الثلاثاء 30 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
عكس الاتجاه.. ممدانى و ترامب .. حرب التفاحة

عكس الاتجاه.. ممدانى و ترامب .. حرب التفاحة

هذه معركة لا تُشبه فيلم (حرب الفراولة)المصرى إلا فى اسمه، إنها حرب التفاحة، الحرب للفوز بحكم نيويورك بين تيار ممدانى الاشتراكى وأنصار ترامب الرأسمالى،المعركة التى استعرت أثناء انتخابات عمدة نيويورك وهدأت بعد فوز ممدانى بها، ثم تلاشت أخبارهما بعد زيارة العمدة لترامب فى البيت الأبيض الشهر الماضى وبعد كل الترحاب والود الشديد والمبالغ فيه وغير المتوقع الذى أبداه المضيف لضيفه وضع البعض فى أمريكا والعالم يده على قلبه بعد صمت «ممدانى» الطويل عن تصريحاته النارية ضد «ترامب» وطبقة المليارديرات الحاكمة والمتحكمة فى المدينة وتساءلوا: هل تم تدجين ممدانى ؟هل سينسى الفقراء والمشردين والمطرودين من بيوتهم وغير القادرين على العلاج، هل سيبيع الذين انتخبوه من شتى ألوان الطيف السياسى والاجتماعى والتعليمى والثقافى والدينى والجندرى كمان؟ هل سيتراجع عن سجن «نتنياهو» لو وطأت قدماه تراب نيويورك متجهًا إلى الأمم المتحدة ؟ هل وهل و1000 هل (وألف فأر بدأ يلعب فى عب الجميع).



لكن ما حدث هذا الأسبوع قد أعاد الطمأنينة لمنتخبى ممدانى ولمحبيه فى شتى بقاع الأرض  وأعاد الرعب للطرف الآخر، جماعة ترامب، فقد ظهر ممدانى من جديد بعد صمت بدا وكأنه غير مفهوم لمدة شهر، ثم فجأة ظهر العمدة المُنتخب وانتشرت تصريحاته على كل القنوات والصحف وفى شوارع مدينة نيويورك، يكرر التزامه ببرنامجه الانتخابى المعنى بنصرة المهمشين والفقراء والمنبوذين والمطرودين من بيوتهم ومن جنة المدينة الساحرة، ويتوعد الأثرياء بدفع المزيد من الضرائب لتحسين حياة المشردين وكان ممدانى قد تبرع الأسبوع الماضى بحوالى خمسة عشر مليون دولار من حصيلة مبالغ برنامجه الانتخابى لبناء منازل المشردين بدءًا من يناير المقبل، هذه التصريحات وهذا الظهور الذى أربك ترامب وحزبه الجمهورى؛ وقد أعتقد أنه قد حَجّم «ممداني» أو سيطر على جموحه، وهو الظهور الذى رد الروح فى الحزب الديمقراطى بعد انحسار وانحدار إثر هزيمة رئاسية ساحقة من الجمهوريين بفوز ترامب.

فلماذا غاب ممدانى شهرًا ولماذا عاد؟

عاد ممدانى - وفى جراب الحاوى كل الأخبار الجيدة - بخطط لإنهاء مسح مخيمات المشردين من كل شوارع مدينة نيويورك مع تجهيز ملاجئ ضخمة للإيواء ستكون جاهزة للسكن أول العام المقبل، هذا ليس خبرًا عاديًا بل صاعقة ربما تغير شكل المدينة وتُحسن حياة البؤساء والمشردين فيها الذين ينامون فى الخيام أو فى العراء تحت الكبارى وعلى واجهات المولات، هذه التصريحات قد تشعل ثورة الأثرياء فى المدينة، هؤلاء الأثرياء لن يقبلوا بزوال أو اهتـزاز إمبراطوريتهم، كيف سيعيشون فى مديـنة اشتراكيـة - أو شيوعية كما يقول ترامب؟ - سيكون عليهم التبرع ودفع مبالغ كبيرة لتحقيق وعود ممدانى.

ليس ذلك فقط بل إن ممدانى قد اقتحم الدوائر الليبرالية الأسبوع الماضى فى حى (مانهاتن ) وجمع من رجالاته الأثرياء فى زيارة واحدة تبرعات للفقراء بأكثر من أربعة ملايين دولار، دفعوا له صاغرين، ودعا ممدانى أهالى نيويورك إلى اعتبار العام القادم (عام التعاطف)، قام بدعوة وطنية للأمريكيين بتقديم عمل واحد من اللطف والمساعدة والمؤازرة كل أسبوع، لمدة عام وكتب بخط يده: وجبة ساخنة وبطاقة مترو لكل محتاج، الرسالة التى انتشرت عبر وسائل التواصل بآلاف التعليقات الإيجابية 

ليس هذا فقط، ظهر ممدانى فى فيديو موجه إلى ثلاثة ملايين مهاجر وقرأ عليهم حقوقهم القانونية بعد حملة ترهيب وغارة من قبل هيئة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) وحثهم على عدم الامتثال لجنود الهيئة وتعهد لهم بأن إدارته القادمة ستحميهم، ليس هذا فقط؛ لقد أعلم نتنياهو من جديد أنه سيزور نيويورك بعد أن يجلس ممدانى على كرسى العمودية ولن يعتقله أحدًا، فهدده ممدانى من جديد بأنه سيعتقله لو خطت أقدام تراب المدينة، وكأن زلزالًا على وشك شق الأرض، إذ أدلت «كاثى هوتشول» حاكمة نيويورك بتصريح خطير ومربك وقد يصنع صداعًا بينها وبين العمدة الذى أيدته وناصرته أثناء حملته الانتخابية، تقول كاثى: إن ممدانى لا يملك صلاحيات ولا سلطة اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو ! ماذا سيصنع العمدة ؟ بل هل سيقوم ترامب بدعوة نتنياهو للأمم المتحدة ويشعل نارًا ستحرق الجميع ؟ ولماذا ارتدت حاكمة نيويورك عن مواقفها السابقة؟

واضح أن الرجل - ممدانى - قد صنع لنفسه صورة واضحة مبهرة وإنسانية، صورة مظللة بالكرامة والعزة والثقة بالنفس ومؤكدة ومعززة بالتعليم والثقافة وقوة الحجة وقوة الأسرة المساندة له، فكان خبر اعتذار  رئيسة شرطة نيويورك له مكتوبًا وممهورًا باسمها على موقع قناة فوكس نيوز التليفزيونية الجمهورية الترامبية بعد أن أساء أخوها الأدب واتهم ممدانى بأنه عدو للمجتمع اليهودى، ودخلت أيقونة الثقافة الأمريكية «فران ليبوفيتز» على الخط مدافعة عن ممدانى ضد السيدتين : حاكمة نيويورك الديمقراطية التى بدا أنها تخلت عنه، والأخرى رئيسة جهاز شرطة نيويورك والتى قام أخوها باتهام ممدانى بمعاداة اليهود، قالت «فران»: لقد صوّتُ لممدانى لأنه يقترب بشجاعة من المشاكل التى لا يمكن لمسها، إنه يقود الديمقراطيين القدامى إلى الجنون. 

انتهى كلام فران لكن ما قالته يؤكد أن البركان النيويوركى الخامل والكامن الذى لو انفجر لسوف ينفجر ليس فقط بسبب غضب الأثرياء والجمهوريين وترامب، بل قدامى الديمقراطيين الذين فاجأهم برنامج الاشتراكى ابن الأربعة وثلاثين عامًا.