الإثنين 16 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الجيش المصرى فضح فشل المخابرات الإسرائيلية

الجيش المصرى فضح فشل المخابرات الإسرائيلية
الجيش المصرى فضح فشل المخابرات الإسرائيلية


فى نفس اليوم من كل عام، ونحن غارقون فى احتفالنا بانتصار الجيش والشعب المصرى العظيم فى حرب أكتوبر المجيدة ضد إسرائيل، تجد أبواق الإعلام الإسرائيلية فى محاولة لإنكار ما حدث فى هذا اليوم المجيد يسعون لتقليل النصر المصرى فى 6 أكتوبر وتصوير ما حدث وكأن المصريين انهزموا فى هذه الحرب، تعودنا على هذه الادعاءات منذ 42 عاما مرت على نصرنا العظيم من الإعلام الإسرائيلى، لكن أن تخرج هذه الأكاذيب من أفواه من أطلقوا على أنفسهم مصريين، هذا ما لم نعتده، ورغم قلتهم إلا أنهم يحاولون ترديد هذه الأكاذيب على نطاق واسع وتحديدا على شبكة الإنترنت، ولذلك نستعرض فى ذكرى هذا اليوم العظيم أحد أهم الكتب الإسرائيلية التى اعترفت بالهزيمة الإسرائيلية وحللتها وعنفت المخابرات والجيش الإسرائيلى بشدة واعتبرتهما أحد أهم أسباب الهزيمة.

«حرب أكتوبر وأزمة المخابرات الإسرائيلية» هو اسم كتاب للمؤلف الإسرائيلى تسفى لائير أحد كبار الخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين، هذا الكتاب أثار ضجة كبيرة فى إسرائيل عند صدوره أدت فى النهاية إلى اختفائه وتجاهله كتوثيق لحرب أكتوبر فى إسرائيل.
يفضح الكتاب كل المبررات التى ساقتها إسرائيل لتبرير هزيمتها النكراء فى حرب أكتوبر 1973، وعدم اعترافها بالهزيمة الأولى خلال تاريخ حروبها مع العرب وذلك على يد المصريين.
كما أوضح جوانب تقصير المخابرات والجيش الإسرائيلى فى تحليل عنصر المفاجأة الذى استخدمه الجيش المصرى كى لا يعترفوا بانتصار الفكر السياسى والعسكرى المصرى على الفكر الإسرائيلي.
ويعد الكتاب شهادة موثقة واعترافاً بالغ القوة بما حققه الجيش المصرى فى 1973 رغم محاولات المؤرخين الصهاينة تقليل ما قام به الجيش المصرى فى هذه الحرب وعدم الاعتراف فى أغلب الأحيان بهزيمتهم النكراء.
تحدث الكتاب فى فصله الأول عن المفاجأة المصرية وفشل الإنذار المبكر الإسرائيلى وهل المفاجأة فى حرب أكتوبر كانت نتيجة لفشل فى الإنذار المبكر وأن المخابرات العسكرية الإسرائيلية فشلت لأنها لم تقدم الإنذار المبكر المطلوب وبالتالى فهى مسئولة مسئولية مباشرة عن الانتصار المصرى فى الحرب فالإنذار المبكر كان سيسمح للإسرائيليين باستدعاء الجنود الاحتياط الذين لهم أهمية قصوى لتنفيذ خطط دفاع الجيش الإسرائيلي، وبالتالى فشل الجيش الإسرائيلى فى تنفيذ خططه الحربية لأنه يعتمد اعتمادا أساسيا على وحدات الاحتياط وانتشارها واستدعاء الاحتياط يعتمد على الإنذار المبكر الذى لم يتم، وقضت لجنة إجرانات التى تم تشكيلها بعد الحرب لحصر أسباب الهزيمة الإسرائيلية فى أعقاب حرب أكتوبر بأن المخابرات العسكرية «أمان» فشلت فى تقديم الإنذار المبكر وأنها مسئولة بدرجة كبيرة عن الهزيمة الإسرائيلية والانتصار الذى حققه المصريون خلال الأيام الأولى للحرب. لأن فشل جهاز المخابرات الإسرائيلى فى إعطاء الإنذار المبكر كان أحد الأسباب الرئيسية التى منعت جيش الدفاع من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لصد أى هجوم عربي.
وينتقد الكاتب إطلاق أجهزة المخابرات الإسرائيلية الإنذار حول بداية الحرب من جانب مصر فى حوالى الساعة الرابعة عصرا رغم أن الحرب بدأت فعليا فى الثانية ظهرا.
ثم تطرق الكاتب لما أسماه «صدمة يوم الغفران»، حيث اكتشف المجتمع الإسرائيلى أن الانطباعات التى قامت الحكومات الإسرائيلية بتسويقها حول القدرات العسكرية والاجتماعية والمعنوية لإسرائيل خاطئة لأبعد حد، وأيضا ما أكدته لجنة إجرانات من أن مفاجأة حرب 6 أكتوبر وقعت لأن المخابرات أخطأت التصور حول قدرات مصر الجوية، واقتنعوا أن مصر لن تبدأ الحرب ضد إسرائيل إلا إذا امتلكت القدرة الجوية على مهاجمة العمق الإسرائيلى وبخاصة مهاجمة المطارات الإسرائيلية الرئيسية لكى يصاب السلاح الجوى الإسرائيلى بالشلل.
كما وصف الكاتب حالة الهلع التى شعر بها الإسرائيليون بعد تعرضهم للمفاجأة مما جعل الحرب سببا فى انهيار الفكرة القائلة بأن الجيش الإسرائيلى هو «محمية طبيعية» داخل المجتمع الإسرائيلى وأنه يمكن الحفاظ عليه بعيدا عما يصيب المجتمع المحيط به وفوجئ الإسرائيليون بعدم فاعلية تنظيم الجيش وانهيار المصداقية بسبب التصريحات المتكررة من جانب زعمائهم التى أكدت أن إسرائيل حققت بعد الأيام الستة انتصارا رسخ أمنها وحولها إلى قوة جوية كبرى مما سيساعدها على تجميد وضعها داخل سيناء والبقاء بها إلى أجل غير مسمى أو كما حدد موشى ديان عندما قال إن مصر تحتاج إلى خمسين عاما أخرى لمجرد دخول الحرب مع إسرائيل.
ولكن تبين للإسرائيليين فى السابع من أكتوبر وللمرة الأولى أن هزيمة جيشهم على يد المصريين شىء سهل ممكن الحدوث.
وفى الفصل الثالث يقوم المؤلف بتحليل عميق  للدروس المستفادة من حرب أكتوبر 1973 ومن أهم هذه الدروس من وجهة نظر المؤلف أن حرب أكتوبر كشفت التطور العظيم للفكر السياسى والعسكرى المصرى وجمود الفكر السياسى والأمنى الإسرائيلى حيث تضمن التخطيط المصرى للحرب مجموعة كبيرة من إجراءات الإخفاء والتضليل وتنفيذ ذلك تحت ستار المناورة العسكرية حيث تلقى أفراد الجيش أوامر العبور قبل بداية الحرب بساعات معدودة فقط وأشارت البرقيات والرسائل المصرية التى قامت شعبة المخابرات الإسرائيلية بفك رموزها إلى أن هؤلاء مشغولون بمناورة كبرى وأن الإسرائيليين بلعوا الطعم حينما نشرت جريدة الأهرام فى الرابع من أكتوبر أن الجيش سرح حوالى 20 ألف جندى من الاحتياط كما نشرت الأهرام فى الخامس من أكتوبر خبرا عن تسجيل أسماء الجنود للحج.
وأن المراقبة التى نفذتها الأجهزة العسكرية الإسرائيلية لمواقع الجيش المصرى وما يحدث على مسافة 150-200م حيث تتواجد مواقع الجنود المصريين فى الضفة الغربية للقناة استبعدت تماما إقبال المصريين على أى هجوم ضد إسرائيل بل العكس هو الصحيح بل سجل المراقبون أن الجنود المصريين شوهدوا صبيحة يوم الغفران وهم يجلسون فى استرخاء على المرتفعات الرملية ويرتدون ملابسهم الداخلية. واعتبر المؤلف أن خطة الإخفاء والتضليل المصرية رسخت اعتقاداً لا شك فيه لدى الإسرائيليين بأن المصريين غير قادرين على الهجوم.
كما تطرق أيضا إلى أوهام الإسرائيلين فى اعتبار نهاية حرب الاستنزاف نصراً لإسرائيل وإثباتاً على فشل المصريين وعجزهم فى فرض حلول عسكرية على إسرائيل، وأن حرب الاستنزاف أثبتت أنه ليس أمام المصريين فرصة الصمود فى وجه إسرائيل مقارنة بنكسة يونيو 1967 وأن انتصار المصريين فى حرب أكتوبر أثبت للجميع أن حرب الاستنزاف لم تمثل هزيمة للمصريين أو نصرا لإسرائيل بل العكس تماما.
ويرى الكاتب أن حرب 6 أكتوبر 1973 تعد شيئا جديدا عند مقارنتها بسلسلة الحروب التى خاضتها إسرائيل ضد العرب منذ حرب 1948 فهذه هى المرة الأولى التى خاض فيها الجيش الإسرائيلى حربا جاءت بدايتها فى صورة هجوم مصرى عربى بكامل قواته وانتهت بنصر المصريين، وأن الخبرة التاريخية لجيش الدفاع لم تحصنه ضد هذا الاحتمال.
كما يعلق الكاتب أيضا على رفض الحكومات الإسرائيلية الاعتراف بحقيقة ما حدث يوم 6 أكتوبر 1973 ومحاولاتهم المستمرة ترميم صورة الجيش الإسرائيلى فى ذهن الشعب، وذلك عن طريق التحليل السطحى والكاذب أحيانا لما حدث، لإدراكهم أن التحليل المتعمق والصادق والنقد الذاتى الجاد سيجعل صورة الجيش الإسرائيلى تنهار فى أذهان العامة وتؤكد انتصار المصريين فى هذه الحرب، كما انتقد بعنف التفسيرات الإسرائيلية التى صدرت لتبرير الهزيمة فى 73 مؤكدا ضعف هذه التفسيرات وأنها لا تتناسب أبدا مع هذا الحدث الهائل فى تاريخ العسكرية الإسرائيلية، وأن هذه التفسيرات الضعيفة لم تبرز حقائق مهمة حول أسباب التقصير والفشل فى هذه الحرب التى أجبرت إسرائيل على الخروج من سيناء وأصبحت كنقطة سوداء فى تاريخ العسكرية الإسرائيلية.