الألم والمرض والحوادث والإصابات لم تكن بدايتها مع حادثة طريق الإسكندرية الصحراوي أو شرفة عمارة الإسكندرية، بل سبقتها حادثة شهيرة عام 1987 اضطرت علي أثرها للسفر إلي لندن لعلاجها من متاعب صحية شديدة في الكلي والجهاز البولي أجرت علي أثرها عدة عمليات جراحية، وقالت إن السبب في تلك المتاعب بقاؤها لفترات طويلة امتدت لثلاث ساعات متواصلة في برميل مليء بالماء - لزوم أحد المشاهد - أثناء تصويرها لفوازير رمضان، أما الحادثة الفاصلة التي قسمت ظهر «شريهان» تلك التي تعرضت لها عام 1994 أي بعد حادثة الشرفة أو الطريق الصحراوي بخمس سنواتذ نتيجة المتاعب الصحية التي كانت تحاصرها منذ تلك الفترة بشكل دائم، والتي عادت من رحلة علاجها علي كرسي متحرك.
«شريهان» التي أصيبت في حادث السيارة الشهير بإصابات بالغة في ظهرها وعمودها الفقري الذي أصيب بنوع من الضعف، لم ترحمه،مما أدي إلي تأثره من أقل مجهود، وهو ما كان مكمن الخطر، خاصة أنها كانت تقسو علي نفسها، وخاصة في الاستعراض وكانت ترتبط بأكثر من عمل في وقت واحد، لدرجة أنها في تلك الفترة ارتبطت بأربعة أعمال دفعة واحدة منها ثلاثة استعراضية هي الفوازير ومسرحية «شارع محمد علي» وفيلم «كريستال» بالإضافة لفيلم «الحب والرعب» عن مرض الإيدز، وواصلت «شريهان» العمل بعناد، رغم أنها الوحيدة التي تعلم أن عمودها الفقري لا يتحمل كل هذا المجهود، خاصة حركات الرقص العنيفة، ومن هنا بدأت الألام الشديدة تعاودها مرة أخري، خاصة أن العلاج لم ينته بعد والمتابعة مستمرة، وزاد الأمر سوءا عندما علمت بوفاة طبيبها الفرنسي المعالج «روا كامي»، وهو الوحيد الذي يعرف حالتها بدقة ويتابعها بحرص، لكنها لم تيأس في البحث عن بديل وطارت إلي لندن لتعرض نفسها علي مجموعة من الأطباء الذين نصحوها بالراحة التامة والابتعاد عن أي مجهود زائد، وتحديدا الرقص، وحاولت الالتزام، إلا أنها لم تتحمل قسوة الابتعاد عن الاستعراض، فقررت استئناف نشاطها الاستعراضي، باستئناف عرض المسرحية بالإسكندرية لمدة شهرين متواصلين، لتبدأ الآلام تعاودها من جديد، ولتطير إلي لندن لتكرار الفحوص الطبية مصطحبة معها شقيقتها «جيهان» ومدير أعمالها «جمال أنور» واستغرقت الرحلة شهرا كاملا لتصبح أطول رحلة علاج قضتها بين الفحوص والمتابعة الطبية والاستجمام، وليطمئنها الأطباء محذرين للمرة الأخيرة من بذل مجهود كبير في الاستعراض. في رحلتها هذه إلي لندن، لم تتابع «شريهان» فقط، حالة عمودها الفقري، بل راحت تتابع أيضا قولونها العصبي الذي تعاني منه منذ فترة طويلة، والذي يصيبها بحالة غثيان من حين لآخر.
من هنا عرفت «شريهان» أنها النهاية، وبداية الانفصال بينها وبين فنها الذي تعشقه، وأن هذه المرة التي جاءت فيها من لندن علي كرسي متحرك ورآها جمهورها تجلس عليه، هي المرة الأخيرة بينها وبين جمهورها وجها لوجه، ولذلك فضلت الابتعاد عن الساحة تماما وكذلك الابتعاد عن كل مايذكرها بأيام الفن الجميلة، وحولت إقامتها إلي عزبتها بالمنصورية، بدلا من إقامتها بشقتيها بعمارة «ليبون» بالزمالك التي تركتهما ليقيم فيهما الخدم والسكرتارية، وما ساعدها علي ترك الزمالك والإقامة بالمنصورية - أيضا - خناقتها الشهيرة مع أبناء الرواس، ورغم الذكريات التي يحملها لها هذا المكان، خاصة أن والدتها كانت من أولي سكان هذه العمارة، والتي تزامنت في سكنها مع «فاتن حمامة»، إلا أنها من يومها قررت الإقامة الدائمة بالمنصورية، وانقطعت علاقتها تماما ليس بالفن فقط، وإنما بالحياة العامة كلها، ليزيدها بعدًا وأرقًا تلك الآلام التي هاجمتها بسبب إصابتها بسرطان الغدد اللعابية عام 2002 وهو مرض نادر يصيب 1 من 10 ملايين شخص وتطلب سفرها إلي فرنسا وألمانيا لإجراء العمليات الجراحية، وإزالة الورم من الفك والخد الأيمن من وجهها، ولأن التعليمات جاءت بعدم إبلاغها بحقيقة المرض، فلم تلتزم بتعليمات طبيبها الفرنسي المعالج «فيليب منيار» الذي نصح بضرورة سفرها إلي ألمانيا لاستكمال العلاج، وأمضت شهرا هناك لتكون أطول ثاني رحلة مرضية لها بعد رحلة الكرسي المتحرك،ولتعود بعدها إلي القاهرة وقد استقرت حالتها، إلا أن الأمر يحتاج متابعة مستمرة وحقنة كل ثلاثة أشهر لاستكمال العلاج بقوة وصلابة وتحد - كعادتها - فما تحملته ينأي بحمله مائة رجل، وهي مؤمنة بأن لا أحد يستطيع الهروب من قدره، وتقول: ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، حتي جاءت الثورة التي ردت لها اعتبارها - علي حد قولها - وخرجت الي النور كمن كان يعيش في «قمقم» لتتطهر بنور الحرية، وراحت تشارك الثوار فرحتهم بالانتصار علي الظلم والفساد والقهر النفسي والمجتمعي الذي عاش فينا - علي حد قولها 30 عاما.
الثورة التي فجرت مشاعر ظلت مسجونة بين ضلوعها ما يزيد علي عشرين عاما.
«شريهان» لم تكتف بالنزول إلي ميدان التحرير أثناء الثورة في أيامها الأولي فقط، وإنما استمرت في مشاركة الشعب في آمالهم وأحلامهم وطموحاتهم حتي تتحقق مكاسب الثورة كاملة، وهو مادفعها للنزول في جمعة «تصحيح المسار» والتي أطلق عليها «الثورة الثانية».«شريهان» كانت تتمني التضحية بأي شيء من أجل الثورة، وتقديم ما يليق بحجم هذا الإنجاز العظيم، ولم تجد أغلي من دمائها للتبرع به، إلا أنها أفاقت في اللحظة الأخيرة واعتذرت عن عدم التبرع قائلة: «معلهش مش هاأقدر.. دمي مسرطن». بعد ضياع الصحة والنجاح والفن والأضواء، لم يبق ل«شريهان» إلا الثروة وبقايا نجومية، وهو أمر لم يعد يعنيها، وهي تقول: ليس هناك أغلي من الصحة، فالصحة تاج علي رؤوس الأصحاء لا يشعر به إلا المرضي، وكنوز الدنيا لاتساويها. «لولوا» و«تاليا» أجمل شيء في حياة (شريهان) وهما من زوجها الثاني، رجل الأعمال العربي «علاء الخواجة» والمتزوج من «إسعاد يونس». قدر «شريهان» ألا تتزوج مصريا، فزوجها الأول «مغربي» والثاني «أردني - فلسطيني»، والغريب أن في زيجتيها كانت المشاكل تحاصرها من كل اتجاه، ففي الزواج الأول وصل بهما الأمر لأن يحررا لبعضهما محاضر بسبب رفض «الفاسي» نزول «شريهان» للمسرح وتقديم دورها في مسرحية «شارع محمد علي»، بحجة تعبها وخوفه عليها من حدوث مضاعفات تؤثر علي تدهور حالتها الصحية، وعلي قدر مايكون السبب مطمئنا والحجة منطقية إلا أن هناك تقف مابين السطور علامات استفهام كثيرة، فهل الخوف علي صحتها فعلا.. وحده كان السبب؟! رغم قولها - علي حد وصفها - بأن تجربة زواجها من «علال» مليئة بالمعاناة والمأساوية، ولا تريد تكرارها.
أما الزيجة الثانية فكانت مشكلة المشاكل.
في البداية نفت «شريهان» الخبر، وأكدت أن هذا الزواج المزعوم لم يحدث، ونفت أن يحدث ارتباط بهذا الشخص تحديدا، والذي كانت تربطهما علاقة من قبل، وأعلنت أنها لن تقبل الزواج من شخص دون أن يقيم لها حفلا أسطوريا، ثم عادت لتعلن صحة الخبر وأن الاتفاق علي الزواج قد تم بينها وبين «علاء الخواجة» بصرف النظر عن اهتمامها برد فعل زوجته الأولي «إسعاد يونس» من هذا الزواج.الذي أنجبت فيه بنتين «لولوا» و«تاليا»، وتظلان أجمل ما في حياة «شريهان»، فالإحساس بالأمومة ظل يلازم «شريهان» حتي حققته بقدوم «لولوا» ومن بعدها «تاليا»، وتؤكد «شريهان» أن مع الأمومة الكبيرة التي تملكها، طفولة أكبر، فحين تنفرد بنفسها، بعد متاعب يوم شاق،وبعد أن تنام ابنتاها، لا تجد معها إلا طفلتها الثالثة «شريهان» التي تعيش بداخلها والتي حرمتها الظروف لتعيش طفولتها بشكل طبيعي، ولأن العودة إلي سن الطفولة هي المتعة الحقيقية بالنسبة ل«شريهان» فلا يصبح غريبا أن تجد منزلها معرضا كبيرا للعرائس التي كانت - قبل مجيء «لولوا» و«تاليا» تحرص علي شراء أحدثها، سواء من مصر أو من الخارج، وصل عددها إلي 200 عروسة، أما بعد مجيء ابنتيها فقد زاد حرصها علي أن توفر لهما المناخ الذي حرمت منه في سنهما، وتوفر لهما كل أنواع العرائس التي يفضلونها، حيث تعيش معهما أعلي إحساس ممزوج بالأمومة والطفولة عندما تلعب معهما، ورغم حب الحياة إلي هذه الدرجة في قاموس «شريهان»، إلا أن مسحة الحزن التي لم تفارقها منذ أن عرفتها تظل معبرة عن حالة الشجن الدفين في حياتها مؤكدة أن الحزن لا يمكن أن يفارقها، إلا إذا عاشت في كوكب آخر بعيدًا عن الأرض وبعيدًا عن قسوة من عليه من البشر.