خلال ندوة لمجلس الأعمال المصرى الكندى
وزير الرى: تحلية مياه البحر لن تعوض نقص منسوب النيل

نرمين ميلاد
أكد الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية والرى، أن مصر تمتلك استراتيجية واضحة لتحويل التحديات المائية إلى فرص استثمارية واعدة، جاء ذلك خلال مشاركته فى ندوة نظمها مجلس الأعمال المصرى الكندى ومجلس الأعمال المصرى للتعاون الدولى تحت عنوان «التحديات المائية فى مصر: الأسباب والحلول». حضر الندوة عدد من الشخصيات البارزة من القطاعين العام والخاص، حيث تم استعراض التحديات التى تواجه مصر، بما فيها قضية سد النهضة الإثيوبى، وسبل مواجهتها.
تحديات ضخمة
أوضح سويلم أن مصر، بتعدادها السكانى الذى يبلغ 120 مليون نسمة، تحتاج إلى 120 مليار متر مكعب من المياه سنويًا لتلبية حد الفقر المائى (1000 متر مكعب للفرد). لكنه أشار إلى استحالة توفير هذا الرقم، حيث تحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل، و1.3 مليار من مياه الأمطار، و2.4 مليار من المياه الجوفية غير المتجددة، و0.4 مليار من تحلية مياه البحر، بإجمالى 59.6 مليار متر مكعب. فى المقابل، تبلغ الاحتياجات الفعلية 81.2 مليار متر مكعب، مما يخلق عجزًا يتم تعويضه جزئيًا باستيراد 40 مليار متر مكعب فى صورة محاصيل مثل القمح والذرة والفول، وإعادة استخدام 22 مليار متر مكعب من المياه.
وأضاف أن نصيب الفرد من المياه فى مصر انخفض من 2000 متر مكعب فى ستينيات القرن الماضى، بعد إنشاء السد العالى، إلى 500 متر مكعب حاليًا، أى نصف حد الفقر المائى، نتيجة الزيادة السكانية مع ثبات حصة المياه. وأكد أن تحلية مياه البحر لن تعوض النقص فى مياه النيل، نظرًا لمحدودية الإنتاج الحالى وارتفاع تكلفتها.
أشار سويلم إلى أن مصر تسعى لتطوير منظومة الجيل الثانى لإدارة المياه، والتى ترتكز على معالجة وتحلية المياه، استخدام الإدارة الذكية لرفع الكفاءة، تأهيل البنية التحتية بمواد صديقة للبيئة، والتكيف مع التغيرات المناخية. كما شدد على أهمية حماية نهر النيل، واصفًا إياه بـ«قدس الأقداس» كمصدر أساسى للشرب والزراعة، مع التركيز على تنمية الموارد البشرية، رفع الوعى المائى، وتعزيز التعاون الدولى، حيث تترأس مصر حاليًا المكتب التنفيذى لوزراء المياه العرب بعد رئاستها لوزراء المياه الأفارقة.
وأوضح أن مصر تعتمد على محطات معالجة مياه مثل محطتى بحر البقر والمحسمة، وهما الأكبر عالميًا، لإعادة استخدام المياه فى الزراعة، خاصة فى سيناء والدلتا الجديدة، حيث تعالج محطة الدلتا الجديدة 7.5 مليون متر مكعب يوميًا. وبحلول عام 2027، تتوقع مصر إعادة استخدام 26 مليار متر مكعب من المياه المعالجة.
أكد الوزير أن مصر تتجه نحو استخدام التكنولوجيا والطاقة الشمسية لتطوير التحلية الزراعية، والتى تتيح زراعة أنواع معينة من الأسماك بكفاءة عالية تصل إلى 360 كيلوجرامًا لكل متر مكعب، مع تحويل فضلات الأسماك إلى سماد طبيعي. كما يعمل مركز التنبؤ التابع للوزارة على تحسين إدارة المياه باستخدام الذكاء الاصطناعى لتوزيع مياه النيل، مراقبة الشواطئ، وتتبع التطهيرات. وأضاف أن الوزارة تخطط لاستخدام الطائرات بدون طيار لمراقبة 55 ألف منشأة مائية فى مصر.
فى سياق متصل، أوضح سويلم أن الوزارة سهّلت إجراءات تراخيص الآبار عبر منظومة إلكترونية تتيح رفع سند ملكية الأرض للحصول على الترخيص خلال 30 يومًا. وأشار إلى أن حفر الآبار دون ترخيص يعرض صاحبه لغرامات تتراوح بين 50 ألف و500 ألف جنيه، مع السجن لمدة لا تقل عن شهر.
سد النهضة
من جانبه، أشار الدكتور على نبيه البحراوى، أستاذ الهيدروليك بجامعة عين شمس، إلى أن مصر وافقت على بناء سد النهضة فى اتفاقية 2013، لكن المشكلة تكمن فى توقيت التخزين وتفاصيل التشغيل، والتى لم يتم التوصل إلى حل بشأنها منذ 11 عامًا بسبب الأبعاد الأمنية والسياسية والدبلوماسية للقضية. وأوضح أن إغلاق توربينات السد قد يهدد حصة مصر المائية، التى تعتمد بنسبة 80 % على النيل الأزرق، ما يشكل خطرًا وجوديًا نظرًا لعدم وجود مصادر مياه بديلة. واقترح التفاوض بنوايا حسنة مع إثيوبيا والاستفادة من القوة الناعمة المصرية.
بدوره، أكد المهندس إبراهيم مهدى سلام، رئيس إدارة مركزية سابق بوزارة الرى، أن السد العالى يعد «البنك المركزى للمياه» فى مصر، مشيرًا إلى أن إثيوبيا لا تستطيع حجز المياه بشكل دائم لتجنب انهيار السد، ما قد يشكل خطرًا على السودان ومصر.
من جهته، حذر المهندس معتز رسلان، رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى، من تعنت إثيوبيا فى استغلال قضية المياه سياسيًا، مشيرًا إلى إمكانية محاولتها بيع المياه الزائدة مستقبلًا. وأكد أن مصر تعمل على تعويض النقص المائى الناتج عن سد النهضة من خلال تقنين استهلاك المياه، استخدام المياه الجوفية، وتغيير أنظمة الرى إلى التنقيط والرى المحورى.