الأربعاء 19 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

متى تعترف حماس بالدولة الفلسطينية؟

شهد العالم، الأسبوع الماضى، تحولا لافتا فى مسار القضية الفلسطينية، مع إعلان بريطانيا وكندا وأستراليا ثم فرنسا اعترافها الرسمى بدولة فلسطين، لتنضم هذه الدول المؤثرة إلى أكثر من 150 دولة سبقتها إلى الاعتراف. 



لم يعد الأمر مجرد لفتة رمزية بل هو تحول حقيقى فى موازين السياسة الدولية وضغط متصاعد، لتسريع مسار حل الدولتين، باعتباره الطريق الواقعى لإنهاء صراع تجاوز سبعة عقود.

 رحبت السلطة الفلسطينية فى رام الله بهذه الاعترافات، واعتبرتها نصرا دبلوماسيا كبيرا، خاصة بعد التحول البارز فى الموقف البريطانى الذى طالما ظل متحفظا.

 فاعتراف لندن العاصمة التى شهدت وعد بلفور قبل أكثر من قرن يحمل دلالة تاريخية عميقة، ويعزز موقع وموقف فلسطين على طاولة المجتمع الدولي.

لكن هذا الزخم الدولى يكشف فى المقابل تناقضا داخليا صارخا ويطرح سؤالا مهما: متى تعترف حركة حماس بالدولة الفلسطينية؟

 فالحركة التى تحكم قطاع غزة منذ عام 2007 ما زالت تتصرف كتنظيم مغلق يقدم مصلحته الأيديولوجية والتنظيمية على مصلحة الشعب الفلسطينى كله.. وبينما يفتح العالم أبوابه لمنح الفلسطينيين اعترافا طال انتظاره تواصل حماس التمسك بخطاب يرفض عمليا الدولة الفلسطينية كإطار سياسى جامع.

الاعترافات الأخيرة غيرت قواعد اللعبة؛ إذ تواجه إسرائيل اليوم ضغوطا متنامية للعودة إلى طاولة المفاوضات، فيما تستعد السلطة الفلسطينية لتوسيع حضورها فى المؤسسات الدولية من الأمم المتحدة إلى محكمة العدل الدولية.

 هذا التحول يمنح الفلسطينيين ورقة قوة نادرة، ويؤكد أن المجتمع الدولى مستعد لدفع ثمن سياسى من أجل إحياء حل الدولتى، فى وقت تبدو فيه المنطقة بأمس الحاجة إلى أفق سياسى جديد.

أما حماس فما زالت تراهن على شعارات المقاومة، باعتبارها مبررا لرفض الاعتراف؛ خشية أن يفهم ذلك باعتباره تخليا عن خيار السلاح. 

لكن الاعتراف بـ«دولة فلسطين» الجامعة لكل الحركات والفصائل لا يعنى نهاية المقاومة، بل يعنى وضعها تحت سقف الدولة بحيث تتحول من مشروع حركة إلى مشروع وطني. 

والعقبة الحقيقية تكمن فى حسابات النفوذ الضيق، فاعتراف حماس بدولة فلسطينية موحدة يعنى تقليص سيطرتها المنفردة على غزة، وإعادة دمجها فى نظام سياسى يفرض عليها المساءلة، ويلزمها بالقانون الدولى وهو ما تتجنبه حتى الآن.

الأولوية الآن قطعا ليست بقاء فصيل ولا استمرار سلطة أمر واقع، بل تحقيق الحلم الفلسطينى فى دولة مستقلة. 

وكل يوم تتأخر فيه حماس عن اتخاذ موقف واضح تخسر القضية فرصة ذهبية لتثبيت الاعتراف الدولى، وتحويله إلى مكاسب عملية من استثمارات وإعادة إعمار، واندماج كامل فى المجتمع الدولي.

 العالم يتخذ خطوات واسعة نحو الاعتراف بفلسطين، والسلطة الفلسطينية تلتقط هذه اللحظة التاريخية.. بقى أن تتخذ حماس القرار الأصعب والأكثر شجاعة أن تعترف هى الأخرى بالدولة الفلسطينية، أن تضع مصالح الوطن فوق مصالح الحركة.. فالتاريخ لن ينتظر المترددين ولن يغفر لمن يضيع الفرصة.. 

يبقى السؤال فى انتظار إجابة: متى تعترف حماس بالدولة الفلسطينية؟.