مالطا تنصب علي الحكومة الليبية في 60 مليون يورو
روزاليوسف الأسبوعية
رفض «بنك فاليتا» المالطى تسليم 60 مليون يورو كان قد وضعها «معتصم القذافى» قبل مقتله مع والده الديكتاتور الليبى معمر القذافى فى شهر أكتوبر عام 2011 فى حسابه الخاص بالبنك المالطى حتى يتمكن من الصرف على مشترياته الخاصة وإقامته فى روما، وبيفرلى هيلز وكان.
ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن الحكومة الليبية قدمت مذكرة قانونية إلى مالطا للمطالبة بإعادة عشرات الملايين من اليورو والدولارات إلى ليبيا، حيث إنها سرقت من الدولة خلال عهد القذافى، واتهمت الحكومة الليبية «بنك فاليتا» بتجاهل القواعد الأساسية التى تهدف إلى منع البنوك الغربية من التعامل مع المسئولين الفاسدين أو تسهيل غسل الأموال.
وقالت المذكرة إن البنك كان مستمرًا فى الاستفادة من حسابات معتصم القذافى كمصدر رخيص للتمويل وفرض رسوم وفوائد على معاملاته الضخمة باستخدام بطاقات الائتمان قبل مماته.
ونفى «بنك فاليتا»، المملوك جزئيًا من قبل الحكومة المالطية والبنك الإيطالى العملاق «يونيكريديت سبا» ذلك، وقال الرئيس التنفيذى «تشارلز بورج» إن أيا من البنك ولا مسئوليه التنفيذيين هم قيد التحقيق لارتكاب أى مخالفات متعلقة بالحسابات الخاصة بمعتصم القذافى، وقال إن البنك يطبق سياسة الرعاية الواجبة والسرية الصارمة لعملائه.
البنك الذى يعد أكبر بنوك مالطا، رفض تسليم الأموال حتى يتم رفع الطلبات الدولية لتجميد الأصول الليبية، ومازالت الدعوى القضائية جارية.
وقال «إدوارد ساسلينا» وزير مالية مالطا إنه «تم فتح الحسابات قبل ثورات الربيع العربى، وقبل تجميد أصول عائلة القذافى والحكومة الليبية فى ظل العقوبات الدولية، قبلنا هذه الأموال، وتم استثمارها فى مالطا مثلما هو الحال فى بلدان أخرى».
هذا النزاع يمثل موجة من متاعب غسيل الأموال على ضفاف العديد من البنوك الأوروبية، فلسنوات، كان العديد من البنوك الأوروبية متلهفة للفوز بأعمال جديدة، حتى إنها تعمل فى بعض الأحيان مع الكثير من الأفراد المشبوهين أو قبول بعض الأعمال التجارية مع البلدان التى كانت خاضعة للعقوبات الدولية.
لكن الآن، تعمل الولايات المتحدة وحكومات أخرى فى استخدام سياسة القمع والبطش على نطاق واسع، مما أدى إلى فرض مليارات الدولارات من العقوبات على بعض البنوك فى القارة الأوروبية.
«يونيكريديت»، المملوكة جزئيًا لصندوق الثروة السيادية الليبى والبنك المركزى ، قيد التحقيق الآن وفى الولايات المتحدة عن انتهاكات وهناك عقوبات محتملة، ولا علاقة لها بما يحدث فى مالطا، وقالت إنها تتعاون مع السلطات الأمريكية.
«بنك فاليتا» ليس متهمًا بخرق العقوبات، وتقول الحكومة الليبية إن البنك انتهك ما يسمى القواعد البنكية المعروفة باسم «اعرف زبونك» التى كان ينبغى أن تمنع معتصم القذافى من فتح حساب بهذا البنك فى المقام الأول.
«معتصم القذافى» كان لديه قبل موته ودائع تقدر بستين مليون يورو، مخبأة فى حسابات «بنك فاليتا»، وفقًا للمذكرة القانونية التى رفعت للمحكمة، واعتاد استخدام بطاقة ائتمان «بنك فاليتا» فيزا البلاتينية لمجرد الإنفاق خلال بضعة أسابيع، وفقًا لبيانات بطاقة الائتمان.
ففى 10 أبريل ,2009 على سبيل المثال، أنفق معتصم القذافى أكثر من واحد وعشرين ألف يورو للتسوق فى روما، فى مشتريات كبيرة فى محلات «فيرساتشى» و«دولتشى آند جابانا» وأنفق مبلغًا إضافيًا قدره (8300) يورو فى متاجر «هيرميس»، و«لابيرلا» وبوتيك «جورجيو أرمانى»، وفى نهاية اليوم صرف مبلغ (3300) يورو فى بار وملهى ليلى.
وتنفى والدته، «صفية فركاش»، أن ابنها حصل على المال من خلال وسائل غير مشروعة، وقالت فى المذكرة القانونية التى قدمت للمحكمة إن بعض المال ينتمى لها كوريثة لمعمر القذافى.
المعركة على الأموال المتبقية للقذافى تلقى الضوء بقوة فى وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية على دور مالطا باعتبارها مقصدًا للأصول المخفية والمهربة.
مالطا الدولة الصغيرة استخدمت لعدة قرون عبر البحر المتوسط خاصة بين صقلية وشمال إفريقيا لجعلها مركزًا للتجارة، وكمعبر لتدفق الأموال بين القارات، اليوم، مالطا صاحبة السياسة الضريبية الليبرالية والسياسات التنظيمية، ومن خلال عضويتها فى الاتحاد الأوروبى ومنطقة اليورو، كل ذلك يساعد مالطا على نطاق واسع فى جذب الأعمال التجارية الدولية الضخمة.
لكن الاتحاد الأوروبى فى السنوات الأخيرة، انتقد مالطا ووبخها بشدة لعدم الإبلاغ عن جميع المعاملات المشبوهة، خصوصًا التى تنطوى على الأشخاص المعروفين بالفساد سياسيًا من شمال إفريقيا وأوروبا الشرقية.
السلطات المالطية مازالت ترفض تلك الانتقادات والأوصاف، وتقول إنها تلتزم بمعايير دولية صارمة، فالمديرون التنفيذيون فى يونيكريديت، التى تملك حصة نحو 15٪ فى بنك فاليتا، وتعين مديرًا واحدًا لمجلس إدارتها، تفصل نفسها تمامًا عن تصرفات، وإدارة البنك المالطى واصفة اهتمامهم بأنهم سلبيون.
وقال شخص مطلع على المسألة فى السنوات الأخيرة، إن البنك الإيطالى حاول بيع حصته فى «بنك فاليتا» ولكن لم يتمكن من العثور على مشترى.
معتصم القذافى كان قبل وفاته، يشغل منصب مستشار الأمن القومى الليبى، وكان راتبه السنوى نحو 45000 يورو، وكان محظورًا عليه بموجب القانون الليبى الحصول على أى دخل خاص أو أجنبى أو شغل مناصب فى الشركات الخاصة، وفقًا لوثائق قدمت فى مالطا من قبل دائرة التقاضى فى ليبيا.
بدأ معتصم القذافى فتح حسابات فى «بنك فاليتا» فى عام 2002 كما تظهر وثائق البنك، وتم فتح الحسابات تحت رعاية الشركات المسجلة بمالطا التى كان يمتلكها، وتضخمت الأصول بالحسابات من 500 يورو فى عام 2002 إلى 60 مليون يورو على الأقل فى أوائل عام ,2011 وفقًا للوثائق القانونية.
وعندما قتل «معتصم القذافى» فى عمر 36 عامًا فى أكتوبر ,2011 تم العثور على بطاقتى فيزا «بنك فاليتا» فى محفظته، وفقًا لتقرير الصحافة المحلية الليبية فى ذلك الوقت.
ولم يعلق «بنك فاليتا» ولا المحاسب المسئول عن حسابات الشركات الوهمية لمعتصم القذافى على التحويلات المالية الكبيرة والضخمة داخل وخارج الحسابات المشبوهة، وفقًا لنسخة من شهادة المحاسب «جوزيف سامت» التى شهد بها فى المحكمة المالطية فى عام .2013
«جوزيف سامت» رفض التحدث إلى الصحفيين حول شهادته فى المحكمة، واكتفى بشهادته أمام المحكمة لمناقشة جميع المعاملات مع «بنك فاليتا» وبعد ذلك قرر عدم تقديم أية تقارير عنها إلى السلطات المالطية.∎







