الإثنين 31 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روضة رمضان خواطر فضيلة د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء استشعار ليلة القدر

هل ممكن للمسلم أن يستشعر ليلة القدر؟ ورد عَنْ السيدة عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قالَ: «تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى».إذًا ممكن للمسلم أن يستشعر ليلة القدر؛ لأنه يتكلم عن أنها قد تصيبها، وأصابتها يعنى أنها قد اطلعت على أن هذه من ليالى القدر، أو أنها ليلة القدر «إذا أصبتِها» أنها سوف تستشعر شيئًا يدلها عليها، إما باستحضار القلب، وإما برؤية تراها إذا كانت نائمة كأن يرى الملائكة كما ذكر عن بعض السلف أنه كان يرى الملائكة تطوف بالكعبة فى ليلة القدر.. وهكذا.



وعلى كل حال يمكن للمسلم أن يستشعر شيئًا من ليلة القدر، ولكن مع هذا الاستشعار ومع هذا الإلهام الذى يحدث له ليس عليه أن يجزم جزمًا تامًا على أنها ليلة القدر لأن هذا الذى يحدث من أحوال فى القلب قد يحدث فى ليلة القدر، وقد يحدث فى غيرها، ولكن الإنسان ينتهز مثل هذه النفحات فإنها ليلة لها قدر أيضًا هذه الليلة التى وجد الإنسان فيها نفسه أيضًا ووجد فيها هذه الأنوار وهذه الاطلاعات على الملك والملكوت، ينبغى عليه أن ينتهزها فى الدعاء والذكر والعبادة والقيام.

أما  القول  على أنها فى يوم السابع والعشرين، فلقد كان بعض الصحابة يرى أنها فى السابع والعشرين؛ فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ».

وبعض العلماء تكلم عن أن كلمة «هى» رقم 27 لكن على كل حال كثير جدًّا من العبَّاد نظروا إلى أنها آخر جمعة.. آخر ليلة جمعة وتْرِيَّة.

وهذا معناه  أنها تختلف باختلاف بداية الشهر، فمرة تأتى ليلة خمسة وعشرين، ومرة تأتى ليلة السابع والعشرين، ومرة تأتى ليلة الحادى والعشرين، وهكذا كان النبى فيما أخرجه مسلم يتحراها فى العشر الأوسط من رمضان ثم تحراها فى العشر الأواخر من رمضان.

ما جعل بعض الناس يقول أنها فعلاً قد جاءت ليلة السابع عشر أو التاسع عشر؛ فعن أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِى اللَّه عَنْه قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ فِى قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، قَالَ: فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِى نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا مِنْهُ، فَقَالَ: «إِنِّى اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِى إِنَّهَا فِى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ، فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ» قَالَ: «وَإِنِّى أُرْيئْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وَإِنِّى أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِى طِينٍ وَمَاءٍ، فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ، فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ، وَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ».

وعلى ذلك فمقصود ليلة القدر على كل حال هو تشويق وتشغيف المسلم إلى العبادة ودفعه ليعبد الله فى هذا الشهر الكريم وعلينا ألا نضيع هذا المعنى وإذا ما استشعرنا شيئًا لا بد علينا أن نبادر باستغلاله والالتجاء إلى الله ويكون دعاؤنا للأمة الإسلامية ولتحرير القدس الشريف ولعودة الأقصى. ونؤخر دعاء الدنيا؛ فعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا» فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ».