الأحد 27 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

حزب أمريكا يعيد الجدل حول مستقبل النظام السياسى

حرب «ترامب - ماسك».. صدام السلطة والمال يربك المشهد الأمريكى

أعلن الملياردير الأمريكى إيلون ماسك تأسيس حزب جديد أطلق عليه «America Party»، فى خطوة أعادت إشعال الجدل حول مستقبل النظام الحزبى الأمريكى ودور ماسك المتصاعد فى المشهد السياسى، الحزب الجديد يطالب باستقلالية القرار والقطع مع الإنفاق غير المبرر، بينما رد ترامب وصفه بالمجنون و«عربة قطار خارجة عن القضبان».



ويعد مشروع قانون الضرائب قانون «Tax Cuts and Spending Bill» المعروف إعلاميًا بـ«The Big Beautiful Bill»،  الذى مررته إدارة ترامب، السبب الرئيسى الذى فجر صراعًا علنيًا خرج عن حدود التصريحات وتأتى هذه التطورات فى لحظة فارقة من السياسة الأمريكية، حيث يعانى الحزبان الكبيران من انقسامات داخلية، وسط تصاعد الاستقطاب، ما يفتح المجال أمام تيارات سياسية بديلة، خاصة إذا جاءت مدعومة بشخصية ذات نفوذ مالى وتكنولوجى وإعلامى ضخم مثل إيلون ماسك.

شرارة الانفجار

علاقة إيلون ماسك ودونالد ترامب لم تكن يومًا مجرد تلاقى مصالح عابرة؛ بل شكلت تحالفًا غير معلن بين المال والتكنولوجيا من جهة، والسلطة والسياسة من جهة أخرى، لعب ماسك دورًا مهمًا فى تقديم المشورة لإدارة ترامب فيما يتعلق بتطوير التكنولوجيا والابتكار، وكان ضيفًا دائمًا فى الاجتماعات رفيعة المستوى، غير أن هذا التحالف بدأ يتآكل مع إعلان ترامب عن مشروع قانون الضرائب الجديد، الذى خفض امتيازات الطاقة النظيفة وألغى الإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية وهو ما وصفه ماسك بـ«كارثة اقتصادية» و«طعنة فى ظهر الابتكار الأمريكى».

وفى الخامس من يوليو 2025، على منصة إكس جاءت لحظة الانفجار الكبرى، حيث كتب ماسك: «مقدار 2 إلى 1، تريدون حزبًا جديدًا، فها هو قد تشكل اليوم لاسترجاع حريتكم».

ومن جهته، جاء رد ترامب الذى وصف ماسك بأنه: «قطار حادثة خارج القضبان» مشددًا على أن «الأحزاب الثالثة لم تنجح، والفوضى لا تستمر».

حلم أم مقامرة

يقدم ماسك حزبه بوصفه قوة مركزية تسعى لتقليص الإنفاق الحكومي، اعتماد الذكاء الاصطناعى فى تحديث الجيش، تخفيف اللوائح التنظيمية، تشجيع سياسات دعم النمو السكانى، جاء هذا الإعلان مصحوبًا بتعهد بخوض الانتخابات النصفية المقبلة لمجلسى النواب والشيوخ المقررة العام المقبل.

حذر خبراء السياسة من أن إنشاء حزب ثالث فى النظام السياسى الأمريكى شبه مستحيل، إذ أن نظام «الرابح يأخذ كل شيء» يقضى عمليًا على فرص الأحزاب الناشئة.

 تهديدات متبادلة

لم يتوقف الصراع عند حدود التصريحات، رد ترامب بأن حكومته قد تراجع العقود الفيدرالية الممنوحة لشركات ماسك مثل تسلا وسبيس إكس، فى المقابل، هدد ماسك بكشف «الفساد المالي» الذى وصفه بأنه منتشر فى أروقة واشنطن.

وسرعان ما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بالهاشتاجات الداعمة للطرفين، بينما عبر المستثمرون عن قلقهم من أن انخراط ماسك فى السياسة قد يؤثر على أداء شركاته.

نفق السياسة 

نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا مفصلًا بعنوان: «6 تحديات أمام حزب أمريكا»، سلطت الضوء على معوقات رئيسية:

 1- العقبات المؤسسية والقانونية: القوانين الفيدرالية وقواعد الانتخابات تمنع ولوج أى حزب جديد بسهولة.

2- هيكلية النظام الانتخابى: النظام الفائز يأخذ كل شيء فى الاتحاد الأمريكى يعمق ضعف الأحزاب الثالثة. 

3- التنظيم المحلي: يتعين على الحزب اجتياز شروط التسجيل فى كل ولاية، كما هو واضح فى مثلًا كاليفورنيا التى تتطلب تسجيل ٪0٫33 من الناخبين أو جمع أكثر من مليون توقيع. 

4- انقسام الجمهور: ولاء جمهور ماسك قد يكون مرتدًا داخل الحزب الجمهورى ذاته. 

5- الحصول على حلفاء سياسيين: دون قيادة سياسية مؤثرة، يصعب تسويق الحزب كبديل حقيقي.

6- الزمن والصبر: نجاح أى حزب ثالث يحتاج عقودًا من البناء المستمر.

الخاسر الأكبر

فى خلفيات الصراع بين الطرفين، لم تتجاهل سوق الأسهم هذا النموذج السياسى الذى تبناه ماسك، وفقدت تسلا نحو 7 % من قيمتها السوقية، وستة وخمسين مليار دولار من رأسمالها فى جلسة واحدة.

 وأكد محللون مثل دان آيفز من Wedbush، وجيد دورسهايمر من William Blair، أن انشغال ماسك بتأسيس الحزب شتت انتباهه عن تطوير تقنيات القيادة الذاتية الخاصة الروبوتات، حاثين على تدخل فورى من مجلس الإدارة.

مغامرة ماسك 

فى وقتٍ تعيش فيه السياسة الأمريكية حالة استقطاب حاد، تبرز مغامرة إيلون ماسك كحالة فريدة تجمع بين الثورة التكنولوجية والطموح السياسي، حذر المحللون من صعوبة تحقيق النجاح فى ساحة الأحزاب الثالثة، يظل السؤال معلقًا: هل سيكون حزب أمريكا مجرد موجة عابرة أم بداية لتحول سياسى قد يغير معالم اللعبة؟ الإجابة لا تزال قيد الانتظار والأنظار تتجه إلى انتخابات 2026 حيث سيتحدد مصير الحلم أو انكساره.