
عبدالرحمن رشاد
أىُّ إعلام نريد؟
المحتوى الدرامى فى الإعلام يشكل وجدان مَن يسمعه أو يراه؛ وبخاصة أصحاب الثقافات المحدودة ويَخلق قيمًا وسلوكيات من الممكن ألاّ تكون معاشة فى حياتهم، ولذلك كانت دعوة الرئيس للاهتمام بالمضمون الدرامى ليليق بالمجتمع المصرى والأسرة المصرية.
فالإعلام هو مَصدر السعادة..
الإعلام مَصدر السعادة ببرنامج متميز، ودراما شائعة..
وحتى يحقق الإعلام تأثيره، ويخلق الوعى لا بُدّ فيه من المزج بين الحِرَفية الشديدة والخبرات، والإعلام الرقمى الحديث شكلًا ومضمونًا.
الشعب المصرى يجد أمامه إلى جانب إعلامه إعلامًا كونيًا متاحًا وموجّهًا بشراسة وبلغتنا العربية، إعلام بإمكانات هائلة ويُصرَف عليه ببذخ، ويأتى المُشاهد المصرى على رأس أولوياته.
فى رمضان يشتد ساعد صناع الدراما فى منافسة شديدة الوطيس لكسب المُشاهد وترويج الإعلان.
بعد مرور ثلثىّ رمضان أقول إن الدراما هذا العام على الشاشات المصرية استطاعت كسب الرهان من شاشات أخرى، وذلك رغم العديد من السلبيات الفنية والموضوعية عليها:
يعود بنا نجاح الدراما فى جذب المُشاهد سواء عبر الشاشة أو المنصات إلى سؤال مهم:
لماذا لا نستمر فى إنتاج الدراما وقد فهمنا أنها جاذبة ومؤثرة وتحقق الربح أيضًا؟!
لماذا لا نقدم دراما المجتمع المصرى بقيمه وتاريخه وسلوكياته؟!
إعلام الدراما يشكل وجدان مَن يراه؛ وبخاصة أصحاب الثقافات المحدودة، وبالتالى يَخلق وعيًا بقضايا يثيرها هذا الإعلام، ولأهمية الدراما عاتب الرئيسُ صُناعَ المحتوَى الدرامى وطالبهم بالإجادة.
أمّا الإعلام والسياسة ففى عصر الاتصال الجماهيرى كانت توضع السياسة ويعززها الإعلام، سياسة القومية العربية والثورات العربية يعززها صوت العرب، سياسة التنمية ورأسمالية الدولة تعبر عنها إذاعة الشعب، وعندما شعرت السياسة بخطر الجماعات الإرهابية وأهمية الاتصال مع العالم الإسلامى كانت إذاعة القرآن الكريم وكلها نماذج ناجحة بمعايير الاتصال والتأثير فى زمانها.
الآن.. أصبح الإعلام يتواكب مع السياسة ويشارك فى صُنعها وتسويقها ويحارب من أجلها ويفاوض أمامها.. وهذا ما يفعله الرئيس الأمريكى ترامب.
الإعلام فى العصر الرقمى يقود عملية التغيُّر المجتمعى؛ فهو الذى يحدد مجالات التغيُّر وعمليات التغيُّر ويتحكم فى إيقاع التغيُّر؛ خصوصًا لدى الشباب المنبهر بالتكنولوجيا.
وأكبر دليل الآن ما تصنعه وسائل التواصل الاجتماعى بتقديمها كل أشكال الإعلام وعلى رأسها الدراما والرياضة والتسوق وغيرهما.
إعلام العصر الرقمى يضم مواقع التواصل الاجتماعى؛ التعليم الرقمى، والصحة الرقمية، والعلاقات العامة الرقمية، والألعاب الرقمية، والحرب الرقمية، والتجارة الرقمية، والأمن السيبرانى وغيرها.
الإعلام يوازن بين رباعية متعارضة هى الحرية والمسئولية والحق فى المعرفة وضرورات الأمن القومى، وهو يوازن من خلال خماسية تضم:
- القوانين التى تضبط النظام الإعلامى.
- الضوابط المهنية لضبط عمل المؤسَّسات.
- مواثيق الشرف لضبط سلوك الإعلاميين.
- جماعات مكافحة التحيز والتوعية للجمهور العام.
- التربية الإعلامية لخَلق الوعى باستخدام وسائل الإعلام بالشكل الصحيح.
أظن أن دراما هذا العام فى رمضان قد حاولت عمل الموازنة الدقيقة بين هذه المعايير وتقديم وجبة مؤثرة تصب فى نهر القوة الناعمة وبناء قيم مجتمعية «قد تتفق أو تختلف عليها»، ووازنت بين الانتشار على أشكال الإعلام التقليدى والإعلام الرقمى، وإن كان ينقصها التدقيق فى المحتوى وفى اختيار الموضوعات المُعبرة عن قضايا المجتمع المصرى.
ما نريده من الدراما الحَكْىَ عن تاريخ وجغرافية وقيم المصريين دون تهوين أو تهويل والبناء على القيم الإيجابية.
ما نريده بالضبط هو الموازنة بين أشكال الإعلام التقليدية والإعلام الرقمى ومراعاة خماسية القوانين والضوابط المهنية وميثاق الشرف بين صانعى الإعلام حتى لا يحدث ظلم للمتلقى أو إجحاف بالحقيقة.