النفاق الحكومى فى افتتاح القناة..!

عاصم حنفي
الدرس الأول لقناة السويس الجديدة.. هو العمل والتركيز والتفانى والشغل والتخطيط والإنتاج.. لكن يا خسارة.. حضرة المسئول الحكومى الناصح ترجم الرسالة بالخطأ وعلى مزاجه الخاص.. فجعل فرحة القناة هى الإجازة والرحرحة.. على اعتبار أن الخميس ثم الجمعة والسبت إجازة.. نمارس فيها رياضة الكسل اللذيذ!
حضرة المسئول الحكومى الذى أراد أن ينافق ملايين العاملين لا يدرك أن الشغل هو السبيل الوحيد أمامنا لتجاوز الأزمة والوقوف على أقدامنا من جديد!
ولو أنك يا مواطن أحصيت عدد أيام الإجازات التى تحصل عليها سنويا لوجدتها تفوق أيام العمل الحقيقى.. ونحن محترفون فى اختراع الإجازات.. وبالإضافة إلى شهر رمضان الذى لا نعمل فيه تقريبا.. عندك أسبوع إجازة فى عيد الفطر وأسبوع آخر فى عيد الأضحى.. ناهيك عن الإجازات القومية فى عيد ثورة 23 يوليو ثم ثورة 30 يونيو.. ولا تنس 6 أكتوبر وعيد العمال وعيد تحرير سيناء وعيد النصر.. وعندك إجازة مولد النبى وعيد الفصح ورأس السنة الهجرية ويوم عاشوراء.. ثم تأتى الإجازات الأسبوعية بواقع يومين فى الأسبوع بما يعنى 104 أيام فى السنة.. ولو جمعت ذلك كله لوجدت أن المواطن المصرى يحصل على مائتى يوم إجازة بالتمام والكمال.. وتضرب كفا بكف يا أخى.. وكيف أنجز المصرى هذه القناة الجديدة فى مدة لا تتجاوز العام الواحد.. بما يؤكد أنها معجزة بكل المقاييس المصرية والعالمية..!
حضرة الموظف الذى أفتى بإجازة افتتاح القناة.. هو موظف كحيتى يعيش عالة على المحسنين وأولاد الحلال.. ومع هذا يمارس الفقر والعنطزة فيأمر بالإجازة.. ومن الواضح أن المسألة لم تأخذ وقتا للدراسة والبحث.. لأنه بعد أن أمر بالإجازة للموظفين.. اكتشف أن عندنا عمالا يعملون بالقطاع الخاص والاستثمارى.. وإعطاؤهم إجازة يعنى أن تتحمل جهة ما تكاليف الإجازة.. وهو ما أوقع الحكومة فى حيص بيص نتيجة لهذا القرار العجيب والمتسرع.
أفهم أن الحكومة كانت حسنة النية.. كانت تريد إعطاء إجازة للموظف حتى يتمكن من المشاركة فى الاحتفال.. وماله.. كان يمكن للاحتفال أن يبدأ متأخرا قليلا لما بعد انتهاء العمل.. أو أن يكون الاحتفال يوم الإجازة الطبيعى.. يعنى يوم الجمعة.. وكنا سنتأخر يوما واحدا عن الموعد المحدد للافتتاح.. لكن لا.. حضرة الموظف الذى مارس النفاق للحاكم ثم النفاق للموظفين أراد أن يكون الاحتفال على طريقة فرح العمدة دون دراسة أو تخطيط أو حسابات لساعات الهدر من رصيد اقتصادنا القومى.
فى بلاد الخواجات يؤجلون الاحتفالات لأول عطلة أسبوعية.. ولا يكتفون والانتخابات والاستفتاءات عندهم لابد أن تكون فى العطلة الأسبوعية، وحتى لا يتعطل دولاب العمل.. لكن عندنا والبساط أحمدى.. فقد أفتى حضرة الموظف بأن يكون الاحتفال يوم الخميس.. دقيق جدا حضرته.. بدأ العمل فى حفر القناة الجديدة يوم 6 أغسطس.. ولابد أن يكون الاحتفال يوم 6 أغسطس أيضا..!
لا أعرف والحال كذلك متى نتقدم.. وكيف نتفوق وثقافة العمل غائبة عن فكر الدولة.. وحكاية أننا نأخذ يومين إجازة فى الأسبوع حكاية غريبة حقا.. تثبت أننا من هواة الاقتباس وتقليد الخواجة عمال على بطال.. ونعم يحصل العامل فى بلاد بره على يومين إجازة لأنهم يعانون تخمة فى الإنتاج.. وساعات العمل الأسبوعية 40 ساعة مقسمة على خمسة أيام بواقع ثمانى ساعات فى اليوم.. ولكن من قال إن ظروفنا الاقتصادية تشبه ظروف الخواجات.. ونحن نعانى أنيميا إنتاجية تتطلب قوانين خاصة تجيز تشغيل العامل والموظف يوما إضافيا.. وأخشى أن الدولة ترفض حتى لا تدفع فروقا فى الأجور.. ولكن من قال لكم ومن أفتى أن ظروفنا الإنتاجية تتشابه مع ظروف الخواجة؟!
فى بلاد بره إنتاجهم كبير بالفعل.. وتجتهد حكومات الغرب لتقليل ساعات العمل لأن المجتمع فى ظل ثورة التكنولوجيا لم يعد فى حاجة للشغل الكثير بقدر حاجته للشغل الدقيق!
أقصد أن الحصول على يومين إجازة هو دليل على حالة الاستقرار الإنتاجى والسلعى والوفرة فى كل شىء.. فلماذا نحصل نحن على يومين إجازة وإنتاجنا بعافية حبتين؟!
مبروك علينا قناة السويس الجديدة.. مبروك الإنجاز المحترم الذى يضيف لطاقاتنا الكثير ويزيد من دخل مصر من العملات الصعبة.. مبروك الشغل والإنتاج.. وهو الدرس الأول للقناة الجديدة.. الذى ترجمه حضرة الموظف الكحيتى إلى الدعوة للكسل والرحرحة وممارسة رياضة الكسل اللذيذ..!∎