الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى شارع محمد على

الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى شارع محمد على
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى شارع محمد على


 
 
 
أسفل إحدى البنايات السَكنية التى يحتلها أحد مواقع «حِزب النور» كان يوجد محل لبيع عصير القصب ومُشتقاته، كان صاحبه (المسيحى) فخوراً باسم «جنة الفواكه» الذى اختاره ليُزين به واجهة محله، كان هذا قبل أن يأتى «حِزب النور» لاحتلال إحدى الشقق فى نفس البناية، وبعد فترة يترك (المسيحى) محله، دون أسباب ! .. فقط تعلم - مِن بعيد - أن هناك ضغوطا قد مورست عليه مِن قبل «أشخاص» على حد قوله، ليتحول نفس المحل - بقُدرة قادر - إلى محل لمجموعة شُركاء (مُسلمين)، يُذيعون شرائط القرآن ليل نهار، ويُزيلون اسم «جنة الفواكه»..ليُصبح اسم المَحل «فواكه الإسلام»!
 
 
 
قد تجدها قِصة طريفة، تلك التى نحكيها، فقط نسينا أن نُذكر بأنها «حدثت بالفِعل»!
هذا الشخص ليس الوحيد الذى تعرض لهذا الضغط، فهناك كثيرون من أصحاب محال لبيع الآلات الموسيقية فى شارع «محمد على»، مُهددون إما بغلق محلاتهم أو الإجبار على تغيير نشاطهم.
تحدثنا مع أصحاب المَحال، فقال لنا «أحمد عبد الحليم» صاحب محل «بيت العود» : «الكثير من السلفيين يأتون لنا، ويطلبون منا أن نغلق النشاط، أو تغييره، ولكنهم مازالوا فى مرحلة (الكلام) لا (الفعل) حتى الآن ! .. وإن كُنتُ مُتأكداً أن القادم أسوأ، والسلفيون هيخربوا البلد».
أما «سامى عفيفى» - أحد العاملين بالورشة لصناعة الآلات الموسيقية التابع لنفس المحل - فأكد كلام «أحمد عبد الحليم» بقوله: «قال لى أحدهم : اترك هذه المِهنة .. وأجبته بأننى على استعداد لأن أتركها، لو استطاع أن يوفر لى لقمة عيشى، فما كان مِنه سوى عدم الرد! .. طيب أنا راجل على باب الله، وبشتغل عشان لقمة عيشى، ومِش بفهم غير فى الصنعة دى، فلما يقفلوا لنا المحلات هاصرف إزاى على عيالى ؟! .. كرهونا فى الدقون والله»!
وحول حركة البيع والشراء، أضاف «سامى عفيفى»: «البلد كُلها تُعانى مِن حالة كساد فى جميع المجالات بعد الثورة، ولكن مِمَا لاشك فيه أن صناعتنا تأثرت بشكل كامل، خاصةً أن الناس ترى أن الموسيقى حرام.. كما أننا كُنا نعتمد بالأساس على السياحة التى انخفضت بشكل ملحوظ، فلو زارنا مليون سائح مثلاً، فلا يقل عن 200 أو 300 سائح يأتون لشراء الآلات الموسيقية، وهو رقم لا يُستهان به بالنسبة لنا».
∎∎
فى معرض «س. أ» قابلنا صاحبته التى خشيت أن تذكر اسمها خوفا من أن يأتى أحد ويُغلق لها المحل فيما بعد، عندما يتمكن التيار المتأسلم من مصر على حد قولها !.. قالت لنا: «بالفعل هناك مجموعات سلفية تأتى لى، وتحاول إقناعى بأن أُغير نشاطى، مُبررين ذلك بأننى أُتاجر فى بيع الآلات الموسيقية التى تستخدمها الراقصات والعاهرات لإثارة شهوات الناس على حد قولهم .. ولكنى كُنت أقول لهم : هاتولى شغل وأنا أقفل المَحل مِن بُكرة ! .. الغريب أن ردهم كان يكتفى بجُمل مِن نوعية: الرزق بيد الله ! .. وعندما أقول لهم إن زوجى مُتوفى، وأن هذا عملى مُنذ سنوات، كانوا يتركوننى وكأننى لا فائدة منى»!
وأضافت: «إن أسعار الخامات الأساسية ارتفعت، بالرغم مِن عدم وجود تسويق لها، ومع ذلك سعر الآلات لم يرتفع، فمتوسط سعر العود الواحد يصل إلى 250 جنيهاً».
∎∎
«أحمد مُصطفى» - صاحب محل «جوهرة الفن» - وهو شاب فى العشرينيات من عمره، ويُدير المحل الخاص بعائلته، يقول: «المحل ده شغال مِن 40 سَنة فى بيع الآلات الموسيقية .. دى مِهنة ورثناها من جدودنا .. وماحدش يقدر يقول لنا نقفل، ولو حد قال لى : سأغلق محلك أو أغير نشاطه .. سأقول له: ماتقدرش»!
وإن قابلتُ أحد هؤلاء الذين تتحدثون عنهم، وجادلنى، سأقول له إن عليهم أن يُغلقوا الأوبرا وأكاديمية الفنون والكونسرفتوار وكُل المعاهد الموسيقية، وبعدها يأتون لإغلاق محلى وشارع محمد على بأكمله»!
المُدهش أن «أحمد مُصطفى» لا يرى أن تأثر السياحة له علاقة ببيع الآلات الموسيقية لأن الأمر له علاقة أكثر بمُتذوقى ومُحبى ودارسى الموسيقى!
∎∎
على بُعد خطوات مِن محل «جوهرة الفن»، يقف «عبدالرحمن شلبى» - صاحب محل «ماركو» - والذى يُغلقه عِند كُل صلاة لأدائها فى المسجد، أو يتركه مفتوحاً ليجلس فيه أصدقاؤه مِن أصحاب المَحال الأخرى .. قال لنا: «لا صِحة لما تقول .. هذه مُجرد شائعات، ومن قالوا لك إن هناك جماعات سلفية تأتى لنا من أجل تغيير النشاط لأنه حرام شرعاً فهم كاذبون» .. وأضاف: «أعلم أن الموسيقى حرام، وأن عملى به شُبهة» .. وحينما سألناه : لِمَ هو مُستمر فيه إذن ؟! .. كانت الإجابة: «أكل عيشى»!
أضاف «عبد الرحمن شلبى»: «أنا كُنت لواء فى الجيش، وأعلم أن الآلات الموسيقية مطلوبة فى الجيش، مثلاً فى حفلات تخريج دُفعات الطلبة فى الكُليات العسكرية.. ومطلوبة فى الكنائس .. وفى الأوبرا .. وحفلات الموسيقى .. وليس شرطاً أن تُستخدم فى الرقص أو ما شابه، فالأهم مِن الحلال والحرام هو الشىء الذى تُستخدم فيه تلك الآلات».
∎∎
بقى أن نُشير إلى أن شارع «محمد على» أصبح أشبه بسوق للخضروات والفاكهة، فقد اختفى - وسط زحام الباعة الجائلين - الشكل الجميل لتِلك المَحال التى تُزين أرففها الآلات الموسيقية بكُل أنواعها، كما توقفت حركة البيع والشراء للآلات الموسيقية فيها بشكل شِبه كامل، حتى أن الأتربة قد غطت أسطح الكثير مِن تِلك الآلات الموسيقية، وهو أمر جعل بعض أصحاب المَحال يرفضون التصوير لديهم!
كما تحولت قهوة «التجارة» الشهيرة، والتى كان يجلس عليها عُظماء الفنانين أمثال : «عبدالحليم حافظ» و«فريد الأطرش» وغيرهما إلى محل للموبايلات مُنذ سنواتٍ ! .. وأُغلق محل «جميل جورج» - ذائع الصيت - الذى تم إنشاؤه قبل أكثر مِن 100 عام، وتحديدا فى عام ,1906 حيث تم بيعه من قِبل ورثة مالكه «الخواجة» بعد الثورة مُباشرةً، وفسر لنا سُكان المنطقة أن هذا بسبب أنهم أحسوا أن مصر قد تغيرت، ولم يعُد بها الحِس الجمالى، خاصةً فى الشارع الذى تعودوا أن يكون «قِبلة الفن» على مدار عشرات السنوات، ولذلك تم بيعه!∎

صاحب المحل "عملي شبهة"