السبت 20 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

رغم القرار النهائى برحيله

وسام أبو على.. شرارة فتنة تهدد استقرار الأهلى

فى الوقت الذى يعيش فيه الأهلى فترة من النجاح التاريخى على كل الأصعدة، بطولات قارية ومحلية، قاعدة جماهيرية لا مثيل لها، وصفقات ثقيلة تعزز من قوته، ظهرت على السطح أزمة غير متوقعة بطلها مهاجم شاب تألق سريعًا، وبدأ يتصرف كأنه أكبر من المنظومة.



وسام أبو على،  الذى تحول فجأة من نجم محبوب إلى ملف شائك داخل القلعة الحمراء يهدد بالتحول إلى سابقة خطيرة، قد تفتح الباب أمام «تمرد النجوم» داخل الأهلى.

منذ انضمامه إلى الأهلى فى يناير 2024 قدم وسام أبو على نفسه كمهاجم واعد، يجيد اللعب تحت الضغط، ويمتلك قدرة تهديفية لافتة. تألقه وصل ذروته فى كأس العالم للأندية 2025، حين سجل هاتريك تاريخى أمام بورتو، ليدخل قلوب الجماهير بسرعة ويصنف كأحد أبرز صفقات الموسم.

لكن بعد المجد بدأ الوجه الآخر لوسام  يظهر مدفوعًا بعرض كبير من نادى كولومبوس كرو الأمريكى،  تلاه عرض من الريان القطرى،  حيث أبدى رغبة قوية فى الرحيل، ليس فى نهاية الموسم، بل قبل معسكر الفريق فى تونس استعدادًا للموسم الجديد، متمردًا ورافضًا إجراء القياسات الطبية المطلوبة قبل المعسكر، وطالبًا الإعفاء من الرحلة، لتقرر إدارة الكرة استبعاده وفرض غرامة عليه. هنا بدأ التصعيد، لا بيانات رسمية من اللاعب، ولا التزام بالقرارات، بل ضغط من أجل إتمام الصفقة سريعًا، دون اعتبار لتحضيرات الفريق أو التوقيت الحساس.

فى الأهلى لم تكن المشكلة فى رغبة وسام بالرحيل، فهذا أمر طبيعى لأى لاعب محترف، المشكلة كانت فى الطريقة التى اختارها وسام وهى التصعيد والضغط والانقطاع، وكأن العرض الخارجى يمنحه الحق فى تجاوز قوانين النادى،  وهو ما دفع كثيرين داخل القلعة الحمراء لتحذير الإدارة من أن طريقة التعامل مع هذا الملف قد تحدد مستقبل غرفة الملابس لسنوات قادمة، فالنادى المعروف بتاريخه فى فرض الانضباط قد يواجه الآن اختبارًا حقيقيًا أمام سلوك لاعب لم يكمل عامه الثانى فى الفريق، ويعتقد أن تألقه يمنحه امتيازات استثنائية.

ما يزيد من حساسية الملف أن وسام ليس مجرد لاعب عادى،  وكانت الإدارة قد قررت تعديل عقده مؤخرًا، ورفعه إلى فئة الرواتب الأعلى فى الفريق، بهدف تحصينه من العروض الخارجية، وتقديرًا لمستواه وهو نفس ما حدث مع أسماء بارزة، مثل أليو ديانج، وإمام عاشور، وترزيجيه، وأحمد سيد زيزو، لكن ورغم تلك المزايا اختار وسام التصعيد، وهو ما فتح باب التساؤلات داخل الفريق، إذا كان وسام صاحب السنة والنصف فقط فى الأهلى تعامل بهذه الطريقة، فماذا يمنع لاعبين بحجم إمام عاشور، أو أحمد سيد زيزو، أو الشناوى،  من اتخاذ نفس المسار لو وصلهم عرض خارجى مغرٍ.

فى أروقة التتش هناك قلق حقيقى من أن تتحول أزمة وسام إلى نموذج يحتذى به الآخرون، فهناك لاعبون يشعرون أنهم قدموا للفريق أكثر من وسام ولم يحصلوا على نفس التقدير المالى أو المعنوى،  وإذا شعروا أن التمرد وسيلة فعالة للرحيل أو تحسين الشروط فستدخل الإدارة فى دوامة صعبة، وسيصبح الحفاظ على الاستقرار الداخلى مهمة شبه مستحيلة.

رغم كل ذلك، تؤكد مصادر من داخل النادى،  أن الأهلى لم يفقد زمام الأمور، ومازال مجلس الإدارة برئاسة محمود الخطيب يتعامل مع الأزمة بهدوء لكن بحزم، مقررًا رحيل اللاعب، وبالفعل العرضان الأمريكى والقطرى على الطاولة، والنادى مستعد لبيعه بشروطه هو، وليس بشروط اللاعب، وهذا يعنى أن الأهلى لن يستعجل البيع، ولن يسمح بخروج لاعب دون مقابل مالى يليق بالنادى،  ولا بطريقة تظهره كمن انصاع لضغط لاعب، فالمبدأ الذى لطالما كرره مسئولو الأهلى أن «الكيان فوق الجميع» لا يزال حاضرًا، والخطيب يعلم أن التهاون فى هذا الملف سيكلفه الكثير.

أوساط الإعلام الرياضى انقسمت حول الطريقة المثلى لإغلاق هذا الملف، فالبعض يرى أن بيع وسام الآن ولو بقيمة جيدة هو الحل الأفضل لتفادى العدوى داخل الفريق، خصوصًا أن اللاعب يبدو مصرًا على الرحيل، بينما يرى آخرون أن الأهلى يجب أن يجمد اللاعب حتى يناير على الأقل، دون إشراكه أو التفاوض ليكون عبرة لكل من يفكر فى تكرار نفس السيناريو، وبين هذا وذاك هناك صوت ثالث يدعو إلى التفاوض بهدوء، بشرط أن تكون اليد العليا للنادى،  لا للاعب أو وكيله.

فى كل الأحوال أزمة وسام أبو على ليست مجرد مشكلة مع لاعب، بل هى اختبار حقيقى لمبادئ الأهلى،  فهل سيستطيع النادى الحفاظ على منظومته الصلبة التى ميزته عن باقى الأندية؟ هل سينجح فى تمرير الرسالة الواضحة بأن الأهلى لا يدار بالابتزاز ولا يخضع لتهديد؟ أم أن التجاوب مع طلبات وسام سيفتح بابًا من الفوضى يصعب إغلاقه لاحقًا؟

الخطر الحقيقى ليس فى مغادرة  وسام، فالأهلى اعتاد على تعويض النجوم، لكن الخطر فى أن يشعر اللاعبون أن بإمكانهم فرض إرادتهم على النادى باستخدام نفس الأدوات، وإذا لم تحسم هذه الأزمة بالشكل الصحيح، فإن مستقبل إدارة غرفة الملابس سيتحول إلى صراع مستمر لا ينتهى إلا بتراجع هيبة النادى داخليًا وخارجيًا.

الأهلى الآن أمام لحظة مفصلية، وليس عليه أن يتعامل فقط مع رغبة وسام فى الاحتراف الخارجى،  بل يجب أن يرسل رسالة واضحة بأن الكيان لا يخضع لضغط، والإدارة لا بد أن تنهى الملف بأسرع وقت بشروط الأهلى،  وما دون ذلك سيكون بمثابة فتح الباب على مصراعيه أمام أزمات مشابهة فى المستقبل.

النجاح الحقيقى لا يقاس فقط بعدد البطولات، بل بقدرة الكيان على حماية ثوابته، والأهلى إن أراد الحفاظ على ما بناه طوال أكثر من قرن، يجب أن يحسم هذا الملف بما يليق بتاريخه واسمه وجماهيره.