«آل سعود» فى «عاصفة الانشقاقات»

هدى المصرى
لم تمض لحظات على القرارات الملكية التى أصدرها الملك سلمان بن عبدالعزيز فجر يوم الأربعاء الماضى والتى شملت الكثير من المناصب الحيوية فى المملكة، حتى اشتعلت مواقع تويتر والفيس بوك بالتعليقات المتباينة ما بين مرحب ومندد بهذه القرارات الصادمة.
كان أكثر تلك القرارات الملكية إثارة للجدل تعيين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وليا للعهد بدلا من عمه الأمير مقرن، وتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليا لولى العهد، وقد تبارى السعوديون بمن فيهم كبار الأمراء على مباركة هذه القرارات وتقديم التهانى، بينما وصفها آخرون بالقرارات الارتجالية والعشوائية.
وجاءت أكثر التغريدات لفتا للانتباه وتعليقا من المتابعين تغريدة للأمير طلال بن عبدالعزيز شقيق الملك سلمان ذكر فيها أنه فوجئ عند نهاية العهد ما قبل الحالى وهذا العهد بقرارات ارتجالية أعتقد بعد التوكل على الله أنها لا تتفق مع شريعتنا الإسلامية ولا أنظمة الدولة.
وشدد طلال فى تغريدته قائلا: لا سمع ولا طاعة، وبالتالى لا بيعة لمن خالف هذا وذاك، وإننى أؤكد على موقفى هذا وأدعو الجميع إلى التروى وأخذ الأمور بالهدوء تحت مظلة نظام البيعة الذى وبالرغم من مخالفته لما اتفق عليه فى اجتماعات مكة بين أبناء الملك عبدالعزيز لايزال هو أفضل المتاح.
ومضى قائلا: رغم أن الأمر الذى اتفق عليه فى مكة أن ينظر فى تعديل بعض المواد - إذا وجد ذلك ضروريا - بعد سنة من إقراره، الأمر الذى لم يتم للأسف وبالتالى فإننى أكرر أنه لا سمع ولا طاعة لأى شخص يأتى فى هذه المناصب العليا مخالفا للشريعة ونصوصها وأنظمة الدولة التى أقسمنا على الطاعة لها.
والأمير طلال بن عبدالعزيز «ولد 1931» وهو الابن الثامن عشر من أبناء الملك عبدالعزيز وشغل العديد من المناصب الحكومية فى السعودية، لكنه تزعم حركة أطلق عليها «الأمراء الأحرار» طالبت بإنشاء حكم دستورى برلمانى فى السعودية، وفصل الأسرة المالكة عن الحكم، والمساواة بين الرجال والنساء. ثم غادر السعودية إلى مصر واستضافه الرئيس جمال عبدالناصر، وقام الملك سعود بسحب الجواز الدبلوماسى منه، وظل مقيما فى مصر حتى سمح له الملك فيصل بالعودة بشرط عدم تدخله فى شئون الدولة والحكم.
وفى 16 نوفمبر 2011 أعلن استقالته من هيئة البيعة بعد 3 أسابيع من تعيين شقيقه الأمير نايف فى منصب ولى العهد، وبعد قيام الملك عبدالله بتعيين الأمير سلمان وليا للعهد قال إن هيئة البيعة لم تدع للاجتماع والتشاور حول هذا التعيين.
ودعا الأمير طلال بن عبدالعزيز إلى اجتماع عام يضم أبناء عبدالعزيز وبعض أحفاده المنصوص عليهم فى هيئة البيعة، ويضاف إليهم بعض من هيئة كبار العلماء، وبعض من أعضاء مجلس الشورى، ومن يرى أنه على مستوى الدولة من رجال البلاد، للنظر فى هذه الأمور.
هذه التغريدة التى أطلقها الأمير طلال على تويتر جوبهت بردود فعل متباينة ما بين مؤيد ومعارض، حيث رد البعض بالقول: نبايعهم على السمع والطاعة فى المنشط والمكره، ووجه آخرون كلامهم لطلال قائلين: «زمن طويل وأنت تبحث عن مصلحتك الشخصية وأطماعك فى الحكم، دوافعك ليست وطنية وغالبية الشعب يعلم ذلك».
وقال آخر: «ألست أنت من سرق الميزانية وهرب خارج الوطن» فيما تساءل آخر: «وهل عدم مبايعتك يا سمو الأمير ستغير من الأمر شيئا؟ الشعب كله يقول: نبايع محمد بن نايف ومحمد بن سلمان.. بايعت أم لم تبايع».
وفى مقابل بيان الأمير طلال أعلن ابنه الوليد بن طلال مبايعته للأمير محمد بن نايف ولى العهد السعودى، ومحمد بن سلمان ولى ولى العهد.
وقال وليد بن طلال فى حسابه على تويتر مساء الأربعاء الماضى: «بايعت أخى الأمير محمد بن نايف بولاية العهد، بايعت أخى الأمير محمد بن سلمان بولاية ولى العهد لخدمة الدين ثم الملك والوطن».
والوليد بن طلال ولد بالرياض فى 7 مارس 1955 وهو الابن الثانى للأمير طلال بن عبدالعزيز ويعد الوليد من أكبر المستثمرين فى العالم، حيث صنفته مجلة «فوربس» الأمريكية عام 2009 فى الترتيب 22 بين أغنياء العالم بثروة تقدر بـ3,13 مليار دولار، وفى عام 2010 ارتفع فى الترتيب إلى المرتبة 19 بثروة 4,19 مليار دولار.
من ناحية أخرى، غرّد من أطلق على نفسه «المجتهد» عبر حسابه الشخصى على تويتر، يوم الأربعاء الماضى، وذكر ما قال إنها تفاصيل حدثت داخل الأسرة المالكة السعودية قبل يوم من صدور قرارات الملك سلمان، موضحا أن ولى العهد السابق الأمير مقرن كان يقيم مأدبة عشاء لبعض أمراء الأسرة الحاكمة وكبار الشخصيات السعودية، وبعد انتهاء العشاء استدعاه الملك سلمان وقال له حرفيا «ما منك قصور لكن ودنا نستفيد من همة الشباب» فأعلن الأمير مقرن موافقته على الفور، بعدها قام كل من الأمير محمد بن نايف ومحمد بن سلمان بإبلاغ كبار الأمراء فى الأسرة الحاكمة وكبار الشخصيات السعودية كما كلف كلا من ماجد القصبى ومساعد العبيات بإقناع هيئة البيعة.
وكشف «مجتهد» عن وجود أمراء لم يوافقوا على التغييرات الأخيرة من أبناء الملك عبدالعزيز وهم الأمير أحمد بن عبدالعزيز «ولد 1943» وعين وزيرا للداخلية فى الفترة من 18 يونيو 2012 حتى 5 نوفمبر 2012 وهو الابن الحادى والثلاثون من أبناء الملك عبدالعزيز من زوجته الأميرة حصة السديرى.
ومن الأمراء المعترضين الذين تحدث عنهم «المجتهد» الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز وهو الابن التاسع والعشرون من أبناء الملك عبدالعزيز من الأميرة هيا السديرى وفى عام 1400 هـ عين أميرا على منطقة القصيم حتى عام 1412 هـ، وفى عام 1419هـ عين أميرا على منطقة الجوف حتى عام 1423هـ، وفى عام 1429هـ عين مستشارا للملك عبدالله ثم مستشارا للملك سلمان.
أما الأمير ممدوح بن عبدالعزيز فهو الابن الثامن والعشرون من أبناء الملك عبدالعزيز من الأميرة نوف الشعلان، وفى عام 1406هـ عين أميرا على منطقة تبوك حتى عام 1405هـ بعدها رئيسا لمركز الدراسات الاستراتيجية حتى نحى عنه.
هناك أيضا الأمير متعب بن عبدالعزيز (1931) وزير الشئون البلدية والقروية سابقا، وهو الابن التاسع عشر من أبناء الملك عبدالعزيز الذكور، وكان الملك عبدالعزيز قد عينه أميرا لمنطقة مكة المكرمة فى عام 1373هـ وظل عليها حتى عام 1375هـ.
يضاف للقائمة الأمير بندر بن عبدالعزيز، الابن العاشر من أبناء الملك عبدالعزيز، ولم يتقلد أى منصب رسمى فى الدولة منذ تأسيسها، ويمثله ابنه الأمير فيصل فى هيئة الدعوة.
وحقق هاشتاج بعنوان «# شكرا - سعود - الفيصل» المركز الأول على تويتر، وعبر المشاركون عن مشاعر المحبة والاحترام لما وصفوه برجل أمضى بوزارة الخارجية السعودية 40 عاما عامرة بالعطاء.
كما عبر نشطاء سعوديون عن تأييدهم ومبايعتهم للأمير محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، وتداول المغردون هاشتاج «نبايع محمد بن نايف ومحمد بن سلمان».
وقال مغرد سعودى على حساب باسم «د.فهد»: «تعيينات موفقة تسير بمملكتنا نحو التجديد واختيار الأفضل» وأعلن مغرد آخر مبايعته للمحمدين - فى إشارة لمحمد بن نايف ومحمد بن سلمان، وقال: «إنه الحزم والحسم فى ريادة السعودية عربيا وإقليميا».
وعلق عبدالعزيز العولقى قائلا: «جميل هذا الصباح الذى يحمل لنا روحا تخفق بالأمل والطموح والعطاء» وقال أحمد المرى: «أبايع المحمدين.. هذا ولد نايف وذا ولد سلمان أحفاد مؤسس وطننا.. من بعده الدستور سنة وقرآن».. وغرد من أطلق على نفسه «حفيد الدواسر» قائلا: «لم نعهد منكم إلا حب الدين والوطن والمليك» وختم محمود عصيمى: «الملك سلمان حريص على الوطن والمواطن بقراراته تعيين محمد بن نايف وليا للعهد ومحمد بن سلمان وليا لولى العهد».
وكان الملك سلمان بن عبدالعزيز أصدر قرارا الأربعاء الماضى بإعفاء شقيقه الأمير مقرن بن عبدالعزيز من منصبه كولى للعهد وتعيين محمد بن نايف وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية ورئيسا لمجلس الشئون السياسية والأمنية، وتعيين محمد بن سلمان وليا لولى العهد بناء على طلب الأمير محمد بن نايف.∎