الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العشق الممنوع !

العشق الممنوع !
العشق الممنوع !


لن ننسى فتوى «الإسلامى» السودانى حسن الترابى بزواج المرأة المسلمة من الرجل الكتابى «مسيحيا كان أو يهوديا»، قبل أن يصف أن القول بحرمة ذلك، بأنه «مجرد أقاويل وتخرصات وأوهام وتضليل» الهدف منها جر المرأة إلى الوراء، وقد أثير الجدل حينها ولم تهدأ العاصفة حتى يومنا هذا.
 
ورغم أن الحب هو أرقى المشاعر الإنسانية التى ترتبط دوماً بالسعادة والانتشاء، وعلاقات الحب التى تتوج بالزواج لا تحصى وأيضا العلاقات التى تظل فى طور الارتباط العاطفى كثيرة وتاريخنا حافل بقصص العشق الأسطورية التى لم تكلل بالزواج، لكن المشكلة التى تولّد الصراع دوماً هى علاقات الحب والزواج بين ديانات مختلفة كأن تحب فتاة مسلمة شابا مسيحيا مثلاً، هنا يقف الدين والمجتمع حائط صدّ فى معظم الأوقات أمام اكتمال تلك القصص إما بالتفريق بينهما أو أن يقرر الطرفان الهروب والزواج المدنى أو تغيير الديانة، وقد يخلف ذلك أحيانا عداء ومشكلات طائفية لكن يبقى الحب لغة القلوب ساحراً ينتصر له من يؤمن به ويتمسك بحقه فيه.
 
وقد شهد تاريخنا عدة قصص ناجحة لهذا النموذج مثار الجدل أبرزها القصص التى تخلى فيها أحد الطرفين عن ديانته مثل الفنان العالمى عمر الشريف الذى تخلّى عن اليهودية لأجل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وأيضاً فعلها المنتج المصرى صفوت غطاس وتخلى عن ديانته المسيحية للزواج بالفنانة سميرة أحمد، وعلى صعيد آخر هناك من يتمسك بديانته وبحقه فى الزواج بمن أحب مثل الفنانة ناهد شريف التى تزوجت من الراقص اللبنانى الأرمنى إدوار ديميرجيان صاحب الديانة المسيحية وأنجبت منه ابنتها الوحيدة، كذلك قصة الفنان يحيى الفخرانى والكاتبة لميس جابر نموذج لعلاقة الحب التى تصمد أمام الاختلافات.
 
جيلنا الذى خاض الثورة وحطم المستحيل لم تعد تكبله العوائق الاجتماعية لذا تجده حين يحب يجهر بحبه وحين يقع فى الحب من ديانة أخرى يتحدى ويواجه، تقول إحدى الصديقات التى تحب شابا مسيحيا وتعوق ديانتها الإسلامية «لما فى أحكامها من منع وتحريم زواج مسلمة من مسيحى» أنها تؤمن بأن الحب كعاطفة إنسانية لا يجب أن يرتبط بقواعد وقوانين قد تحكم عليه بالإعدام أو النمو فى الظل أو الخسارة للروابط العائلية، وتؤكد تمسكها بخوض التجربة، وتضيف: كلى أمل ومع كامل احترامى للدين «أن نقيّم العلاقات من منظور إنسانى لأن مجتمعنا به مشكلات دينية تجعلنا نساير المجتمع لا نواجهه ولا يمكننا تغيير القوانين وهو ما يجبر أحد الطرفين على تغيير ديانته، لذا فكل ما أتمناه أن يتاح لمجتمعنا حل الزواج المدنى وهو فى رأيى من باب الحرية.
 
تعقب د.سوسن فايد أستاذ الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية قائلة:
فكرة الزواج والحب من أديان مختلفة مرتبطة بمسألة الاندماج الثقافى الذى نعيشه فنحن فى مجتمع دون حواجز ولا حدود له وبه ائتلاف وتواصل يقرب بين الأفكار والميول وهناك مصادر تساعد على ذلك أبرزها التكنولوجيا من إنترنت ووسائل دردشة وخلافه، والحب إدراك عقلى مصحوب بعاطفة وهو حافز للارتباط لأنه يولّد نوعا من السعادة والإشباعات وبخصوص هذا النوع من الارتباط فهو مرتبط بفكرة إذابة الأديان وهو منتشر لدى بعض الشعوب بشكل أكبر من المجتمع المصرى لكنى أرى أنه لا زالت هناك قواعد ومعايير اجتماعية ودينية تحكم المسألة لم نتخطاها بعد ويصعب تحديدا إهمال قيمة الدين.
 
ويرى القس الدكتور مكرم نجيب وهبة راعى الكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة أن المحبة شىء نبيل وجميل وينظر له نظرة كرامة وإجلال، يقول نقدر الحب الإنسانى لكن الارتباط من ديانات مختلفة مرتبط بتقاليد وطقوس كل دين وتقاليد المجتمع حيث نجد أن الاختلاط بين الأسر ذات الديانات المختلفة يزيد ويوثق الاختلافات لكن الحب شىء كريم وهناك أعداد قليلة نجحت وكلنا له أصدقاء يمرون بتلك التجربة لكن ما زالت نظرة المجتمع غير قابلة للتغيير، فهناك حالات كثيرة أقدمت على هذه الخطوة ولم تلتفت للاختلافات لكنها تصطدم بالمجتمع وتولد المشكلات فى حياتهم بسبب وقوف الآباء ضد أولادهم، فالموضوع كله مرتبط بقوة التقاليد المجتمعية.
 
أما د.سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر والعميد السابق للكلية فقالت عن الحب بين الأديان المختلفة: كلمة الدين لا تطلق إلا على الأديان السماوية «الإسلام ـــ المسيحية ـــ اليهودية» أما أية أديان بشرية لا يتعبد بها فهى ليست أديانا لأنها من وضع البشر، ولكل دين أسسه وقيمه يقول تعالى «لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا»، ونحن كـ إسلام بالنسبة للتعامل مع الأديان الأخرى أمرنا بالتعامل بالسلم والسلام والعلاقة بيننا تقوم على الاحترام الإنسانى، والله سبحانه وتعالى كرم الإنسان كما أكد القرآن الكريم، «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا»، لذا فالإسلام حدد آدابا للتعامل مع الديانات الأخرى من حقوق سواء مع الأبوين أو الجار وغير ذلك ومسألة العلاقات والزواج من الأديان المختلفة حكمه واضح فى الإسلام فيجوز للمسلم الزواج من ديانات أخرى فى حين يحرم على المسلمة الزواج بغير المسلم.