ضل شجرة ولاضل رجل!
فاتن الحديدي
«أوموجا» تعنى «الوحدة» باللغة السواحلية وهى قرية أنشئت منذ 25 عاما غرب العاصمة الكينية نيروبى لتكون مدينة خاصة للنساء وحدهن..
أوموجا ليست القرية الوحيدة التى تحكمها النساء فى العالم.. لكنها الأشهر على الإطلاق فهى القرية التى تسكنها النساء ومحرم على الرجال أن يدخلوها منذ إنشائها عام 1990، عندما نادت 15 امرأة بتأسيسها لتعد أول قرية للنساء فقط فى أفريقيا ويعيش فيها نحو 47 امرأة و200 طفل ورجل واحد معاق ذهنيا!
وقصة المرأة التى قامت بتأسيس القرية تدعى «ناجوسى لوكيمو»، كانت قد هربت من قريتها بعد أن تعرضت للاغتصاب عام 1990 من قبل ثلاثة جنود بريطانيين يتبعون بعثة الأمم المتحدة، وعندما حاولت أن تستجدى زوجها للقصاص منهم ضربها وعذبها لتتمكن فى النهاية من الهروب لمدة 9 أيام دون طعام وانضم إليها النساء اللاتى مررن بنفس تجربتها أو تجربة مشابهة ليتنقلن فى البداية للعيش ما بين المزارع إلى أن وجدن مكاناً للإقامة فيه بشكل بدائى فى البداية حتى وصل إلى شكله الحالي.
الملجأ النسائى إن جاز التعبير أيضا يستضيف النساء من ضحايا الزواج المبكر، أو ممن تعرضن للاغتصاب والعنف المنزلى أو الختان وتشويه أعضائهن التناسلية.
تقع الأرض التى استوطنها نساء القرية فى محيط قبيلة سامبورو وقد منحها لهم أعضاء القبيلة كملاذ وملجأ للسلام بعد أن عرفوا قصصهن المحزنة، بعض رجال القبيلة اعترضوا على منح النساء الأرض خوفا من أن تنتبه نساء القبيلة لحقوقهن!
وتقول «سيتا» وهى إحدى المقيمات بالقرية: لقد تعرضت للاغتصاب وجئت إلى هنا فأعطونى لبنا وماء وطعاماً وبدأت أشعر أن صحتى تحسنت أرعى أولادى وأقوم بصناعة الحلى وأجلب الماء والحطب، نحن نبيع الحلى التقليدية ونعيش منها أما الأطفال فيذهبون للمدارس خارج القرية ويعودون.
أما لوسولى وهى إحدى مؤسسات القرية فأضافت: نحن نحمى أنفسنا من فيروس نقص المناعة الإيدز، معظمنا هنا تعرض للضرب والاغتصاب والتعذيب، إننا هنا معا نكسب المال الكافى لطعامنا وتربية الأطفال، لم نعد نقلق بشأن تعرضنا للأذى كما حدث فى الماضى أشعر بالفخر عندما تشترى السائحات قلادات الخرز التى نصنعها بأنفسنا.
قرية أوموجا هى الأشهر من حيث سيطرة النساء وهن ممنوعات من إقامة علاقات مع الرجال تماما ومن تريد الزواج تطرد فورا من الأرض لأنها للنساء فقط.
وربما تتشابه فكرة إطلاق هذه القرية مع قصور النساء المنتشرة فى البلدان المتحضرة فى أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية والتى تشبه ملاجئ للنساء تكون ضحية الزوج وتمكث فى المكان حتى تدبر أمر معيشتها لكن فى القرية الكينية الأمر مختلف فالإقامة أبدية وتساهم كل النساء بدور فعال فى النهوض بمجتمعهن الصغير راضيات بحياتهن التى دمرت رغما عنهن فى الماضى ولا يطلبن من الحياة سوى العيش بسلام والرضا بأقل القليل.
فى المقابل توجد بلدان تتحكم فيها النساء حكما حقيقيا تمارس سلطاتها وتنظر للرجال نظرة متدنية وتتعامل معهم بحكم قوانين المكان كمواطنين من الدرجة الثانية.
الموسو
فى قرى قبائل الموسو الصينية فى منطقة بحيرة لوجو جنوب الصين، تعتبر النساء هى المالك والحاكم الوحيد فى العائلة ولهن الأمر والنهى فى كل الأمور والفصل فى كل القضايا السياسية والتشريع فى العقيدة الأخلاقية.
والرجال هناك فى أعراف قبائل الموسو لا يملكون شيئا ويقفون موقف الكومبارس الصامت أو المتفرج وعند الموت تنتقل جميع الممتلكات من الأم إلى بناتها فالولد لا يرث أى نصيب من الميراث سواء ممتلكات أو نقود.
لا يسمح للرجال بالسكن فى بيوت النساء، هم فقط لإنجاب الأطفال والزواج أمر غير معترف به لو أحب رجلا امرأة يأتى لزيارتها ليلا من حقها ترفض أو توافق ولا يوجد فى القاموس كلمة أب وليس من حقه المساهمة فى تربية الأطفال.
تفرح قبائل الموسو بإنجاب الإناث وتقيم الاحتفالات وتفخر النساء هناك بقوة شخصيتهن واستقلالهن على الرجال ويأتى السائحون لزيارة المكان ورؤية كيف تدير النساء كل شيء فى القبيلة العجيبة.
خاسى
وتقع قرية ماولينونج شمال شرق الهند تتمتع النساء فى هذه القرية النائية بسلطة غير تقليدية وتتبع قبيلة خاسى المكونة من أكثر من مليون شخص تقليداً هو تولى النساء المسئوليات الكبرى وتتمتع القرية بالجمال والنظافة ولهذا تجذب الكثير من السياح.
وبحسب تقاليد قبيلة خاسى تسيطر النساء على السلطة الاقتصادية، فالنساء هناك أيضا يرثن وحدهن ممتلكات الأسرة، ونادرا ما يمتلك الرجال شيئا ويكتب الأبناء باسم الأم وليس الأب ويعيش الرجل بعد الزواج مع أهل الزوجة فى بيتهم ويعتبر أفراد القبيلة من تنجب الذكور صاحبة حظ سيئ لأن البنات فقط يضمن استمرار القبيلة وعندما تتوفر النقود للأسر فإن أولوية التعليم للفتاة وليس الأولاد الذين يقتصر دور الرجال على العمل فى الحقول والغابات مجرد إجراء فى ممتلكات النساء وتمارس النساء التجارة حتى لو بيع اللوف من أجل سد رمق الأطفال وتلبية مطالب الأسرة.
فى جزيرة النساء بليتوانيا يذهب الرجال للصيد فى البحر وأغلبهم لا يعودون أو يمكثون شهورا طويلة بعيدا عن أرض الجزيرة وتهيمن النساء لإدارة شئون الجزيرة وتعمل النساء لجذب السائحين إلى القرية مستغلين اسم الجزيرة الغريب فيأتى السائحون ليروا النساء يفعلن كل شيء حتى ركوب العجل وكل مهن الرجال عدا الصيد لأن الصيد هو المهنة الوحيدة للرجال فقط!
وفى شمال إندونيسيا تحديدا فى جزيرة سومطرة تهتم النساء بأملاك العائلة، خاصة الأراضى الزراعية، والكلمة العليا تكون غالبا للمرأة الأكبر سنا ولأنه مجتمع مسلم فيكون دور الرجل على سبيل المثال يشبه الحراسة أو الحماية للإناث بشكل معنوي.
فى المكسيك تحكم نساء الجوشيتان القرية بكل جرأة وكفاءة ويعملن بصناعة المنسوجات اليدوية والسجاد التى تدر عليهن دخلا لا بأس به.
فى كوريا الجنوبية تحديدا تهيمن النساء على جزيرة جوجو ويطلق عليهن نساء البحر لأنهن ببساطة يعملن بالغوص وصيد الأسماك وفواكه البحر واللؤلؤ والطحالب التى تساعدهن على المعيشة وتدير النساء منظومة صيد وبيع وتجارة الأسماك ولا يوجد رجال فى الجزيرة إلا فى موسم التزاوج.
فى البرازيل حيث جميع سكان قرية «نوافا دى كورديرو»، جنوب البرازيل من النساء الجميلات العازبات، حيث يهاجر الأبناء فى اتجاه المدن ولا يعودون والأزواج يسافرون للعمل فى المدن الكبرى ولا يعودون أيضا، وفى تقرير طريف فى جريدة «ميرور» البريطانية، قالت نينا إحدى ساكنات القرية وهى شابة مرحة «لم نقابل رجالا منذ وقت طويل فى القرية»، حتى أنا لم أقابل أحدا، أما فيرا فقالت «أريد أن أحب وأتزوج نحن لا نريد الرحيل عن قريتنا فليأتى الرجال إذن إلينا ومازالت آنسات القرية يحلمن بقدوم الرجال!!
وتتماثل ظروف القرية البرازيلية النسائية رغم أنفها مع قرية تيجسالين المغربية الواقعة ما بين فاس ومراكش، فالرجال هجروا القرية للبحث عن لقمة العيش وقد يعودون أو لا، أما النساء فيحكمن القرية ويشرفن على تسيير أمورها بكل حكمة.
تعمل معظم النساء بالدعارة وهى مهنة غير معيبة ويأتى الرجال من خارج القرية ثم يرحلون وبسبب هذه المهنة فقد خرجت من قرية تيجسالين فضيحة جنسية مدوية سميت بفضيحة الأقراص المدمجة حيث نشرت إحدى شابات القرية سى دى تضمن مشاهد جنسية ساخنة مع عدد من المسئولين منهم أربعة قضاة وأحد موظفى القصر الملكى وقد أفشى المسئولون بأسرار خطيرة حول تقاضيهم رشاوى للحكم لصالح أطراف ضد أطراف أخرى فى القضايا واستعرضوا أسماء أصحابها والمقابل المادى الذى تقاضوه وصارت المدينة مزارا سياحيا مكروها جدا وتزار بالآلاف من السائحين سنويا.
تختار النساء العيش بعيدا عن الرجال بمحض إرادتهن بسبب العنف والقسوة لكنها قادرة على المسئولية وإدارة أمور الحياة بروح أمومية وذكاء فطرى مشهود، ولكل المشككين فى قدرات النساء علينا تذكيرهم بأن فى المجتمعات المتحضرة تحكم فعليا النساء 17 دولة كبري.. رئيسة وزراء الدنمارك هيلى تورنينج شميدت صاحبة السيلفى الشهير مع أوباما ودايفيد كاميرون رئيس وزراء إنجلترا، وهناك رئيسة البرازيل ديلما روزسيف، ورئيسة ليبيريا ديلما جونسون سيراليف الحاصلة على جائزة نوبل للسلام 2011 ورئيسة ليتوانيا جريبا ويسكايتى الملقبة بالمرأة الحديدية، رئيسة تشيلى ميشيل باشيليت، مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركيل، رئيسة أفريقيا الوسطى المؤقتة كاترين سامبابانزا، إلينكا براتوسيك رئيسة وزراء سلوفينيا ورئيسة وزراء مالاوى جوسى باندا، رئيسة وزراء تايلاند ينجلوك شيناوترا، رئيسة وزراء النرويج إيرينا سولبرج، رئيسة مالطة مارى لويس كوليرو، رئيسة وزراء بنجلاديش شيخة حسينة رئيسة الأرجنتين كريستينا فيرنانديز وكوسوفو عاطفة أغا وأخيرا كوستاريكا لورا شينشيل معظمهن ناجحات ويساهمن بشكل قوى من خلال مناصبهن القيادية فى تقدم بلادهن.







