العالم يترقب «شارة» السيسى
مرفت الحطيم
منحت قناة السويس المصريين الحياة، وغيرت خريطة التجارة العالمية.
وبعد إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى استكمال حفر القناة الجديدة يعيد المصريون تغيير خريطة التجارة العالمية مرة أخري؛ والتى تعتبر أهم ممر مائى صناعى فى العالم طوله 193 كيلومترا تمتد من بورسعيد على البحر المتوسط حتى السويس.
استغرق بناء القناة الأم 10 سنوات بدأت عام 1859 وانتهت بحفل افتتاح عالمى عام 1869، بينما استغرق حفر القناة الجديدة عاما واحدا بعد تطوير معدات الحفر؛ وتعد القناة أهم مجرى ملاحى فى العالم، حيث تتحكم فى 40% من حركة السفن والحاويات العالمية.
وترجع فكرة حفر قناة تربط بين البحرين المتوسط والأحمر إلى أقدم العصور، حيث شقت مصر أول قناة صناعية على وجه الأرض؛ فقد حفر الفراعنة قناة تربط بين النيل والبحر الأحمر، وعندما اكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح فى بداية القرن السادس عشر الميلادى تغيرت معه حركة التجارة العالمية، ولم تعد مصر والإسكندرية قلب هذه التجارة، وعانت من جراء ذلك معاناة شديدة، ومع تزايد التنافس الاستعمارى بين الدول الكبرى رأى الفرنسيون أن الوسيلة الوحيدة للتغلب على البرتغاليين إعادة التجارة إلى طريقها القديم والحصول على حاصلات الشرق بواسطة السويس، وصارت تلك الفكرة الشغل الشاغل للدبلوماسية الفرنسية.
ولكن خطأ وقع فيه أحد الباحثين الفرنسيين الذين قدموا مع الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت باختلاف منسوب البحرين الأحمر والأبيض أفشل المشروع، ثم عادت الفكرة للظهور مجددا بعد اكتشاف الخطأ.
وتقلب مصير فكرة القناة بين عدد من ولاة مصر منذ سعيد نجل محمد على الذى منح حق الحفر لشركة فرنسية أسسها صديقه فرديناند ديليسبس، مرورا بالخديو إسماعيل الذى تم إنهاء الحفر فى عهده، وإقامة حفل أسطورى حضره عدد من أهم ملوك وأمراء العالم.
ولكن إسماعيل أضاع حق مصر فى القناة، بعد استدانته أموالا باهظة من بيوت المال الأوروبية، ما أدى فى النهاية إلى بيعه حصة مصر فى الشركة التى تدير القناة.
ثم أعاد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر القناة إلى مصر بقرار تأميم الشركة، لتصبح أحد روافد الدخل القومي.
أما القناة الجديدة فقد قرر الرئيس السيسى حفرها العام الماضى فى احتفالية ووقع مرسوما إيذانا ببدء العمل.
وشارك فى الحفر 3 آلاف شاحنة ولودر و7500 عامل ، ووصل عدد الشركات المشاركة من 40 إلى 63 شركة، بعد اختصار الرئيس مدة التنفيذ من ثلاثة أعوام إلى عام واحد.
والشركات عملت فقط فى تنفيذ أعمال الحفر الجاف الذى يصل طوله إلى 35 كيلومترا، ووصل حجم الرمال المرفوعة نصف مليون متر مكعب، وحصلت كل شركة على مساحة محددة من الحفر، وفق قوة عملها وحجم المعدات والأدوات المتوفرة لديها، حيث بلغ حجم الأعمال 500 مليون متر مكعب منها 50% أعمال حفر جاف و50% أعمال التكريك ورفع مخلفات الحفر، وكان العمل مستمراً على مدار 24 ساعة بمعدل فترتين باليوم. وكان لكل شركة وكتيبة، معسكر إدارى ومناطق إعاشة بها مطبخ ومطعم.
أما حفل القناة الجديدة فسيبدأ صباح السادس من أغسطس على الضفة الشرقية بحضور نحو 8000 من كل المحافظات المصرية، حيث سيبدأ بعرض بحرى تشارك فيه 12 قطعة حربية من القوات البحرية المصرية و15 وحدة بحرية من هيئة القناة.
وسيقام الاحتفال المسائى بحضور الملوك والرؤساء وضيوف مصر وعدد من الشخصيات العالمية غرب القناة وعلى رأسهم فلاديمير بوتين رئيس روسيا وديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا وفرانسوا هولاند رئيس فرنسا وماتيو رينزى رئيس وزراء إيطاليا وسلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت وحمد بن عيسى ملك البحرين وعبدالله الثانى بن الحسين ملك الأردن وأليكسيس تسيبراس رئيس وزراء اليونان وفيكتور أوربان رئيس وزراء المجر ونيكوس انستاسيادس رئيس قبرص وعبد ربه منصور هادى رئيس اليمن وعمر البشير رئيس السودان ومحمد فؤاد معصوم رئيس العراق وفور جناسينجبى رئيس توجو وتيودورو أوبيانج رئيس غينيا الاستوائية وسيلفا كير رئيس جنوب السودان وإسماعيل عمر جيلة رئيس جيبوتى و بيتر موثاريكا رئيس مالاوى وهيلا مريم ديساليه رئيس وزراء إثيوبيا.
والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد «أبو ظبي» وعبدالمالك سلال، رئيس وزراء الجزائر.
وتمام سلام رئيس وزراء لبنان، حيث أعدت منصات الاستقبال الضيوف مطابقة لمنصة الافتتاح الأول للقناة 1869 والذى حضرته الامبراطورة الفرنسية أوجيني.
وسيطلق الرئيس السيسى أمر بدء تشغيل القناة الجديدة لتبدأ سفن القافلة الجنوبية المتجهة شمالا للبحر المتوسط فى الإبحار بالقناة الجديدة فى نفس الوقت الذى تعبر فيه سفن قافلة الشمال المتجهة إلى البحر الأحمر، حيث سيتابع الرئيس السيسى والضيوف عملية العبور المزدوج فى المنطقة من الكيلو 86 إلى الكيلو 76، حيث تبحر فيها اليخت الجمهورى المحروسة.
وستطلق السفن المرابطة فى جميع موانئ العالم صافراتها بالتزامن مع إطلاق الرئيس إشارة بدء التشغيل الفعلي، وهى سابقة الأولى من نوعها فى تاريخ البحرية العالمية، تقديرا لدور القناة فى خدمة حركة التجارة العالمية فضلا عن ظهور الفرقاطة فريم بجانب تحليق طائرات «الرافال» و«إف 16».
وفى رصد لأشهر وأهم السفن التى عبرت القناة منذ افتتاحها وحتى اليوم تظهر السفينة «نسر» التى استقلها الرئيس الراحل أنور السادات فى 5 يونيو 1975 فى حفل الافتتاح الأسطوري؛ معلناً إعادة فتح القناة للملاحة العالمية بعد ثمانية أعوام كاملة من الإغلاق إثر هزيمة يونيو عام 1967.
حققت قناة السويس خلال الفترة الماضية، وفى إطار الاستعداد لافتتاح القناة الجديدة، عدة إنجازات ملاحية، ونجاحات أعلن عنها رئيس هيئة القناة الفريق مهاب مميش، كان أبرزها عبور سفينة حاويات تابعة لشركةCma cgm المجرى الملاحي.
وتعتبر تلك السفينة هى ثالث أكبر ناقلة حاويات فى العالم، وعبرت القناة بحمولة 180 ألف طن بطول 400 متر وعرض 54 رافعة علم إنجلترا، وسددت السفينة مليونا و200 ألف دولار كرسوم عبور، واستقبل الفريق مميش السفينة بمدينة الإسماعيلية وأهدى طاقمها دروعا تذكارية كتقليد تتبعه الهيئة فى استقبال السفن التى تعبر القناة فى أول رحلة لها. وقال الفريق إن عبور السفينة رسالة أمان للعالم، تؤكد قدرة القناة على استيعاب أكبر سفن الحاويات فى العالم.
ونجحت السبت الماضى عملية العبور التجريبى للقناة الجديدة، التى اعتمدت على عبور 6حاويات عملاقة للمجري، فى قافلتين الأولى قادمة من السويس إلى البحر الأحمر والثانية من بورسعيد إلى البحر المتوسط. وكانت أولى هذه السفن هى apl southenbtoin وترفع علم سنغافورة وحمولتها 133 ألف طن وغاطسها 41.8 قدم دخلت القناة قادمة من الجنوب فى الساعة الخامسة والنصف صباحًا، وتولى إرشادها القبطان سعيد عباس أثناء عبور المجري، والتى كتب اسمها فى تاريخ القناة، كأول سفينة تعبر القناة الجديدة فى 25 يوليو الماضي.











