بالصور.. تاريخ حفر القناة من عهد الفراعنة حتى إنشاء قناة السويس الجديدة
متحف قناة السويس شاهد على عظمة مصر والمصريين

ألفت سعد
فى متحف قناة السويس يتحول التاريخ إلى واقع ملموس، تشاهده وتسمعه وتتلمسه عن بُعد.. ذلك المتحف الذى يجسد الكفاح الوطنى للمصريين، يكشف ريادة الفراعنة فى حفر قناة تربط بين البحرين المتوسط والأحمر.المتحف الفريد الذى لم يفتتح رسميًا حتى الآن كان محل دعوة من الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس لأعضاء جمعية كتاب البيئة والتنمية وذلك فى ذكرى تأميم القناة فى 26 يوليو عام 1965.
داخل متحف قناة السويس أنت فى حضرة التاريخ، قصة قناة سطرت، بطولات وأمجاد، سلام وحرب، احتفالات وصراعات، دماء وعرق. أنقل كلمات كتبت من نور لشخصيات وطنية جمعت أندر المقتنيات واللوحات وأدوات الحفر وكلها تعود لبدء المشروع الأعظم تاريخيًا.
على مدار أكثر من قرنٍ ونصف من الزمان، ظل المقر الإدارى الأول للشركة العالمية لقناة السويس بمدينة الإسماعيلية دليلًا على الإتقان المعمارى الفائق، فقد شيده الفرنسيون بقرار من الدبلوماسى الشهير «فريديناند ديليسبس» فى عام 1862، فيما حرص الخديوى إسماعيل على افتتاح المبنى رسميًا بشخصه وذلك فى عام 1869.
ويعتبر المبنى التاريخى تحفة فنية معمارية بما يجسده من تصميم رائع، فهو يجمع فى تصميمه ما بين الطابع العربى الإسلامى والطابع الأوروبى، حيث يتكون من مساحة مستطيلة يتوسطها فناء كبير يفتح عليه وحدات المبنى التى تتكون من أكثر من مائة حجرة، وتبلغ مساحة المبنى 10 آلاف متر وبه بدروم مساحته 1200 متر والمساحة المستخدمة 5500 متر والباقى حدائق وممرات.
كان المبنى شاهدًا على لحظات حاسمة وسنوات من التحدى وصمود لعقول مخططة ومنفذة لمشروع قناة السويس، فكان من أوائل المبانى التى شيدتها إدارة قناة السويس أثناء حفر المشروع، ليكون نقطة ارتكاز رئيسية لإدارة المشروع، كما شهد المبنى ذاته العديد من التوسعات فى أعوام 1906 و1911 و1920 و1924 و1946 إلى أن أصدر الرئيس «عبدالناصر» قرار التأميم عام 1956، حيث شهدت مكاتب المبنى الشرارة الأولى لملحمة التأميم.
من منطلق حرص هيئة قناة السويس على تخليد وإحياء تاريخ القناة، جاء القرار بتحويل هذا المبنى التاريخى العتيق إلى متحف عالمى للقناة يضم مقتنيات تاريخية وقطع أثرية يصل عددها إلى ما يقرب من 2000 قطعة يتم عرضها من خلال 12 قاعة عرض تسرد رحلة القناة منذ حفرها وحتى الآن. يعود تاريخ المبنى إلى عام 1862، عندما قام المهندس الفرنسى فرديناند ديليسبس بإقامة مقر إقامة له فى مدينة الإسماعيلية، وهو المبنى المعروف حاليًا باسم «فيلا ديليسبس»، وإلى جواره المبنى الإدارى الخاص بشركة قناة السويس العالمية.
وقد نجحت هيئة قناة السويس فى الانتهاء من هذا المشروع الذى يحظى باهتمام دولى كبير وذلك لما له من أهمية فى توثيق تاريخ قناة السويس ذلك المرفأ الملاحى الأهم فى العالم.
يشمل مشروع متحف قناة السويس، ترميم أول مبنى إدارى لقناة السويس وإعادته لسالف عهده إبان الافتتاح التاريخى لقناة السويس عام 1869 وتأهيله ليكون متحفا عالميا يحكى تاريخ قناة السويس منذ نشأتها حتى افتتاح الرئيس «عبدالفتاح السيسى» لقناة السويس الجديدة.
ويشغل المتحف مساحة 10 آلاف متر مسطح تمثل مساحة المبانى المشغولة منها 5500 متر مسطح وبدروم بمساحة 1200 متر مسطح.
يشمل المشروع شبكة أنفاق داخلية ممتدة خارج نطاق المتحف والتى كانت ضمن التصميم الأساسى لمقر مبنى «هيئة قناة السويس» القديم.
تضم أعمال المتحف ترميم الأعمال الخشبية بالكشف عن اللون الأصلى للأخشاب ودهانات الحوائط الذى أنشىء بها المبنى وإعادتها لأصلها وإزالة قواطيع الأخشاب المستحدثة.
ويضم المتحف 99 قاعة و6 قاعات كبرى خصصت قاعدة منها للزعيم الراحل جمال عبدالناصر وتحكى قصة التأميم وتضم بعضا من وثائق ومقتنيات الرئيس الراحل، بالإضافة إلى 114 بابا و175 نافذة و303 عمدان خشبية. وقد أدرج المتحف استراحة «فرديناند ديليسبس» ضمن مقتنياته ويتضمن أيضا جدارية تذكارية تحكى تاريخ قناة السويس.
كما تشمل مقتنيات «متحف قناة السويس» الجديد أدوات الحفر وخرائط التصميم، ووثائق حفل الافتتاح والشخصيات التى تواردت على مسئوليتها والاهتمام بها ومقتنيات الملكة أوجينى فى حفل افتتاح قناة السويس عام 1869 والصالون الذى جلست عليه.
وقد ضم المتحف بعض عربات القطارات الأثرية والتى يعود تاريخها إلى حقبة حفر قناة السويس، وكذا تمثال «فرديناند ديليسبس» الضخم والذى قامت بنقله الشركة المنفذة للمشروع فى عملية نقل تعد الأضخم من دونها حيث تم نقله من محافظة بورسعيد إلى محافظة الإسماعيلية.
تعالوا معنا نتعرف من خلال تجوالنا والاستعانة بالصور والمقتنيات الثمينة لنرى كيف غيرت قناة السويس ملامح الحياه عبر مختلف الفترات سواء فى الفراعنة أو فى العصر الحديث.
كانت هناك معروضات خارجية فى الفناء المحيط بالمتحف، أهمها تمثال للزعيم جمال عبدالناصر وهو يلقى خطاب تأميم القناة، شمندورة من القرن 19، كراكة وحفار، رصيف محطة القطار.
قبل دخول القاعات الداخلية وضع تمثال ضخم لفريدناند ديليسبس مهندس قناة السويس
الصور أبلغ من الكلمات
القاعات الخمس الأولى توضح من خلال المعروضات الحياة البحرية فى عصر ما قبل وأوائل الأسرات فى مصر القديمة وتشمل المنحوتات الصخرية لأشكال القوارب وأقدم قارب خشبى استخدم للإبحار.. وجداريات تصور بعثات الملكة حتشبسوت التجارية، شق الترع والقنوات وطرق التجارة البحرية القديمة، ثم طريق الحرير وأثر قناة السويس فى تقليص المسافة بين الشرق والغرب بعرض أمثلة من البضائع التى تم تداولها على طول طريق الحرير ومقتنيات تم انقاذها من سفينة تجارية غارقة بالبحر الأحمر.. ونماذج لمشروعات الحفر.
وانتقلنا إلى بداية العصر الحديث لعرض بدايات حفر القناة والمعدات الخاصة بالحفر وجدارية للعمال المصريين الذين حفروا القناة.. تلاها قاعات تصور وتعرض مقتنيات الاحتفال بافتتاح قناة السويس فى عهد «الخديو إسماعيل» وحضور الإمبراطورة «أوجينى»، عرضت بها جداريات ولوحات الاحتفالات، وضمت القاعات العربات الملكية ومجسمات لملابس «أوجينى» ومجسم للقصر التى أقامت به فى القاهرة «الماريوت حاليا».
ومن بين أهم المقتنيات بوابة كبرى صنعت بماء الذهب وكتب أعلاها اسم «محمد سعيد» نسبة إلى «سعيد باشا» مع بعض الأسقف الأصلية لإحدى قصوره. ثم مجسمات للتطور الصناعى فى وسائل الاتصالات لتسيير حركة السفن فى قناة السويس.
ضم المتحف قاعات خاصة بتأميم قناة السويس سواء فى عرض مانشيتات الصحف وقتئذ وتصوير الأحداث التى أدت إلى قرار التأميم والخطاب التاريخى الذى ألقاه عبدالناصر فى 26 يوليو 56 فى وجود أكثر من 50 ألف مصرى فى ميدان المنشية بالإسكندرية.. ثم عرض التطور فى توسعة القناة والعمل على ازدواجيتها لسهولة مرور السفن العملاقة.. وقدرة المهندسين المصريين على إدارة القناة ومواجهة الأزمات مثلما حدث فى سفينة ايفرجرين حيث عرضت مجسمات تشرح الأداء البطولى لمهندسى وفنيّى هيئة قناة السويس.
استعان القائمون على تنظيم وإقامة هذا المتحف المتطور بأحدث وسائل التكنولوجيا بإدخال الهولوجرام لتوثيق الأحداث منها إجراء حوار بين الخديو إسماعيل وديليسبس حول كل ما يتعلق بالقناة سواء الاقتصاديات والتكاليف والعمالة المصرية.. كما توجد فى كل قاعة شاشة إلكترونية يمكن الاستعانة بها لمعرفة التفاصيل الخاصة بكل ما هو معروض.
فى النهاية لا يكفى زيارة متحف قناة السويس مرة واحدة فكل جانب وكل قاعة هما متحف قائم بذاته وتاريخ يحتاج إلى التدقيق والدراسة.. ونحن فى انتظار الافتتاح الرسمى ليكون اهم المتاحف التى أقيمت فى السنوات القريبة الماضية.