الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

يهود الحريدية.. دراويش «سيدهم الحمار»

يهود الحريدية.. دراويش «سيدهم الحمار»
يهود الحريدية.. دراويش «سيدهم الحمار»


فى كتابه  البديع «مصر من نافذة التاريخ»، يروى الراحل جمال بدوى أن شيخا خدع سكان القاهرة بأن عنزته مباركة، وأن السيدة نفيسة رضى الله عنها، أوصت برعايتها والاهتمام بها.
وسرعان ما انتشرت الخدعة كالنار فى الهشيم  فأخذ الشيخ النصاب يتكسب من وراء عنزته، زاعما أنها لا تأكل سوى اللوز المحلى بالعسل، والفستق الحلبى، وتقاطر الناس على العنزة يضعون على عنقها السلاسل الذهبية ويجزلون لها العطايا، الأمر الذى أغضب أميرا مملوكيا، فدعا الشيخ إلى قصره بزعم أن الحريم يريدون التبرك بالعنزة.

بعد موكب مهيب أحيط بالطبل والزمر، وصل الشيخ متأبطاً عنزته، فأوعز الأمير إلى الطباخين بحملها وذبحها وطهوها وتقديمها للشيخ الذى أخذ يغمس بيديه فى (الفتة)، متخيراً القطع السمينة. ولما شرع ينصرف طلب عنزته فما كان من الأمير إلا أن صرخ فى وجهه بأنه أكلها، ثم طلب إلى رجاله أن يجعلوه راكبا (بالمقلوب) على حمار، وعلى رأسه (فراء العنزة)، ليكون عبرة لكل دجال نصاب.
كان ذلك  فى قرون بعيدة، حيث الشائعات والضلالات تجد إلى قلوب الناس طريقا، أما الآن فإن مثل هذه القصة لا تستدر إلا السخرية والاستهزاء، لكن ليس الأمر كذلك بالنسبة لليهود (الحريدية) الذين استبدلوا العنزة بحمار، يجعلون له احتفالا دينيا سنويا فى أغسطس من كل عام.
 المهرجان الدينى السنوى يقام تحت اسم «خلاص الحمار»، وهو عبارة عن احتفالية لجماعة متشددة تدعى «بينسك ــ كارلين»، يحضر أفرادها حمارا، يبالغون فى تزيينه وتخصيص الملابس المزركشة له، ثم يحملونه  فوق أكتافهم..
 الأمر الذى يجعل (جحا) فى القصة التاريخية الشهيرة أكثر منهم ذكاء.
 ويزعم الحاخامات أن (الحمار) له بركات خاصة ستحل على المشاركين فى المهرجان، لذلك يحرص  الآباء على اصطحاب أطفالهم إلى المهرجان حتى تحل عليهم البركة.
 ويقول موقع (جيويش بريس): إن المهرجان يأتى استجابة لأوامر التوراة، ففى سفر الخروج هناك مقطع بشأن تكريس الأبكار جاء فيه:
«ويكون حين يدخلك الرب إلى أرض الكنعانيين، كما أقسم لك ولآبائك أن يهبك إياه، إنك تفرز للرب كل ذكر فاتح رحم، وكذلك كل بكر من نتاج البهائم التى تملكها يكون للرب إنما كل بكر حمار تفديه بحمل. وإن لم تفده تدق عنقه».
والمقصود من هذا الكلام أن قربان بكر الحمار يفدى بحمل، وإن لم يفد بحمل، فلا مانع من قتل الحمار بدق عنقه، وهذا ما تعتقد عليه تلك الجماعة اليهودية المتشددة، كما أن هذا العمل يطهرهم وينقيهم من نجاسة الأشرار.
ويفسر الحاخامات لموقع (جويش بريس) مهرجان خلاص الحمار، بأنه احتفال يذكر أبناء اليهود بحادث خروجهم من مصر فى عصر النبى موسى، وفرعون مصر، وضربة الرب للمصريين  بموت أبكارهم، حيث يقولون إن اليهود أجمعين خرجوا من مصر بالعديد من الحمير المحملة بالفضة والذهب، بينما تم تدمير أبناء المصريين البكر.  أى غادر أبناء البكر اليهود مع الحمير محملين بالثروات الكثيرة  مقابل موت الأبناء البكر للمصريين، وهذا كلام لا سند له من التاريخ ويتحدث البعض الآخر من الحاخامات عن قصة  بلعام وحماره اللذين ذكرا فى سفر العدد، وبلعام شخصية ذكرت على أنه نبى أو ساحر حسب البعض، فوفقاً لسفر العدد فإن حمار بلعام قد تكلم كلاما واضحا بعدما ضربه ثلاث مرات بشدة حتى يتحرك، وكان السر وراء عدم ترك الحمار هو رؤيته لملاك الرب فى الطريق الذى كان يسلكه (بلعام) للدعاء على بنى إسرائيل. حيث تكلم الحمار : (ماذا صنعت بك حتى تضربنى الآن ثلاث دفعات (وتكلم بلعام مع الحمار، حتى اتضح ملاك الرب الذى كانت يمنع الحمار إلى (بلعام) والمقصود من القصة هو نطق الحمار الذى أنقذ بنى إسرائيل.
وحسب موقع (فلاش نت) الإسرائيلى فقد حضر مهرجان (تحرير الحمار المولود الأول) نحو 2000 حريدى، من بينهم رئيس البلدية وكبار العلماء، والحاخامات، برئاسة رئيس مجلس  حكماء التوراة. وقاموا بإحضار حمار صغير، وألبسوه الملابس الملونة، وقاموا بطقوسهم المعتادة، حيث حملوه ورقصوا به.
 ويعتقد البعض أنه ربما السر وراء هذا هو معارضة بعض نشطاء المدن وأعضاء مجلس حقوق الحيوان على تلك العادات.
 وذكر موقع (ماى نت) الإسرائيلى، أنه فى أحد المهرجانات السابقة فى مدينة (حولون)، توافد مئات السكان من جميع أنحاء المدينة للاحتفال بالمهرجان، الذى حملوا فيه الحمار من يد إلى أخرى بطول الشارع، ورقصوا وغنوا به.
وغضب حينها بعض دعاة الدولة المدنية وطالبوا أعضاء مجلس حقوق الحيوان بأن يتدخلوا لوضع حد لتلك العادات، وطالبوا بأن تتوقف الجماعات الحريدية عن تخويف الحيوانات، والقيام بتلك العادات المريبة، كما ناشدوهم بمنع حدوث تلك الأعمال التى يعتبرها البعض وثنية وليست من الدين اليهودى، خاصة أن البعض يرجح فكرة إبدال الحمار بحمل، وهذا ما نصت عليه الشريعة اليهودية، فيجب ألا يهتم المتطرفون  من وجهة نظرهم بدقة التفاصيل، فالجماعات اليهودية المتطرفة صارمة جدا حول موضوع القسوة على الحيوانات، كما صرحوا  بدليلهم على هذا العمل بأن الحمار لا يقام دق عنقه فى المذبح، لأنه من وجهة نظرهم كائن نجس، أو لا يجوز أكله.
كما عارض النشطاء وجود الأطفال فى الاحتفالات، التى من شأنها أن تزرع بداخلهم العنف، فهم لا يدركون ما يفعله الكبار الآن، كما أنه من الممكن أن يتعرض الأطفال لحوادث  كثيرة مثل: الخطف، أو الدهس، أو الاعتداء فى تلك المهرجانات، بسبب كثرة وازدحام الناس فى هذا المهرجان.
ويتخوف أنصار التيار المدنى فى إسرائيل من انتشار تلك الظاهرة هناك، خاصة فى السنوات الأخيرة، حتى وصلت إلى أغلب أنحاء إسرائيل، خاصة القدس، حيث أقيم المهرجان، فى حى (مينا شعاريم) مؤخرا.