الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لو يناير مؤامرة.. تبقى يونيو نكسة

لو يناير مؤامرة.. تبقى يونيو نكسة
لو يناير مؤامرة.. تبقى يونيو نكسة


«مش أحسن ما نبقى زى سوريا والعراق والدقى والعجوزة»
بهذه العبارة الساخرة تندر رواد مواقع التواصل الاجتماعى على نتائج الانتخابات البرلمانية فى مرحلتها الأولى، بعد إعلان أسماء الفائزين بمقعدى البرلمان عن دائرة الدقى والعجوزة، التى كانت مثارا طوال الأسابيع الماضية لجدل من النوع الحاد، والسبب مرشحوها، فالدائرة محط الأنظار نافس على مقاعدها عبدالرحيم على صاحب برنامج التسريبات والمحامى الشاب أحمد مرتضى منصور صاحب فيديو السباب الشهير، ومعهما المهندس سيد جوهر أحد نواب الحزب الوطنى المنحل وأخيرا د.عمرو الشوبكى المحسوب على ثورة 25 يناير.

المعركة فى هذه الدائرة اختلفت بشكل كبير عن المعارك الانتخابية المعتادة فيها دقت طبول لم نسمع أصواتها من قبل، وتمددت رقعة الصراع خلالها واتسعت لتخرج من حدود الدائرة وتصل إلى مصطبة الفضائيات الخاصة التى يملكها رجال أعمال معظمهم يدين بالولاء للمخلوع ودولته، والسبب فى ذلك ثورة يناير التى تسبب للبعض حروقا من الدرجة الرابعة.
المعركة الانتخابية التى احتدمت طوال الأسابيع الماضية بين عبدالرحيم على وأحمد مرتضى منصور من جانب ود.عمرو الشوبكى من جانب آخر كانت بالأساس معركة ضد ثورة 25 يناير، هذا ليس كلامنا بل كلام عبدالرحيم على وأحمد مرتضى اللذين قدما نفسيهما كممثلين لثورة يونيو وعدوين لثورة يناير، عندما أكد الاثنان أن خسارة د.عمرو الشوبكى أمامهما فى الانتخابات البرلمانية بمثابة هزيمة لثورة يناير أمام ثورة يونيو، ولطمة على «قفا» نخبة يناير على حد وصفهما.
وإذا سلمنا لما يروجه عبدالرحيم وأحمد مرتضى حول أن المعركة بين المرشحين الثلاثة هى معركة ثورتين تعمد البعض فصلهما عن بعضهما لأغراض خبيثة، فخسارة عمرو الشوبكى لا يمكن أن تكون هزيمة لثورة يناير مطلقا كما روجوا، فيناير - التى يبغضها الفاسدون والمنتفعون والمغيبون - لا يمكن أن تهزم لمجرد أن الشوبكى لم ينجح فى الوصول لكرسى فى برلمان لم يذهب أغلب المصريين لانتخابه، وفوز هيثم الحريرى أحد المنتمين ليناير بمقعد البرلمان عن دائرة محرم بك بالإسكندرية يؤكد ذلك، كما أن يناير لن يهزمها الكذب والتشويه والإفساد، ولولا يناير ما كان لهم وجود على الشاشات وفى البرلمانات إلا بأمر جمال مبارك وحبيب العادلي، لكن لتلك الأيام السوداء، هاجموا يناير وثوارها الذين قصموا ظهر النظام الفاسد إياه.
وإذا استخدمنا نفس المعايير التى استخدمها أعداء يناير فيما يخص هزيمة الشوبكى يمكن أن نعتبر فوز عبدالرحيم على وأحمد مرتضى منصور بمقعدى البرلمان عن الدائرة المنكوبة يمثل هزيمة بشعة وقاسية لثورة 30 يونيو وليس نصرا على الإطلاق، فكيف يمثل ثورة يونيو مرشحان أحدهما صاحب برنامج ينتهك الدساتير والقوانين والأعراف بتسريبات هاتفية لا يعلم أحد مصدرها وصحتها والآخر صاحب فيديو للكبار فقط مليء بالسباب والألفاط النابية يتداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى ليتندروا به على ما آلت إليه الأوضاع.
أما محاور الهزيمة التى نالتها ثورة يونيو على يد هؤلاء خلال المرحلة الأولى للانتخابات فهى كثيرة أبرزها - مع أسفنا الشديد لما تتعرض له ثورة يونيو على يد هؤلاء أن تعداد المواطنين الذين لهم حق الانتخاب فى دائرة العجوزة والدقى نحو 360 ألف صوت، عدد الأصوات الصحيحة التى شاركت فى الانتخابات حوالى 70 ألف صوت أو أكثر قليلا، أى أن عدد المشاركين فعليا لا يتعدى 20% ممن لهم حق التصويت، أى أن 80% من أبناء الدائرة  قرروا مقاطعة الانتخابات أو إبطال أصواتهم ومقاطعة أهل الدائرة ومعظم المصريين للاستحقاق الثالث من خارطة الطريق بشكل عام يمثل هزيمة غير متوقعة لثورة 30 يونيو.
المنافسة بين المرشحين فى دائرة العجوزة والدقى عادلة  وشهدت تجاوزات وخروقات لا حصر لها سواء فى المرحلة الأولى أو فى الإعادة، وتعرض د.عمرو الشوبكى يناير إلى حرب غير شريفة على الإطلاق، وتبنت بعض الفضائيات التى يملكها رجال أعمال تابعون للحزب الوطنى المنحل حملة هجوم وتشويه على مدار اليوم ضد الشوبكي، ووصل الأمر إلى أن قام أحد مقدمى البرامج بإحدى القنوات الفضائية باختراق الصمت الانتخابى  دون أن يحاسبه أحد كالعادة ــ فى مرحلة الإعادة وأثناء فعاليات اليوم الأول للمرحلة، مؤكدا أن الإخوان والسلفيين يحشدون لانتخاب عمرو الشوبكي.
مقدم البرنامج الشهير استغل فزاعة الإخوان والسلفيين لتشويه الشوبكى لصالح المرشح المنافس، وتأكيدا لكذب هذه الادعاءات أن الدعوة السلفية لا وجود لها فى الجيزة على الإطلاق، وإن كان لهم تواجد كما روج مقدم البرامج إياه فكان من الأولى أن يكون لهم مرشح فى هذه الدائرة، والسلفيون يستغلون الفرص وأنصافها كما عودونا، والأكثر هزلية أن يدعى مقدم البرنامج أن هناك دعما إخوانيا للشوبكى متناسيا أن عمرو الشوبكى فى نفس الدائرة كان منافسا لقيادى إخوانى كبير، د.عمرو دراج فى انتخابات برلمان 2012 واستطاع هزيمته بعد أن حصل على ما يقرب من 160 ألف صوت ــ فى انتخابات حضرها الشعب ــ فما الداعى إلى استحضار فزاعة الإسلاميين إذن سوى تشويه الرجل وإفشاله؟
طعنة أخرى فى ظهر الشوبكى كان سببا فيها عدم التنسيق الجيد للجنة العليا للانتخابات، حيث قامت اللجنة بوضع صناديق تخص 4 لجان داخل مقر نادى الزمالك، ومنافس الشوبكى فى مرحلة الإعادة ــ كما يعلم الجميع ــ هو عضو بمجلس إدارة وابن رئيس النادى مما يضرب بمبدأ تكافؤ الفرص عرض الحائط ولم يتوقف الأمر عند هذا العبث بل زاد عليه أن إدارة نادى الزمالك قامت بنقل اللجان الانتخابية الفرعية الأربعة المتواجدة فى النادى من الصالة المغطاة إلى حجرات داخلية مما دفع الشوبكى لتقديم بلاغ للعليا للانتخابات لتغيير مقار اللجان الأربعة بنادى الزمالك وهو ما لم يحدث، واكتفت اللجنة العليا بتصريحات صادرة من المستشار عمر مروان المتحدث الرسمى باسمها على أن اللجان الموجودة داخل نادى الزمالك للألعاب الرياضية بمنطقة ميت عقبة بالجيزة ليست حديثة العهد فى انتخابات مجلس النواب الجارية وكأن هذا سبب كافى لتمر الأمور ببساطة، وأن تنسيق أمر كهذا ليس مهما من أجل الحفاظ على مبدأ تكافؤ الفرص.
أليست هذه هزيمة لثورة 30 يونيو عندما لا يحظى مرشح لبرلمان الثورة بأقل حقوقه وهو المنافسة العادلة؟!
أحمد مرتضى منصور ممثل ثورة يونيو فى المعركة إياها قال ما نصه: إنه سينتهج بعد فوزه بمقعد البرلمان فكر الزعيمين المهاتما غاندى ونيلسون مانديلا فى التسامح.
لكن فى حقيقة الأمر هل ذكر أحد من المؤرخين أن غاندى أو مانديلا هددا الجماهير ذات يوم قائلين: «إحنا بعون الله عندنا حصانة نفعص أى حد»؟، هل ضبط أحدهم غاندى متلبسا يوما وهو يصدر من أنفه صوتا اعتراضيا تعبيرا عن موقفه من قضية ما؟ هل أصر مانديلا على تعليق معارضيه من مؤخرتهم فى ميدان عام؟!
عبدالرحيم على الممثل الثانى لثورة يونيو - قال: «انتصارى فى الانتخابات البرلمانية أزعج المنتمين إلى 25 يناير، والتصويت لعبدالرحيم على هو تصويت لاستمرار إذاعة مكالمات الصندوق الأسود، وتصويت لصالح مشروع 30 يونيو وأن خسارة الشوبكى قلم على قفا نخبة يناير».
هذا يعنى أن عضو البرلمان المقبل الفائز من المرحلة الأولى سيكمل انتهاكه للدستور والقانون بصدر رحب ويستمر فى إذاعة مكالمات شخصية لمواطنين آخرين لم يصدر ضد معظمهم أى أحكام ولا توجه لهم أى اتهامات ولا تكشف التسريبات المنسوبة لهم أى تجاوزات أو مؤامرات أو خيانات كما يروج عبدالرحيم نفسه، هذا إذا اعتبرنا أن هذه المكالمات لم يتم فبركتها للتشويه والتحريض ضد يناير وشبابها وذلك فى ظل حصانة برلمانية باعتباره ممثلا للشعب.
أليست هذه الكلمات أكبر هزيمة لثورة يونيو؟
لكن فى حقيقة الأمر.. الشوبكى لا يمثل ثورة يناير ولا يجوز أن يمثل عبدالرحيم على وأحمد مرتضى ثورة يونيو.. وكما كان الإخوان بمثابة اللعنة التى أصابت ثورة يناير.. فمن المؤكد أن هؤلاء هم اللعنة التى أصابت ثورة يونيو.. وإن جارينا هؤلاء واعتبرنا ثورة يناير مؤامرة.. فلا مفر من اعتبار ثورة يونيو «نكسة».