الإثنين 31 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وكيل نيابة الجيزة أعاد الحق لأصحابه: «بوست» يكشف عصابة سرقة بالإكراه!

لم يتخيل أحمد الشعرانى، صحفى بإحدى الجرائد اليومية، أن كتابته لـ«بوست» ونشره بمواقع التواصل الاجتماعى، سيكون سببًا فى القبض على عصابة متخصصة فى عمليات النصب والسرقة بالإكراه فى محافظة الجيزة، ورغم أنه حسب حديثه لم يتخذ أى إجراء رسمى، ظنًا منه أنه لن يتمكن من الوصول لحقه، لصعوبة الإيقاع بمثل هؤلاء المجرمين، إلا أنه فوجئ بتحرك رسمى عبر التواصل معه من قبل وكيل نيابة الجيزة، وذلك فى واقعة تؤكد قوة القانون ودور النيابة العامة فى حماية المواطنين، وأن الصمت هو مناخ المجرم لممارسته جرائمه، وأهمية أن يقوم المواطن بالإبلاغ عند التعرض لأى واقعة سرقة حفاظًا على حقه وحق المجتمع ككل.



 تفاصيل الحادثة

البداية كما يحكيها أحمد الشعرانى، حينما تعرض فى الرابع من مارس الماضى للحادث، «أثناء قيادتى لسيارتى على طريق البحر الأعظم بالقرب من القرية الفرعونية قرابة الساعة الثامنة مساء، فوجئت بشاب يقف على جانب الطريق فى وضع يوحى بأنه على وشك العبور، وفى لحظة خاطفة، ضرب الشاب مرآة السيارة الجانبية بقوة، وفى البداية قلت أنها مجرد مصادفة أو محاولة احتيال، ولكن فوجئت أن هذا الرجل وبصحبة سائق تاكسى قاما بالوقوف أمام سيارتى أثناء القيادة، وهنا أدركت أن الأمر أكثر تعقيدًا، وقام أحدهما بالسباب والزعيق والادعاء بأننى تسببت فى كسر يده، وكان بالفعل يبدو عليها علامات تورم شديدة».

لحظات الخوف والقلق

يتابع أحمد أنه شعر بالخوف والقلق حينما صمم هذا الرجل على ركوب سيارته «ولكن بدأت أحاول الهدوء والتصرف بعقل محاولًا إقناعه بالذهاب للمستشفى، ولكنه ظل يصرخ ويهدد ويتوعد بأن أقاربه بمنطقة البحر الأحمر.. وهم يعملون بمهنة الجزارة وسوف يتواصل معهم لمحاسبتى على كسر يده، وبعدها أقنعته بالذهاب لإحدى الصيدليات بجوار القرية الفرعونية، وأكد الصيدلى أنه بحاجة للذهاب لمستشفى لتبين مدى الإصابة فى يده، ولكنه رفض ثم عاد مرة أخرى للتهديد بالاتصال بأقاربه لملاحقتي».

طلب مبلغ مالي

«بعد دقائق بدأ فى الحديث أنه كان فى طريق لخطبة فتاة وكان معه دبلة الخطوبة وأننى تسببت فى ضياعها وأنه بحاجة لمبلغ خمس آلاف جنيه مقابل دبلة الخطوبة، وأنه سيتكفل بعلاج ذراعه، وفى تلك اللحطة أيقنت أننى أمام نصاب أو حرامى، وأبلغته أننى لا أملك مالا معى، فباغتنى بطلب الفيزا والسحب منها، ولكن أكدت له أنها خالية من أى رصيد مالي».. يحكى الشعراني: «فى تلك اللحظات طالبنى بالوقوف بعيدًا عن الصيدلية، فى مكان هادئ، ثم طلب ما معى فى المحفظة.. قلت له مش معى إلا ألف ونص جنيه، واكتفى بها بعد محاولات عديدة من التهديد وطلب مبالغ مالية، أو التحويل عبر المحفظة البنكية، ولكنى أكدت عدم امتلاكى لأى حساب منها، وغادر السيارة، وهنا حمدت الله لأن ما كان فى مخيلتى يتجاوز سيناريو السرقة، وبعدها كنت قد وصلت لمقر الجريدة، وبطبيعة عملى بمواقع السوشيال ميديا، قمت بنشر ما حدث لتوعية غيرى خاصة أن أغلبنا يضطر للنزول لعمله بعد الإفطار بشهر رمضان، وحالة الهدوء بالشوارع قد تواجهه مثل تلك العصابات المنظمة فى عمليات السرقة بالإكراه».

جرائم السرقة بالإكراه

ما تعرض له «الشعرانى» يعرف بجريمة السرقة بالإكراه، وتطرق لها المشرع المصرى، أن جريمة السرقة فى حق مرتكبيها بتوافر القصد الجنائى فى الفعل المؤثم؛ بعلمه وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس منقولًا مملوكًا للغير من غير رضاه بنية تملكه، وجرائم السرقة بشتى أنواعها، سواء سرقة بسيطة أو سرقة بالإكراه، لا يجوز فيها التصالح حتى لو تنازل المجنى عليه عن حقه فيظل حق المجتمع، ويعتبر القاضى تلك الجريمة ليست فى حق المجنى عليه فحسب؛ وإنما فى حق المجتمع بأسره، وبالتالى تكون العقوبة رادعة.

عقوبة الجريمة 

وتنص الماده 314 من قانون العقوبات: يعاقب بالسجن المشدد من ارتكب سرقة بإكراه فإذا ترك الإكراه أثر جروح تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد، كما تنص الماده 315 عقوبات، يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد على السرقات التى ترتكب فى الطرق العامة سواء كانت داخل المدن أو القرى أو خارجها أو فى إحدى وسائل النقل البرية أو المائية أو الجوية فى الأحوال الآتيية، إذا وقعت السرقة من شخصين فأكثر وكان أحدهم على الأقل حاملًا سلاحًا ظاهرًا أو مخبأ، أو إذا وقعت السرقة من شخصين فأكثر بطريق الإكراه، أو إذا وقعت السرقة ولو من شخص واحد يحمل سلاحًا وكان ذلك ليلًا أو بطريق الإكراه أو التهديد باستعمال السلاح.

تأثير «البوست»

لم يتقدم «الشعراني» ببلاغ رسمي حول الواقعة، إلا أن منشوره الذى وصف فيه تفاصيل الحادثة، لاقى تفاعلًا كبيرًا من خلال «الكومنتات» و«الشير»، وكانت أغلبها لمواطنين تعرضوا لمواقف شبيهة، وآخرون طالبوه بضرورة الإبلاغ لأنه تشكيل عصابى، وحذروا من أن يسمح أحد بركوب السيارة دون سابق معرفة، وأن عليه التوجه لقسم شرطة الجيزة، وهو ما لم يقم به «الشعرانى».

تجارب عديدة 

وكان من ضمن تلك التعليقات ما كتبه «على النحاس»، صديق أحمد الشعرانى (الضحية)، عن تعرضه لنفس الموقف ولكن بمكان آخر قائلا «إنت ازاى مبجحتش معاه وقلتله أنا مجتش جنبك ولا بعبعت معاه أول ما رجع هو وصاحبه مثلا وعلى الأقل نزلته من عربيتك وركنت واتكلمتو ف الشارع كده قدام الناس ومكنتش وافقت أنه يركب معاك العربية.. أنا حصل معايا نفس الموقف فى رمسيس عند أول دخلة الفجالة بس من حوالى 4 شهور تقريبا واحد وأنا ماشى عمل فيها بيعدى وعند آخر العربية عند الشنطة لقيت خبطة جامد، ركنت على جنب ونزلت أشوف فى ايه. لقيته بيقولى خبطتنى ياعم وكسرتلى الحقنة اللى كانت فى إيدى اللى أنا لسة شاريها.. بجحت معاه وقلتله أنا هترمى بلاك عليا ياعم إنت ده أنا شايفك في المراية إنت اللى رزعت إيدك على شنطة العربية.. توكل على الله ياعم شوف أنت رايح فين، قعد يقول كلام وتمن الحقنة بـ2000 جنيه ومش عارف إيه.. قلتله معلش عوضك على الله. وسيبته ومشيت والله... النصب بقى كتير».

عشرات الحالات حكت عن تجاربها عن السرقة بالإكراه، بالطرق العامة، وما تفعله العصابات المنظمة لسرقة المواطنين، ولعل أخطرها ما قد تتعرض له الفتيات والسيدات وبالأخص بالطرق العامة.

ومع تداول المنشور الإلكترونى بواقعة السرقة، لفت انتباه وكيل النيابة نجيب محفوظ، الذى قرر فتح تحقيق فى الأمر بنفسه، وتلقى الشعرانى اتصالًا من مكتب وكيل نيابة الجيزة ، بعد فترة من الحادث، وطُلب منه الحضور فورًا للإدلاء بشهادته، وسرد الشعرانى ما حدث معه.

 

تواصل «النيابة العامة»

حكى «الشعراني» لـ«روزاليوسف» أنه عند وصوله إلى مكتب النيابة، فوجئ بترحيب خاص من وكيل النيابة، الذى أخبره أنه قرأ المنشور وأدرك خطورة الأسلوب الذى استخدمه الجانى، مما دفعه إلى التحقق من الأمر، وقدم له وكيل النيابة صورًا لعدد من المشتبه بهم، وسرعان ما تعرّف الشعرانى على الجانى الرئيسى، مما أكد للنيابة أنها تتعامل مع مجرم محترف سبق له تنفيذ عمليات مشابهة، وأكد له وكيل النيابة أن هناك عددًا من البلاغات مقدمة لنفس الواقعة ومنها بلاغ بسرقة 20 ألف جنيه.

بعدما قام «الشعرانى» بنشر ما حدث معه خلال زيارته للنيابة العامة، وفوجئ بقرابة خمسة اتصالات لآخرين تعرضوا لسرقة بالإكراه من نفس الشخص المذكور وفى نفس المكان «من الحاجات الغريبة اللى أضايقت منها لما نشرت بوست الاستجابة، أن فى فئة كدة شككت فيما كتبته وكتبوا تعليقات أن دا تطبيل للنيابة العامة ووزارة الداخلية والدولة، رغم أنى والله الغلط أصلا كان من عندى أن معملتش محضر ومقومتش بدورى كمواطن تعرض لواقعة سرقة بالإكراه، رغم أن بلاغى كان ممكن يحمى غيره، وعشان كدا بقول مينفعش لما نتكلم عن مسئول أن قام بدوره ووظيفته كما يجب، أن يقابل دا تشكيك وتضليل من الهدف من نشر تجربتي».

جرائم عديدة 

خلال التحقيقات، اكتشفت النيابة أن المتهم لم يكن مجرد نصاب عابر، بل جزء من عصابة متخصصة فى استهداف قائدى السيارات بأساليب مشابهة. وأظهرت الأدلة أن نفس المشتبه به تورط فى الاحتيال على شخص آخر وسلبه 20 ألف جنيه بنفس الطريقة، ما دفع النيابة إلى إصدار أمر ضبط وإحضار بحقه، وجرى القبض عليه بالفعل».

نصائح المجنى عليه

ونصح أحمد الشعرانى «المفروض أن أى حد يتعرض لتجربة سرقة بالإكراه، ميقاومش طبعًا، بس الأفضل تمشى ومتدخلش حد عربيتك، ولو لا قدرالله تعرضت لسرقة، قد ما تقدر أستعين بالناس حواليك أو اقف فى مكان فيه كاميرات، وعلطول لازم تعمل محضر سرقة فى أقرب قسم شرطة لإثبات الحالة وحماية غيرك، للأسف تجربتى السابقة فى سرقة شنطة اللاب توب وأن موصلتش للسارق، خلتنى مفكرتش كده، بس موقف وكيل النيابة وضح لى الصح، والأهم أيضا تحفظ ملامح المجرم وصوته وأوصافه الجسمانية، وللأسف طلع أن إيده كده فيها ورم كعاهة دائمة وبيستغلها فى السرقة، والأفضل متتأخرش فى تحرير المحضر ولازم فى وقتها ويومها»

نصائح النيابة العامة

وهو ما أكده نجيب محفوظ،وكيل النيابة، عند حديثه مع «الشعراني» أن العدالة لا تتوقف عند تقديم البلاغات الرسمية، بل يمكن أن تبدأ حتى من منشور على مواقع التواصل الاجتماعى، إذا كان يوثق واقعة حقيقية تستحق التحقيق، وشدد على أن النيابة العامة تعمل من أجل حماية المواطنين وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، داعيًا الجميع إلى عدم التردد فى الإبلاغ عن أى حادثة يتعرضون لها «احنا موجودين فى المكان ده موكلين من ربنا إننا نجيب حقوق الناس ونحميهم وحالفين قسم بكده وإنت أكيد لما اتعرضت للموقف ده حسيت إنك فى موقف ضعف وده ميردناش.. نام مرتاح حقك هيرجع وانت مش ضعيف إنت اتصرفت صح علشان ده مجرم وعنده تاريخ».

شعور الأمان والفخر

بعد ما مر به أحمد الشعرانى، من تجربة مريرة، إلا أنه يشعر بالفخر والانتماء لوجوده بدولة القانون «لو كنت جبت ناس خدت حقى وفلوس.. مكنتش هبقى مبسوط قد اللحظة اللى كنت فيها كمواطن مصرى بالنيابة العامة وشاهد فى قضية ضبط تشكيل عصابى للسرقة بالإكراه بشارع البحر الأعظم بمحافظة الجيرة».

انخفاض معدلات الجريمة 

جدير بالذكر أن اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، قد أعلن خلال فعاليات مؤتمر حكاية وطن بين الرؤية والإنجاز، بحضور الرئيس السيسى جلسة الدفاع والأمن القومى بعض الأرقام التى تكشف حجم التهديدات الأمنية بمعدلات غير مسبوقة وهى ضبط أكثر من 15 ألف تشكيل عصابى وأكثر من 2300 بؤرة إجرامية، وأكثر من 400 ألف قطعة سلاح.

«انخفضت معدلات ارتكاب جرائم الجنايات سنة 2023، مقارنة بسنة 2013 بنسبة %73، وتراجعت مقارنة بعام 2010 بنسبة %9 وهو رقم قياسى، وارتفع معدلات ضبط الجرائم المرتكبة من %57 سنة 2013 لـ%95 سنة 2023». حسبما أعلن وزير الداخلية.

ما قام به وكيل نيابة الجيزة، ما هو إلا جزء أصيل من اختصاص النيابة العامة فى مصر، كجهة قضائية فى مصر تكون مهمتها إقامة الدعوى العامة ومباشرة إجراءاتها أمام الجهات المختصة بذلك، وتنتهى مهمتها، بصدور حكم بات فيها من المحاكم سواء بالإدانة أو بالبراءة. 

وبالتالى فهى منظمة متخصصة تمثّل المجتمع وتنوب عنه فى مطالبة القضاء بالتطبيق الصحيح لأحكام قانون العقوبات وتوقيع الجزاء الجنائى على المتّهم؛ وذلك بمباشرة الدعوى الجنائية. التى تحتكرها لنفسها

تكريم وكيل النيابة

وتعقيبًا على الدور العظيم للنيابة العامة، كتب أحمد الشعرانى عبر صفحته الإلكترونية بموقع «الفيس بوك» «فاكرين نجيب محفوظ وكيل النيابة اللى قلتلكم عليه امبارح، ووصفته بـروبن هود الغلابة، لتفانيه فى الشغل ورجع لى أنا وعدد من المواطنين اتعرض للسرقة الفترة الأخيرة فى الجيزة.. النهاردة من ردود أفعالكم العظيمة على البوستات والواقعة اللى حكيتها، تم تكريمه النهاردة من المحامى الأول على موقفه المشرف وتحديدًا زى ما قال بيان النيابة أن تكريمه يأتى نظرًا لجهوده المتميزة فى أداء عمله، بما لامس نبض الشارع المصرى ووجدان المواطنين، ومبروك لكل راجل نضيف ومحترم بيشوف شغله بما يرضى الله».