أوسكار «أكثربياضاً»!
روزاليوسف الأسبوعية
الحديث لا ينقطع عن ردود فعل النجوم حول الرسائل السياسية التى انطلقت من منصة الأوسكار عبر كلمات النجوم بعد تسلم الجوائز.
فقد رجت كلمة النجمة الحاصلة على أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم «بوى هود» باتريشيا أركيت القاعة بعنف وهى تصرخ: «لكل امرأة أنجبت دافعى الضرائب ولكل مواطن فى هذه الأمة. لقد ناضلنا من أجل حقوق متساوية للجميع، والآن آن أوان المساواة فى الأجور».
وفى وقت لاحق، أثار الأداء الغنائى الاستعراضى لـ «جون ليجند وكامون» الفائزين بجائزة أفضل أغنية «جلورى» فى فيلم «سيلما» الانتباه لدى الحضور الذين كان بعضهم يبكى تضامنا معهما، وتوجيه أنظار أكثر من بليون شخص يشاهدون الحفل إلى قضايا الحقوق المدنية، ومحاربة الأمراض، وحقوق التصويت والحبس والعنف المفرط والظلم ضد الأقليات فى الولايات المتحدة.
بعدها انتقدت بعنف المخرجة «لورا بويتراس» الفائزة بجائزة أفضل فيلم وثائقى طويل بعنوان «سيتيزن فور» الذى يتناول قصة عميل المخابرات الأمريكى الأسبق «إدوارد سنودن» الذى تسبب فى كشف برنامج وكالة الأمن القومى الأمريكية فى التجسس على المواطنين، والذى يقيم الآن فى روسيا، أساليب وطرق التجسس السرية للأجهزة الأمنية الأمريكية على مواطنيها.
قرب انتهاء الحفل انتقد المخرج المكسيكى «إليخادرو جونزاليس إيناريتو» الحاصل على جائزتى أفضل مخرج وأفضل فيلم «بيردمان» السياسة الخاطئة للهجرة وسوء معاملة المهاجرين الجدد فى الولايات المتحدة خاصة المكسيك، ودعا لمعاملتهم بإنسانية وكرامة.
وللفائزين بجوائز الأوسكار هناك تاريخ طويل باستخدام الستين ثانية المعطاة لهم للحديث من على منصة الأوسكار بعد تسلم الجائزة فى الترويج لقضايا مهمة، وغالبا ما تكون الدعوة لقضايا شخصية بجرأة وبعمق، مثلما كشف الفائز بجائزة أفضل سيناريو مقتبس جراهام مور (الشاذ جنسيا) خلال الحفل أنه حاول الانتحار عدة مرات فى سن المراهقة، لأنه كان يشعر أنه «غريب» و«مختلف». ثم قال: «أود أن أهدى هذه اللحظة لكل طفل أو طفلة هناك فى مكان ما يشعرون وكأنهم غرباء أو مختلفون أو أنهم لا يتناسبون مع أى مكان. نعم يمكنك تحقيق كل ما تحلم به. وأنا أعدكم بذلك. فليس عيبا أن تكون غريبا، أو مختلفا عن الآخرين، وأن تقلب كل الموازين».
منذ إعلان ترشيحات الأوسكار، والأكاديمية تتهم من قبل بعض النقاد ووسائل الإعلام والنجوم والمشاهير السمر بأن أوسكار هذا العام «الأكثر بياضا» منذ أعوام، وطالبوا بمقاطعة الأوسكار لمزيد من العدل والتنويع فى ترشيحات وتوزيع جوائز هوليوود والأكاديمية.
جاءت الانتقادات الحادة عقب عدم ترشيح الأكاديمية نجم فيلم «سيلما» «ديفيد أويلو» ومخرجته «إيفا دوفيرناى» لجائزتى أفضل ممثل وأفضل مخرجة، رغم ترشيح الفيلم لجائزتى أوسكار أفضل فيلم، وأفضل أغنية فيلمية.
وقد علق مقدم الحفل «نيل باتريك هاريس» بذكاء على الجدل المثار فى هوليوود حول هذه القضية فى مقدمة السهرة مازحا «الليلة نكرم أفضل العاملين فى هوليوود وأكثرهم بياضا» ثم قال «آسف أقصد ألمعهم».
هذا العام، لم تشمل قائمة ترشيحات الأكاديمية أى مرشح من أقلية عرقية. كما أن جميع المرشحين لجائزة أوسكار أفضل مخرج كانوا رجالا.
كل هذه الانتقادات دفعت عددا كبيرا من النقاد والإعلاميين ومحبى السينما إلى التساؤل والدعوة للنقاش بعد ما حدث من خطب رنانة بحفل الأوسكار هل يجب على الأكاديمية إقراض منصة حفل توزيع جوائز الأوسكار لأولئك الذين يحملون أجندات سياسية خاصة تهدف وتسعى لتغيير رؤية أعضاء الأكاديمية والسياسيين والمشرعين والناخبين للقضايا التى يريد هؤلاء النجوم والمشاهير تسليط الضوء عليها ومناصرتها مثل زواج المثليين، وحقوق الأقلية السوداء وقوانين الهجرة، والمساواة فى الأجور؟
ورغم كل ذلك ما أكثر اللحظات الممتعة والضاحكة التى كانت بالحفل الطويل الذى استمر أكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة، منها اللحظة الحساسة والمحرجة للنجم «جون ترافولتا» على خشبة مسرح توزيع جوائز الأوسكار وهو يحاول نطق اسم المغنية «إيدينا مينزيل» بطريقة صحيحة، مما جعل «إيدينا مينزيل» تضحك طريقة نطق ترافولتا الخاطئ للأسماء.. ما دعا مقدم الحفل «نيل باتريك هاريس» إلى التهكم والسخرية من جون ترافولتا قائلا: «بينديكت كمبرباتش» واحد من أفضل الأسماء فى هوليوود، وهو.. الاسم الذى تحصل عليه عندما كنت تسأل جون ترافولتا نطق «بن أفليك».
والتعليق يشير إلى حفل توزيع جوائز الاوسكار 2014 عندما أخطأ ترافولتا فى نطق اسم «إيدينا مينزيل» ودعاها بـ «أديل ديزيم».
إيدينا مينزيل رحبت بترافولتا على خشبة المسرح وهى غارقة فى الضحك ومعها الحضور بالقاعة، حيث قررت إتاحة الفرصة لترافولتا، وإعطاءه فرصة ثانية لنطق اسمها صحيحا تلك المرة، ترافولتا اقترب من المغنية وراح يحضن وجهها فى يديه، وقال ضاحكا: «إننى أستحق ذلك» فى إشارة إلى نكتة هاريس وأخيرا نطق اسم المغنية بشكل صحيح وسط ضحك وتصفيق الجميع.
أيضا من اللحظات التى أثارت الدهشة والاستغراب بين الحضور عندما ظهر مقدم الحفل «نيل باتريك هاريس» المعروف أنه شاذ جنسيا ومتزوج من رجل آخر، خلال الحفل شبه عار وبملابسه الداخلية فقط ساخرا من مشهد من فيلم «بيردمان» الذى حصل على جائزة أفضل فيلم هذا العام، بين الممثل «مايكل كيتون» الذى يظهر بهذا المشهد، والذى كان مرشحا لجائزة أفضل ممثل، والنجم «إدوارد نورتون» الذى كان مرشحا لجائزة أفضل ممثل مساعد.
ومن منا يستطيع أن ينسى لحظة ظهور المطربة القديرة «جولى أندروز» (79عاما)، بعد الأداء المدهش والرائع لليدى جاجا (28عاما) لإحدى أغانيها بالفيلم الشهير «صوت الموسيقى» بمناسبة مرور خمسين عاما على أشهر الأفلام الغنائية الاستعراضية فى تاريخ هوليوود، مفاجأة جميلة أسعدتنا جميعا وجولى أندروز تحتضن بكل الحب والتقدير ليدى جاجا، وتقول لها: شكرا، لقد غمر الدفء والحب قلبى من روعة أدائك الساحر.
تعليق غبى غير اللائق للممثل «شون بن» الذى كاد يفسد حفل توزيع جوائز الأوسكار، وأشاع جوا من عدم البهجة والصدمة قبل ختامه بدقائق عندما فتح الظرف ليعلن جائزة أفضل فيلم، وسرح بتعمد وهو يقرأ اسم الفيلم الفائز وقال: «من أعطى هذا ابن العاهرة الجرين كارد- بطاقة إقامته الخضراء» مشيرا إلى المخرج المكسيكى «إليخادرو جونزاليس إيناريتو» الحاصل على جائزتى أفضل مخرج وأفضل فيلم «بيردمان».
وندد عدد كبير من الحضور باستخدام عبارات من هذا القبيل بحفل الأوسكار، حتى وإن كان القصد منها المزح مع المخرج المكسيكى. وخفف من وقع الصدمة كثيرا على الحضور، عندما رأينا «شون بن» يحتضن المخرج المكسيكى بقوة وهو يسلمه الجائزة الكبرى بحفل الأوسكار. وقال كثيرون من النجوم بعد انتهاء الحفل أنه تعليق فيه الكثير من الحساسية والعنصرية للعديد من المهاجرين فى الولايات المتحدة.∎







