الأربعاء 16 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فوضى القرارات أكبر إنجازات ترامب.. ودعم «ماجا» يؤكد انقسام الشعب الأمريكى خطاب الكونجرس ترامبى بامتياز!

لم يترك خطاب ترامب أمام الكونجرس واشنطن إلا أكثر انقسامًا، حيث ظهر هذا جليًا خلال مقاطعات أعضاء الحزب الديمقراطى لحديث ترامب، كذلك امتعاض بعض من الحزب الجمهورى على تصريحاته المثيرة للقلق خاصة على الاقتصاد العالمى، لكن جاء الخطاب ترامبيا بامتياز لم يخرج فيه الرئيس عن مواقفه السابقة. من هنا لم يتضمن الخطاب أى جديد فكافة تصريحاته كانت معدة مسبقًا وأكد عليها الرئيس الأمريكى خلال حملته الانتخابية، لكن المفاجأة كانت فى طرق تنفيذها والوقت الذى استغرقه ترامب لتنفيذ هذه الخطط.



 

وبشكل متسارع عمل ترامب إلى هدم القديم فى النظام الدولى، والانقلاب على سياسات سلفه جو بايدن، التى كانت تمثل نمطاً أمريكياً يقوم على التدرج والبنائية، اعتادت عليه واشنطن وعملت به فى علاقاتها مع الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، بينما يضع الرئيس ترامب الفاعلين الدوليين أمام خيارات صعبة، وهى خيارات تنطوى على شكل من أشكال المقامرة، كما فى العلاقات بين واشنطن وحلفائها الغربيين، التى اعتبرت على الدوام مصدر قوة للطرفين، فى مواجهة التحديات الكبرى، كما فى مواجهتهما المشتركة للاتحاد السوفييتى السابق.

 وعود سابقة

ويعد خطاب الرئيس دونالد ترامب الأول أمام جلسة مشتركة للكونجرس، فجر الأربعاء، أحد أبرز فرص الرئيس كل عام لعرض رؤيته للحكم؛ حيث يجذب عادة جمهورا تليفزيونيا كبيرا فى وقت الذروة المسائية.

وروى ترامب فى خطابة الطويل، الذى استغرق 100 دقيقة، قصة الأسابيع الستة الأولى له فى البيت الأبيض، وشرح كيف تعكس أفعاله التنفيذية الكثيرة رؤيته الأكبر لأمريكا خلال السنوات الأربع القادمة.

وأخبر ترامب الشعب الأمريكى أنه يوفى بالفعل بوعود حملته الرئاسية، بما فى ذلك السيطرة الصارمة على الحدود الجنوبية مع المكسيك، وعكس سياسات بايدن فى مجال الطاقة الخضراء، وعدم تسييس وزارة العدل وجهوده للقضاء على وحدات (التنوع والمساواة والشمول) فى الجهات الحكومية، وهى الإدارات المعنية بالتأكد من عدالة تمثيل الأقليات والنساء والمختلفين جنسيا.. ومع الكلمات الأولى فى خطاب ترامب، كان واضحا أنه لن يشبه العديد من الخطابات أمام الكونجرس فى الماضى؛ إذ تفاخر بفوزه فى انتخابات نوفمبر، وهاجم الديمقراطيين لوقوفهم فى طريقه، واشتكى من أنهم لن يصفقوا أبدا لإنجازاته. وقال «لا يوجد شيء يمكننى قوله على الإطلاق لإسعادهم»، واصفا معارضته بأنها قضية خاسرة فى الأساس.

وتفاخر ترامب بإنجازاته ونجاحاته الكبرى فى فترة قياسية، وركز على ما قام به لمواجهة الهجرة غير النظامية، وترحيله السريع لعشرات آلاف من المهاجرين المتهمين بارتكاب جرائم، كما أنه أصر أن يوجه كلمات إلى جماعته «ماجا» التى رأى محللون أنه فشل فى توحيد الشعب الأمريكى، وهو الأمر الذى يزيد من الانقسامات الداخلية، واختار ترامب أن يوجه حديثه فقط لقاعدته الانتخابية المؤمنة بشعار «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى- ماجا».

ورغم ادعائه بأنه رئيس لكل الأمريكيين، فلم يمد أى غصن زيتون للديمقراطيين فى القضايا الخلافية، بل اختار فقط الهجوم عليهم. ومن جانبهم لم يقف أى عضو ديمقراطى تحية للرئيس أثناء خطابه، ولم يدعموا أيًا من مبادراته.. وأعلن ترامب أن «أمريكا عادت» منذ عودته إلى منصبه. وسرد ما يعتبره أكبر إنجازاته وأكبر بنود أجندته التى يجب القيام بها، بما فى ذلك إعادة تسمية خليج المكسيك بـ«خليج أمريكا»، ومهاجمة أيديولوجية المتحولين جنسيا، وقمع الهجرة وتفكيك مبادرات التنوع فى الحكومة، مع تقليص حجمها.

 فوضى ماسك

وكما هو معهود، دافع ترامب بشدة عن جهود مستشاره إيلون ماسك فى إعادة تشكيل الإجراءات الحكومية الفدرالية بسرعة، ما سبب غضبا واسعا بين أكثر من مليونين من الموظفين العموميين.

وبالنسبة للعديد من الأمريكيين، كانت موجة التغييرات مربكة، فى وقت تظهر فيه استطلاعات الرأى أن الشكوك تتسرب حول أولويات ترامب. ولم ينجح ترامب فى استغلال خطابه لتقديم حجة مقنعة فى هذا الاتجاه، وفق محللين.

ودافع رئيس البيت الأبيض عما يعتبره الكثير من الأمريكيين «فوضى سببها إيلون ماسك» فى الوزارات والهيئات الحكومية الفيدرالية، واعتبر أنه نجح خلال الأسابيع الماضية فى تحقيق ما لم يحققه بعض الرؤساء خلال 8 سنوات فى البيت الأبيض.

واختار ترامب تسليط الضوء على ماسك، الملياردير المسئول عن جهود وحدة الكفاءة الحكومية، والذى كان جالسا ضمن صفوف ضيوف الرئيس داخل قاعة «الكابيتول».

وقال ترامب إن «ماسك يعمل بجد، ولم يكن بحاجة إلى هذا كله. وفى وقت لاحق، تلا ترامب قائمة طويلة من البرامج التى خفضت إدارة الكفاءة الحكومية تمويلها، ووصفها بـ«برامج احتيال وإهدار». وكرر الادعاءات التى تم فضحها بأن عددا كبيرا من الأمريكيين الموتى يتلقون مزايا برنامج الضمان الاجتماعي.

الرب أنقذ أمريكا

وفى محاولة لنيل تعاطف الشعب الأمريكى، تحدث ترامب، الذى نجا من محاولتى اغتيال خلال حملته الانتخابية عام 2024، عن حادثة إطلاق النار فى تجمع بتلر بولاية بنسلفانيا.

وقال: «قام قاتل مريض ومختل بتفريغ 8 رصاصات من بندقية قناصة تجاهى، تم إنقاذ حياتى بمسافة أقل من البوصة الواحدة، لكن البعض لم يكن محظوظا جدا». ثم تحدث عن مواطنه كورى كومبى، الذى فقد حياته فى الحادثة، وتمت دعوة عائلته لحضور الخطاب.

وتابع ترامب: «الرب أنقذنى لأجعل الولايات المتحدة عظيمة مجددًا، وسنجعل مستوى المعيشة هو الأفضل فى العالم، وسنرفع العلم الأمريكى على كوكب المريخ وغير المريخ».. وأضاف: «سنواصل القتال من أجل الحرية، وسنقاتل وسنكافح من أجل بلادنا ومواطنينا».

 تفاؤل «ترامبي»

لم تشغل القضايا الخارجية إلا ما يقل عن 6 دقائق فقط خلال خطاب ترامب، كان من الغريب عدم تطرق رئيس البيت الأبيض إلى التحدى الصينى، وسبل مواجهة تحدياتها فى مناطق شرق وجنوب شرق آسيا، بل ركز خلالها فقط على قضية التعريفات الجمركية، وأوكرانيا. كما تطرق سريعًا على أزمة أوكرانيا. وقال إنه تلقى رسالة من الرئيس فولوديمير زيلينسكى يوافق فيها على توقيع صفقة المعادن النادرة.

وتطرق ترامب إلى قضية غزة فى أقل من دقيقة أشار فيها لضرورة الإفراج عن بقية الرهائن والمحتجزين.

وقبل نهاية الخطاب، قال ترامب «سنخلق أعلى مستويات جودة للحياة، ونبنى دولة هى الأكثر أمانا وثراء وصحة وحيوية فى أى مكان فى العالم. سنغزو الحدود الشاسعة للعلم وسنقود البشرية إلى الفضاء ونرفع العلم الأمريكى على كوكب المريخ وحتى أبعد من ذلك بكثير».

وتابع: «ومن خلال كل ذلك، سنعيد اكتشاف القوة التى لا يمكن إيقافها للروح الأمريكية.

وسنجدد الوعد غير المحدود بالحلم الأمريكي. كل يوم، سنقف وسنقاتل ونقاتل ونقاتل من أجل البلد الذى يؤمن به مواطنونا ومن أجل البلد الذى يستحقه شعبنا. استعدوا لمستقبل لا يمكن تخيله، لأن العصر الذهبى لأمريكا قد بدأ للتو».

أظهرت نتائج استطلاع للرأى أجرته شبكة «سى بى إس» الإخبارية بالتعاون مع شركة «يوجوف» أن غالبية الأمريكيين الذين شاهدوا خطاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أيدوا ما جاء فيه.

قال 68 % من المشاركين إن الخطاب جعلهم يشعرون بالتفاؤل، بينما شعر 54 % بالفخر. فى المقابل، عبر 27 % عن شعورهم بالقلق، و16 % بالغضب.

من جهة أخرى، رأت شبكة سى إن إن الإخبارية CNN وشبكة «إيه بى سي» ABC موقفا نقديا من خطاب ترامب، حيث وصفته بأنه «مُقسم ومواجه»، أى أنه يثير الانقسام والمواجهة، مشيرة إلى أن الخطاب كان يهدف إلى تنشيط قاعدة ترامب الانتخابية بدلاً من السعى نحو توحيد الأمريكيين.

مضيفة، أنه تم التركيز على استخدامه «للسياسة القائمة على الشكاوى»، وهى استراتيجية تثير الجدل وتصب فى خانة تعزيز الانقسامات الثقافية والسياسية.

كما تم تسليط الضوء على ردود الفعل غير المسبوقة من الديمقراطيين داخل الكونجرس، التى تراوحت بين التصفيق والاحتجاجات الصاخبة وصولا إلى المغادرة الجماعية للمجلس.

تقرير سى إن إن CNN أشار إلى أن العديد من مزاعم ترامب حول التحول الاقتصادى والتفاؤل العام تم تدقيقها بشكل دقيق، حيث اعتبرت بعض تلك المزاعم مضللة أو مبالغ فيها.

كما أشار المحللون إلى غياب السياسة الخارجية الواضحة فى خطاب ترامب، خاصة فى ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، باستثناء ما ورد فيها من رد الرئيس الأوكرانى فى رسالته إلى ترامب حول استعداده للتفاوض مع روسيا لوقف الحرب فى أوكرانيا وتوقيع اتفاقية مع أمريكا حول حق استغلال المعادن النادرة.