الخميس 18 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
أنا وقـلمى.. قانون العمل الجديد  بين المزايا والعيوب

أنا وقـلمى.. قانون العمل الجديد بين المزايا والعيوب

يُعد قانون العمل المصري الجديد من القوانين المثيرة للجدل، حيث أنه يسعى لمواكبة متطلبات سوق العمل الحديثة مع تحقيق توازن بين مصالح أصحاب العمل والعمال، كما أنه يُعطى صلاحية الشكاوى العمالية والحسم لتلك الشكاوى خلال ثلاثة أشهر تبدأ من تاريخ رفع الدعوى أمام المحاكم العمالية الذي يساهم فى إنجاز العدالة العمالية، كما أنه سيقضى على الفصل التعسفى وإلزام المنشآت بتوقيت إنهاء الخدمة بمشاركة وحضور مكتب العمل، وبعد بدء التنفيذ الفعلى لهذا القانون المهم مع بداية شهر سبتمبر الجارى، كان ﻻ بد من حصر بعض مزايا وعيوب هذا القانون من وجهة نظر كل من المؤيدين والمعارضين للقانون، حيث يرى المؤيدون أن القانون سيسمح بإنشاء أنظمة عمل مرنة (مثل العمل الجزئى والعمل عن بُعد) وهو ما يتناسب مع طبيعة العديد من الوظائف الحديثة، ويُوفِّر فرص عمل لفئات قد تواجه صعوبة فى العمل بدوام كامل كالمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة.. والميزة الثانية تكمن فى تنظيم عقود التدريب والتجربة - ولأول مرة - مما سيوفر حماية قانونية لأطراف هذه العلاقات، والمساهمة فى تأهيل الشباب لسوق العمل.. كما أن هذا القانون يتميز بمنح حماية أكبر للمرأة العاملة وذلك من خلال منح إجازة وضع «4» أشهر بدﻻً من «3» أشهر، وحظر إنهاء عقد عمل المرأة أثناء إجازة الوضع، ومنح الأب إجازة أُبوة مدتها «3» أيام، كما عزز أحكام مواجهة التحرش الجنسى فى مكان العمل.. كما يُعد تبسيط وتسريع حل المنازعات العمالية ميزة كبيرة من مميزات القانون الجديد وذلك من خلال إنشاء لجنة فورية لفض منازعات العمل الفردية بهدف تقليل الوقت والتكاليف المترتبة على التقاضى الطويل أمام المحاكم وتسوية الخلافات بسرعة.. كما أن تحسين بيئة العمل والسلامة المهنية ميزة أيضًا حيث شدد القانون على التزام صاحب العمل بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية وفرض عقوبات على المخالفين، مما يُساهم فى تقليل الحوادث والأمراض المهنية.. ناهيك عن أن التعديل الجديد للقانون سمح بتشكيل أكثر من نقابة عمالية مما يُعطى العمال حرية الاختيار ويفتح مجاﻻً للمنافسة فى تقديم الخدمات للنقابيين.



وعن عيوب هذا التعديل من جانب المعارضين والنقابات العمالية أنه سيضعف فكرة الوظيفة الدائمة حيث إنه سيُشجِّع على أنواع عقود محددة المدة والمرنة مما يُقلِّص فكرة الاستقرار الوظيفى التي يتمتع بها العاملون على نظام التعيين الدائم، وهذا يزيد من حالة عدم اليقين لدى العامل.. كما يرى الكثيرون فى نظام التعددية النقابية محاولة لتفتيت الحركة العمالية وإضعاف قدرتها على التفاوض الجماعى والضغط، كما أن بعض المواد قلصت من صلاحيات النقابات فى بعض الجوانب.. ومن العيوب أيضًا أنه - وعلى الرغم من وجود ضوابط - فالقانون ﻻ يزال يميل لصالح صاحب العمل فى حاﻻت إنهاء الخدمة خاصة مع توسيع مفهوم «الفصل التعسفى» تحت مبررات غير حقيقية، ناهيك عن عدم معالجة القانون لأزمة الأجور بالقدر الكافى حيث إنه ركّز على أشكال العقود وعقبات العمل أكثر من تركيزه على ضمان حد أدنى معيشة ﻻئق لجميع فئات العمال، خاصة فى القطاع الخاص غير الرسمي.. فضلا عن أن هناك تحديات كبيرة فى التطبيق والفجوة بين النص والواقع، وهذا القانون -كغيره من القوانين الأخرى- مشكلته تكمن فى التطبيق على الأرض خاصة أن هناك شكاوى حول عدم التزام بعض أرباب العمل بأحكام القانون وضعف الرقابة الحكومية الفعالة، خاصة فى المصانع والشركات الصغيرة.

خلاصة القول أن قانون العمل المصري الجديد هو محاولة طموحة للتحديث ومواكبة التحوﻻت العالمية فى طبيعة العمل وتكمن مزاياه فى إدخال المرونة وحماية فئات محددة، ومحاولة تسريع فض النزاعات، بينما عيوبه الرئيسية تكمن فى إضعاف فكرة الاستقرار الوظيفى وإثارة مخاوف حول ضعف الحماية النقابية الجماعية، والتحديات الكبيرة على أرض الواقع.. وتحيا مصر.