الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«سلطان».. الخائن الأكبر

«سلطان».. الخائن الأكبر
«سلطان».. الخائن الأكبر


الوطنية والانتماء.. أشياء لا تشترى.. فهل يستوى الذى صان الأرض والعرض مع الذى خان جماعته قبل وطنه؟!.. البون شاسع بين من يتوضأ بتراب هذا الوطن ويعفر وجهه من طول السجود، ومن باع جنسيته من أجل معدته «وجبة بيتزا والدونتس» ويولى وجهه شطر «البيت الأبيض الحرام» راكعا وساجدا فى خشوع تحت قدمى سيده أوباما!
لغط كثير وغموض أكثر دار حول قرار الإفراج عن المتهم الإخوانى «محمد سلطان» المحكوم عليه حضوريا بالمؤبد فى القضية المعروفة إعلاميا بـ «غرفة عمليات رابعة»، وهو فى الوقت نفسه نجل القيادى الإخوانى «صلاح سلطان» وذلك بعد أن تقدم بطلب للتنازل عن جنسيته المصرية ومحتفظا بجنسيته الأمريكية، مستفيدا من القانون الصادر فى 2014 الذى يمنح من يمتلك جنسية أخرى غير المصرية التنازل عن مصريته مقابل نقل محاكمته أو تنفيذ عقوبته فى البلد الآخر الذى يحمل جنسيته، وذلك بشرط أن يحقق ذلك ويراعى المصالح العليا للبلاد.
مياه كثيرة جرت تحت الجسور حتى خروج ذلك القرار الذى فاجأ البعض، خصوصا أن «سلطان» صنعت منه الجماعة الإرهابية «أيقونة إخوانية» تلهب شباب الجماعة المتحمس، وفى الوقت نفسه استغلاله لابتزاز الدولة المصرية بعد أن أعلن إضرابا صوريا عن الطعام قيل إنه تجاوز العام تقريبا!
علميا وبيولوجيا هو أسطورة خرافية لا تمت للواقع بصلة، فلا هو أضرب عن الطعام، ولا تعنيه القضية برمتها، بل حاول وجماعته ابتزاز الدولة وتصدير صورة بطولية مزيفة عن صموده ورفضه للنظام القائم وقامت الميليشيات الإخوانية والأذرع الإعلامية للجماعة بتصدير صورته وقصته لكسب التعاطف الدولى من جهة، وكذلك أوساط الشباب والبسطاء وليكون ملهما لشباب الإخوان!
«محمد سلطان» من أبناء الجيل الثانى للإخوان المولود فى الغرب «أمريكا فى حالته» والمنفصل تماما عن جنسيته الأم «المصرية»، نشأ وتربى وتغذى على الثقافة الغربية والانتماء للجماعة الإرهابية ورضع منها كراهية مصر بكل ما فيها، ويكرس نشاطه فى أوروبا وأمريكا لإضعاف موقف مصر التى لم يكن حتى على باله زيارتها لولا أحداث 25 يناير المصنوعة بأيدٍ إخوانية، والتى أفرزت ترشح «محمد مرسى» للرئاسة، حيث صدرت تعليمات من مكتب الإرشاد له ولغيره بالتحرك إلى مصر للمساعدة والنهوض فى مهمة إحكام قبضتهم على الدولة المصرية وتقديمه كنموذج شاب إخوانى عصرى يجيد التحدث بلغة الغرب والتفاهم معهم ونموذج ملهم مثل سابقه وائل غنيم للتأثير فى قطاعات كبيرة من الشباب المصرى حتى من هم ليسوا إخوانا أصلا!
تتابع الأحداث سريعا والسقوط المدوى للحكم الإخوانى الفاشى بعد عام واحد كان مساهما فى انتقال سلطان لخانة الممارسات الإرهابية الإجرامية، حيث شارك فى إطلاق النار على قوات الشرطة أثناء فض اعتصام رابعة المسلح، ثم أصيب برصاصة فى كتفه أثناء مهاجمته لعدد من أقسام الشرطة عقب ثورة 30 يونيو، وثبتت مشاركته فى حرق أقسام التبين والصف وكرداسة وإطفيح.
كذلك عثر معه أثناء القبض عليه على خرائط وخطط لاقتحام أقسام الشرطة وقطع الطرق وقائمة بأسماء الضباط لاغتيالهم!
ذلك غيض من فيض سجله الإجرامى للمتعاطفين معه، أما الأكذوبة التى كشفت عن وجهها القبيح عندما كان يبعث سرا برسائل من داخل محبسه لأوباما والخارجية والسفارة الأمريكية بالقاهرة، فلم تكن الرسالة الأخيرة التى جرى كشف النقاب عنها ويعلن اعتزازه فيها بنجوم العالم الأمريكى إلا و احدة من رسائل كثر ظل يراسل ويغازل فيها الأمريكان للتدخل للإفراج عنه!
فى هذه الأثناء كان «محمد سلطان» يتريض ويأكل ويشرب لعامين كاملين ثم يتم تسريب أنباء مفبركة عن حالته المتدهورة من إضرابه المكذوب!
كل ذلك فى محاولة لابتزاز الدولة المصرية والضغط عليها للإفراج عنها ولم تلن إرادة صانع القرار المصرى أو يخضع لهذا الابتزاز الإخوانى مهما كان الأمر، حتى أرسل عبر محاميه طلبا للسلطات يقضى فيه بطلب الجلوس مع قيادات أمنية للكشف عما لديه من أسرار تخص الجماعة الإرهابية والتنظيم، وكذا التنازل عن جنسيته المصرية مقابل الإفراج عنه ونقله إلى دولته التى يحمل جنسيتها لقضاء باقى العقوبة هناك!
خان جماعته قبل أن يخون وطنه.. جلس مع عدد من ضباط جهاز الأمن الوطنى وسرد كمًا هائلاً من المعلومات عن أساليب تمويل جماعة الإخوان وطرق تهريب ونقل الأموال إلى داخل البلاد وأساليب التحرك داخل البلاد وطرق التخفى والاتصال بين عناصر وقيادات الجماعة الإرهابية.
«سلطان» أرشد عن عناصر الجماعة الإرهابية فى أمريكا ومن يتواصل معها فى الداخل والأدوار المكلفين بها.
المفاجأة كانت ما كشفه عن اعتصام رابعة وما شهده، وعلاقة الإخوان بعناصر تنظيم بيت المقدس والذين كانوا متواجدين فى الاعتصام بناء على تعليمات وترتيبات خيرت الشاطر.
لم يكتف كنز المعلومات الإخوانى بتقديم خدماته واعترافاته بل أرشد عن عدد من القيادات ونفى سفرهم خارج البلاد وطرق التواصل معهم وكيفية نقل الأوامر والتكليفات، ونفى كل ما أثير عن إجراء انتخابات جديدة فى مكتب الإرشاد، وأن المرشد هو بديع والمكتب كما هو بما فيه أعضاؤه الهاربون أو الموجودون فى السجون، ولعل من أطرف التعليقات أن «محمد سلطان» قام بالإبلاغ عن كل قيادات الإخوان تقريبا باستثناء والده!
ورغم أن «سلطان» لم يكن كادرا تنظيميا إلا أن فترة تواجده فى مصر من 25 يناير وحتى القبض عليه سمحت له بالاطلاع على كل أسرار الجماعة والتواصل مع الداخل والخارج وكان حلقة الوصل فى التفاهمات مع القوى الغربية والتنظيم الدولى، فضلا عن تواجده المؤثر فى اعتصام رابعة وما تلاه من عمليات إرهابية شارك فيها.. إلا أن كل معلوماته التى قدمها خضعت للتقييم والتقدير والتدقيق من قبل أجهزة الأمن المسئولة والتى بدورها أكدت صحة ودقة معلوماته التى أفادت فى الكشف والقبض على عدد كبير من الخلايا وإحباط عمليات لها، وربما يكون أحد نتائجها القبض على القياديين البارزين محمود غزلان وعبدالرحمن البر فى ضربة قاصمة للتنظيم!
جاءت الخطوة التالية بتقديم محاميه طلب التنازل عن الجنسية للنائب العام حتى يستفيد من القانون الجديد وبعد أن تأكدت الأجهزة من دقة معلوماته رفعت تقريرها للنائب العام الذى رفعه بدوره لرئيس الجمهورية، حيث لم تعد هناك جدوى من بقائه فى السجون المصرية وأصبح مواطنا أمريكيا متعاوناً!
منذ صدور قرار ترحيله استلمته السفارة الأمريكية جالسا على كرسى متحرك من عهدة مصلحة السجون بوزارة الداخلية ونقلته عبر سيارتها إلى المطار مباشرة إلى أمريكا بنفس الكرسى الذى قام من عليه ودبت فيه الروح والقوة ليسجد ويقبل الأرضى الأمريكية لتبدو المقارنة واجبة بين من خان وطنه وحتى جماعته الإرهابية ومن يسجد لله وللوطن ولا ينتظر جزاء ولا شكورا.
أخيرا.. قصة سلطان بكل أبعادها تكشف وترسخ قواعد اللعبة مع الإخوان.. ألا تخضع لابتزازهم مهما كان حجم الضغط، وإذا قدر لك أن تقيم صفقة فلا بد أن تكون مكاسب الدولة 99٪ ويبقى لهم 1٪ لا قيمة له لمن نزع عن نفسه شرف الانتماء للوطن.∎